بوابة الوفد:
2024-06-29@23:22:53 GMT

الخطوة الأولى فى الألف ميل الأولى

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

كان اللقاء الأول مع الزعيم ياسرعرفات فى القاهرة حين أجريت معه حواراً لمجلة الشباب التى كانت تصدرها آنذاك أمانة الإعلام بالاتحاد الاشتراكى، بعد نحو عامين من رحيل الرئيس جمال عبدالناصر. وكان اللقاء الثانى معه حين اجتمع مع وفد الأحزاب المصرية على هامش انعقاد الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطنى الفلسطينى فى الجزائر.

أما اللقاء الثالث فكان فى طرابلس اللبنانية حين حاصرت القوات الفلسطينية الموالية لسوريا حافظ الأسد، قوات ياسر عرفات، وأجبرته على الرحيل منها، بعد معارك دامية بين الطرفين. أما المرة الأخيرة، فكانت فى تونس بعد أن استقر بها عقب خروجه مع بقية قوات المقاومة الفلسطينية من بيروت، التى تشتت فصائلها المنضوية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية للإقامة فى سوريا واليمن والسودان وتونس والجزائر، وبعد أسابيع قليلة من إعلان زواجه بالسيدة سها عرفات.
فى كل تلك اللقاءات بدا «أبوعمار» شخصاً شديد التواضع، لا تبدو على حياته وممارساته أى مظهر من مظاهر الرفاهية أو علامات الترف، بخلاف بعض من كانوا حوله ومن هم غيره، من قادة الفصائل المؤيدة أو المعارضة له. وكان الهاجس الكبير الذى يؤرقه مع كل حديث، هو كيف تظل منظمة التحرير الفلسطينية هى الناطق الوحيد باسم القضية الفلسطينية، وألا يؤثرتعدد فصائلها والخلافات السياسية والأيديولوجية بين قادتها على التوحد خلف تلك الحقيقة، لكى تحتفظ المنظمة بقرارها المستقل بقدر الإمكان، وكيف تنجو قيادته للمنظمة من ضغوط الأنظمة العربية، المناصرة له بشروطها والمعادية له بلا أفق للتوقف عن العداء، حتى لو أطاح ذلك بمصالح القضية الفلسطينية، وأسهم فى تهميشها.
ظن نظاما البعث فى كل من العراق وسوريا أنهما قد باتا مؤهلين لقيادة المنطقة العربية، بعد أن غاب الزعيم جمال عبدالناصر عن مشهدها. ولم تكن القضية الفلسطينية، سوى ألعوبة وأداة من أدوات الصراع الأخرى بين البعثين للوصول إلى ذلك الهدف، الذى مر بالتصفية الجسدية لقادة المقاومة ممن يحسبهم كل طرف بالعمل لحساب الطرف الآخر، أو بحجب المساعدات المالية التى كانت تمنح لمنظمة التحرير، لكى يحصر القرار الفلسطينى بين سياسات بغداد ودمشق وطرابلس القذافى فى أحيان أخرى. لكن ذلك هدف لم يتحقق فحسب، بل أضاع البلدين كذلك، بالاحتلال والصراع على السلطة عبر أنظمة المحاصصة الطائفية للمواقع السياسية والحروب الأهلية التى ما أن تتوقف، حتى تعاود الاشتعال من جديد، ليصبح مصير البلدين مرهوناً بقوى خارجية إقليمية ودولية لأجل غير منظور!
وفى الحوار الذى أجرته صحيفة الشرق الأوسط ونشرته على ثلاث حلقات الأسبوع الماضى مع «ياسر عبدربه» أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمستشار السابق لياسر عرفات ما يعزز ما سبق. ووفقاً لشهادة عبدربه، فإن صدام حسين رفض رجاء «أبوعمار» بالانسحاب من الكويت تجنباً لنكبة عراقية بعد الفلسطينية، ورد الرجاء بأنه غزا الكويت لتحرير القدس، فانتهى الأمر باحتلال العراق. وكشف عن كارثة عربية شائعة كفيلة بهدم دول وإسقاط أنظمة تتجلى فى نفاق المسئولين المحيطين بصدام الذين يؤيدون دون مناقشة كل قراراته فى حضوره، ولا يتروعون عن نقدها فى غيابه. وفى نفس السياق فإن حافظ الأسد يغتال كمال جنبلاط، وربما سار ممثلوه فى جنازته، لكنه يستمتع بسؤال عرفات عمن هم قتلته. ومعمر القذافى يوظف أبونضال لاغتيال الرجل الثانى فى حركة فتح صلاح خلف «أبوإياد» لأنه لا يحبه، ولم يكن يبدى إعجاباً بشخصية القذافى، فضلاً عن أنه الساعد الأيمن لعرفات، الذى كانت شعبيته الكاسحة فى العالم العربى، تثير غيرة الزعيم الليبى. لعب واستهانة بمصير القضية الفلسطينية لتصفية حسابات صغيرة والتنفيس عن عقد مكبوتة والتماهى مع أوهام، لا يبشر الواقع العربى والدولى بها قيد أنملة. لكن أهم ما انطوى عليه حوار «عبد ربه» هو أن عدم الإلمام الكافى بالتعقيدات التى تحيط بالقضية الفلسطينية، وربما بالعقيدة الصهيونية، وبينها الاستخفاف بقضية الاستيطان من أجل تركيز السلطة السياسية والنفوذ السياسى، قد سهلت التنازلات أمام الطرف الإسرائيلى لتكريس تلك السلطة، وضعيت فرصاً كان يمكن البناء عليها لصالح التسوية السلمية سواء أثناء سلطة ياسر عرفات أو من خلفوه فى السلطة الوطنية الفلسطينية.
لكن يبقى من المؤكد ما صرح به «ياسر عبد ربه» أن حركة المقاومة الفلسطينية حماس، ما كان لها أن تقدم على ما جرى فى السابع من أكتوبر بشكل منفرد، لو أنها كانت جزءاً من منظمة التحرير الفلسطينية غير المنقسمة، والمهمشة بسبب أخطاء للسلطة الوطنية وللفصائل المتمردة عليها. وهو ما يحتاج من حماس إلى مراجعة حقيقية لجدوى انقسامها عن السلطة ومنظمة التحرير، كما بات عليها أن تبدأ التعامل بواقعية مع الحقائق السياسية الدولية والعربية الراهنة، وأن يكون التضامن الشعبى العالمى مع القضية الفلسطنية هو المدخل لخطوة طال غيابها نحو وحدة الصف الوطنى الفلسطينى بكل فصائله بما فيها حماس والجهاد، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ككمثل وحيد للشعب الفلسطينى. فتلك هى الخطوة الأولى فى الألف ميل الأولى نحو نيل حقوق الشعب الفلسطينى.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حقوق الشعب الفلسطيني القضية الفلسطينية القوات الفلسطينية على فكرة أمينة النقاش رحيل الرئيس جمال عبدالناصر التحریر الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

مركز شباب المراشدة

فى بداية الثمانينيات لمست أيدينا مفاتيح الكهرباء لإضاءة المصابيح بعد أن شق التيار الكهربائى لأول مرة بعد سنوات من التعاقد مع لمبات الجاز التى ألقينا بها فى متحف التاريخ بدون توجيه كلمة شكر اكتفاء بقبول عذرها عما سببته للغالبية من أمراض نتيجة التلوث الشديد، بحثنا مع أول ضوء للمصباح الكهربائى عن ضوء آخر للعقول وهو التفكير فى إنشاء مركز شباب بالقرية -قرية المراشدة بقنا- أو يكفى أن نقول قرية المراشدة التى نالت شرف زيارة الرئيس السيسى لها مرتين وأكرمها بعدة مشروعات نقلتها من قاع التاريخ إلى مقدمة الحضارة بمشروعاتها المتطورة فى العديد من المجالات.
التفكير فى إنشاء مركز شباب فى هذه الفترة -فترة الثمانينيات- التى كان فيها الصعيد بالكامل وخاصة منطقة قبلى التى تبدأ من قنا منفى للمغضوب عليهم والضالين والفاسدين والفشلة، كانت سياسة النظام فى ذلك الوقت هى تكدير هؤلاء بنقلهم إلى الصعيد الذى يعانى من التهميش والتجاهل المتعمد، ولكنه كان فى حقيقة الأمر هو تكدير لأهل الصعيد فى تعاملهم مع مسئولين يعلمون أنهم غير مرغوب فيهم من القاهرة وفى القاهرة، فزاد التكدير الفاسدين فسادا والفاشلين فشلا، واختلط الفشل والفساد بالاهمال والتجاهل ونتج عن هذا الخليط مجتمع متجهم غاضب للداخل لا يبوح بأسراره لكنه كان يبحث عن حقه كلما كانت تتاح له بارقة أمل.
الأمل كان معقودا على أبناء الصعيد، وأنا أخص أبناء قرية المراشدة الذين عاشوا على مصابيح الكهرباء، ومن خلال الأبناء الذين اتيحت لهم فرص التعليم على مضض أو على استحياء، ولكنهم تمسكوا بها، اجتمع بعض هؤلاء بعد أن شبوا عن الطوق، وأعدوا المذكرات تلو المذكرات لجهات الاختصاص لإنشاء مركز شباب فى القرية يقوم بدور متنفس للشباب الذى تكاثر بفعل الكهرباء التى جلبت معها التليفزيون والراديو وتعمرت المساجد والساحات، ونجح هؤلاء الشباب يتقدمهم أول أستاذ جامعى فى القرية الأستاذ الدكتور محمد حسن عبدالرحمن أستاذ القانون بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأسيوط، فى اقناع جهة الاختصاص بإشهار مركز الشباب مؤقتاً بعد صراع شديد استغرق عدة سنوات، وواصل فريق التأسيس المعركة، وتم اشهار مركز الشباب بشكل رسمى، وسلك طريق التطوير والتطور، وشب عن الطوق فى مقره الدائم وأصبح أحد المعالم الهامة فى القرية ومصدر فخرها عندما تحول إلى مركز شباب نموذجى ومحل فخر المحافظة والمركز ووزير الشباب والرياضة.
رئيس تأسيس المركز سلم الراية لقيادات جديدة حتى وصلت إلى المحاسب سيف الدين أبوالفضل رئيس مركز الشباب الحالى الذى حوله إلى قلعة رياضية نموذجية تضاهى أندية العاصمة فى القاهرة مستغلا مساحة المركز الكبيرة وموقعه الاستراتيجى فى قلب القرية فى منطقة المنشية التى تعد القرية النموذجية بمركز الوقف. مركز الشباب أصبح يضم على يد المحاسب سيف الدين وزملائه أعضاء مجلس الإدارة ملعبا خماسيا وملعبا قانونيا، وعدة صالات للألعاب المتنوعة، ويعد حاليا لمجموعة أنشطة مختلفة داخل مركز الشباب الذى يضم فى عضويته خيرة أبناء المراشدة، تساعد فى تحول مركز الشباب إلى متنفس لأهل القرية يضم قلعة ثقافية واجتماعية وبعض الأنشطة التى تدر دخلا على المركز.
زيارتى لمركز شباب المراشدة والتى تعد الأولى بعد نقل محل اقامتى إلى القاهرة فى منتصف الثمانينيات أكدت لى أن الإدارة فن،/ وفن الإدارة يحتاج إلى نوعيات بشرية خاصة المحاسب سيف الدين أبوالفضل من هؤلاء الذين أخلصوا لقلعة الشباب على حساب وقته، ما يجعلنى أدعو الحكومة الجديدة وفى المقدمة وزير الشباب أن يذلل باقى العقبات التى تواجه مشروعات هذا المركز النموذجى الذى يرتاده شباب وطنيون ينحازون للوطن ولقيادته السياسية فى كافة القضايا التى تواجه الجمهورية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • منظمة التحرير الفلسطينية: الصراعات الحالية مقدمة لحرب عالمية ثالثة (فيديو)
  • عضو «التحرير الفلسطينية»: أحداث غزة مقدمة لحرب عالمية ثالثة
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال
  • المجلس الوطنى الفلسطينى: قرارات الكابينت تعكس عمق تطرف حكومة الاحتلال
  • واشنطن تقدم طلبا الى السلطة الفلسطينية بشأن إدارة غزة مدنيا
  • ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني: فرصة متجدّدة للانطلاق
  • تامر فرج: الشعب الفلسطينى هو من أنصف قضيته والفن خذلها
  • دورنا فى مواجهة التطرف وأشكاله
  • حلم شاب.. والحكومة الرشيدة (٣)
  • مركز شباب المراشدة