قال الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، إمام وخطيب المسجد النبوي ، إن صوم رمضان هو السرّ بين العبد وربّه، حيث يصومه العبد إخلاصاً لله واحتساباً، ومحبة وتعظيماً. 

لماذا صيام رمضان فرض 

وأوضح " آل الشيخ " خلال خطبة أول جمعة في رمضان من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن هذا ما تشير إليه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، من التذكير بغاية الصوم وأن المراد به تحقيق التقوى الذي رأسها التوحيد لله جل وعلا.

واستشهد بما قال الله سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –" من صام مضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.

وأضاف أن فريضة الصوم تربية للأخلاق على حسن الخلّق، وحسن التعامل بين الخلائق بجميل الأقوال، وأزكى الأعمال، موصيًا بالتحلي بفضائل الصيام التي حثّ عليها ديننا الحنيف.

الهدف الأسمى

 وأشار إلى أن الهدف الأسمى والغاية العليا من شعائر العبادات هو تحقيق التوحيد الخالص للخالق جل وعلاً،  والوصول إلى الغاية الكاملة في حبه عزّ شأنه والتذلل التام له جلّ جلاله، واتسام بالاستسلام والانقياد له وحده، والتخلّص من التعلّق بمن سواه من التأله .

وتابع: والتعبّد بحيث لا تصرف جميع العبادات إلا لله الأحد خالصة لوجهه عمن سواه، فالألوهية لله وحده، فهو الذي يطاع ولا يعصى، هيبة له وإجلالاً، محبة وخوفاً، رجاءً وتوكلاً، سؤالاً ودعاءً، فهو الذي جل جلاله الذي لا يخاف إلا منه، ولا يخشى إلا هو،   وهو الذي تنيب إليه القلوب والجوارح في شدائدها.

وواصل: وتدعوه وحده في ضروراتها وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه في سرّائها وضرّائها، وتطمئن بذكره، وتسكنُ إلى قربه عزّ وشأنه، وليس ذلك لأحد إلا لله جل وعلا، مشيرًا إلى أن فريضة صوم رمضان تبرز فيها هذه المقاصد العقدية العظيمة.

مقاصد تشريعية

وبين أن من أعظم الغايات التبعية للتعبّد تربية الإنسان على السلوك الأحسن والتصرف الأجمل للعيش الإنساني الكريم، فتلك مقاصد تشريعية خاصة لتعليم الإنسان على أجمل الأحوال وأكمل السلوكيات، فيكون العبد زاكياً في تصرفاته مع بني مجتمعه ومع الخلق كلهم.

واستطرد: إذ تربيه العبادات على زكاة النفس وعلى تربيتها وعلى طهارة الأقوال والأفعال وجمالها، فشعائر الدين تربّي الإنسان على أجمل القيم وأطهر التصرفات والتعاملات وأحسن الأخلاق وأجملها وبهذا تتحقق للمجتمعات الحياة الفاضلة والعيشة الرضية ، وللصوم الحضّ الأوفر لهذه المنظومة.

ولفت إلى أن هذا ما يتجلّى بالتوجيهات النبوية بحثّ الصائم على أفضل الأخلاق وأزكاها والبعد عن سيء الأخلاق وأرذلها، كما أن من الحكم الظاهرة والعلل البارزة لفريضة الصوم تربية الصائمين على عبادة السلامة من أذى الخلق والإضرار بهم من أي تصرف قولي أو فعلي وتلك مقاصد كلية تعود بالخير الكلّي على الفرد والمجتمع والعالم ككل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد الحرام: في بعض الأحيان يكون إبداء الصدقة وإعلانها أفضل

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي جوهر الصيام وفحواه، ولُبه ومغزاه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

خطيب المسجد الحرام: العافية في الدين بالثبات على الحق والبعد عن الباطلمرحب شهر الصوم.. جدول صلاتي التراويح والتهجد في المسجد الحرام خلال رمضانالعبادة في رمضان

وقال خطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة اليوم: لقد شرع الله تعالى الصيام ليجدِّدَ المسلم شِيَمَه التعبدية المحمودة، ويعاود انبعاثته في الخير المعهودة، فَيَتَرَقَّى في درجات الإيمان، وينعم بصفات أهل البِرِّ والإحسان، حيث لم يَقِف الشارعُ الحكيمُ عند مظاهر الصوم وصوره، بل عمد إلى سُمُو الروح ورقي النفس وحفظها وتزكية الجوارح، والصعود بها من الدرك المادي إلى آفاق السُّمُو والعلو الإيماني، لذا اختص الله عز وجل هذه العبادة دون سائر العبادات، كما في الصحيحين: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي به".

وأوضح أن هذه الأيام المباركة فرصة سانحة لمراجعة النفس وإصلاح العمل، ونبذ الخلافات والفُرقة، وتحكيم لغة العقل والحوار، والتعاون على البر والتقوى؛ بما يحمله هذا الشهر الكريم من دروسٍ عظيمة في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة، قال تعالى:﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾، قال الإمام ابن القيم: "وكان هديه عليه الصلاة والسلام فيه أكمل هدي، وأعظمه تحصيلًا للمقصود، وأسهله على النفوس، وكان من هديه، في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن، وكان يكثر فيه الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخصه بالعبادات ما لا يخص غيره".

الصدقة في رمضان

وخاطب الدكتور السديس الصائمين القائمين الباذلين: قائلًا ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، "وكَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" (متفق عليه)، فأكْثِروا من البذل والجود في الشَّهر المحمود، ألا فجودوا أيها الكرماء النبلاء، مما أفاض الله عليكم، وابسطوا بالنوال والعطاء الأيادي، لِتُبَدِّدُوا بذلك هموم المَدِينين، وعوَزَ المحتاجين، وخصاصة المكروبين، والإفراج عن المساجين الذين ينتظرون عطاءكم، ويتلهفون إلى بذلكم وإحسانكم: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال :" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقًا خلفًا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكًا تلفًا" ، والناس بين موفق مرحوم، وممسك محروم ، فاجعلوا أيديكم ممدودة بالخير لنفع الغير وليكن عملكم الخيري تحت مظلة مأمونة، وجهات موثوقة.

ونوه أن ِنعْمَة العِبَادة والزُّلْفَى، إخراج الزكاة المفروضة والصَّدَقة، في هذه الأيام المباركات: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾، ويَا حَبَّذَا الإكثار مِن العطاء والنَّفَقَات، والعناية بالأوقاف والوصايا والمحافظ الوقفية في الأعمال الخيرية، لِتَمَيُّزها بالاستدامة والحوكمة، والشفافية والموثوقية، والاهتمام بما يحقق المصالح العامة؛ كالمشافي ومراكز علاج الكُلَى، وشق الطرق، وجود الإسكان، وحفر الآبار، وسقي الماء، ونشر العلم الذي ينتفع به؛ في التوحيد، ودعم حلقات القرآن، وتوريث المصاحف، وكتب السُّنة والأحكام، والصدقات الجارية، مما يحقق النفع العام، ومجالات التنمية، وأن يكون التُّجَّار والموسرين ورجال الأعمال قُدوة في ذلك ، وقد يكون إبداء الصدقة وإعلانها أفضل أحيانًا؛ للاقتداء والائتساء، مما يعظم أجره ويدوم أثره. ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾.

ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى الإكثار من صالح الأعمال ورجاء القبول خلال هذه الأيام المباركة وأعقبوها شُكْر المنان الموصول؛ فبالرضا تفوزوا، وللنعمى تحوزوا فرمضان شهر النشاط والجِدِّ والعمل، شهر الانتصارات وتحقيق الإنجازات، ففي رمضان من العام الثاني الهجري انتصر المسلمون في أُولَى غزواتهم الكبرى، غزوة بدر، ثم تتابعت انتصارات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وكان كثيرٌ منها في هذا الشهر المبارك.

وحث على استدراك مافات من الأعمال الجلائل والقِيَام والاعتكاف والابْتِهال والدعاء. فلا تزال الفُرْصَة سَانِحَة، والتّجَارة رَابِحَة، لِمَنْ بَدَّدَ أيَّام رَمضان وَفرَّقَهَا، وسلك بِنفسه طرائق التّفريط فَأَوْبَقَهَا.

مقالات مشابهة

  • الإسراف في الطعام وتنافيه مع مقاصد الصيام
  • المدينة المنورة.. توافر اشتراطات السلامة لخدمة زوار المسجد النبوي
  • أكثر من 30 نوعًا من الإنارة في المسجد النبوي تبرز هوية المسجد
  • أكثر من 23 ألف مستفيد من الخدمات الصحية لزوار المسجد النبوي منذ مطلع رمضان
  • أخطر ما تصاب به القلوب.. خطيب المسجد النبوي يحذر من 4 أفعال شائعة
  • 425 جولة تبخير وتعطير بالمسجد النبوي خلال العشر الأوائل من رمضان
  • خطيب المسجد النبوي: الزكاة نفع مخصوص وتجب على هؤلاء
  • خطيب المسجد النبوي: الزكاة حق لله تزيل الغل والحقد وتنشر المودة
  • خطيب المسجد الحرام: في بعض الأحيان يكون إبداء الصدقة وإعلانها أفضل
  • ٤٥٠ جولة تطييب وتبخير بالمسجد النبوي خلال الثلث الأول من رمضان