الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

صادق الكنيست  الإسرائيليّ عصر أمس الاثنين على مشروع  قانون (الحد من المعقولية)، ضمن حزمة تشمل ثمانية مشاريع قوانين تُعرف بـ”خطة التعديلات القضائية“، تدفع بها الحكومة وسط احتجاجات عارمة، ورفض للمعارضة، وصوت الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة على المشروع ليصبح قانونًا نافذًا.

وصوت لصالح القانون 64 عضوًا (يتكون الكنيست من 120 عضوًا) دون معارضة، بعد أنْ نوابها قاعة الكنيست مع بدء التصويت.

إلى ذلك، لا تزال الأزمات الداخلية غير المسبوقة تقُضّ مضاجع الصهاينة، قيادةً وشعبًا في كيان الاحتلال، وتلاحق في الوقت عينه جيش الاحتلال الذي بدأ ينهار على وقع ارتفاع الرافضين للخدمة التطوعية، وقد وقعت أمس حادثة هي الأولى من نوعها عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، طلب القائد العّام لهيئة أركان جيش الاحتلال، الجنرال هرتسي هليفي، الاجتماع معه لتحذيره من المخاطر الأمنيّة التي تعصِف بالدولة العبريّة على وقع تفشّي ظاهرة رفض الخدمة العسكريّة، وخاصّةً في الاحتياط. وفي هذا السياق، توقع عميد كلية الحقوق في صفد والباحث في معهد الأمن القوميّ الإسرائيليّ، البروفيسور محمد وتد، “حدوث انقلابٍ عسكريٍّ على الحكومة” عقب إقرار الكنيست لتقليص صلاحيات القضاء في حجة المعقولية. وصرح محمد وتد لقناة “I24News” العبرية أنّ الانقلاب قد يحدث في حال وقوع صدام بين السلطة القضائية والتشريعية، برفض المحكمة العليا للقرار الذي يقيد عملها، مشيرًا إلى أنّ الأمر يستند إلى تحليلاتٍ عميقةٍ لجميع الشخصيات الأمنية التي يتوقع أنْ تساند المحكمة. وأضاف وتد: “نحن موجودون بصدد لحظة تاريخية، فعدم استقلالية المحكمة العليا معناه أمر واحد وصريح. كافة ضباط الجيش في إسرائيل موجودون في خطر المقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو أمر لا يريده أي شخص، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المتهم بقضايا جنائية يتصرف بشكل غير معقول، هو يتصرف بصورة غير منطقية بناء على القضايا الجنائية المرفوعة ضده”، طبقًا لأقواله.  اجتمع رئيس المعارضة يائير لابيد مساء مع رئيس جهاز الأمن العّام (الشاباك) رونين بار الذي وضعه “بصورة الوضع والتهديدات الأمنية في الساحات المختلفة”، حيث عُقد الاجتماع بين الاثنيْن بناء على طلب بار وبموافقة رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو. وفي نهاية الاجتماع، أشار لابيد إلى أنّه “أعرب عن قلقه من المِنعة القومية في إسرائيل”، وعبر حسابه على “تويتر” قال: “تحدثنا عن التهديدات الداخلية والخارجية، ولدينا مسؤولية مشتركة للحفاظ على أمننا وعن وحدة الشعب”، على حدّ تعبيره. في المقابل، تحدث رئيس (المعسكر الوطني) المُعارِض، الجنرال بالاحتياط بيني غانتس مع رئيس الأركان الجنرال هليفي، وبحسب بيان صادر عن غانتس فقد “عكس هليفي صورة الوضع في الجيش الإسرائيلي في أعقاب ارتفاع أعداد الرافضين للخدمة التطوعية العسكرية في الأيام الأخيرة”. وجرى الحديث بين الجانبين بناء لطلب المؤسسة الأمنية، وبمصادقة من وزير الأمن الإسرائيليّ يوآف غالانت، وفي نهاية الحديث، قال غانتس: “إنّ صورة الوضع الأمني مقلقة جدًا وتستوجب الانتباه واتخاذ القرارات الأمنية الاستراتيجية في مختلف الساحات النشطة”. ودعا غانتس نتنياهو لجمع الكابينت الأمني السياسي ومناقشة “تداعيات التشريع على الجيش قبل تمرير القانون”، بيد أنّ رئيس الوزراء رفض طلبه جملةً وتفصيلاً.  إلى ذلك، شدّدّ المستشار القانوني للحكومة السابق أفيحاي مندلبليت، على “خطورة الوضع تلزم وقف خطة التشريعات القضائية”، محذرًا من أنّ “إلغاء حجة المعقولية قد يؤدي إلى استبدادية الزعيم”، وفق ما أوردته هيئة البث الرسمي الإسرائيلي (كان).

بدوره، نبّه قاضي المحكمة العليا سابقا ميني مزوز، من أنّ “التشريع المتعلق بحجة المعقولية، هو الخطوة الأولى على الطريق نحو تحرك واسع للسيطرة على جميع مراكز السلطة في إسرائيل“.

كما رفض مزوز “الادعاءات بشأن التمييز والتطبيق الانتقائي خلال التظاهرات الاحتجاجية لليمين مقابل اليسار”، مؤكَّدًا أنّه “لا مجال للمقارنة بين احتجاجات اليمين إبان تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزّة بالعام 2005 والمظاهرات الحالية“.

أمّا رئيس (الموساد) السابق، يوسي كوهين، فقد حذّر من أنّ “إيران تشكل في هذه الأيام تهديدًا مركزيًا على أمننا، والجمهور الإسرائيليّ يعرف ذلك، والحرس الثوري الإيراني يوجد ويعمل بشكل مكثف خارج حدودها، في شمال الشرق الأوسط، في العراق، سوريّة، لبنان، وإيران تواصل من طهران نفسها ومن فروعها الأعمال الموجهة للمسّ بالإسرائيليين في أرجاء العالم، وتواصل ضخ سلاح متطور بكميات هائلة لدول العدو، وهكذا تتحدى أمننا القومي أكثر فأكثر”.

وأضاف في مقابلةٍ مع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّه: “في هذه اللحظة التي يحوم فيها التهديد الإيراني فوق رؤوسنا في عدة جبهات، علينا أنْ نتأكد من أنّ حصانة إسرائيل الأمنية لا تتضرر“.

وشدد كوهين في الختام على وجوب “وقف إجراءات التشريع والوصول بشكلٍ فوريٍّ وعاجلٍ لحوار بين الجماعات المختلفة التي تمثل آراء مختلفة، بهدف الوصول إلى ذاك الإجماع الذي كان على مدى سنوات وجود إسرائيل نورًا تسير على خطاه“، على حدّ وصفه.

أخبار ذات صلة إسرائيل على صفيح ساخن بعد إقرار التعديلات القضائية.. اشتباكات عنيفة واعتقالات ودهس للمتظاهرين ونقابة الأطباء تنضم للاحتجاجات.. أولمرت يؤكد الاقتراب من “الحرب الأهلية” وواشنطن تنتقد بشدة وتحذر من القادم (صور) نصر الله: إسرائيل تسير على “طريق الانهيار والزوال” بعد أزمة التعديلات القضائية واليوم هو أسوأ يوم في تاريخ الكيان نتنياهو يُدافع عن إصلاح القضاء بصفته “ضرورة” مع زيادة الاحتجاجات والقلق الدولي.. ولابيد سيستأنف أمام المحكمة العُليا.. بن غفير يُعلن إنها البداية فقط ومطالب بإلغائه كل ما تريد معرفته عن التعديلات القضائية التي أشعلت إسرائيل.. لماذا الاحتجاجات؟ وما علاقة الحكومة بالقضاء؟ ومن المستفيد؟

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: التعدیلات القضائیة ة التی

إقرأ أيضاً:

القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”

منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.

 

 

راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.

 

عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.

 

 

هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.

 

 

• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.

 

 

كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.

حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.

 

 

 

فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.

 

 

 

اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.

القوة التي هزمت حميدتيضياء الدين بلال

مقالات مشابهة

  • حركة “النهضة” في تونس: الأحكام القضائية محاكمة سياسية تتناقض مع الحاجة للحوار الوطني
  • “مجموعة لاهاي” تحرص على معاقبة إسرائيل وحكامها على المجازر التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني
  • بالفيديو .. الجيش السوداني يحرر مطابع “سك العملة” ويخوض معارك ضارية ويستولي على عتاد عسكري وصور بشعة لقتلى الدعم السريع وبشرى للمواطنين وقرب إلتقاء قوات المدرعات
  • رئيس حزب شعب مصر: المشروع الأمريكي الإسرائيلي بشأن غزة تهديد للأمن القومي العربي
  • خطان لايلتقيان السرقات والإصلاح.. الحكومة تطلق “مبادرة” الإصلاح المصرفي .. والسرقات مستمرة
  • القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
  • فون دير لاين توجه تحذيرات “صارمة” لترامب بشأن الرسوم
  • رئيس وزراء قطر من بعبدا: للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • «معاريف»: نتنياهو التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي في واشنطن