صفصاف عبد الرحمن العبيدي هذه  مجموعة أولى من القصائد التي ترجمتها عن الفرنسية من ديوان مزمار السماء للكاتب والباحث الاجتماعي التونسي اليهودي البير ممي المولود بتونس سنة 1920 و المتوفى بباريس سنة 2020 عن عمر ناهز المائة عام وعرف ممي اكثر ما عرف بعمله الروائي تمثال الملح الذي وطئه البير كامو الاديب الفرنسي ذائع الصيت ووضعه في مرتبة متميزة في لائحة كتاب اللغة الفرنسية وهو على الأرجح كتابه الأكثر شهرة وكذلك عمله التحليلي صورة المستعمر الذي وجه فيه سهام نقده الى النظام الاستعماري والهيمنة الامبريالية التي تحكمت بمصائر البلدان المحتلة لعقود والذي قدم له الفيلسوف البارز جون بول سارتر وجلب له الاهتمام والشهرة سيما لدى المهتمين بقضايا التحرر الوطني والمقاومة والدراسات الكولونيالية ممي الذي غادر سنة 1956 تونس الاستقلال وقد عاش في كنفها تحت نير الاستعمار واهوال الحرب العالمية الثانية ليستقر بباريس لم تغادره تونس مطلقا بل ظلت مزمنة فيه كعلة وظلت حاضرة بقوة في جوانيته: ذكريات المدينة  والضواحي وحارة اليهود  أي الحي وأوضاع الهشاشة والفقر والتعايش الإنساني بين العرب واليهود والمسلمين والمسيحيين وكل المكونات الديمغرافية والعرقية والزرقة في  السماء وفي الوان الأبواب والبياض في جدران الكلس واطباق السمك  والكسكسي وجاءت طرائق تعبيره سيما الشعرية منها افصاحا عن هذه المكنونات وانعكاسا لهذا الحنين الجارف القديم المتجدد وظل هو ذاك اليهودي العربي المتأصل – وان صار ذاك التعايش القديم بين أبناء العمومة لا محل له في اللغة المحكية بسبب غياب الموجب :هجرة ساكنة الحارات الى مهاجر أوروبا او الى ما قيل لهم انها الأرض الموعودة – وان قرض المهجر الفرنسي قطعة كبيرة من عمره أمضاها بعيدا عن ذاك المعين الأول مهد الطفولة وسجل البلاد المفتوح وسجل العائلة الشخصي الذي لا  يفتح  الا كلما نضبت او كادت موارد الالهام  بغياب ممي غاب قلم اخر من أقلام الادب المغاربي المكتوب بغنيمة الحرب حسب تعبير الاديب الجزائري كاتب ياسين: اللغة الفرنسية وقد ترك وراءه ارثا متنوعا بين الرواية والبحث الاجتماعي والسيرة وقصائد تغوص- وهل ثمة جنس ادبي اخر أقدر منها – في عمق الرجل العميق خطوة الى الامام خطوة الى الامام خطوتان الى الوراء خطوتان الى الامام خطوة الى الوراء هذه فلسفتي اذن انت في نهاية الامر لا تتقدم لا ولكني ارقص القهوة عندما يطرق الشيطان بابي افتح له وادعوه على قهوة انت تقرض قلبي انت تقرض قلبي تأكل كبدي قالت لي امي الحنون التحق برفاقك سأطبخ لك غدا كسكسيا بالسمك يا قلب ماذا تريد يا قلبي ماذا تريد كل شيء يا قلبي ماذا تستطيع لا شيء ماذا لو قلبنا يا قلب الأسئلة يا قلبي ماذا تستطيع كل شيء يا قلبي ماذا تريد لا شيء اه لنقلب الأشياء سريعا او أنى سأضجر الكتاب عمي مخلوف ما هو الشيء الأكثر نفاسة على هذه الأرض الكتاب يا بني عمي مخلوف انا اعرف اجابتك اردت فقط ان اعيد سماعها ولكن قل لي ماذا لو طرحنا نفس السؤال على جزار هل كان سيجيب انه اللحم يمكن ذلك يا بني ماعدا إذا كان هذا الجزار يعرف القراءة فانه سيجيب حينها هو أيضا انه الكتاب شعاع شمس حين يتأخر كثيرا شعاع شمس في الذهاب يكون القيظ حين يرتعش مقدار ماء في دلو يكون البحر بأكمله باب ازرق نيلي في انعطاف شارع يصنع كل السماء العميقة قلادة من فلفل على حائط يتقشر يدمي المشهد قلبي في يوم من الأيام في يوم من الأيام قالت فقاعة ماء سجينة تجاويف لؤلؤة حرريني ايتها اللؤلؤة دوني ستصيرين دون كدر وحسرة دوني ستصيرين كاملة البهاء لا قالت اللؤلؤة هذا الكدر هو كدر المحيط حيث ولدت هذه الحسرة هي بنت الحنين دونك هذا صحيح سأصير أجمل ولكن دونك سأصير دون ذاكرة ودون حياة يقولون ان الأرض يقولون ان الأرض سمراء انا اراها حمراء بلون الدم القاني وقد خدشتها الزيتونة يقولون ان البحر ازرق انا اراه بلون اللبن تحت فولاذ سماء منتصف النهار يقولون ان السماء رمادية انا اراها بلون الباذنجان حبلى بهمومنا قل لي يا معلمي الطيب هل يجب علي ان اشتري نظارات البارحة كتب الي مرة أخرى البارحة كتب الي مرة أخرى سأرتب لك يوم احتفال يوما كاملا يا صديقي وسترتدي بذلاتي الجميلة وتضع حلقاتي الذهبية وقلادتي وتحمل عكازي الكبير وتنتعل حذائي وستمشي على طول الشوارع توزع التحايا على الجيران والتجار مثل باي في جولة نزهة عد هل تريد ان تعود اه يا صديقي السفر حفنة من ملح لاعماء الشر قطعة من فحم ضد النظرات السوداء رشة بخور لمكافحة السحر بيضة لمواجهة اشواك العالم وعلى الرَق خطت البركات السبع ها انت محمي تستطيع ان تذهب في سلام اذن ولكن عد سريعا حتى تحيا أمك شاعر من تونس مقيم بباريس.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد

كثيرون يعتقدون أن التوحد إعاقة ذهنية، يجهلون انه ليس مرضا بل اضطرابا عصبيا يصيب الجهاز العصبي خلال سنوات النمو الأولي للطفل، و للبنين النصيب الأكبر من تلك الإصابات، و مازال يعجز العلم حتى الآن عن اكتشاف سبب ذلك الاضطراب العصبي الذي بنفسم إلى ثلاث مستويات :

المستوى الأول يطلق عليه متلازمة اسبرجر، وأصحاب ذلك المستوى تكون درجة ذكائهم حادة للغاية و يتقنون الحفظ بكافة أشكاله، لكنهم يفتقدون التفاعل الاجتماعي و انعدام المهارات الحياتية، بشكل اشبه بالروبوت الآلي الذي يتم تحريكه بالريموت كنترول.

المستوى الثاني: يواجه طفل التوحد ذات الدرجة المتوسطة صعوبة كبرى مع البيئة المحيطة في التواصل فيقتصر حديثه على عبارات بسيطة، كما ينخرط في سلوكيات متكررة، ويحتاج إلى رعاية ودعم نفسي و اجتماعي كبير.


المستوى الثالث: هو أشد درجات التوحد وفيه يحتاج الطفل إلى رعاية متكاملة شاملة، لما يعانيه أصحاب ذلك المستوي من صعوبة شديدة في التواصل، وعدم القدرة على التحدث بوضوح بل يصدر أصوات همهمات و زائير يشبه زائير الأسد، ونادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، كما تظهر عليه الأعراض السلوكية بصورة أكثر حدة، خاصة تجاه نفسه حيث يميل لإيذاء نفسه بعض كلتا اليدين و ضرب الرأس في جسم صلب عند التعبير عن الغضب أو الفرح لعدم تلقيه لغة تعبير أخرى.

و مؤخرا أصبح التوحد يصيب الأطفال في سن العاشرة بسبب التعمق في استخدام السوشيال ميديا و الانغلاق و الانعزال التام بعيدا عن جو الأسرة.

نصائح للتعايش مع التوحد و تعد خلاصة تجربتي و دراستي مع أصحاب اضطراب طيف التوحد.

توجد بعض الإجراءات التي يمكن للوالدين القيام بها التي تقدم الدعم والرعاية للطفل المصاب، وتتضمن هذه الإجراءات ما يلي:

التركيز على الإيجابيات: يستجيب صاحب اضطراب طيف التوحد للتعزيز الإيجابي، مثل المكافآت وتقديم الهدايا عند القيام بسلوك جيد، ويساعد مدح الطفل على زيادة شعوره بالرضا.
الحفاظ على روتين محدد: يفضل اصحاب اضطراب طيف التوحد الروتين وعدم التغيير؛ لذا يفضل الالتزام بروتين محدد ليسهل على الطفل تطبيق ما تعلمه.


اللعب: تساعد مشاركة الأنشطة واللعب مع الطفل في تحسين مهارات التواصل.
منح الطفل الوقت اللازم للاستجابة: قد يحتاج الطفل تجربة عدة طرق علاجية لاكتشاف الطريقة المناسبة له؛ لذا ينبغي على الأهل التحلي بالصبر وعدم الاستسلام إذا لم يستجب الطفل لأسلوب علاجي معين.
اصطحاب الطفل خارج المنزل: يساهم اصطحاب الطفل عند الخروج من المنزل أثناء القيام بالمهام اليومية، مثل التسوق في اندماج الطفل مع العالم الخارجي.

تمت دعوتي كضيف متحدث في عدد من الندوات حول التوحد خلال الأيام الماضية، وجدت أنه أصبح هناك اهتماما كبيرا من الدولة و المجتمع تجاه البحث و المعرفة حول التوحد و كيفية التعايش معه، و كانت من اكثر الندوات ثراءً ثلاث ندوات الأولي بمؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية لدعم و تدريب و تعليم و تأهيل و توظيف ذوي القدرات الخاصة بالتعاون مع الجمعية المصرية العلمية للعلاج التنفسي التي يرأسها أ.د محيي الدين عبد الظاهر خليفه، ثم ندوة تم تنظيمها بالمجلس الأعلى للثقافة دعاني لها آ.د عماد محجوب أستاذ و رئيس قسم علم النفس بجامعة القاهرة و أستاذ علم التفس الإكلينيكي فئات خاصة، ثم ندوة بحزب حماة وطن أمانة شرق القاهرة دعاني لها د. جمال حمدان أحد قيادات الحزب.


سعدت كثيرا بالندوات الثلاث و الحفاوة بأصحاب اضطراب طيف التوحد و مدى حرص و اهتمام الحضور بمعرفة كل تفصيله تتعلق بأولادنا من اصحاب اضطراب طيف التوحد، و لكن ما أثار إستيائي ما صدر عن أحد الأساتذة دكتور جامعي ربما كان رئيسا لجامعة عريقة ذات يوم عندما قال " ربنا خلق المعاقين ليه؟ علشان أهاليهم تتعذب بيهم؟ ! هذه كانت كلمته خلال الندوة.

لا أنكر أنني لم أندهش لان كثيرا ما أسمع ذلك من الجهلاء و عديمي الثقافة و المعرفة و مسطحي الفكر و الأميين، و لكنني صعقت عندما سمعته من قامه كبيرة و قدوة عليها واجب تجاه المجتمع و يجب عليها تثقيفه و توعيته و ليس العكس.

الذي صدر عن ذلك الأستاذ هو نتاج جهل مجتمعي تجاه أولادنا من ذوي القدرات الخاصة.

بالرغم من الطفرة العلمية و التقدم و اهتمام الدولة المصرية بذلك الملف إلا إنه مازال هناك تقصيرا كبيرا تجاه توعية المجتمع و تثقيفه بأهمية الاهتمام بأولادنا من ذوي القدرات الخاصة، الأزهر الشريف يجب أن يتدخل بسلسلة ندوات إرشاديه حول الصبر على أولادنا و حسن التعامل معهم و فضل ذلك عند رب العالمين.

و لا أنكر التقصير الصحفي و الإعلامي تجاه ذلك الملف الهام، فلا يعقل أن تنتفض الدولة المصرية من أجل حقوق هؤلاء الأبناء و في الوقت ذاته يتجاهل الإعلام و الأزهر حملات التوعية و التثقيف.

و هنا يجب أن أنوه لفضل وجود ملاك في بيتنا انه منحه من الله و ليس محنة، منحة اختارنا الله حتى ندخل بها الجنة دون عناء.

ليس كل متعلم مثقف و ليس كل جاهل أعمى، المقصود بالأعمى هو أعمى البصيرة و الفطنة و الثقافة و القناعة و الصبر على أولادنا، كم من أم غير متعلمة بل أمية تحسن إلى أولادها من ذوي القدرات الخاصة، و خير مثال أحب أن أحدثكم عنه هي " ماما زوزو " تلك المرأة الحديدية الصبورة الحنونة، التي تجاوزت السبعين عاما و كان قد رزقها الله بأبن معاقً ذهنيا صبرت عليه و كبرته و رعته خير رعاية ثم زوجته من فتاة من نفس ظروفه لترزق بثلاث أبناء معاقين ذهنيا تقوم على رعايتهم جميعا تلك البطلة " ماما زوزو " النموذج الذي استمد منه قوتي و أدعو القادرين و أصحاب القلوب الرحيمة لتقديم المساعدة لتلك المرأة الحديدية بتوفير مسكّن آدمي لها و لأحفادها و ابنها و زوجته المعاقين ذهنيا حيث أنهم يعيشون في غرفة متواضعة ذات سقف من الخوص و بقايا الكرتون و الخشب بحمام مشترك مع الجيران، و دعمها ماديا و تحقيق أمنيتها بزيارة بيت الله الحرام.

مقالات مشابهة

  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • طفل أمريكي يخضع لجراحة في القلب بسبب احتفالات الكريسماس.. ماذا حدث؟
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. «عائلة أبونصر» «حائط الصد» ضد همجية الاحتلال الإسرائيلي
  • «عائلة أبو نصر».. «حائط الصد» ضد همجية وتنكيل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين
  • «س وج».. كل ما تريد معرفته عن تقييمات أولى وثانية ابتدائي
  • مقتل شخص وإصابة أخر بمشاجرة مسلحة في العبيدي
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد
  • مصطفى الثالث.. قائد الإصلاحات الذي حمى العثمانيين من التوسع الروسي| ماذا فعل
  • بهجت العبيدي يدين الحادث الإرهابي المروع الذي وقع اليوم في ألمانيا
  • انتهاكات لا تنتهي.. ماذا نعرف عن مشفى العودة الذي يستهدفه الاحتلال؟