الجهود الدولية لتحريك الجمود السياسي في ليبيا تصطدم بعقبات داخلية معقدة
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
إعداد: عمر التيس تابِع إعلان اقرأ المزيد
تشكيل حكومة موحدة تتولى تنظيم انتخابات تفضي لتشكيل سلطات مستقرة ومركزية في ليبيا، ذلك هو الهدف المعلن من التحركات الدولية والإقليمية على الساحة الليبية التي تعاني للعام 13 على التوالي من تفكك مؤسساتها السياسية والأمنية والعسكرية بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في 2011.
وتتقاسم حكومتان السلطة، الأولى تسيطر على غرب البلاد ومقرها طرابلس ويرأسها عبد الحميد دبيبة وشُكّلت إثر حوار سياسي مطلع 2021 بدون الحصول على ثقة مجلس النواب، وأخرى تسيطر على شرق البلاد من بنغازي ويرأسها أسامة حمّاد وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.
ومنذ توقف صوت البارود والمدفعية بعد العملية العسكرية التي شنها حفتر من أبريل/نيسان 2019 إلى يونيو/حزيران 2020 التي فشلت في تحقيقها هدفها المتمثل بالسيطرة على طرابلس، تعثرت العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات التي كانت مقررة في كانون الأول/ديسمبر 2021 وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين خصوصا من مزدوجي الجنسية والعسكريين.
خريطة النفوذ السياسي والعسكري في ليبيا. © ستوديو غرافيك فرانس ميديا موند
في نظر جلال حرشاوي المتخصص في شؤون ليبيا والباحث المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، فإن التحركات الدبلوماسية الأخيرة تأتي بعد قرار رئيس مصرف ليبيا محمد صديق الكبير إيقاف صرف أموال المشاريع التنموية منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ما شكل ضربة كبيرة للاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد ''الهدف من خطوة صديق الكبير هو عدم إنهاك احتياطات النقد الأجنبي للبلاد، وآخر خطوة من الكبير كانت الرسالة المفتوحة لدبيبة دعاه فيها لضبط الإنفاق العام في مؤشر على خلاف كبير بين الرجلين''.
اتفاق أم عدم اتفاق؟وأفضت الجهود الأخيرة لإنهاء الانسداد السياسي بالخصوص إلى إعلان قيادات معترف بها دوليا، بعد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية، في القاهرة إلى تشكيل "لجنة فنية للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية".
والقادة هم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ومقرهما طرابلس، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب في بنغازي.
ويشدد الحرشاوي على أن التقارير التي تحدثت عن اتفاق القادة الثلاثة ليست دقيقة "فهي لم تتفق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بل على تشكيل لجنة فنية للنظر في المشاكل الموجودة، تكالة لم يتخل عن دبيبة وهو ما يضمن لهذا الأخير البقاء في السلطة لبضعة أشهر على الأقل''
إلى ذلك، دعا بيان سفراء الاتحاد الأوروبي وبعثة الاتحاد لدى ليبيا بمناسبة حلول رمضان القادة الليبيين إلى قبول دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي للاجتماع "بدون مزيد من التأخير، ربما خلال الشهر الفضيل، لمناقشة وحل جميع العقبات العالقة التي تمنع المواطنين من إعادة الشرعية إلى المؤسسات من خلال الانتخابات الوطنية".
انتخابات ''مهما كان الثمن''يرى الحرشاوي في هذا البيان تغيرا في نبرة الأطراف الدولية بشأن الانتخابات عما كان عليه الحال في 2021: ''خطاب القوى الدولية بدا خفيفا جدا بشأن الانتخابات هذه المرة، فهي لم تعد تطالب بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية على كامل التراب الليبي، والآن أصبح المطلب تنظيم انتخابات بدون تحديد ظروفها أو شروطها ولا جدولها الزمني. حتى أن عبد الله باتيلي التقى قادة الميليشيات لضمان الأمن في أي انتخابات مقبلة، لكن ذلك يعطي شرعية لهذه المليشيات التي ارتكبت مجازر''.
ويعتبر حرشاوي أن مصر هي الطرف الأكثر تأثيرا في الفترة الحالية في المشهد الليبي حيث يقول ''ما انفكت القاهرة عن الدعوة لانتخابات بدون تحديد ظروفها وشروطها ما قد يمهد الطريق لإقامة نظام رئاسي متسلط على رأس البلاد. فيما اختارت الولايات المتحدة التي تتحرك هي الأخرى في الملف الليبي إبقاء موقفها غامضا بشأن التحركات المصرية، وهو غموض مقصود من إدارة الرئيس جو بايدن يترك الأزمة الليبية مفتوحة على كل الاحتمالات خصوصا فيما يتعلق بمصير دبيبة''.
حفتر يعد أبناءه لخلافتهداخليا، لم يتغير موقف أهم طرفين سياسيين في ليبيا، وهما حكومة دبيبة والسلطات الموالية لخليفة حفتر في اتجاه مرونة أكبر.
وكان دبيبة صرح سابقا أنه لن يسلم السلطة إلى حكومة تنبثق عن انتخابات وهو ما جدده في لقاء مع باتيلي الأحد. فيما أدلى حفتر الخميس بتصريح مليء بالدلالات في خطاب بمدينة سرت قال فيه "المسار السياسي قد أُعطي من الفرص أكثر مما ينبغي بدون أن تظهر في الأفق أية ملامح لحلول توافقية تنتهي بتسوية سلمية عادلة وتدفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي"، معتبرا أن "مجال منح الفرص أصبح ضيقا".
ويرى الحرشاوي، أن لقاء القاهرة يخدم مصالح حفتر أكثر من دبيبة '' تصريح حفتر في سرت يفهم منه أنه يرى في غياب دبيبة عن اللقاء أمرا يجعل منه الطرف المشاغب في الأزمة الليبية. حفتر يعتبر نفسه فوق الأزمة الليبية وليس طرفا فيها. في المقابل، حفتر سيبلغ هذا العام 81 عاما وهو ما يبعده أكثر فأكثر عن دور في مستقبل ليبيا لكنه بصدد إعداد نجليه صدام وخالد للعب دور رئيسي في البلاد ''أعتقد أن دور صدام هو الأكبر على الأقل في المرحلة الحالية ولعل الهدوء النسبي الذي عرفته ليبيا خلال الأعوام الماضية هي علاقة صدام الجيدة بإبراهيم دبيبة وهو ابن أخ رئيس الحكومة، لكن هذه العلاقة انقطعت مؤخرا ما يفسر التوتر الحاصل في الوقت الحاضر''.
تقارب ''براغماتي'' بين صديق الكبير وسلطات الشرقهذه التحركات تأتي في خضم أزمة تضخم اقتصادية مع تهاوي سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار حيث وصل السعر الخميس إلى 7.43 دينارا للدولار الواحد. قرر عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في شرق ليبيا الخميس خفض قيمة الدينار عبر فرض ضريبة تبلغ 27 بالمئة على مشتريات العملات الأجنبية، في خطوة قال إن العمل بها يستمر حتى نهاية العام فقط.
يقدر الحرشاوي أن قرار عقيلة صالح يوحي بتقارب مع صديق الكبير للمرة الأولى ''رئيس مصرف ليبيا المركزي الذي دعا منذ أيام إلى رفع سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار وسرعان ما تجاوب عقيلة صالح مع هذا المطلب. صديق الكبير هو رجل عقلاني ويعي جيدا أنه لا يستطيع خوض معركتين كبيرتين في آن، باعتبار خلافاته الأخيرة مع دبيبة، يبدو أنه اختار في الوقت الحاضر التقرب من معسكر عقيلة صالح- حفتر شرقا''.
في المحصلة، تواجه المحاولات الدولية والإقليمية لتحريك الجمود على الساحة الليبية خلافات عميقة وحسابات معقدة للأطراف الداخلية في ظل غياب أفق واضح بشأن دستور جديد للبلاد تتمخض عنه انتخابات وسلطات جديدة موحدة.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الانتخابات الروسية الحرب في أوكرانيا ريبورتاج ليبيا خليفة حفتر ليبيا انتخابات خليفة حفتر للمزيد الأمم المتحدة مجلس النواب الحرب بين حماس وإسرائيل إسرائيل الولايات المتحدة السعودية دبلوماسية الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا مجلس النواب عقیلة صالح فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
رئيس البرلمان العربي يؤكد أهمية تضافر الجهود لخدمة قضايا المنطقة
أكد رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي أهمية تضافر الجهود وتعزيز التعاون بين الدبلوماسية البرلمانية والدبلوماسية الرسمية لخدمة قضايا المنطقة وتعزيز التضامن العربي.
البرلمان العربي يرفض أية مبادرات تدعو لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة رئيس البرلمان العربي يثمن الدور الكويتي في تعزيز التضامن العربي بكافة المجالاتجاء ذلك خلال لقاء رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي، مع السفير صالح بن عيد الحصيني سفير السعودية لدى جمهورية مصر العربية، حيث تناول اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن سبل تعزيز العمل العربي المشترك على المستويين الرسمي والبرلماني.
وخلال اللقاء، ثمَّن "اليماحي" الجهود الحثيثة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في الدفاع عن القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ودورهما في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك.
وشدد على حرص البرلمان العربي على تعزيز التعاون وتكثيف اللقاءات مع السفراء والمندوبين الدائمين للدول العربية لدى جامعة الدول العربية بهدف تنسيق الجهود العربية المشتركة في التعامل مع التحديات الراهنة التي تتطلب تعزيز التضامن العربي على كافة المستويات.
من جانبه أشاد السفير صالح بن عيد الحصيني بالحراك الكبير الذي يشهده البرلمان العربي حاليًا بقيادة اليماحي، مؤكدًا أهمية الدور الذي يقوم به البرلمان العربي في الدفاع عن القضايا العربية في كافة المحافل الإقليمية والدولية.
وأبرز السفير "الحصيني" أن المملكة العربية السعودية تولي اهتمامًا كبيرًا بالعمل البرلماني وتدعم دور البرلمان العربي على كافة المستويات، بما يخدم مصالح الشعب العربي ويدافع عن قضاياه.
الاحتلال الإسرائيلي يهدم مسجدا في جنين و"الأوقاف" تستنكر
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، مسجدا في مخيم جنين، فيما استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية إقدام قوات الاحتلال على هدمه.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مصادر محلية قولها" إن قوات الاحتلال هدمت مسجد حمزة بالمخيم، في إطار عدوانه المتواصل على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثامن على التوالي.
كما داهمت قوات الاحتلال المنازل عند المنطقة المعروفة بدوار الحصان شرق المخيم، وأجبرت المواطنين على إخلاء منازلهم، تمهيدا لهدم أجزاء منها، فيما تواصل جرافات الاحتلال فتح طرق في عمق مخيم جنين، تحديدا في المنطقة المعروفة بشارع مهيوب، كما تستمر عمليات التجريف وتدمير البنية التحتية في حارتي الحواشين والألوب.
ويواصل الاحتلال دفع تعزيزات عسكرية من حاجز الجلمة إلى مدينة جنين ومخيمها، مع استمرار تحليق الطائرات المسيرة في سماء المخيم.
ولليوم الثامن على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مخلّفا 16 شهيدا وعشرات الإصابات والاعتقالات، والإخلاء القسري للعائلات، فضلا عن تدمير 100 منزل وإحراقها داخل المخيم، في ظل استمرار عمليات التدمير الممنهج للبنية التحتية، ومنع طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الدخول إليه.