الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر من الأمراض العصبية
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
أظهرت دراسة جديدة رئيسية، أصدرتها مجلة "لانسيت" لطب الأعصاب، وساهمت منظمة الصحة العالمية في تحليل بياناتها ووزعتها اليوم الجمعة في جنيف، أن أكثر من 3 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم عاشوا حالة عصبية في عام 2021.
ويعني ذلك أن أكثر من شخص واحد من كل ثلاثة أشخاص في العالم يعاني من أمراض عصبية.
وأكدت المنظمة الدولية أن الحالات العصبية أصبحت الآن السبب الرئيسي لاعتلال الصحة والإعاقة في جميع أنحاء العالم بعد أن ارتفع العدد الإجمالي للعجز والمرض والوفاة المبكرة (المعروفة باسم سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة) الناجمة عن الحالات العصبية بنسبة 18 % منذ عام 1990.
وأضافت الدراسة أن أكثر من 80% من الوفيات العصبية وفقدان الصحة يحدث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، كما تتباين إمكانية الحصول على العلاج بشكل كبير، فالبلدان مرتفعة الدخل لديها ما يصل إلى 70 مرة عدد المتخصصين في مجال الأعصاب لكل 100 ألف شخص مقارنة بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وأفادت الدراسة أن أهم 10 حالات عصبية كانت تساهم في فقدان الصحة في عام 2021، هي: السكتة الدماغية واعتلال الدماغ الوليدي (إصابة الدماغ) والصداع النصفي والخرف والاعتلال العصبي السكري (تلف الأعصاب) والتهاب السحايا والصرع والمضاعفات العصبية الناجمة عن الولادة المبكرة واضطراب طيف التوحد وسرطان الجهاز العصبي، منبهة إلى أن الحالات العصبية تسبب بشكل عام المزيد من الإعاقة وفقدان الصحة لدى الرجال مقارنة بالنساء ولكن هناك بعض الحالات مثل الصداع النصفي أو الخرف حيث تتأثر النساء بشكل غير متناسب.
وبينت الدراسة أنه منذ عام 1990، زاد العدد المطلق للأفراد الذين يعانون من حالات عصبية أو يموتون بسببها في حين انخفضت معدلات سنوات العمر المعدلة حسب العمر وبما يعني أن الزيادات في الأعداد المطلقة مدفوعة بشكل رئيسي بالتغير الديموغرافي والأشخاص الذين يعيشون لفترة أطول.
أفادت الدراسة بأن الاعتلال العصبي السكري كان هو الحالة العصبية الأسرع نموا حيث تضاعف عدد الأشخاص المصابين بالاعتلال العصبي السكري أكثر من ثلاثة أضعاف على مستوى العالم منذ عام 1990 ليرتفع إلى 206 ملايين حالة في عام 2021، مشيرة إلى أن هذه الزيادة تتماشى مع الزيادة العالمية في معدلات الإصابة بمرض السكري، كما أن حالات أخرى مثل المضاعفات العصبية الناجمة عن كوفيد-19 (على سبيل المثال الضعف الإدراكي ومتلازمة غيلان باريه) لم تكن موجودة من قبل وتمثل الآن أكثر من 23 مليون حالة.
وفحصت الدراسة، 20 عامل خطر قابل للتعديل لحالات عصبية يمكن الوقاية منها مثل السكتة الدماغية والخرف والإعاقة الذهنية مجهولة السبب. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن القضاء على عوامل الخطر الرئيسية، وأهمها ارتفاع ضغط الدم الانقباضي وتلوث الهواء المحيط والمنزلي، من الممكن أن يمنع ما يصل إلى 84 % من سنوات العمر المصححة للسكتة الدماغية. وبالمثل، فإن منع التعرض للرصاص يمكن أن يقلل من عبء الإعاقة الذهنية مجهولة السبب بنسبة 63.1%، كما أن خفض مستويات الجلوكوز في بلازما الصيام المرتفعة يمكن أن يقلل من عبء الخرف بنسبة 14.6%.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن التدخين ساهم، بشكل كبير، في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والخرف والتصلب المتعدد. أخبار ذات صلة إجازة دواء لإنقاص الوزن ضد النوبات القلبية والسكتات الدماغية المصدر: آ ف ب
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أمراض عصبية السكتة الدماغية الخرف الصداع النصفي الصرع التهاب السحايا الصحة العالمیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
هل ينسحب ترامب من منظمة الصحة العالمية؟
أثار ما نقل مؤخرا عن فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن إدارته قد تعلن انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية في يوم تنصيبه بحلول 20 يناير/كانون الثاني المقبل الكثير من التساؤلات والمخاوف بشأن تداعيات مثل هذا القرار -إن تم اتخاذه- في الحد من قدرات المنظمة ومصادر تمويلها، في خضم أزمات صحية لا حصر لها يعيشها العالم.
وكانت المنظمة أقرت ميزانية لعامي 2024 و2025 قدرها 6834.2 مليون دولار لتمويل أولوياتها الإستراتيجية، وغيرها من المشاريع الأخرى ذات الصلة.
لكن ما يثار حاليا بشأن عزم إدارة ترامب الجديدة الانسحاب من منظمة الصحة العالمية -الذي قيل إن فريق الرئيس الأميركي المنتخب يدفع إليه- لم يتم الإعلان عنه رسميا، كما لم تعلق المنظمة على هذه التسريبات حتى الآن.
ولا شك أن انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة بحلول 20 يناير/كانون الثاني المقبل -إن تم- يعد خسارة كبيرة لمنظمة الصحة العالمية باعتبار أن واشنطن من الدول الأكثر تمويلا لها، الأمر الذي قد يحد من قدرة المنظمة على تصديها للتحديات والأزمات والاستجابة للجوائح الصحية العديدة التي تواجه عالم اليوم، مثل الأوبئة والمتحورات الجديدة لجائحة كورونا، ومسائل أخرى تتعلق باللقاحات والطوارئ الصحية، وظهور فيروسات جديدة تم اكتشافها بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، وذلك إن لم تجد المنظمة وسائل أخرى لسد هذا العجز.
إعلانويرى خبراء وعلماء مختصون أنه في حال انسحاب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب من المنظمة فإنها قد تخسر نحو ربع تمويلها، خاصة أنها تعتمد في ميزانيتها على مصدرين هما الرسوم المستحقة من الدول الأعضاء والمساهمات الطوعية من هذه الدول ومن المنظمات الخيرية والحكومية الدولية والقطاع الخاص.
وعزا الرئيس المنتخب قراره الأول بالانسحاب من المنظمة في مطلع يوليو/تموز 2021 إلى أن المنظمة "رفضت تنفيذ الإصلاحات المطلوبة"، متهما إياها بالتستر على مدى انتشار وباء فيروس كورونا لصالح الصين وبسوء إدارة الأزمة حينها.
لكن عملية انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة لم تكتمل آنذاك، إذ كان من المفترض أن يدخل القرار حيز التنفيذ بعد عام واحد، وتحديدا في 6 يوليو/تموز 2021.
ويعود عدم تنفيذ وإكمال الإجراء إلى أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن قد وقّع أمرا تنفيذيا في اليوم الأول من رئاسته في يناير/كانون الثاني 2021 بالتراجع عن إخطار الانسحاب، والاحتفاظ بعضوية بلاده في منظمة الصحة العالمية، والوفاء بالتزاماتها المالية تجاهها، والتعاون المشترك لدحر جائحة "كوفيد-19" آنذاك.
وتشير المصادر العالمية والخبراء المختصون إلى أنه إذا كانت دواعي القرار الأميركي الأول بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية تعود إلى أن تعامل المنظمة مع جائحة كورونا لم يرق إلى المستوى المطلوب أو بالأحرى لم يكن مثاليا فإنهم يرون أن معالجات المنظمة للأزمة كانت أكثر من جيدة، مما يكفي لتوفير قدر كبير من الإنذار المبكر فيما يرتبط بالوباء ومخاطره والحد من تفشيه.
لا أسباب واضحةوبحسب الخبراء، فإنه لا توجد في الوقت الراهن أسباب واضحة لتبرير أي انسحاب من طرف الولايات المتحدة أو أي دولة عضوة إلا فيما يُعنى بعملية إصلاح المنظمة التي نادت بها واشنطن عام 2021.
وفي السياق نفسه، حذرت مصادر علمية وطبية دولية الآن ومن جديد -وهي التحذيرات والتنبيهات نفسها التي أطلقتها عندما أصدر ترامب قراره السابق في مستهل فترة رئاسته الأولى- من أن انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية سيهدد بالتأكيد برامجها وخططها للبلدان المحتاجة والأشد فقرا وتلك التي تعاني أزمات وحالات عدم استقرار ولجوء ونزوح وصراعات مسلحة.
إعلانولفتت المصادر نفسها إلى أن الدعم الأميركي يصل إلى نحو ربع ميزانية المنظمة السنوية، وهو تمويل كبير ومؤثر تحتاجه المنظمة في ظل أزمات وتحديات صحية لا حصر لها تعصف بالكثير من دول ومناطق العالم.
وتلفت مصادر طبية وعلمية دولية إلى أنه يتعين على أي دولة ترغب في الانسحاب من منظمة الصحة العالمية أن تستوفي شروط الانسحاب النهائي، ومنها إعطاء إشعار لمدة عام واحد، والوفاء بالكامل بسداد الالتزامات المالية المقررة.
وتنبه المصادر إلى أنه إذا كانت المنظمة ستخسر تمويلا مهما سيكون له تأثير كارثي على برامجها وخططها الصحية فإن واشنطن أيضا ستفقد ميزة تزويدها بالمعلومات والبيانات الصحية بشأن الوضع الصحي والمستجدات الصحية العالمية، فضلا عن توجيه الاتهام لها بالتراخي في تضامنها مع المجتمع الدولي في هذا الجانب الحيوي والمهم من احتياجات الناس الصحية في أي مكان، وبتعريضها حياة الملايين من البشر والفقراء ممن هم في أشد الحاجة للأدوية واللقاحات الطبية للخطر، مما يفقدها بالتالي تأثيرها الدولي القوي في أي قرارات يتخذها العالم والمنظمة تحديدا في مثل هذه المسائل الصحية الحيوية.
يشار إلى أنه منذ تأسيس منظمة الصحة العالمية في عام 1948 كان حق الناس في الصحة عنصرا جوهريا في رسالتها الرامية إلى تحقيق الصحة للجميع، علما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد نص في العام نفسه على الحق في الصحة.
ولإعمال هذا الحق تسعى المنظمة جاهدة في عالم يعاني من أزمات متعددة -من أمراض وكوارث إلى صراعات وتغير في المناخ- إلى أن يكون هذا الحق والخدمات الصحية والتثقيف والمعلومات الصحية متوافرة ومقبولة ومتاحة للجميع وذات جودة عالية أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك أيضا الحصول على المياه الصالحة للشرب والغذاء والسكن الصحي وظروف وبيئة العمل الملائمة للجميع دون تمييز.
إعلان دور محورييذكر أن منظمة الصحة العالمية -التي أنشئت في العام 1948- تضطلع بدور محوري ومهم من حيث التأكيد على أن الصحة حق أصيل من حقوق الإنسان، وضرورة اتباع نهج جماعي مشترك لحماية صحة البشر في جميع أنحاء العالم، ولهذا السبب اختارت المنظمة شعار "صحتي حقي" ليكون موضوع يوم الصحة العالمي لعام 2024.
لكن لن يتم الوفاء بأهداف المنظمة المعلنة بالصورة المطلوبة إلا عبر تضافر الجهود الدولية، دولا وحكومات ومنظمات حكومية وغير حكومية وقطاعات أهلية، بالإضافة إلى حشد التمويل والاستثمارات المالية اللازمة، لتحقيق التغطية الصحية الشاملة في إطار أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، في وقت يواجه فيه -حسب تقارير دولية- أكثر من ملياري شخص مشقة مالية في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية فقط.