أظهرت شهادات صادمة من فلسطينيين أسرى فى غزة حقائق مروعة حيال ما تعرضوا له بعد اعتقالهم على يد قوات الاحتلال الصهيوني. 
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فقد شهد الأسرى فترات من العذاب حيث تعرضوا لأشد أنواع التعذيب الجسدى والنفسى دون أى هدف محدد سوى الانتقام من أهل غزة. 
تروى الصحيفة حادثة "بهاء أبوركبة"، البالغ من العمر ٢٤ عامًا، الذى تم الإفراج عنه بالقرب من معبر حدودى فى غزة بعد احتجاز دام لثلاثة أسابيع تقريبًا، حيث أفاد بتعرضه للضرب المتكرر بأعقاب البنادق والركل فى الفخذ مما تسبب فى آلام شديدة وصعوبة فى المشي.

 
تُقدر الأمم المتحدة أن قوات الاحتلال الإسرائيلى احتجزت آلاف الشباب الفلسطينيين فى غزة، تحت مزاعم استهداف المقاتلين التابعين لحركة حماس، لكن يبدو أن الهدف الفعلى هو الانتقام من سكان المنطقة. 
وتحدثت الصحيفة مع أكثر من ١٠ أسرى سابقين ووصفوا تعرضهم لأشكال مختلفة من التعذيب النفسى والجسدي، بما فى ذلك الضرب أثناء الاستجواب وإجبارهم على وضع مواقف متعبة لفترات طويلة. 
وروى "بهاء أبوركبة"، الذى يعمل مسعفًا فى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تجربته قائلاً: "كنت أُجبر فى بعض الأيام على الركوع لمدة تصل إلى ٢٠ ساعة"، ووصف وضعه بأن يديه كانتا مقيدتين بقضيب فوق رأسه، ما أظهر سوء معاملته وانتهاك حقوقه الأساسية. 
فى تقرير سابق نشرته صحيفة "هآرتس" الصهيونية، جاءت معلومات تثير القلق حيال مصير ٢٧ فلسطينيًا من سكان قطاع غزة فقدوا حياتهم فى المعتقلات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر. 
وأفادت الصحيفة العبرية بأن الجيش الإسرائيلى أكد لصحيفة "وول ستريت جورنال" أنه يعلم بوفاة هؤلاء المعتقلين خلال فترة احتجازهم. 
وفى نهاية المطاف، تم الإفراج عن المعتقلين دون توجيه اتهامات رسمية ضدهم من قبل السلطات الإسرائيلية. 
وخلال مقابلات أجرتها الصحيفة مع بعض المفرج عنهم، قام بعضهم بوصف سوء المعاملة التى تعرضوا لها أثناء فترة الاعتقال، حيث تعرض بعضهم للاعتداءات الجسدية بما فى ذلك الضرب والركل، فيما أشار البعض الآخر إلى تعرضهم للإهانة المتكررة وأشكال أخرى من الإساءة اللفظية.

اضطهاد جسدى ونفسى 
وتنوعت الشكاوى بين الاضطهاد الجسدى والنفسي، حيث زعم البعض أنهم تعرضوا لساعات طويلة من الركوع وعدم السماح لهم بالنوم سوى لأربع ساعات يوميًا، دون توفير أسِرَّة أو بطانيات، كما وصف العديد منهم الظروف القاسية داخل مراكز الاحتجاز بأنها تشبه جحيمًا، حيث شملت الاكتظاظ ونقص الصرف الصحى والغذاء. 
وفى تعليقه على هذه الأحداث، أكد تال شتاينر، المدير التنفيذى للجنة العامة لمناهضة التعذيب فى إسرائيل، على أن هؤلاء المعتقلين يحتجزون بشكل معزول عن العالم الخارجى دون حقوق أساسية، مثل الاستعانة بمحامين أو التواصل مع أسرهم، مشيرًا إلى أن استخدام إسرائيل للتعذيب فى الاستجوابات يعكس صورة مظلمة للحقوق الإنسانية. 
وبعد العدوان الصهيونى على قطاع غزة، شهدت الأسابيع التالية تسريب مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية للمعتقلين الفلسطينيين، مما أدى إلى انتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان. 
وتم خلع ملابس العديد من الرجال باستثناء ملابسهم الداخلية، وجثا بعضهم على ركبهم فى الشوارع أو احتضنوا أرجلهم للحماية من البرد، وهو ما أدانته وزارة الخارجية الأمريكية ووصفته بأنه "مزعج للغاية". 
وفى نوفمبر وديسمبر، خلال المرحلة الأولى من الهجوم الإسرائيلى على غزة، اعتُقِل العديد من الفلسطينيين الذين تحدثوا إلى الصحيفة، حيث اتجه مئات الآلاف من السكان نحو جنوب القطاع بناءً على دعوة إسرائيل للإجلاء. 
ووصف الفلسطينيون الذين تحدثوا إلى الصحيفة كيف تم حشدهم فى مجموعات كبيرة وتجريدهم من ملابسهم وتعصيب أعينهم فى بعض الأحيان، قبل نقلهم إلى مراكز الاحتجاز فى غزة وإسرائيل. 
وبالرغم من ادعاءات جيش الاجتلال بأن إجراء خلع الملابس يأتى للتأكد من عدم حمل المعتقلين لأسلحة، إلا أن المعتقلين السابقين أكدوا للصحيفة أنهم تم خلع ملابسهم لفترات طويلة، بما فى ذلك أثناء فترة الاستجواب.

تجربة مروعة 
وفى هذا السياق، تعرض الصحفى محمد عبيد، البالغ من العمر ٢٠ عامًا، لتجربة مروعة عندما تم اعتقاله فى أكتوبر خلال تنفيذ أوامر الإخلاء التى أصدرتها إسرائيل للحى الذى يسكنه فى مدينة غزة. 
فى ظل تهديد السلاح، اضطر عبيد لخلع ملابسه، قبل أن يقيد جنود الاحتلال يديه وقدميه بأربطة مضغوطة، ويتم نقله بعد ذلك فى شاحنة ثم فى حافلة مع معتقلين آخرين إلى منطقة مفتوحة تضم عددًا قليلًا من المبانى المؤقتة. 
خلال فترة الاستجواب التى استمرت لمدة ٦ ساعات، كانت يداه مقيدة بالسقف، وخلال هذه الفترة، تعرض للاستجواب حول مكان وجوده فى يوم ٧ أكتوبر ومواقع المحتجزين الإسرائيليين وأنفاق حماس ومواقع الصواريخ، بينما تناوب المحققون على لكمه على وجهه. 
وبعد انتهاء الاستجواب، جرى سحبه إلى الخارج حيث طُلب منه مسح الدماء عن وجهه والوقوف أمام العلم الإسرائيلى لالتقاط صورة له. 
رغم مرور ٤٠ يومًا من الاحتجاز، تم إطلاق سراح عبيد دون توجيه أى اتهامات له، وهو يروى تجربته التى تمثل مجرد جزء صغير من الظروف القاسية التى يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون فى سجون الاحتلال الإسرائيلي. 
أيمن لباد، البالغ من العمر ٣٤ عامًا، شارك تجربته الصادمة أيضًا مع الصحيفة، حيث كان فى منزل عائلته فى شمال غزة عندما داهمته قوات الاحتلال الإسرائيلى فى ٧ ديسمبر، وأمرت السكان بإخلاء المنطقة. 
عندما ترك السكان منازلهم، تم توجيه النساء وكبار السن إلى المستشفى المحلي، بينما أُجبر الذكور البالغون من العمر ١٤ عامًا فما فوق على خلع ملابسهم والركوع فى الشارع. 
لباد وصف كيف تم تعصيب عينيه وربطه بأربطة، ثم نقله إلى سلسلة من مواقع الاحتجاز خلال الأيام التالية. 
تعرض للضرب بشكل متكرر على يد الجنود الإسرائيليين دون سبب واضح، حيث كانوا ينهالون عليه بالضرب على منطقة الصدر باستمرار، مما تسبب فى فقدانه القدرة على الحركة لمدة ليلتين بسبب شدة الألم. 
وفى النهاية، أُطلق سراحه فى ١٤ ديسمبر، بعد أيام من الاحتجاز القاسى والمرهق، دون أن يوجه له أى اتهامات رسمية. 
وسنت إسرائيل قوانين تتيح لها احتجاز الفلسطينيين فى قطاع غزة، مثل قانون صدر عام ٢٠٠٢ الذى يسمح بالاحتجاز لما يسمونهم بـ "المقاتلين غير الشرعيين". 
وفى أعقاب حدوث عملية طوفان الأقصى، أدخلت إسرائيل تعديلات طارئة على هذا القانون، مما يتيح لها احتجاز الأشخاص دون رؤية محام لمدة تصل إلى ستة أشهر، فى حالة حصول موافقة القاضي. 
تكشف الشهادات عن تحويل النساء الفلسطينيات اللاتى التقتهن الصحيفة إلى سجون إسرائيلية عقب اعتقالهن، حيث قالت هبة غبن (٤٠ عامًا) إنها تم اعتقالها فى أوائل ديسمبر، ونقلت إلى سجن الدامون الواقع بالقرب من حيفا فى شمال إسرائيل، حيث قضت ما يقرب من شهرين خلال فترة الاحتجاز. 
وخلال جلسات الاستجواب، تعرضت النساء للاستجواب بشدة، حيث طُلب منهن الإدلاء بمعلومات حول سكان الأحياء التى يسكنها، وعن مكان وجود قادة حماس والمحتجزين الإسرائيليين. 
ورغم عدم وجود تهم موجهة لهن، تم تعريضهن للتهديد بالصعق بالكهرباء، بالإضافة إلى ربط أيديهن وأرجلهن خلال فترات الاحتجاز.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فلسطينيين الاحتلال قوات الاحتلال من العمر فى غزة

إقرأ أيضاً:

لعنة غزة .. ومصائرها الجيوسياسية!

لئن كانت عملية طوفان الأقصى بدايةً نوعية لتغيير مختلف في معادلات الصراع مع إسرائيل، فإن التداعيات الخطيرة لأوضاع حافة الهاوية التي خلفتها هذه العملية سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا، أصبحت اليوم هي القاعدة التي تستعصي على كل المعالجات التي تبذلها دول في العالم والإقليم للخروج من مأزقها.

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول أن ثمة ملامح لصيرورة آثار هذه العملية نحو نهايات لن يكون في وسع عمليات الاحتواء أن تدرأ تداعيات آثارها الكارثية!

ما ظللنا نحيل عليه باستمرار من أن معالجات فائض القوة التي استخدمتها إسرائيل في مواجهة آثار عملية طوفان الأقصى كسلاح أقصى ووحيد للقضاء على حماس - دون أي التزام بالقانون الدولي ودون أي اكتراث بحسابات وموازين القوى الإقليمية والدولية - إنما هو بمثابة صب الزيت على النار - مهما توهمت إسرائيل خلاف ذلك - بدا اليوم واضحا في التداعيات الخطيرة التي يساق إليها الجميع في المنطقة والعالم جراء تلك المعالجات المعطوبة، سواءً في ما ظلت تختبره إسرائيل من عمليات حربية فاشلة منذ أكثر من 8 أشهر، أو ما ظلت تختبره سياسات الولايات المتحدة في التعاطي مع إسرائيل على نحو ظل يمثل لها حرجا أخلاقيا بالغ الحساسية على سمعتها كقوة عالمية، أو حتى عبر الضغوط التي تمارسها دول في الإقليم على حماس دون جدوى.

وفيما يعمل الجميع في الإقليم والعالم - كل على شاكلته - من أجل احتواء تداعيات هذا التطور الجديد والخطير (أسلوب عملية طوفان الأقصى لمواجهة إسرائيل) بذات الأساليب القديمة والمجربة، سيظل الثابت الوحيد في وجه محاولات الاحتواء القديمة هو المزيد من المفاجآت الخطرة التي يتعين عليها أن تلفت تلك قوى سياسية في الإقليم والعالم إلى أنه ربما قد فات الأوان اليوم على نجاعة وصفة المعالجات القديمة للمقاربات السياسية ذاتها، وأن ما تطلبه المواجهة الشجاعة لاحتواء تداعيات عملية طوفان الأقصى اليوم يبدو أنه - حتى الآن على الأقل - ليس في وارد أي قوة في الإقليم والعالم امتلاك الشجاعة على طرحه كحل يمنع كوارث أكبر تلوح في أفق المنطقة والعالم جراء التعاطي العقيم والتهرب من مواجهة استحقاق تسوية عادلة للفلسطينيين.

هكذا لن يبدو في وسع إمكان المبعوث الرئاسي الأمريكي آموس هوكستين (الذي بدت زياراته للشرق الأوسط أشبه بزيارات بلينكن العقيمة)؛ التقدم بأي حلول لتخفيض التوتر في الجبهة الشمالية لإسرائيل في جنوب لبنان، بعد أن أدرك المصائر العضوية التي تربط بين تداعيات عملية طوفان الأقصى في الجبهتين، فيما بدا في الوقت ذاته؛ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو متخبطًا في مسار أصبح مأزقًا خطيرا أمام مستقبله الشخصي والسياسي جراء فشله العسكري في غزة، والحصار الذي بات يطبق عليه في الداخل والخارج من أجل إسقاط حكومته بعد أن خرج العضوان المهمان (جادي آيزنكوت وبيني جانس) من مجلسه الحربي.

أما في الخارج، ففضلًا على تخبط الإدارة الأمريكية على وقع التناقضات التي وضعتها أمامها سياسات نتانياهو العقيمة وحلوله الأمنية لتداعيات عملية طوفان الأقصى، والمعالجات المحرجة لسمعتها الدولية جراء التعاطي المفضوح والمتواطئ مع جرائم إسرائيل في غزة، فإن شبح الخوف من المصير غير المحسوم لكسب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل أصبح بمثابة الشلل الإرادي الذي يمنع الإدارة الأمريكية من التصرف المسؤول حيال واقع الأزمات الخطيرة التي ظل يخلقها نتانياهو جراء جرائمه غير المقبولة أخلاقيًا وسياسيًا في غزة.

وفيما تواجه أوروبا الغربية - خصوصًا في كل من ألمانيا وفرنسا - شبح اليمين المتطرف في الاقتراب من السلطة السياسية في البلدين، يبدو حسم الأمور في غزة باتجاه حل منصف أمرا عسيرا - حتى الآن على الأقل - لكل من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. ستظل أوهام نتانياهو معلقةً بانتظار الفرج في التحولات الجيوسياسية التي قد تحدث لصالحه جراء نتائج الانتخابات المحتملة والقريبة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو إلى: أي مدى يمكن للتداعيات الخطيرة لعملية طوفان الأقصى في غزة وجنوب لبنان انتظار نتائج تلك الانتخابات؟

في كل الأحوال، يبدو واضحًا اليوم؛ غياب إرادة دولية جسورة لفرض تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، خصوصًا في ضوء المقاربات السياسية القديمة والمجربة التي تطرحها حتى الآن دول في الإقليم والعالم، ولكن ربما عنى ذلك في تأويل ما؛ انتظار قريب لحرب إقليمية أصبح الجميع يحذر منها ويتوقع حدوثها!

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 28 فلسطينياً في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • مشعل: طوفان الأقصى فرض تحدٍ كبير على "إسرائيل"
  • لعنة غزة .. ومصائرها الجيوسياسية!
  • "وول ستريت جورنال" تكشف نقلا عن مسؤولين سبب تباطؤ شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل
  • «القاهرة الإخبارية»: حماس تطالب المجتمع الدولي بمنع إسرائيل هدم منازل غزة
  • وول ستريت جورنال: "روته" يقود حلف الناتو وسط تزايد التوترات مع روسيا
  • أول رد من «حماس» بشأن تقليص الطعام وتعذيب الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال
  • وول ستريت جورنال: نتنياهو يستغل مزاعم تباطؤ شحنات الأسلحة لأغراضه السياسية الخاصة
  • «هآرتس» عن مصادر أمنية: السجون الإسرائيلية قلصت كميات الطعام للأسرى الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر