خطوات عمل بسطيلة بالحليب على الطريقة المغربية العريقة
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
قدمت الشيف صوفيا البورقولي طريقة عمل بسطيلة بالحليب أو جوهرة، خلال برنامج مطبخ ست الستات.
مقادير طريقة عمل بسطيلة بالحليب:
كوب حليب
نشا
سكر
ماء زهر
سبرينغ رول
لوز محمر
فراولة للتزيين
للمزيد شاهدي فيديو الوصفة
.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
مستقبل البربرية في البلاد المغربية بين التوحد والتعدد والتجمد والتبدد
اللغة البربرية، المعروفة أيضًا بالأمازيغية، هي إحدى اللغات الأقدم في منطقة شمال إفريقيا. يتحدث بها الأمازيغ، وهم السكان الأصليون للمنطقة التي تشمل المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، وبعض المناطق في مالي والنيجر. الأمازيغية ليست لغة واحدة بل مجموعة من اللهجات المختلفة، مثل تاشلحيت، والقبائلية، وتاريفيت، وغيرها. ومع ذلك، تجمعها قواعد لغوية مشتركة تجعلها لغة موحدة في إطار معياري.
وقد اعتمدت اللغة الأمازيغية لغة رسمية بجانب العربية في الدستور المغربي منذ 2011، وتأسست مؤسسات مثل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لتعزيز اللغة والثقافة الأمازيغية. وتُدرّس الأمازيغية في المدارس بشكل تدريجي، مع استخدام أبجدية "تيفيناغ" التقليدية.
وفي الجزائر أصبحت الأمازيغية لغة وطنية منذ 2002، ورسمية في الدستور منذ 2016. وتُدرّس الأمازيغية في بعض المدارس في مناطق مختلفة، خاصة في منطقة القبائل. وهناك جهود لإنشاء برامج إذاعية وتلفزيونية بالأمازيغية.
أما في تونس فلا تتمتع الأمازيغية بوضع رسمي، لكن هناك جهود ومطالب لإعادة إحياء اللغة والثقافة الأمازيغية، خاصة في الجنوب التونسي حيث يوجد أمازيغ يتحدثون اللهجة "الشاوية".
وفي ليبيا بعد الثورة ظهرت مطالب لتعزيز اللغة الأمازيغية، خصوصًا في منطقة جبل نفوسة. لكن جهود الاعتراف بها تواجه تحديات سياسية واجتماعية.
ومع أن دعاة اعتماد اللغة الأمازيغية في دول المغرب العربي يقولون إنها ليست دعوة لاستبدالها بالعربية في العموم، بل هي مطالب بإعطاء الأمازيغية مكانتها كلغة وطنية ورسمية إلى جانب العربية، فإن أنصار العربية يشككون في ذلك، ويعتبرون أن تغليف هذه الدعوة باحترام الخصوصيات الثقافية تخفي في طياتها أهدافا أكبر ليس فقط لمحاربة العربية وإنما أيضا في محاربة الإسلام، الذي جاء باللغة العربية ووحد بها المسلمين.
الكاتب والمفكر الجزائري الدكتور أحمد بن نعمان هو واحد من أبرز الأصوات المدافعة عن اللغة العربية في الجزائر ودول المغرب العربي، وقد اشتهر بمواقفه الصارمة تجاه تعزيز مكانة اللغة العربية، ليس فقط باعتبارها لغة رسمية ووطنية، ولكن أيضًا كجزء من الهوية الثقافية والحضارية للأمة الجزائرية.
يعتبر بن نعمان أن اللغة الفرنسية هي أحد أدوات الاستعمار الثقافي التي استمرت بعد الاستقلال. ويدعو إلى تعريب الإدارة والتعليم، معتبرًا أن العربية هي العمود الفقري لاستقلال الجزائر الحقيقي. ويرى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي ركيزة أساسية للهوية الجزائرية والإسلامية. وقد انتقد محاولات طمس الهوية اللغوية العربية في الجزائر عبر فرض الفرنسية كلغة أولى، ثم الدعوة إلى اعتماد الأمازيغية تحت شعار حماية الخصوصيات الثقافية، ودعا إلى اعتماد اللغة العربية بشكل كامل في النظام التعليمي، بالإضافة إلى تعزيز مكانتها في الإدارة والاقتصاد.
ولم يكن أحمد بن نعمان معاديًا للثقافة الأمازيغية، ولكنه كان قلقًا من أن تُستخدم قضية الأمازيغية كأداة لتقسيم الجزائريين. ورأى أن العربية والأمازيغية يمكن أن تتعايشا، لكن مع التأكيد على مكانة العربية كلغة جامعة ورسمية.
في هذه الورقة الخاصة بـ "عربي21"، يشرح أحمد بن نعمان حقيقة الدعوات لاستخدام اللغة الأمازيغية في بلدان المغرب الكبير، والخلفيات التي تقف وراءها، والأهداف المتوخاة من ذلك..
اللغة الوطنية الضرار
إن تطوير أية لهجة إلى لغة أو القضاء على أية لغة في العالم هو ممكن من الناحية النظرية... فالعربية قضي عليها في الأندلس بعد سيادة دامت ثمانية قرون و العبرية بعثت من القبر إلى القصر في فلسطين المحتلة بإرادة اليهود (اليهود) المؤسسين للكيان العبري سنة 1948..
ولكن بالنسبة للوضع في بلاد المغرب العربي بالنسبة للهجات البربرية المختلفة المتباينة الاستعمال الشفاهي بين أقطاره عبر القرون أقول: "إن الإنسان بإمكانه إن توفرت له الإمكانيات المادية والإرادة العضلية أن يبني عمارة أو جسرا في عدة ساعات أو سنوات ولكنه يستحيل عليه أن يبني شجرة (مثمرة أو غير مثمرة ) في عدة شهور أو سنوات أو حتى عقود.. وذلك لأن بناء العمارة أو الجسر يخضع للعضلات، ولكن نمو الشجرة يخضع لعوامل خارجة عن الذات المريدة، ومن بين هذه العوامل والشروط يأتي المكان والجو والمناخ ونو ع الشجرة والتربة، والسقي، والزبر وما إلى ذلك.. وهذا كله غير ممكن في ظل سيطرة اللغة الفرنسية على ألسنة وعقول معظم هؤلاء الذين يطالبون بتطوير أية لهجة من اللهجات المحلية والجهوية في البلدان المغاربية (الخمسة الحالية) وأن توحيد استعمالها كلغة وطنية، مثل اليهود والألمان أو اليابانيين والفرس والأتراك وغيرهم كلغة بديلة للغة العربية الجامعة المتجذرة في الواقع الاجتماعي ثقافيًا ودينيًا وحضاريا منذ قرون أو حتى اللغة الفرنسية المفروضة على الشعب فرضا بحكم الاحتلال العسكري المباشر ثم الاستحلال غير المباشر من الداخل بنواب الفاعل ...(.انظر مقالنا هنا عن الاستحلال في العاشر من يوليو 2023).
أقول إذن بأن ذلك ممكن نظريًا، ولكن بشرط أن تتوفّر الإرادة الجماعية لأغلبية السكان الذين عربّهم الإسلام على امتداد القرون ( انطر مقالنا في عربي21 ليوم 18 أكتوبر 2024 )، لكي يلغوا هويتهم الثقافية والحضارية العربية الإسلامية كما حددها بيان الثورة الجزائرية حول الهُوِيَّة الوطنية، ويعودون إلى الوضع الذي كانوا عليه عشية الاحتلال الروماني... مثلما عاد الإسبان إلى صليبيتهم بعد ثمانية قرون، بواسطة محاكم التفتيش الاستئصالية الرهيبة !!؟!
وهنا نسأل عن هذه اللغة الوطنية ( الضرار ) المزمع توحيدها من أشتات اللهجات الحالية!!؟ فالمطلوب بداية، هو التوحيد قبل التطوير، فما هي هذه اللهجة البربرية التي ستوحّد وتطّور!؟، فهل هي القبائلية أم الشاوية، أم الميزابية أم التارﭬية في الجزائر أم الشلحية والريفية و السوسية في المغرب أم الجربية بتونس أم العزابية والغريانية بالجبل الغربي بليبيا أو حتى لهجة واحة سيوية بصعيد جمهورية مصر العربية.. علما أن الناطقين بهذه اللهجات كلها على تعددها واختلافها من قطر إلى اخر في هذه البلدان لا يتفاهمون فيما بينهم اليوم إلا بالعربية أو بالفرنسية (خارج مصر وليبيا...)، ومهما يكن من أمر فأقول بأن ذلك التوحيد لهذه اللهجات واللغات البربرية المحلية والجهوية ممكن،ولكن بشرط أن تتوفّر الإرادة الجماعية لأغلبية السكان الذين عرّب لسانهم الإسلام على امتداد الزمان، وجاهدوا منذ طارق بن زياد وعبد الرحمان بن رستم وادريس الأول ويوسف بن تاشفين وابن تومرت ( تحت لواء لسان القرآن...)، لكي يلغوا هويتهم الثقافية والحضارية الحالية، ويعودون إلى الوضع الذي كانوا عليه عشية الاحتلال الروماني.. مثلما عاد الإسبان إلى صليبيتهم بعد ثمانية قرون، كما قلنا..!؟
خدمة الفرنسية في المغرب العربي، هي محور وهدف كل هذه المخططات والمناورات، التي تقوم بها فرنسا بوزاراتها المتتالية التي أنشأتها لخدمة الفرانكفونية منذ ما يزيد عن النصف قرن وتسخر لها إلا مكانيات المالية الهائلة وتعقد لها المؤتمرات الفرانكوفونية الجهوية والقارية المتتالية دون انقطاع.. وليس صدفة أن تكون وزيرة الفرانكفونية في الحكومة الفرنسية السابقة هي من أصل مغاربيفهكذا نرى أن موضوع التطوير هذا، من الناحية العملية، مستحيل التحقق، مع الاحتفاظ بوحدة الشعب، ووحدة الدولة (على اعتبار الاّ وحدة وطنية بدون وحدة لغوية رسمية)، واحترام الدستور الوطني الحالي الذي يعتبر اللغة العربية في هذه البلاد هي اللغة الوطنية والرسمية الوحيدة عمليًا (باستثناء الدول الفرانكوفونية سياسيًا وإداريا وتعليميًا) وذلك للأسباب التالية:
أولا ـ إن الدعاة إلى تطوير هذه اللغات المتعددة على تفرقها واختلافها هم كلهم من المدرسة الجهوية، والشيوعية، والفرنكفونية والصهيونية المتحالفة معها لأ هداف استراتيجية..
وهم لا يتجاوبون مع أية لغة أو لهجة أخرى غير اللغة الفرنسية وحدها في الحقيقة والتي لا يتقنون غيرها (في الغالب!!؟) ولن تقبل لهم فرنسا ذاتها أن يطوروا هذه اللغة الضرار أو حتى إحدى لهجاتها (كالقبائلية مثلا) التي تتعهّدها الأكادمية البربرية في باريس، بتزويدها بالمفردات منذ أكثر من خمسين سنة، وإحلالها محل المفردات العربية التي كانت مستعملة في هذه اللهجة منذ قرون "كصباح الخير أو مساء الخير" الذي أصبح "أزول" والشعب الذي أصبح "أﭬذوذ" والشهيد "أمْغْرَاسْ"والوطني "أَغناو" والوزير "أنغلاف" والرئيس "أسلواي" والسياسة "ثاتسرثيث" والحزب "أكابار" إلى غير ذلك من مئات المفردات التي تستحدث في مخابر باريس سابقا ثم في المحافظات "السامية" في المغرب والجزائر وغيرها لاحقا لهذا الغرض بالذات مثل ما فعل شاه إيران الهالك!! وأتاتورك الماسوني قبل ذلك بعد استئصال الحروف العربية ذاتها واستبدال اللاتينية الممسوخة بها ظلما وحقدا وعدوانا على عماد الحضارة الإسلامية والخلافة العثمانية مع العلم أن فرنسا لن تقبل لهم الذهاب بعيدا في ذلك المسعى إلا بالقدر الذي ينفّر بعض أبناء الوطن من اللغة العربية (لغة الإسلام وعملة الأمة المحمدية في كل مكان)، ويكرّههم فيها، ويبعث فيهم روح الانتماء إلى هوية مغايرة لهوية الشعب المغاربي الحالي الموحد نظريا ودستوريا إلى حد الآن على الاقل!! وليس من أجل الوصول بهم دولابها إلى مستوى الاستغناء عن اللغة الفرنسية بأي حال من الأحوال !!
لأن خدمة الفرنسية في المغرب العربي، هي محور وهدف كل هذه المخططات والمناورات، التي تقوم بها فرنسا بوزاراتها المتتالية التي أنشأتها لخدمة الفرانكفونية منذ ما يزيد عن النصف قرن وتسخر لها إلا مكانيات المالية الهائلة وتعقد لها المؤتمرات الفرانكوفونية الجهوية والقارية المتتالية دون انقطاع.. وليس صدفة أن تكون وزيرة الفرانكفونية في الحكومة الفرنسية السابقة هي من أصل مغاربي!؟!
وقد زارت الجزائر لهذا الغرض عدة مرات ولم تحضر معها أي مترجم من والى العربية أو البربرية !؟
ثانيًا: إن أية لغة لكي تنتشر وتطّور... يجب أن يكون الناس محتاجين إليها بأي دافع من الدوافع، وبكيفية جماعية و ليست فردية... واللهجات البربرية الحالية، (حتى لو افترضنا أنها واحدة، وموّحدة الاستعمال داخل الوطن المغاربي الواحد) فإن الذي لا يعرفها من أغلبية أبناء الوطن لا يوجد ما يرغبه في تعلمها، و الذي يعرفها محليًا لا يحتاج إليها على الصعيد الوطني والمغاربي (فضلا عن الدَّوْليّ) على رأي ابن تيمية الذي قاله في المنطق: "إن الأغبياء لا يفهمونه والأذكياء لا يحتاجون إليه"، وذلك لكونها لغة أقلية فرنكوفونية أصلا (كما يعترف رئيس حكومتهم القبائلية في فرنسا بذلك!؟) وقال بعظمة لسانه في تصريح موثق بأن الحركة البربرية أوجدتها فرنسا من أجل محاربة اللغة العربية لحساب الفرنسية التي لم يبق لها إلا البربرية في بلاد القبايل (الزواوية الجزائرية) كقارب نجاة للفرنكوفونية في شمال القارة الإفريقية. (الفيديو موجود على اليوتوب لمن يريد التحقق من ذلك التصريح).
وليست هذه البربرية بالتالي إذن لغة التعامل الدارج والغالب في الواقع بين جميع السكان في البلاد المذكورة وهو عكس الشأن بالنسبة للعربية، حيث تمثل بحق (مثل الفرنسية في فرنسا)، عملة التواصل الوطني والإقليمي والقاري والجغرافي والتاريخي والديني والوطني بدون منازع كما هو واقع والدليل على ذلك نتائج كل الانتخابات الشعبية الحرة والنزيهة التي جرت منذ الاستفتاء على تقرير المصير والاستقلال في الجزائر سنة 1962 حتى الآن !!!؟ ونراهن على الإرادة الشعبية للأغلبية المسلمة في كل هذه البلدان المغاربية كما تجسد ذلك في موقفها الواضح مع الشعب الفلسطيني الشقيق ضد الظلم والعدوان الصهيوني الشنيع الواقع عليه وضد أنظمة الخيانة الرسمية والخذلان وذلك أضعف الإيمان.
ثالثًا ـ إذا افترضنا أن هذا التوحيد لهذه اللهجات ممكن نظريًا، لتصبح البربريات المحلية والجهوية واحدة مثل الفرنسية في فرنسا الحالية مثلا.. فهل سيتم ذلك بالاختيار الديمقراطي الحر لكافة السكان، مثلما تم الاستفتاء على تقرير المصير المذكورأم سيتم بالإجبار؟
وفي كلتا الحالتين، ستكون النتيجة سلبية بالنسبة للغة الجديدة، حيث إنها في حالة الإجبار (أي فرض اللغة الجديدة بالقوة) ستكون النتيجة لصالح الفرنسية، مثلما هو حاصل الآن ومنذ سنة 1830.. وفي حالة الاختيار الديمقراطي الحر، مثلما فعل جورج واشنطن بإجراء الاستفتاء العام للشعب الأمريكي على اللغة الوطنية والرسمية التي يختارها الأمريكان من كل الأعراق والأديان بين اللغة الأنجليزية والإسبانية والألمانية... وقد نجحت الأنجليزية على راس اللغات الثلاث لتتوج كلغة رسمية ووطنية وحيدة لدولة الولايات المتحدة الأمريكية وإلا ما وجدت هذه الدولة كما هي بهذه القوة، والوحدة والثراء على الإطلاق.
قلت لو يتم الاستفتاء المماثل على إحدى هذه اللغات القائمة والمدسترة في كل البلاد المغربية كالعربية أو البربرية المزمع توحيدها بعد دسترتها وتعميم استعمالها في التعليم والإدارة بدل العربية والفرنسية المستعملتين في بعض هذه البلاد المغاربية المذكورة (كالمغرب والجزائر خاصة..)، فلو يقع فيها الاستفتاء للتوحيد (على غرار أمريكا) فستكون النتيجة ساحقة لصالح العربية، كما عودتنا هذه الشعوب على ذلك دائما، عندما تترك حرة في الصناديق لتقرير مصيرها بنفسها ونتحدى كل أعداء وحدة الشعب والوطن في الخارج والداخل من الفاعلين الحقيقيين ومن نواب الفاعل (المقاولين الموسميين) أن يقبلوا بالاستفتاء على ثوابت الهُوِيَّة الوطنية (في الجزائر والمملكة المغربية بالذات) لأنهم يعرفون النتيجة مسبقًا ولذلك يرفضون.
وإذا اعتبرنا أن هذه اللغة الجديدة (إحدى البربريات المختارة) المرسمة نظريًا (دون تحديد ودون توحيد) في دستوري البلدين المذكورين قد تجاوزت عائق إجماع الأغلبية، مثل الفرنسية الوحيدة في فرنسا وغيرها كما قلنا (علما أن في فرنسا الآن 10 لغات محلية وجهوية) فإن أول من سيحاربها بشراسة هي فرنسا ذاتها... ومن يشك في ذلك فليبحث عن سبب رفض فرنسا القاطع لتطبيق قانون اللغة العربية في الجزائر، ورفضها لتعريب العلوم والطب والهندسة في الجامعات الوطنية... رغم أن هذه اللغة كانت وما تزال هي اللغة الوطنية والرسمية في جميع الدساتير الوطنية في الدول المغاربية، ورغم أنها زميلة للغة الفرنسية ذاتها في الأمم المتحدة وهيئاتها الرسمية، وأنها أرقى حضاريا، وأوسع انتشارًا منها في العالم دون منازع حيث أن اللغة العربية مرتبة الرابعة عالميًا بينما الفرنسية في المرتبة التاسعة.. ومع ذلك تحاربها فرنسا في هذه البلاد لمنافستها وإعاقتها على استمرار هيمنتها على القارة السمراء، ولكونها ستمكن بلاد المغرب العربي من تحقيق استقلالها الفعلي عنها، حيث أن الاستقلال الحقيقي الكامل هو التعريب الحضاري، كما أكدنا ذلك مرارا، وهو ما تحاربه فرنسا في كل العالم العربي مشرقا ومغربا، بالرغم أن العربية في الجزائر والبلاد المغربية تتوفر على صفة الإجماع وصفة الارتباط بالكتاب المقدس (القرآن الكريم ) ومع ذلك تتعثر أمام الجبروت الفرنكوفوني، فما بالكم بتوحيد وتطوّير لغة لم يستطع دعاتها أن يوجدوا لها حروفا موحدة تكتب بها ولن يتفقوا عليها أبدًا، داخل البلد الواحد بالتوافق أو الإجماع الاختياري فضلا عن البلدان المغاربية الأخرى، منفردة أو مجتمعة..
ومن ثمة، فإن الإجماع على تطوير وتوحيد استعمال البربرية المعيارية غير وارد (والتاريخ بيننا) إلا بالبلقنة والصربنة والسودنة، وهذا عمل لا يتم إلا على حساب وحدة الشعب الذي قرر مصيره على هذا الأساس الهوياتي منذ عقود بموجب ذلك التقرير للمصير بعد حرب التحرير التي حققت هذا الاستقلال على ما هو عليه من عدم الاكتمال كما هو واقع الحال.. وهذا التمزيق للوحدة الوطنية الذي سيكون بالقطع لصالح الأمة الفرنسية وحدها كما أسلفنا وكما تنبّه إلى ذلك قادة الثورة في بيانهم الواضح بالنسبة لوحدة اللغة والدين الغالب للشعب المغاربي الشمال أفريقي جغرافيا والعربي المسلم انتماء وثقافة كما ورد حرفيًا في أول بند من أهداف الثورة الجزائرية حيث يقول البيان "تحقيق وحدة شمال إفريقيا في إطارها الطبيعي العربي الإسلامي".
لو يتم الاستفتاء المماثل على إحدى هذه اللغات القائمة والمدسترة في كل البلاد المغربية كالعربية أو البربرية المزمع توحيدها بعد دسترتها وتعميم استعمالها في التعليم والإدارة بدل العربية والفرنسية المستعملتين في بعض هذه البلاد المغاربية المذكورة (كالمغرب والجزائر خاصة..)، فلو يقع فيها الاستفتاء للتوحيد (على غرار أمريكا) فستكون النتيجة ساحقة لصالح العربيةرابعا ـ إن أغلبية السكان المسلمين لا يرضون بديلا عن العربية لأسباب كثيرة (وطنية ودينية)، وهم غير متجاوبين قط مع الدعوة إلى اصطناع أي وضع لساني جديد لأهداف "استحلالية" واضحة وفاضحة كما أشرنا آنفا واثبتناه في غير هذا المكان بالحجة والبرهان..
أما بعض الأقليات الأيديولوجية من تلامذة الأكاديمية البربرية، فهم يدّعون أو يدْعون (ظاهريا) إلى تطوير وترسيم (القبائلية)، ولكنهم في قرارة أنفسهم، وفي حقيقة أمرهم، لا يفعلون ذلك إلا نكاية في اللغة العربية التي يناصبونها العداء الشديد لارتباطها العضوي بوحدة الوطن ودين الشعب ولحساب اللغة الفرنسية وحدها دون منازع، في الإدارة والمدرسة والجامعة والصحافة والثقافة والشارع.. بدليل أن أحد أقطاب هذا الاتجاه قال بأنه لو تم التنصيص على توطين وترسيم اللغة الفرنسية في الدستور الوطني بعد الاستقلال (مثل مالي والنيجر والسنغال) لما طرح موضوع ترسيم البربرية على الإطلاق وهو صادق في ذلك..
خامسًا ـ وحتى لو افترضنا أن بعض المتحمّسين لترسيم وتوحيد وتطوير إحدى لهجات هذه البربرية (أو الأمازيغية) وترقيتها كما يرغبون صادقين في نيتهم فعلا!! فإنهم إذا لم يستقلوا عن الفرنسية، لا يتطوّرون ولا يتقدّمون، وإذا حاولوا أن يستقلّوا عنها، فستحاربهم فرنسا ذاتها بالتأكيد، مثلما حاربت وتحارب استكمال مقومات السيادة والاستقلال بتطبيق الدستور الوطني مثل فرنسا في فرنسا واستبدال استعمال اللغة الوطنية (العربية) باللغة الفرنسية (المسماة أجنبية).. منذ نصف قرن (انظر كتابنا التعريب بين المبدأ والتطبيق، دار الامة الجزائر 1982)، وانظر قانون اللغة العربية، ومرسوم تجميده بعد الانقلاب على الإرادة الشعبية سنة 1992 لهذا الغرض بالذات كما تبين لاحقا وإلى الآن.. وذلك لأن أية لغة إذا كانت لا تستعمل في الحياة العملية والرسمية والأبحاث العلمية هي آيلة إلى الجمود والزوال، هذا إن كانت هذه اللغة موجودة، ولا يكتب لها الظهور فضلا عن التطور والرقي إذا كانت مفقودة، وهذا الكلام ينطبق على أية لغة في العالم، باستثناء تلك التي تكون مرتبطة بكتاب مقدّس، أو أجمع كلّ أو جلّ الشعب المتحدّث بها على ذلك، مثل العرب واليهود في الحالة الأولى، أو البلغار والفيتناميين واليابانيين والكوريين والألمان والإنجليز والفرنسيين في الحالة الثانية...
ولكن البربرية أو الأمازيغية (كما هي عليه الآن) لا تتوفّر على أية صفة من الصفتين المذكورتين (في الحالة الأولى أو الحالة الثانية ). وإذا افترضنا أن هذه اللغة تجاوزت العائق الثاني (عائق إجماع الأغلبية)، وأصرّوا على أن تكون هي لغة كل شيء، مثل الفرنسية في فرنسا.. فإن أول من سيحاربهم هي فرنسا ذاتها للأسباب المذكورة آنفا ونحن نتفهم دفاعها عن مصلحتها الوطنية خارج وطنها ولكننا لا نتفهم مواقف غيرها ضد أنفسهم ووحدة وطنهم ترابا وشعبا، لسانا وبيانا ووجدانا.. رغم أن هذه اللغة المقدسة لدى كل المسلمين الصادقين هي زميلة للغة الفرنسية في الأمم المتحدة وهيئاتها الرسمية، وأنها أرقى حضاريا، وأوسع انتشارًا في العالم أجمع كما قلنا ..
ومع ذلك تحاربها فرنسا دون هوادة لكونها ستمكن البلاد المغاربية من تحقيق استقلالها الفعلي (الثقافي والهوياتي) ككل البلاد الشقيقة الأخرى بشكل متفاوت نسبيًا، رغم أن اللغة العربية تتوفر على صفة الإجماع وصفة الارتباط بالكتاب المقدس (الإنجيل والقرآن) حتى في لبنان.
ومع ذلك تتعثر أمام الجبروت الفرنكوفوني، فما بالكم بتطوير لغة لم يستطع دعاتها أن يوجدوا لها حتى الآن حروفا موحدة على المستوى الوطني تكتب بها كإيران أو تركيا، أو الصومال.. ومن ثمة، فإن نجاح تطوير اللغة الدستورية الموحدة عمليًا وإداريا وتعليميًا في كل البلاد المغاربية مثل فرنسا في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا أو إيطاليا (بدل اللاتينية المستبدلة في هذه البلاد منذ أقل من خمسة قرون) فتحقيق هذا الهدف إذن غير وارد حسب تجربتي المتواضعة مع هذا الموضوع منذ نصف قرن والتاريخ المستقبلي بيننا حاضرين أو غائبين في الظروف الديمقراطية البعيدة عن الإكراه الذي مارسته إدارة الاحتلال الفرنسي منذ غزو الجزائر سنة 1830.. والوضع اللغوي الحالي من النتائج الحتمية لذلك الفوز الذي لم ينته بتوقيف الحرب النارية سنة 1962 بالنسبة للجزائر لتبدأ حرب أخرى بشكل مغاير في التغليف والتوظيف عرفنا بدايته مع الاستحلال ولن نعرف نهايته حتى استكمال مقومات السيادة والاستقلال وتوحيد استعمال اللسان الوطني والرسمي (قولا وفعلا)، هذا هو الأساس وفصل المقال والمسؤولية الكاملة يتحملها ولاة الأمور عندنا خارج الصندوق في كل جيل من الأجيال والتاريخ الوطني للأمم قد يغفر للخاطئين عن جهل ولكنه لا يرحم الخائنين عن علم بأي حال من الأحوال..