استراتيجية الذئب: الدعم السريع في ولاية الجزيرة (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
وضع الهجوم على ولاية الجزيرة واحتلاها في ديسمبر 2023 قوات الدعم السريع تحت المجهر كما لم يحدث لها من قبل حتى في معاركها في الخرطوم وتطهيرها العرقي في الجنينة بولاية دارفور. أو ربما وضعت هي نفسها تحت المجهر لأنه بدا أنها لا تتورع دون ارتكاب الفظاظة.


وبدا، لسوء حظها، أنه حتى قرار الهجوم على الولاية لم يصدر عن قيادتها. فأسر محمد حمدان دقلو لمن اجتمع به من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية (تقدم) بأديس أبابا في يناير 2024، أنه لم يصدر أمراً بالهجوم على الجزيرة. ففي حديث لبكري الجاك، القيادي بـ”تقدم”، قال إن من قام بالهجوم فرداً هم “فزع”، مما يعرف بالميليشيا الحليفة للدعم السريع، وهي ليست منه وذات انتماءات قبلية ولكن تستمد رأس مالها الاجتماعي والسياسي منه. بل كشف لهم عن مخاوفه من مثل هذا الفزع لأنه قد يحاربه هو نفسه في يوم من الأيام. فليس هذه الارتجال في التحركات العسكرية من حسن إدارة الحرب خاصة باحتلال ولاية كانت أوت آلاف مؤلفة من النازحين من ويلات حربها في الخرطوم، فأمنوا لها ليجدوا أنفسهم مشردين في الآفاق من جديد.
وأثارت انتهاكات الدعم السريع في قرى الجزيرة ثائرة “تقدم” التي يرى خصومها جنوحها لطرف الدعم السريع فلا تذكر له انتهاكاً حتى ذكرت للقوات المسلحة مثله أو أكثر. وبلغ من ذلك أنها بنت الهجوم على الجزيرة في يومه الأول للمجهول بتحذيرها من “تمدد” الحرب للولاية بدون ذكر الطرف الذي مددها. ولكن خرج له هذه المرة، وخروق الدعم السريع لحرمات قرى الجزيرة قد اتسعت على الراقع، من تقدم من أثار نقدا صريحا ومباشرا له.
دعا القيادي بـ”تقدم” ياسر عرمان، قائد قوات الدعم السريع إلى إدانة الجرائم التي تنفذها قواته في الجزيرة والعمل على إيقافها. وحذر من تفجر الأوضاع في الولاية قائلا، “ما يحدث سيدفع الآلاف من شباب الجزيرة لحمل السلاح للدفاع عن قراهم”.
وهو تسليح سيتم، في قوله، على أسس عرقية وإثنية مما يخدم الإسلاميين، الفلول، الذين يريدونها حرباً لا تبقي ولا تذر. ورثى “عرمان” للدعم الذي يفقع عينه بإصبعه قائلاً، “كأن الدعم السريع نصب لنفسه فخا باجتياح الجزيرة أو ابتلع فخا نصبه خصومه من الفلول.” وأعاد فكرة أذاعها بعد اجتياح ولاية الجزيرة مباشرة وهي أن يجتمع الدعم السريع بقيادات المجتمع السياسي والمدني والقبائل بولاية الجزيرة “لوقف مسلسل الانتهاكات وتطوير وسائل حماية داخلية ووضع خطة صارمة لإخراج المسلحين من القرى والأحياء السكنية.”
وسمع الدعم السريع من خالد عمر يوسف، من قيادي “تقدم”، قولاً ثقيلاً. فقال عن انتهاكاتهم إنها “بشعة وتحط من آدمية الناس وتقلل منهم ويجب أن تنتهي”. وطلب من الدعم أن يلتزم بقوة بتعهداته الخاصة “بملاحقة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات في الجزيرة” وهي تعهدات صدرت عن حميدتي في أعقاب احتلال مدينة مدني وبوادر خروق قواته فيها. وانتهى خالد بمثل ما انتهى إليه عرمان من أن أهل الجزيرة قوم عزل ولا ينبغي أن تكون حرب الدعم السريع ضدهم على استعدادهم الكبير “للتعايش مع أي وضع متى توفر لهم الأمان وسبل كسب العيش”. ولا أعتقد أن لمجيء كل من عرمان وخالد من ولاية الجزيرة دخل في هذا التعنيف الشديد الطارئ عليهما للدعم السريع. لكن بدا أن الضيق بتمادي الدعم السريع فيما هو فيه قد بلغ الحناجر.
وبدا أيضاً أن العالم ضاق ذرعاً أيضاً بمسلسل جرائم الدعم السريع في الجزيرة. فاتفقت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة لليندا توماس-قرينفيلد، التي التقت اللاجئين من دارفور في تشاد خلال الخريف الماضي، أن تعقد مؤتمراً صحافياً في 6 مارس لعرض تقرير خبراء الأمم المتحدة عن السودان. قرأت فيه فقرات مضرجة من التقرير. جاء في أحدها أن الدعم السريع ومليشياته المتحالفة نهبوا المدراس والمستشفيات والأسواق ومباني الحكومة ومواد الإغاثة الإنسانية التي تحطمت بفعل قصف القوتين المتحاربتين، الجيش والدعم السريع. وقرأت فقرة أخرى على الحضور عن وضع الدعم السريع لقناصة على الطرق الرئيسة مستهدفاً المدنيين بمن فيهن نساء ونساء حوامل والشباب. وفقرة ثالثة قالت إن الدعم اغتصب بنات بعضهن في سن الـ14 في مخازن منظمة الأغذية الدولية التي سيطر الدعم السريع عليها. وعرضت السفيرة صوراً لفظاعات الدعم في مقاتله للمساليت. وأملت السفيرة أن يهز هذا التقرير الدامي العالم من سباته ليفيق للرعب الذي يطرد أمام ناظريه. ولوقفة كهذه لسفيرة لدولة عظمي مثل الولايات المتحدة نذر.
وفرت لنا رسالة أخيرة أملاها أحدهم على النت نافذة نادرة لسياسة “التعايش” مع الدعم السريع التي سأل كل من عرمان وخالد من أهل قرى الجزيرة اتباعها. وقيمة الرسالة في أنها تدرج مدرج عرمان وخالد لقول صاحبها إنه استسلم لحقيقة احتلال الدعم السريع للجزيرة. وهو استسلام لا تسليماً لأن الرجل سيء الظن بالدعم السريع جداً. ولكنه رأى الواقعية في هذا الاستسلام طالما أن الحكومة عجزت عن حمايته. ونفذ صاحب الرسالة، الذي ذيلها باسمه واسم قريته وقد حجبناهما للأمان، إلى دقائق معايشة قريته مع الدعم السريع بما وفر لنا نافذة استثنائية للنظر في تراكيبه، وظروف الخدمة فيه، ومهنيته مما لا تجده في كتابات أسرفت في فضحه وإدانته كما سنرى. قال الراسل إن نهب قريته تم على أيدي راكبي دراجات بخارية (مواتر):
تقوم بالنهب المواتر بينما التاتشرات (واشتهر بها الدعم السريع) تكون راكزة في الشارع ولا تدخل القرية. وركاب المواتر النهابة سكارى. فإن دخلت البيت بعد نهبهم وتركهم له أزكمت أنفك رائحة العرقي كأنه صنع في الغرفة نفسها. والبنقو في جيوبهم. هم ليسوا آدميين. فالواحد منهم يضع البندقية على عنقك ويقول هات السيارة. وهو جاد. وتتدخل نساء الأسرة لحمل زولهن لإعطائه المفتاح لسلامته.
ونواصل
لوحة خلدت عصب المرتزقة في حروب الأمراء والملوك في القرن السابع عشر قبل تكون الدولة الحديثة في أوربا من كان معاشهم في استباحة القرى والمدن. وعرفت هذه الاستباحة ب”استراتيجية الذئب”.
أرجو من محسن للفرنسية أن يعيننا في تعريب ما تحت اللوحة فقد اخترت التي بين ايديكم عفوا . ومن بين هذه اللوحات واحدة تصور قيام الأهالي بالدفاع عن أنفسهم بوجه ذئاب المرتزقة.

استراتيجية الذئب: الدعم السريع في ولاية الجزيرة (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
وضع الهجوم على ولاية الجزيرة واحتلالها في ديسمبر 2023 قوات الدعم السريع تحت المجهر كما لم يحدث لها من قبل حتى في معاركها في الخرطوم وتطهيرها العرقي في الجنينة بولاية دارفور. أو ربما وضعت هي نفسها تحت المجهر لأنه بدا أنها لا تتورع دون ارتكاب الفظاظة. واحتج من منظمة تقدم كل من ياسر عرمان وخالد يوسف على الانتهاكات التي ارتكبها الدعم في الجزيرة بقوة. فاستنكرا خروقه بحق مواطنين عزل في قراهم وطلب منه بقوة أن يتواضع على سياسة يتعايش معهم طالما صاروا في يده.
وفرت لنا رسالة أخيرة أملاها أحدهم على النت نافذة نادرة لسياسة “التعايش” مع الدعم السريع التي سأل كل من عرمان وخالد من أهل قرى الجزيرة اتباعها. وقيمة الرسالة في أنها تدرج مدرج عرمان وخالد لقول صاحبها إنه استسلم لحقيقة احتلال الدعم السريع للجزيرة. وهو استسلام لا تسليماً لأن الرجل سيء الظن بالدعم السريع جداً. ولكنه رأى الواقعية في هذا الاستسلام طالما أن الحكومة عجزت عن حمايته. ونفذ صاحب الرسالة، الذي ذيلها باسمه واسم قريته وقد حجبناهما للأمان، إلى دقائق معايشة قريته مع الدعم السريع بما وفر لنا نافذة استثنائية للنظر في تراكيبه، وظروف الخدمة فيه، ومهنيته مما لا تجده في كتابات أسرفت في فضحه وإدانته كما سنرى. قال الراسل إن نهب قريته تم على أيدي راكبي دراجات بخارية (مواتر):
تقوم بالنهب المواتر بينما التاتشرات (واشتهر بها الدعم السريع) تكون راكزة في الشارع ولا تدخل القرية. وركاب المواتر النهابة سكارى. فإن دخلت البيت بعد نهبهم وتركهم له أزكمت أنفك رائحة العرقي كأنه صنع في الغرفة نفسها. والبنقو في جيوبهم. هم ليسوا آدميين. فالواحد منهم يضع البندقية على عنقك ويقول هات السيارة. وهو جاد. وتتدخل نساء الأسرة لحمل زولهن لإعطائه المفتاح لسلامته. كنا نُستنفر لحماية أنفسنا بعد أن يذيع ميكرفون المسجد أن الدعم السريع دخل على بيت فلان. فنخرج جميعاً. لو كان عددنا كبيراً تراجعوا يضربون الرصاص في الهواء قبل الانسحاب. استمر ذلك لفترة طويلة. فإن فشلت هجمتهم عادوا بغير غنيمة. دخلوا مرة بغفلة وأخذوا 4 سيارات. في ظهر يوم سرقة آخر سيارة جاء ارتكاز للدعم السريع للقرية وقالوا إنهم شرطة عسكرية من الدعم قادمة من الخرطوم لا من الحصاحيصا (المدينة مركز إدارة القرية). قالوا جئنا من الخرطوم لقريتكم خصيصاً. فعرضنا عليهم الحاصل علينا من المواتر. كان بيننا متهورون ينادون بالاستنفار والسلاح. هدأناهم. وتكونت لجنة من عقلاء ليجلسوا إليهم. فقلنا لهم أنتم الآن الحكومة على أرض الواقع، ونحن تحت حمايتكم، وتحت إمرتكم: فما المطلوب مننا كمواطنين. فقبلوا الجلوس للتفاوض. جاء منهم اثنان للقرية. وجرت مفاوضات معهم قرابة ساعتين. وتم الاتفاق على أنهم سيقومون بحماية القرية ومنع أي موتر من دخولها شريطة ألا يظهر الناس عداوة لهم.
وفعلا، ومن تلك اللحظة لم يدخل موتر القرية غير أنها تأتي مسرعة من خلفنا إلى قرى باسمها. شهدنا أربعة أو خمسة مواتر دخل راكبوها علينا ناهبين أشياء من خارج قريتنا. وأرادوا أخذ سيارة منا لترحيل ما بيدهم. فبلغنا عنهم الارتكاز الذي حرك سيارة تاتشر عليها دوشكا وجماعة نحو 10 إلى 12 من الجنجويد (الدعم السريع). ووجدوا المعتدين سكارى فقبضوهم. جمعوا منهم سلاحهم ونحن شهود. سألوهم من أي قسم من الدعم هم؟ فعجزوا عن الإجابة. وسألوهم تبع أي قائد أنتم؟ لا إجابة. فرفعوهم على التاتشر.وقالوا لشباب الحي أتريدون مشاهدة إعدامهم. بعض الشباب مشى معهم. دل دل دل دل. قتلوهم الأربعة. ورفعوهم في التاتشر لينقلوا للحصاحيصا. وقالوا نحن سنلزم قريتكم لا نغادرها. لن نذهب لأي مكان آخر. نحميكم. ولم يستجيبوا بالفعل لنداءات من أهل القرى حولنا الذين جاؤوهم يطلبون الحماية. قالوا لهم نحن مخصصين لقريتنا لا غير. أذهبوا للحصاحيصا لتكلم الخرطوم لترتب لكم ارتكازاً. وصار الارتكاز بالفعل حماية للقرية. فلم تنهب منها سيارة منذ حضورهم. حتى الدفار (عربة نقل) الذي غادرت أنا به القرية حموه من النهب. فكانت جاءت مواتر بظهر الحلة. وقف ركابها عند الدفار وأرادوا تدويره. وصعب عليهم. فجرى الشباب لتبليغ الارتكاز. فجاؤوا ببكس عليه دوشكا. ولما سمع اللصوص صوت الارتكاز جروا. فطاردوهم داخل القرية. ونجح اللصوص في الفرار من وجه الارتكاز في أزقة القرية. وكنا خارجين من صلاة العصر حين قال لنا الارتكاز إنهم سيبقون في القرية للحماية لأنه ربما عاد الحرامية. وحصل أنه أقاموا بيننا حيث وعدوا. لغاية ما صلينا العشاء. فرجع البوكس لموضعه في نحو الساعة التاسعة.
افتكر في جدوى من التعايش مع الدعم السريع كأمر واقع. وحدث نفس الشيء في قرية قريبة تعاقد شيخها الديني مع الدعم السريع فوفروا له الحماية. سياسة القبول بالأمر الواقع هي الراجحة. فلا جيش ولا برهان (قائد الجيش) هنا لحمايتنا. ناس قرية حاولوا المقاومة بكلاشاتهم ولكن الجيش لم يوفر لهم سوى 120 طلقة.
وهجم الجنجويد في اليوم التالي وقضوا على الأخضر واليابس انتقاماً لمن قتله أهل القرية منهم. نحن الآن الحمد لله مع أن بعض الناس نزحت مع ذلك من القرية تطلب الأمان. فتتحرك كل يوم حافلتان بالمغادرين واحدة لعطبرة والثانية للقضارف. وأكثر المغادرين من النساء ممن قلن إن ضرب الدوشكات حماهن النوم وتعذر عليهن عمل الأكل. وبقي الرجال في القرية. سألناهم لماذا يضربون الدوشكات ليلاً. قالوا تلك رسائل تتم بيننا وبين الارتكازات الأخرى على حسب نوع الأسلحة العندنا نرسلها بالليل. دل دل دل كذا. فالناس ما تخاف. دي رسائل بيننا وبين الارتكازات الأخرى في الحصاحيصا.
هذه تجربتنا للتعميم. ونحن جمعنا للارتكاز قروش. فكان جاء نفر منهم للمفاوضين في القرية وقالوا إنهم لا يتلقون رواتب من الدعم، ولا عندهم مصدر عيش، وطلبوا المساعدة منا. فنقلوا ذلك لناس القرية الذين قالوا لا مانع نجمع القروش. فجمعنا لهم مليار ونصف جنيه ليأكلوا منها ويشربوا بها. وكانت الأفران توقفت عن عمل الخبز لانقطاع الدقيق عنها. فجاء الارتكاز بـ56 شوال دقيق لأحد الأفران. وقالوا واصلوا بها العمل ومتى انقطع الدقيق سنأتيكم بالمزيد منه. وسألوا الفران عن سعر شوال الدقيق. فقال لهم إنه بـ30 ألف جنيه. فقالوا سنبيعه لكم بـ25 ألفا. وزادوا بأن قالوا إنهم سيأخذون نصف المبلغ حاضرا وسيمهلون صاحب الفرن لسداد المبلغ بعد خبز الدقيق وبيعه واستحصال ماله. طبعاً، لا بد أنهم سرقوا الدقيق من أي مخزن من نواحي الجزيرة لا نعرف عنه شيئاً. المهم الخبز توفر والحال مشى. الناس الآن أمام سياسة الأمر الواقع. هذا هو واقعنا. ليس لك جيش يحميك وما عند سلطة تدافع عنك. هذا الواقع.
يرسم هذا النص عن واقع القرية حالة مثالية لزوال الدولة. وهي حالة انفرط فيها الأمن وعزت الحماية التي صارت “قطاعاً خاصاً”، بمعنى ما، لا اختصاصاً للدولة. وهو الاختصاص الذي تتوسل إليه بطلبها احتكار أدوات العنف. وبلغ هذا الاحتكار في دولة مثل فرنسا في أطوار تكون دولتها الحديثة منع مبارزة الفرسان بالسيوف. وتبيع الدولة هذه الحماية للناس بما يجعلهم زبائن لها. فيدفع الزبون ضريبة أو جزية جراء ذلك. ولكن متى تلاشت الدولة صارت هذه الحماية سلعة تعرضها العصابات المسلحة بالثمن وبالقطاعي: فتبتز وتطلب الفدية. وتقتل بلا وازع من تعدى على زبائنه كما فعل الارتكاز مع من اقتحموا القرية بمواترهم.
وغير خاف من صراع “التاتشر” والمواتر” أن الدعم متعدد الوجوه، أو أن صفته متاحة لمن ينتحلها. فلم يعرف راكبو المواتر الذين اعتقلهم الارتكاز، بعد السؤال، وحداتهم في الدعم السريع مما ربما صح به قول بعضهم أن زيه مما يباع للراغب بثمن فادح. وواضح أن حماية الدعم السريع غير سابغة متى توافرت. وتأتي بثمن وجهاً لوجه وعداً نقداً في مثل المساومات الني انعقدت بين الارتكاز والقرية. فلا يعرف أحد لماذا اختار الارتكاز هذه القرية دون سواها، وبالاسم، وجاءها خصيصاً من الخرطوم، والتزم بها لا يغيث من استنجد به من قرية جارة. وانتفع الارتكاز من زبائن حمايته بوجهين: تكفلوا بمعاشه ما أقام بينهم بالنظر إلى زعمه، أو حقيقة، أنه لا يتلق أجراً من الدعم السريع. وهذا قريب من “استراتيجية الذئب” في جيوش المرتزقة في أوروبا ما قبل الدولة الحديثة الذين تكسبوا من نهبهم للقرى والمدن وتركها خرائب من بعدهم. كما باعهم، من الوجه الآخر مواد تموينية منهوبة لم “يطقه فيها حجر الدغش” في قولنا (أي لم يكدح من أجلها) بثمن مخفض وبالأقساط.
فقد الناس للدولة فقد جلل.

عبد الله علي إبراهيم
عبد الله علي ابراهيم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع فی مع الدعم السریع ولایة الجزیرة قرى الجزیرة تحت المجهر فی الجزیرة الهجوم على الله علی أن الدعم من الدعم

إقرأ أيضاً:

ولاية سنار.. مشاهد سوداوية من معاناة السودانيين

كشفت مراصد حقوقية عن تفاقم الأوضاع الإنسانية في مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، عقب الاستيلاء عليها بواسطة قوات الدعم السريع، في وقت أكد فيه ناشطون انقطاع الكهرباء وشبكة الاتصالات في أنحاء واسعة بالولاية، مما فاقم معاناة السكان.

وأعلنت قوات الدعم السريع، الاثنين، سيطرتها على اللواء 67 مشاة في مدينة الدندر، وذلك بعد يومين من إعلان استيلائها على الفرقة 17 في مدينة سنجة، السبت.

قوات الدعم السريع تحرر اللواء (67) مشاة "سنجة" من مليشيا البرهان

The RSF successfully liberates the 67th Brigade Senga Infantry from the clutches of the SAF militia#معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/9VsYMgHaQ7

— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) July 1, 2024

وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو، تظهر عمليات نزوح واسعة من المدينة التي تقع جنوب شرق السودان، باتجاه ولاية القضارف في شرق السودان.

وذكر تجمُّع شباب سنار في صفحته بمنصة (إكس)، أن معظم مستشفات الولاية خرجت عن الخدمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وانعدام الوقود.

وأشار التجمُّع إلى أن عمليات النزوح مستمرة من سنجة وعدد من المدن والمناطق الأخرى، مثل ود العيس والدالي، مؤكدا استقرار الأوضاع في سنار، مع استمرار عمليات النزوح منها لليوم الثالث.

ونشر تجمُّع شباب سنار معلومات عن فقدان مجموعة من الأطفال وكبار السن بعد دخول قوات الدعم السريع إلى مدينة سنجة، مؤكدا أن الولاية تعيش حالة من انعدام الوقود.

دا الوضع الآن في سنار

تكدس السيارات في جميع الطرق المؤدية إلى كبري خزان سنار مع استمرار اغلاقه بواسطة الجيش.#سنار #سنجة#حوجة_سنار pic.twitter.com/JFqK1WivfB

— تجمع شباب سنار (@SHBABSENNAR) June 30, 2024

وذكرت صحف ومواقع إخبارية محلية، أن مبادرة "مفقود"، وهي مبادرة تنشط لرصد المفقودين والمخفيين قسريا، وثقت فقدان 17 طفلا أثناء دخول قوات الدعم السريع إلى سنجة، وأثناء فرار ذويهم خارج المدينة.

ومنذ أكثر من أسبوع تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء على مدينة سنار، لكن الجيش والتشكيلات التي تقاتل معه، تصدت لتلك المحاولات.

والاثنين الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة جبل موية الاستراتيجية، التي تربط بين ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض.

وبعد يومين من دخولها جبل موية، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، مما وضع آلاف المدنيين أمام خطر الموت أو النزوح.

 

ولاية سنار - سنجة
نزوح المواطنين إلى المجهول

٣٠ - يونيو - ٢٠٢٤م pic.twitter.com/e7OddO4wxG

— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) June 30, 2024

وأوضح الناشط المجتمعي في ولاية سنار، مازن علي، أن معظم أحياء سنجة وبعض مناطق الولاية تعرضت إلى علميات نهب وسرقة، بعد دخول قوات الدعم السريع.

وقال علي لموقع الحرة، إن "غالبية المؤسسات الحكومية تعرضت للاقتحام والسرقة والنهب بواسطة متفلتين ومعتادي إجرام وبعض الخلايا النائمة".

وأشار إلى أن "أكثرية مناطق ولاية سنار تواجه معاناة سوداوية وتعيش حالة من القلق، على اعتبار أن ما جرى في سنجة من الممكن أن يتكرر في مدن ومناطق أخرى، ولذلك شرع كثير من السكان في عمليات نزوح استباقية".

لينا الله بس .. حسبنا الله ونعم الوكيل
عجزة، نساء ،اطفال وذوي احتياجات خاصة كلهم في العراء #نزوح_سنجة ????#RSF_Crimes_inSudan #RSF_Terrorist_Organization pic.twitter.com/xA3b30A3AZ

— Δ????έ???????????? (@AbedaMoham6183) June 30, 2024

وأظهر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، التابع للأمم المتحدة، الخميس، أن هناك خطرا حقيقيا من حدوث مجاعة في 14 منطقة بالسودان، إذا تصاعدت الحرب.

وذكر التقرير أن تلك المناطق تشمل أجزاءً من العاصمة الخرطوم ودارفور وكردفان وولاية الجزيرة، وهي المناطق التي شهدت أعنف القتال.

ووفقا للتقرير فإن عدد الأشخاص الذين يعانون من أزمة الجوع ارتفع بنسبة 45 بالمئة، ليصل إلى 25.6 مليون يمثلون أكثر من نصف السكان.

ويواجه نحو 8.5 مليون، أي ما يقرب من خُمس السكان، نقصا في الغذاء يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية الحاد والوفاة، أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة.

???? مشاهد من الارض

نزوح أهالي سنجة..
لا حول ولا قوه الا بالله.. pic.twitter.com/4GjcEoxRZ9

— درويش ®️ (@Derwish249) June 30, 2024

وبدوره، أكد المنسق الرئيس لنداء الوسط، معمر موسى، نزوح أكثر من 10 آلاف شخص من مدينة سنجة إلى مناطق بشرق السودان، خاصة مدينة القضارف.

وقال موسى لموقع الحرة، إن "عمليات النزوح تتم وسط مخاطر عالية يتعرض لها النازحون، خاصة عمليات السلب والنهب التي يقوم بها عناصر من قوات الدعم السريع".

وأشار إلى أن النازحين من سنجة إلى مدينة القضارف يواجهون مصيرا مجهولا، إذ أن هناك نقصا في مراكز الإيواء بالقضارف، مما يجعل الوافدين إليها أمام خطر البقاء في الشارع بلا مأوى.

ولفت منسق نداء الوسط إلى أن قوات الدعم السريع درجت على تحويل المستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها إلى ما يشبه الثكنات العسكرية.

وتوقع أن يتكرر ذات السيناريو في مستشفيات سنجة وغيرها من المرافق الصحية في ولاية سنار، بما في ذلك احتجاز الطاقم الطبي قسرا لعلاج مصابي الدعم السريع.

نزوح الآلاف من مدينة سنجة بعد اقتحام مليشيات الدعم السريع للمدينة واستباحتها والتنكيل بالمواطنين.
يارب لطفك بأهلنا يارب عجل بعقاب كل خائن متخاذل فاسد ،حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن بغى علينا وآذانا.
???? الحرب تتمدد كل يوم في مدينة وتزيد من معاناة اهلنا #أنقذوا_السودان pic.twitter.com/m8oTvpMTZG

— Hazim Hussain (@hazimhussain3) July 1, 2024

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.

وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا"، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

كذلك، سجل السودان قرابة 10 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • طيران الجيش يقصف مواقع لتجمعات الدعم السريع بكبري ” دوبا ” شرق ولاية سنار
  • المبعوث الأميركي للسودان: أشعر بالقلق جراء هجمات الدعم السريع التي أدت لنزوح جماعي للمدنيين من ولاية سنار
  • قتلى وجرحى بسبب هجوم «الدعم السريع » على قرى الكنابي بالجزيرة
  • اشتعال الموجهات من جديد والجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جسر بالعاصمة.. ومجزرة في ولاية سنار
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جسر بالعاصمة.. ومجزرة في ولاية سنار
  • البندقية التي تقتل السودانيين.. ماذا تريد من الأرض؟
  • قيام كيان بـ«الجزيرة» لإيقاف القتل والتهجير وانتزاع الحقوق
  • ولاية سنار.. مشاهد سوداوية من معاناة السودانيين
  • ولاية سنار.. معركة حاسمة في حرب السودان
  • «الدعم السريع» تهاجم قرية «بجيجة» بالحصاحيصا