لجريدة عمان:
2025-01-31@18:03:33 GMT

يتأخر الوعي..

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

تعيش كل الشعوب في مأزق حضاري بامتياز، وعلى امتداد عمر الإنسانية، وكما يبدو، فإن هذا المأزق يتمثل في تأخر الوعي، ولذلك فهناك الكثير ممن كتب وقارن بين تأخُّر الوعي، وتقدُّم العلم، وهو تقدم كبير، وفارق واسع، ويبدو أنه لا تلاقي بين الطرفين، ولا توازي، فما ينتجه العلم لا يعمق في ذات مستواه الوعي، وهما -أي العلم والوعي- في هذه الصورة لا يعيشان صراعا جدليا، فقواسمهما ليست مشتركة، وإن التقيا عند هذا الإنسان؛ لأنه الفاعل الحقيقي لكليهما، هل هناك تعمُّد من قبل هذا الإنسان فيعمل على تقدم أحدهما وتأخر الثاني أم أن المسألة تعيش في سياقاتها الطبيعية؟ مع أن هذا البون الشاسع بين الطرفين في تقدم أحدهما وتأخر الثاني؛ يُحدثان مفارقات كثيرة في النتائج، وهذه النتائج مهمة جدا، وتسبب أرقًا غير منكور، لوجود خلل بنيوي في تشكيل تفاعلات الصورة الإنسانية فيما بينها، وهذا الخلل واقع، وبدرجة وضوح ساطعة لا يمكن تجاوزها، أو عدم إدراكها، ولكنها تسبب إشكاليات كثيرة.

فالإنتاج العلمي كميا ونوعيا يشمل كل أوجه الحياة، ولأن الوعي يحتاج إلى رصيد زمني، فإن التعامل مع هذا الكمي والنوعي للإنتاج العلمي يشوبه الكثير من الترهل، وعدم القدرة على السيطرة عليه، أو التوافق معه، ولنضرب مثالا بسيطا على حياتنا اليومية، ولتكن المركبة التي يمتلكها الجميع منا، إلا الاستثناء؛ فهذه المركبة هي أحد المنتجات العلمية الكمية والنوعية، فهل توظيفنا في استعمالاتها المختلفة يعبر عن وعي كمي لدينا، فضلا عن الوعي النوعي؟ ومن خلال تجربة شخصية لا أرى أن توظيفنا في استخداماتها الكثيرة معبرة عن أي درجة من الوعي، إلا الاستثناء، وهذا الاستثناء يحتاج إلى كثير من الاستحقاقات المادية والمعنوية، من حيث تجربة الحياة، وتحقق العمر التراكمي، والوعي الكامل بأهمية هذه المركبة، واستحضار المسافة الفاصلة بين من يمتلك مركبة، وبين من لا يمتلكها على الإطلاق، وبين من يفتقدها في لحظة زمنية؛ تكاد تكون لحظة من شأنها أن تصنع فارقا مهما لإنجاز أي شأن من شؤون الحياة اليومية.

ولعل لنا أن نقرأ في أحداث الصورة المتهورة عند حدوث ظاهرة «التفحيط» عند فئة المراهقين، والتداعيات المتوقعة من نتائج هذا السلوك، ومن خلالها يمكن استيعاب المسافة الفاصلة بين الوعي والتقدم العلمي، فمركبة بعشرات الآلاف من الريالات يمكن أن يخرجها صاحبها من الخدمة، وتصبح في قيمة «الخردة» نتيجة سلوك طائش؛ يقينا؛ لا يعكس وعيا، بقدر ما يعكس تهورا، وسوء تقدير للموقف، وهدر للمالين العام والخاص على حد سواء، وهذه الصورة المبسطة للمقارنة بين تأخر الوعي، وتقدم العلم، هي الصورة ذاتها التي يقف فيها الإنسان بجبروته، ونرجسيته، وتسلطه بقوة المادة فيبيد شعبا بأكمله، بمجرد ضغطة زر بأصبعه السبابة، فليتخيل أحدنا الموقف، بهذه الإصبع البسيطة يستطيع أن يزهق أرواحا كان لها حق الحياة، كحال حق الحياة لهذه الإصبع لأن تكون مؤازرة لأصابع اليد الأخرى، حتى تؤدي اليد وظيفتها الكاملة لهذا الإنسان المتمرد بجهله، وبعنجهيته المعتادة.

فتأخر الوعي إلى درجة تعمق الجهل، وتضخمه في مختلف السلوكيات، تظل مهينة للتاريخ الإنساني، وهي بلا شك، تعكس تباينا نوعيا عميقا، مع المنجز العلمي، والذي هو لم يقدم بديلا لتهذيب النفس الإنسانية وجعلها متوافقه مع تقدمه، هل لأن العلم حالة ميكانيكية يمكن السيطرة عليها، ومأسستها، بينما الوعي حالة نفسية يصعب مأسسة إدارتها؟

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

استضافت القاعة الرئيسية ضمن فعاليات معرض الكتاب في دورته الـ56، ندوة بعنوان «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام».

وحضر الندوة كل من: الدكتور محمد سعد زغلول، أستاذ العلاج بالإشعاع في جامعة القاهرة ورئيس قسم العلاج بالإشعاع في مستشفى سرطان الأطفال 57357، الدكتور سامي سليمان، مدير عام شركة إليكتا إيجيبت وخبير التكنولوجيا الطبية، والدكتور محمد فاروق، مدير قسم الفيزياء والتدريب والتطوير في شركة بي تي دابليو الألمانية.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

أدارت الندوة الإعلامية مروة الشبراوي، حيث أشارت مروة الشبراوي إلى أن التطور العلمي يحدث في كل لحظة، وأن المريض أو أهله هم أكثر الناس حرصاً على متابعة هذا التطور، مضيفةً أنه يُقال دائماً إن التشخيص الصحيح هو بداية العلاج.

من جانبه، قال الدكتور محمد سعد إن التشخيص الصحيح هو مفتاح العلاج السليم، إذ يسمح بتوفير المال والحصول على أفضل النتائج، مشيراً إلى أن السرطان غالباً ما يصيب كبار السن، رغم أنه قد يصيب الأطفال أيضاً، لكن النسبة الأكبر تكون بين كبار السن.

وشرح سعد طبيعة الأورام، موضحاً أن السرطان هو انقسام غير طبيعي في الخلية يستمر دون توقف. كما أوضح الفرق بين الخلية السليمة والخلية السرطانية، حيث تنقسم الخلايا السليمة حسب حاجة الجسم، بينما تنقسم الخلايا السرطانية بسرعة دون حاجة، مما يؤدي إلى تكوّن السرطان.

وتحدث «سعد» عن مراحل السرطان، التي تبدأ بتكاثر الخلايا في نفس العضو، ثم تنتقل إلى مرحلة ثانية وثالثة عندما تخرج من العضو. وأضاف أن بعض الخلايا السرطانية قد تنتقل إلى الغدد الليمفاوية، أو إلى الشرايين والأوردة، مشيراً إلى أن مناعة الجسم يمكن أن تقضي على الخلايا السرطانية.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

كما تناول «سعد» أنواع العلاج المتاحة للأورام الخبيثة، مثل العلاج الجراحي الذي كان معروفاً منذ العصور الفرعونية، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، المناعي، الإشعاعي، والمكمل.

بدوره، قال الدكتور محمد فاروق إن الوضع في مصر أصبح أفضل بكثير في الفترة الأخيرة، حيث توافرت جميع الأجهزة المطلوبة لعلاج الأورام، وبدعم من وزارة الصحة والهيئات الحكومية الأخرى لتوفير هذه الأجهزة.

كما أشار إلى توفر كل تقنيات الأساليب الحديثة، فضلاً عن سفر الكوادر الطبية إلى الخارج لتلقي أفضل التدريبات، مما أسهم في تحسين مستوى الكوادر الطبية في مجال الأورام.

وأضاف «فاروق» أن هناك نقلة كبيرة حدثت في العشر سنوات الأخيرة في جميع مجالات الطب، وخاصة في علاج الأورام. كما تحدث عن توفير بيئة تعليمية متميزة من الشركات الموردة للخدمات الطبية في مصر، بهدف ضمان كفاءة الطواقم الطبية في استخدام الأجهزة الحديثة على أكمل وجه، حيث إن استخدام الأجهزة المتطورة يتطلب معرفة كافية للاستفادة من إمكانياتها.

وفيما يتعلق بتقنيات المستقبل، أشار فاروق إلى أن الفترة القادمة ستشهد تطوراً ملحوظاً بفضل دخول الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، مما سيسهم في تسريع العمل وتحسين النتائج.

من جانبه، أوضح الدكتور سامي سليمان، أن مرض السرطان لا يقتصر على فئة معينة من الناس، وهو مرض غير معدٍ، لافتًا إلى أن أكبر صعوبة كان يواجها مريض السرطان في الماضي هي عدم اكتشاف المرض إلا في مراحل متقدمة، مما يعطل العلاج ويؤثر على نسب الشفاء.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

وأضاف أن الوعي المتزايد حول المرض يساهم في زيادة نسب الشفاء وتأخير المضاعفات. كما بيّن أن الوضع في مصر قد تحسن بشكل كبير مقارنة ببعض الدول الأفريقية الأخرى التي تفتقر إلى أبسط التقنيات مثل المناظير الجراحية، مؤكداً أن الكوادر الطبية المصرية أصبحت تتمتع بكفاءة عالية في هذا المجال.

كما تطرق «سليمان» إلى الموروث الثقافي الذي يربط مرض السرطان بالموت المبكر، وهو ما يتم ترسيخه في الأعمال الدرامية، حيث يعتقد المرضى أنه بمجرد تشخيصهم بالسرطان، يتعين عليهم الاستعداد للموت في غضون أشهر قليلة.

وأكد أن هذا المفهوم خاطئ، وأن مريض السرطان يمكن أن يتم علاجه وشفاؤه تماماً، مما يمنح الأمل لبقية المرضى. ودعا المنتجين والقائمين على الأعمال الدرامية إلى إعادة تشكيل وعي الناس حول مرض السرطان.

وفي ختام الندوة، أشار «سليمان» إلى أن تقنيات التشخيص قد تطورت بشكل كبير، حيث أصبح من الممكن الكشف عن الخلايا ومعرفة ما إذا كانت سليمة أو مصابة، مما يسهم في الكشف المبكر عن المرض وفتح آفاق جديدة في طرق العلاج.

اقرأ أيضاًمنذ الساعات الأولى.. إقبال جماهيري كثيف في اليوم الثامن لمعرض الكتاب 2025

الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش التراث والثقافة بين السودان وموريتانيا

معرض الكتاب 2025.. «اتحاد كتاب مصر» ينظم أصبوحة شعرية متميزة

مقالات مشابهة

  • معرض الكتاب يناقش «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»
  • مستجير العلم والأدب
  • عام المجتمع.. يجسد رؤية قيادية للمستقبل محورها الإنسان ومركزها جودة الحياة
  • دوري أبطال أوروبا.. يوفنتوس يتأخر أمام بنفيكا في الشوط الأول
  • رونالدو يتأخر عن رحلة بريدة
  • منها ضعف الذاكرة.. علامات نقص عنصر النحاس في الجسم وكيف يمكن تعويضه؟
  • ندوة عن الوعي الوطني في مواجهة التحديات الراهنة بالأعلى للثقافة
  • الشوط الأول .. منتخب اليد يتأخر أمام فرنسا 18/14 بربع نهائي بطولة العالم
  • كأس العالم لليد.. منتخب مصر يتأخر أمام فرنسا في الشوط الأول
  • الشوط الأول.. منتخب اليد يتأخر أمام فرنسا 18/14 بربع نهائي بطولة العالم