تحت العنوان أعلاه، كتب يوري تافروفسكي، في “موسكوفسكي كومسوموليتس”، حول المبادرة التي طرحها بطريرك السياسة الأمريكية في المأدبة “الإمبراطورية” في بكين. وجاء في المقال: شكلت زيارة هنري كيسنجر إلى الصين حدثا لامعا في العلاقات الأمريكية الصينية. فقد التقى به أهم الشخصيات في قيادة بكين، بما في ذلك شي جين بينغ.

حتى الآن، يمكن فقط تخمين مضمون المحادثات، على الرغم من أن “التسريبات” من كلا الجانبين قد تصدر قريبا. الحفاوة التي حظي بها كيسنجر لم يحظ بها أحد قبله من القادة الأمريكيين ولا السوفييت ولا الروس. خاطب شي جين بينغ كيسنجر بالكلمات التالية: “في 100 عام من حياتك، قمت بزيارة الصين 100 مرة”. وهكذا، أخرج محاوره من التسلسل الهرمي للشخصيات السياسية الحديثة، ورفعه إلى مرتبة “القديسين الخالدين” ، الذين يحظون بالتبجيل في الإمبراطورية السماوية.. أدركت بكين، بالفعل، عبثية الحديث بجدية مع شخصيات الإدارة الحالية. فخلاف كيسنجر، هؤلاء أناس ضيقو الأفق، فاعليتهم تنتهي مع الولاية الرئاسية. كيسنجر مختلف. لقد ارتبط دائمًا بشخصيات وقوى قادرة على تقديم رؤى غير متوقعة وخطوات مصيرية. ساعد كيسنجر الرئيس ريتشارد نيكسون على استيعاب فكرة تطبيع العلاقات مع الصين من أجل مواجهة الاتحاد السوفيتي. مكنت رحلة كيسنجر السرية إلى بكين في العام 1971 نيكسون من لقاء ماو تسي تونغ في العام التالي، ما أدى في النهاية إلى تغيير مسار تاريخ القرن العشرين. ومع أن ذروة الاضطراب في “الثورة الثقافية”، ومرض ووفاة ماو تسي تونغ أدت إلى تأخير إضفاء الطابع الرسمي على “زواج المصلحة” الصيني الأمريكي، فقد أنجز ذلك في العام 1979، في عهد الرئيس جيمي كارتر.. وهذا كان أحد أسباب إضعاف الاتحاد السوفيتي وانهياره. الحاجة إلى تسجيل نجاح عشية الانتخابات الرئاسية الوشيكة أجبرت إدارة بايدن على البدء في البحث عن تسوية مع الصين. وهكذا، طلبت واشنطن من بكين استقبال وزير الخارجية بلينكن، ووزيرة الخزانة يلين، والممثل الخاص لشؤون المناخ كيري أو وزير التجارة ريموندو. تم الترحيب بهؤلاء الضيوف، ولكن ليس كما استقبل كيسنجر. تمنح الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة الفرصة لواشنطن وبكين للبدء بفتح، إن لم يكن فصلًا جديدًا، على الأقل صفحة جديدة في علاقتهما. هذا، على الأرجح، نوقش في اجتماعات كيسنجر على المأدبة “الإمبراطورية”. ربما طرح شيئًا مشابهًا للمبادرة التي جعلت من الممكن البدء في الخروج من العداء الأمريكي الصيني في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. على سبيل المثال، “استسلام” تايوان بذريعة فوز حزب الكومينتانغ، الذي يدعو إلى وحدة الصين، في الانتخابات الرئاسية في أوائل العام 2024، أو إلغاء التعريفات الجمركية على الصادرات الصينية، التي أدخلها ترامب في العام 2018، أو امتيازات أخرى تعيد العلاقات الثنائية إلى حالة 2013. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، الآن، هو مكانة موسكو بالنسبة لبكين في مخطط كيسنجر. (روسيا اليوم)

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی العام

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية تنتقد مسعى تونس لترسيخ الاستبداد عشية الانتخابات الرئاسية

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقة إزاء الانتهاكات الدستوريّة والالتزامات الدوليَّة للسلطات التونسيّة التي تقوّض العمليّة الديمقراطيّة في البلاد قبل الانتخابات الرئاسيّة المقرّرة في 6 أكتوبر/ تشرين أول الجاري.

وأشار المرصد الأورومتوسطي، في بيان له اليوم الجمعة أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، إلى أنه وبعد أن رفضت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في تونس يوم الإثنين 2 سبتمبر/أيلول الماضي، تنفيذ قرارات للمحكمة الإداريّة التي تقضي بإعادة ثلاثة مرشحين بارزين إلى السباق الرئاسي كانت الهيئة أسقطتهم أوليًا بدعوى عدم استيفائهم للشروط، استمرّت عمليّات تقويض الديمقراطيّة من قبل السلطات التونسيّة من خلال التضييق على المرشحين وتعديل قانون الانتخابات.

ففي 27 سبتمبر/أيلول، أي قبل بضعة أيام من إجراء الانتخابات الرئاسيَّة، وافق البرلمان التونسي على تعديل قانون الانتخابات. وقد قضى هذا التعديل بتجريد المحكمة الإداريّة من سلطتها في الفصل بالنزاعات الانتخابيّة، وصوّت لصالح هذا المشروع 116 نائبًا من أصل 161.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي على أهميّة دور المحكمة الإدارية على نطاق واسع باعتبارها آخر هيئة قضائية مستقلة باقية، بعد أن قام الرئيس قيس سعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء وعزل عشرات من القضاة في عام 2022.

وأضاف المرصد الأورومتوسطي أنّ توجّه السلطة التونسيّة إلى تقييد الديمقراطيّة وترسيخ القبضة الاستبداديّة للرئيس الحالي لم يقتصر على ذلك فحسب، بل تعدّى ذلك إلى اعتقال أحد المرشحين الرئاسيين الثلاثة على القائمة النهائية التي كشفت عنها الهيئة العليا للانتخابات، وهو "العياشي زمال"، في 2 سبتمبر/أيلول، للاشتباه في تقديمه تواقيع تزكيات مزورة. وأفرج عنه لاحقًا من قبل محكمة منوبة بضواحي تونس العاصمة، لكنه سرعان ما اعتقل بناءً على تعليمات من محكمة جندوبة بتهمة مخالفة قواعد جمع تواقيع التزكيات الضرورية للترشح للانتخابات الرئاسيّة، ليصدر حكمًا قضائيًّا بحقّه بالسجن 12 عامًا في أربع، بحسب محاميه، بعد أن كان رُفع ما مجموعه 37 قضية منفصلة ضده في جميع محافظات تونس بالاتهامات نفسها.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ هذه الممارسات من قبل السلطات التونسيّة تشكّل انتهاكًا للدستور التونسي الذي ينص في الفصل الخامس منه على أنَّهُ "على الدّولة وحدها أن تعمل في ظلّ نظام ديمقراطيّ..."، كما ينص في الفصل الخامس والخمسين منه على أنّه "لا توضع قيود على الحقوق والحرّيات المضمونة بهذا الدّستور إلاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطيّ وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العامّ أو الدّفاع الوطنيّ أو الصّحة العموميَّة". ويضيف الفصل التاسع والثمانون أنّ" التّرشّح لمنصب رئيس الجمهوريّة حقّ لكلّ تونسيّ أو تونسيّة غير حامل لجنسيّة أخرى مولود لأب وأمّ، وجدّ لأب، وجدّ لأمّ تونسيّين، وكلّهم تونسيّون دون انقطاع".

بالإضافة إلى ذلك، أكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ ممارسات السلطات التونسيّة لتقييد الديمقراطيّة وتقويضها تنتهك التزامات تونس الدّوليّة بموجب القانون الدّولي، وتحديدًا العهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، الذي صدّقت عليه تونس في العام 1969، والذي ينص في المادّة 25 منه على أنّه "يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: (أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية، (ب) أن يَنتخب ويُنتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين، (ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموماً مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده".

ورأى المرصد الأورومتوسطي أنَّ الإجراءات الأخيرة بحق المرشحين، لاسيَّما اعتقال مرشح وإصدار حكم قضائي بحقّه بسرعة قياسيَّة غير معهودة ما هي إلَّا تدابير تأخذها السلطة الحاليَّة لقمع أي محاولة جديَّة في للتنافس الديمقراطي، كما أنَّها تقويض لنزاهة العمليَّة الانتخابيَّة.

وشدَّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة التزام السلطات التونسيّة بقواعد الدستور والقانون الدّولي فيما يخص الانتخابات الرئاسيّة ووقف الممارسات التي من شأنها تقويض الديمقراطية وترسيخ الاستبداد. كما والالتزام بحماية حق المواطنين التونسيين بالمشاركة في الحياة العامَّة من خلال الترشّح والانتخاب في ظل نظام انتخابي نزيه يضمن شفافية الانتخابات وديمقراطيتها ويضمن حق المواطنين بانتخاب رئيسهم، وتحت رقابة محاكم مختصّة مستقلّة ونزيهة.

كما دعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي، لاسيَّما الدول والمنظمات الدوليَّة كالأمم المتحدة ووكالاتها المعنيَّة بالضغط على السلطات التونسيَّة لاحترام التزاماتها الدوليَّة؛ تحديدًا موجباتها بحسب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة.

وفي 2 سبتمبر الجاري، أعلنت هيئة الانتخابات أن القائمة النهائية للمرشحين إلى الاستحقاق الرئاسي تقتصر على 3 فقط (من أصل 17) هم: الرئيس سعيد، وأمين عام حركة "عازمون" العياشي زمال (معارض)، وأمين عام حركة "الشعب" زهير المغزاوي (مؤيد لسعيد).

بينما رفضت الهيئة قبول 3 مرشحين معارضين رغم أن المحكمة الإدارية قضت بأحقيتهم في خوض الانتخابات بدعوى "عدم إبلاغها بالحكم خلال المهلة المحددة قانونا".

وهؤلاء الثلاثة هم أمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، والمنذر الزنايدي، وزير سابق بعهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.

وتنطلق، اليوم الجمعة 4 أكتوبر الجاري، عمليّة تصويت التونسيين بالخارج للانتخابات الرئاسية، والتي تتواصل إلى غاية بعد غد الأحد موعد إجراء الانتخابات بالداخل (6 أكتوبر 2024).

وتقدّم لهذا الاستحقاق الرئاسي ثلاثة مترشحين كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أعلنت عن قبول ملفات ترشحهم، وهم العياشي زمال، وزهير المغزاوي، وقيس سعيد.

وتقدّر نسبة الناخبين المسجّلين بالخارج بـ 6.6 بالمائة من مجموع المسجلين، وفق معطيات نشرتها هيئة الانتخابات، أيّ 642 ألفا و810 ناخب من بين 9 ملايين و753 ألف و217 ناخبا .

وسيقترع هؤلاء الناخبون، الموجودون بـ48 بلدا، في 363 مركز اقتراع تشمل 439 مكتب اقتراع.

وكانت الحملة الانتخابية لهذه الانتخابات، قد انطلقت يوم 12 سبتمبر الجاري لتتواصل على مدى 21 يوما وانتهت أمس الأربعاء 2 أكتوبر وتنطلق فترة الصمت الانتخابي اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024 الذي يتواصل بدوره إلى غاية غلق آخر مكتب اقتراع في مدينة "سان فرانسيسكو" بالولايات المتحدة.

إقرأ أيضا: أحزاب تونسية تُقاطع الانتخابات.. وحركة النهضة تحذّر من الـ"المخاطر"

مقالات مشابهة

  • تونس.. بدء التصويت بالانتخابات الرئاسية في الخارج
  • النزول إلى الناخبين.. أوباما يلقي بثقله خلف هاريس في الانتخابات الرئاسية
  • ترامب يحمل اليهود مسؤولية فشله في الانتخابات الرئاسية
  • الصين.. الكشف عن آليات تكوين “الأصوات في الدماغ ” لدى المصابين بانفصام الشخصية
  • ماذا تغير في الانتخابات الرئاسية بتونس بين الأمس واليوم؟
  • منظمة حقوقية تنتقد مسعى تونس لترسيخ الاستبداد عشية الانتخابات الرئاسية
  • “الفيفا” يسمح للاتحادات الوطنية بفتح فترة تسجيل استثنائية قبل مونديال الأندية
  • “دومة” يناقش فرص التعاون في مجالات تقنيات المياه مع الصين
  • بعد انفصالها.. من هي “أم خالد” التي قلّدها المشاهير؟
  • الصين تحض قوى العالم على منع “تدهور” الوضع في الشرق الأوسط