خطيب الجامع الأزهر: أروقة الأزهر احتضنت طلاب العلم من شتى بقاع العالم
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الشريف، الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والتي جاءت بعنوان: "رمضان شهر الطاعة والانتصارات".
وقال د. أحمد عمر هاشم، إنه من منبر الأزهر الشريف تقام شعائر صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان المعظم، وما أشبه الليلة بالبارحة حين افتتح الأزهر الشريف في رمضان في يوم الجمعة، إنها الإرادة الإلهية قال النبي ﷺ (خيرُ القرونِ قرْني، ثمَّ الَّذين يلونَهم، ثمَّ الَّذين يلونَهم، ثمَّ يأتي قومٌ يشهدونَ ولا يُستشهدونَ، وينذُرونَ ولا يوفونَ، ويظهرُ فيهم السِّمَنُ).
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء: لما كانت الهجمة الشرسة التي أذن الله فيها لهذا النجم "الأزهر" أن يبزغ في شهر رمضان، وفي يوم الجمعة محتضنًا وضامًا في أروقته أبناء المسلمين من كل أرجاء الأرض ليتفقهوا في الدين ولينهلوا من علومه، وباعثًا علماؤه في كل بقاع الأرض لينشروا علمه فيها.
وتابع فضيلته: اليوم هو الجمعة الأولي من رمضان، شهر القرآن والغفران، شهر الطاعة والإنتصار، موضحا أن الطاعات في رمضان تتمثل في صيام نهاره وقيام ليله، وتلاوة القرآن، وما حظي به من ليلة جعلها الله خير من ألف شهر"ليلة القدر"، ومن بذل وعطاء، حيث كان النبي ﷺ أجود ما يكون في رمضان، يحرص على تلاوة القرآن، ينزل إليه جبريل الأمين فيقرأ عليه القرآن ويدارسه، وكان الرسول الكريم ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة، ويقرأ جبريل ويقرأ الرسول وهكذا.
وتابع خطيب الجامع الازهر: كان ﷺ يحب تلاوة القرآن ويحب الإستماع إلى التلاوة، فقد روى البخاري، عن عبد الله قال: قال لي رسول الله ﷺ: اقرأ علي قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة "النساء" حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال: أمسك فإذا عيناه تذرفان.
واسترسل: بكاء النبي ﷺ إنما كان لعظيم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع وشدة الأمر؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتى به ﷺ يوم القيامة شهيدا. والإشارة بقوله على هؤلاء إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار؛ وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وظيفة العذاب أشد عليهم منها على غيرهم؛ لعنادهم عند رؤية المعجزات، وما أظهره الله على يديه من خوارق العادات. وعن عبداللَّه بن عَمْرو بن العاص رضي اللَّه عنهما: أَن النَّبِيَّ ﷺ تَلا قَول اللَّهِ عز ع في إِبراهِيمَ ﷺ: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾، وَقَوْلَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فَرَفَعَ يَدَيْه وَقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّه عز وجل: يَا جبريلُ، اذْهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فسَلْهُ: مَا يُبْكِيهِ؟ فَأَتَاهُ جبرِيلُ، فَأَخْبَرَهُ رسولُ اللَّه ﷺ بِمَا قَالَ، وَهُو أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبريلُ، اذهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ. بشرى عظيمة، ومكانة ومنزلة رفيعة هي حقًا تلاوة القرآن. الله يستجيب الدعاء ويحقق الرجاء.
وذكر خطيب الجامع الأزهر، أن شهر رمضان هو شهر النصر، نصر الله فيه الرسول والمسلمين في أول حرب بينهم وبين أعدائهم، نصرهم وهم قلة، نصرهم بما أجراه من خوارق العادات نصرًا لدينه ولرسوله قال تعالي: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. وفي يوم فتح مكة، دخلها الرسول ﷺ فاتحًا ظافرًا منتصرًا.
وأعلن أن الصفح العام حتى عمن آذاوه، وهذا عثمان بن طلحة الحجبي، من بني عبد الدار، كان سادن الكعبة، فلما دخل النبيﷺ مكة يوم الفتح، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله ﷺ المفتاح، فقيل: إنه مع عثمان، فطلب منه فأبى، وقال: لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله ﷺ البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى هذه الأية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، فأمر رسول الله ﷺ عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل ذلك علي، فقال له عثمان: يا علي أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق! فقال: لقد أنزل الله تعالى في شأنك، وقرأ عليه هذه الآية، فقال عثمان: أشهد أن محمدًا رسول الله، وأسلم، فجاء جبريل - عليه السلام - فقال: ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان.
وأشار إلى أن هذه الإنتصارات ليست في القديم فقط، لكن حين رفعنا شعار "الله أكبر" ووقفنا نرددها يقينًا بنصر الله، نصرنا الله نصرًا مؤزرًا علي عدونا. من مات في هذه الحرب فهو شهيد، ومن وقف من أفراد قواتنا المسلحة الباسلة في ميدان المعركة يقاتل وهو صائم، ويقال له أفطر، وهو يرد قائلًا: لا أريد إلا أن أفطر في الجنة. وها هم اليهود أعداء الإسلام يقومون بأبشع انواع الجرائم ضد إخواننا المستضعفين في القدس المحتلة، ورب العزة مطلع ونحن نرفعها من هنا من الأزهر إلي ربنا قبل إرسالها إلي العالم وقاداته، ومنظماته المعنية بحقوق الإنسان، انتصارًا لإخواننا، ونحن علي يقين تام بأن الله عن قريب سيكشف الغمة، ويرفع عنهم الكرب.
وحث عضو هيئة كبار العلماء، المسلمين علي استشفاف هذه الروحانيات، وأن يأملوا في عفو الله وكرمه، ونصره للمسلمين قديمًا يوم بدر وغيرها، وحديثًا يوم العاشر من رمضان، حيث قيل الجيش الذي لا يقهر، ومقاييس الرأي العام تقول لن يتم العبور إلا وسيقتل ستون ألف جندي، لكن شاء الله أن يكون العبور بأقل من مئتي شهيد، كرمًا من الله ونصرًا لشعب رفع شعار الله أكبر، وأجري الله علي يديه خوارق العادات حين اشتد الظمأ في الجيش الثالث الميداني، فينزل الله لهم ماء عذب. وأوصي فضيلته باغتنام شهر مضان بالتوبة والرجوع إلى الله ونرفع كما رف أسلافنا شعار " الله أكبر" وأن نكون مع الله حتي يكون الله معنا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجامع الأزهر الدكتور احمد عمر هاشم العاشر من رمضان الأزهر الشریف رسول الله ﷺ رسول الل
إقرأ أيضاً:
الأذان الجماعي في الجامع الأموي.. طقس دمشقي يزيده رمضان حضورا
الأذان الجماعي عادة دمشقية وطقس لا تخطئه الأذن في شوارع دمشق القديمة، وطريقة لطيفة يتميز بها الجامع الأموي عن سائر المساجد في العالم الإسلامي اليوم، وله عمق في الوجدان الجمعي السوري لا سيما في شهر رمضان، إذ إن إفطارهم ارتبط به لعقود طويلة ولا يزال.
يجتمع 6 مؤذنين أمام مكبر للصوت داخل غرفة صغيرة في الجامع الأموي الكبير وسط دمشق القديمة، وما إن يحين موعد الصلاة حتى تصدح حناجرهم جماعيا بالأذان، وتقوم هذه العادة على اجتماع 6 مؤذنين عادة، وقد يصل العدد إلى أكثر من ذلك في بعض الأحيان، حيث يبدأ مؤذن بجملة "الله أكبر.. الله أكبر"، ويردد المؤذنون الخمسة خلفه الجملة ذاتها معا بأصواتهم الشجية.
وهؤلاء المؤذنون الستة أعضاء من ضمن 25 مؤذنا يتناوبون ضمن مجموعات على رفع الأذان من الجامع الذي يعد من أبرز المساجد الإسلامية في العالم وشاهدا على عدة حقب دينية وتاريخية.
نشأة الأذان الجماعيينسب العديد من الباحثين والكتاب نشأة الأذان الجماعي وإطلاقه في جامع بني أمية إلى شيخ الشام في زمانه عبد الغني النابلسي المتوفى سنة 1731م، لكن نسبة إنشاء الأذان الجماعي إلى الشيخ عبد الغني النابلسي -رحمه الله تعالى- هي نسبة غير دقيقة، فالأذان الجماعي موجود قبله، وهناك من الباحثين من أعاده إلى العهد الأموي، ومنهم من جعله مرتبطا ببدايات الحقبة العثمانية.
إعلانوأما ما قام به الشيخ النابلسي هو إضفاء نظام إداري وضوابط فنية على الأذان الجماعي، فهو الذي ألزم المؤذنين بالتزام مقام موسيقي للأذان الجماعي في كل يوم مختلف عن الآخر، فلكل يوم من أيام الأسبوع مقامه الموسيقي الخاص الذي يؤذن به الأذان الجماعي.
وقد أخذ الشيخ النابلسي هذه الفكرة من قانون الأذان العثماني الذي يلزم المؤذنين أن يكون كل أذان من الأوقات الخمسة بمقام موسيقي محدد مختلف عن الآخر، وذلك ليعرف المكفوفون أوقات الأذان ونوع الصلاة التي يؤذن لها، ولا يزال هذا القانون مستمرا في الأذان إلى اليوم في عموم تركيا، بيد أن الشيخ عبد الغني النابلسي جعل المقام الموسيقي لكل يوم مختلفا عن اليوم الآخر ليمايز المستمعون بين أيام الأسبوع من خلال المقامات الموسيقية للأذان.
الخلط بين أذان الجوق والأذان الجماعييقع كثير من الإعلاميين والباحثين في خلط كبير تتبناه أقلام كتاب كثر وينتشر في كثير من المواقع الإلكترونية، وهذا الخلط هو إطلاق وصف "أذان الجوق" على "الأذان الجماعي" الذي يتم أداؤه في الجامع الأموي بدمشق، وهنا يتوجب التفريق بين المفهومين، لأن الخلط بهما له أبعاد تاريخية وأبعاد شرعية أيضا.
أما "أذان الجوق" أو ما بات يعرف بعد ذلك "بالأذان السلطاني" فقد بدأ العمل به من عهد الأمويين، كما ذكر السيوطي وابن عساكر وغيرهما، وتحديدا من عهد هشام بن عبد الملك.
و"أذان الجوق" أو "الأذان السلطاني" لا يقوم على فكرة أن يقوم المؤذن بذكر العبارة ثم تقوم جوقة بإعادتها وراءه كما يظن كثيرون، وقادهم هذا إلى توهم أن الأذان الجماعي في الجامع الأموي هو ذاته أذان الجوق.
بل إن "أذان الجوق" يقوم على فكرة أن يقوم 4 أو 5 مؤذنين بأداء أذان واحد بحيث يؤدي كل واحد منهم جزءا من الأذان، فيقول الأول مثلا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، فيقول الثاني: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ويتابع الثالث العبارة التي تليها ثم الرابع وهكذا، فيلقي كل واحد منهم جزءا من الأذان فحسب، فكل واحد من المؤذنين يقول عبارة واحدة من الأذان ليس أكثر، فلا يؤذن أي مؤذن الأذان كاملا بمفرده.
إعلانوهذا الأذان بقي مستمرا في عدد من البلدان الإسلامية إلى وقت متأخر، ومنع في بعضها في أوقات مبكرة، وكانت آخر البلاد التي منع فيها "أذان الجوق" هي مصر في عهد الملك فاروق الأول، إذ منع بفتوى من الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر المتوفى سنة 1945م رحمه الله تعالى، وهو القائل: "إن الأذان السلطاني لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
أما الأذان الجماعي فهو أن يقوم المؤذن بذكر العبارة من الأذان، وتقوم مجموعة من ورائه بإعادتها وترديدها بحيث يؤذن كل واحد منهم الأذان كاملا وليس جزءا من الأذان، وقد كان هذا الأذان موجودا من بدايات العصر العثماني في إسطنبول، ثم انتشر إلى عدد من المساجد الكبرى، فكان يؤدى في المسجد الحرام والمسجد النبوي كما كان يؤدى في الجامع الأموي في دمشق، وتوقف في عموم المساجد والبلدان، لكنه بقي مستمرا في جامع بني أمية بدمشق.
ويكمن الإشكال في إطلاق اسم "أذان الجوق" على "الأذان الجماعي" في التباس الحكم الفقهي، فلو رجعنا إلى كتب الفقه لوجدنا عموم المذاهب الفقهية تذهب إلى عدم مشروعية "أذان الجوق" الذي يؤدي فيه كل مؤذن جزءا من الأذان، بينما تقول غالب المذاهب الفقهية بجواز "الأذان الجماعي" الذي يتم تأديته في الجامع الأموي، واليوم يكرر كثيرون عدم مشروعية الأذان الذي يؤدى في الجامع الأموي لأنه "أذان الجوق" الذي ذكره الفقهاء في كتبهم، وهذا غير صحيح، فالإشكال يكمن في تنزيل الحكم على واقعة لا تشبهه وهو نتيجة غياب التصور الصحيح للواقعة وتوصيفها.
ولا يزال الأذان الجماعي يصدح من مآذن جامع بني أمية، فيثير في القلوب حنينا وشجنا رمضانيا غير مسبوق فالأذان الجماعي في الأموي سيبقى علامة فارقة على رمضان مختلف في سوريا على اختلاف مراحل تاريخها من الاضطهاد إلى الحرية.