عربي21:
2025-04-17@23:03:44 GMT

موقف الشعوب والأمة من غزة

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

على الرغم من الموقف الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي والإنساني العام، الذي اتسّم بأعلى درجات الإيجابية من طوفان الأقصى وتداعياته، من مقاومة وصمود شعبي في قطاع غزة، إلاّ أن عدداً من الكتاب اتجه إلى نقد موقف الأمة (العربية والإسلامية) في تحركها سواء أكان لنصرة المقاومة، أم في الضغط لوقف إطلاق النار، أم في التعبير عن الغضب في النزول إلى الشوارع، لوقف المجزرة من تقتيل جماعي وتدمير، في قطاع غزة.



ووصل النقد بالبعض إلى وصف حال الأمة، ككل، بالغثاء والعجز والخذلان. وذلك حتى من دون "إلاّ الذين.." أو "منهم من"، أو تخصيص نقدٍ على فئة ما، من فئات الأمة، أو تبرئة فئات.

وإن الوصول إلى هذا البُعد المهين في نقد الأمة، يرجع إلى هول المجزرة، التي تعرض لها الشعب في حياته، وتدمير بيوته ومعماره. وقد اتسّمت هذه المجزرة بالإبادة الانسانية، وتدمير للمعمار، لمدة متواصلة على مدار الساعة، ويوماً بعد يوم. وقد تجاوزت عملية الإبادة والتدمير، الخمسة أشهر. ودخلت في الشهر السادس، مع إعلان التصميم من قِبَل "مجلس الحرب" الصهيوني على مواصلة ذلك، مع التوسّع في ظاهرة التجويع، والحرمان من الماء والدواء والغطاء. وذلك حتى تحقيق الأهداف التي أعلنها نتنياهو.

لذلك استحقت هذه المجزرة، وما صحبها من دمار وعدوان أن تندفع الملايين من أبناء الأمة العربية والإسلامية، لتنزل إلى الشوارع، لإجبار مرتكبي الجريمة الكبرى ومناصريهم على وقفها، وبأسرع ما يمكن، بل، ومحاسبتهم ومعاقبتهم. وذلك لإجبار الدول العربية والإسلامية، أن تتحدّ لاتخاذ مواقف عملية، تفرض على أمريكا وأوروبا بأن تضغطا، على الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار، كما الامتناع عن دعم الجيش الصهيوني بالسلاح والعتاد، وعدم تغطية الحكومة الصهيونية، وحمايتها من صدور قرارات من هيئة الأمم المتحدة (مجلس الأمن والجمعية العامة) تلزمها بوقف العدوان، ووقف جرائم الإبادة والقتل الجماعي، والتدمير شبه الشامل.

ولما لم يحدث هذا، وعلى الصورة المطلوبة، أو أكثر قليلاً، فإن الأمة، بنظر البعض استحقت أن تُتهم بالعجز والخذلان والغثائية، وصولاً إلى أبعد فأبعد في مثل هذه النعوت والأوصاف.

على الرغم من الموقف الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي والإنساني العام، الذي اتسّم بأعلى درجات الإيجابية من طوفان الأقصى وتداعياته، من مقاومة وصمود شعبي في قطاع غزة، إلاّ أن عدداً من الكتاب اتجه إلى نقد موقف الأمة (العربية والإسلامية) في تحركها سواء أكان لنصرة المقاومة، أم في الضغط لوقف إطلاق النار، أم في التعبير عن الغضب في النزول إلى الشوارع،هذا الموقف من الأمة لا يميز، بداية بين مشاعر الأمة ووعيها وموقفها من المقاومة وقيادتها، كما موقفها من الجرائم التي ترتكب بحقها من جهة، وبين تحركها ونزولها إلى الشوارع، من جهة أخرى. فطمس أو تجاهل. البُعد الأول، ومن دون تقدير أهميته، لحساب عدم التحرك والنزول للشارع، يظلم الأمة كما يضر بمعنويات المقاومة والشعب في قطاع غزة. فبدلاً من أن يبرز موقف الالتفاف الشعبي المليوني، الفلسطيني والعربي والإسلامي، في تأييد المقاومة وقيادتها، تقدم صورة مشوهة لحقيقة وعي الأمة، وشعوبها ومشاعرها وسياساتها ومواقفها، تحت اتهامها بخذلان غزة، وبالعجز والغثائية.

وبلا مبالغة، يمكن التأكيد أن الملايين من الشعوب العربية والإسلامية استقبلت طوفان الأقصى بالدعم والاعتزاز والحب والتأييد حتى "المبايعة" والولاء.

وبلا مبالغة، إذا قيل أن الأغلبية الساحقة من الأمة سهرت الليالي أمام شاشات التلفاز، وهي تذرف الدموع، وتكاد لا تنام الليل أياما، أمام مشاهد الشهداء والجرحى، من الشيوخ والرجال والنساء والأطفال، في الشوارع أو تحت المساكن المدمرة. فلا يستهترنّ أحد بالحزن والغضب اللذين اجتاحا قلوب الملايين ووعيها، ولا سيما الشباب وحتى الأطفال، مما حدث ويحدث في قطاع غزة، سواء أكان اعتزازاً بالمقاومة وخطها، أم كان حزناً عميقاً على عشرات الآلاف من الشهداء المروع المدنيين. فضلاً عن الدمار والجرحى، ناهيك عما ترسبّ في القلوب، من غضب على مقترفي الجرائم وداعميهم.

أمام كل هذا، وإن لم يترجم إلى تظاهرات ومواجهات في الشوراع، يجب أن يقدّر، ما عبّرت عنه الجماهير عالياً، وتقرأ آثاره ليس اليوم فحسب، وإنما أيضاً في المستقبل. لذا لا يحق لأحد، مثلاً ألاّ يتوقف طويلاً، وهو يرى ردود أفعال، مثات الألوف وأكثر، من الأطفال باتخاذهم من أبي عبيدة رمزا، بدلاً من مسخرات غراندايزر والرجل الطائر(سبايدرمان).

إن كل هذا يوجب أن يُشعر غزة بأنها ليست وحدها، وأن الأمة معها، والشعوب تنتظر انتصارها، ثم لا يجوز لأحد أن ينقاد وراء خيبة أمله، حين لم يرَ الملايين في الشوارع فاعلة، كما يحبها أن تعمل. بل لم تعمل، كما هي تحب أن تعمل، في ترجمة موقفها إلى شارع هادر فعال.

على أن السؤال هنا: إذا كانت الجماهير على هذا القدر من الموقف والوعي، فلماذا لم تنزل إلى الشوارع؟

هنا سيذهب الحوار إلى أن الجماهير لا تلجأ إلى الشارع، ما لم تشعر بأن نزولها، سيكسر الإرهاب الذي ينتظرها، ذلك لأن من شروط الحالات التي ثارت فيها الجماهير، وملأت الشوارع بالغضب، وإرادة التغيير، ترجع إلى إحساس، وإلى تجربة، بأن قوى القمع مزعزعة ويمكن تحدّيها. وإلاّ فالجماهير تصبر، وهي غير راضية، إلى أن يحين الأوان، كما حدث مثلاً عندما ثارت جماهير الأردن عام 1956، لمنع انضمام الأردن إلى حلف بغداد، أو كما حدث مع جماهير تونس ومصر في ثورتيّ 2011.

طبعاً هذا ليس السبب الوحيد في تفسير لماذا لم تنزل الجماهير إلى الشوارع تضامناً مع قطاع غزة، ومقاومتها وشعبها. وهو ما يجب البحث عنه جيداً، أيضاً في الأوضاع وموازين القوى في كل بلد. فالجماهير لا تنزل إلى الشوارع إذا لم تلمس مؤشرات تسمح لها بالانتصار، لا مؤشرات قد تؤدي إلى معارك جانبية بلا جدوى.

هذا ويجب أن يلاحظ أن ظروف الحرب كما هو حادث في قطاع غزة، مع وجود مقاومة منتصرة، ومُبشّرة بنصر مؤزر قادم، بإذن الله، لم يسبق له أن أدّى إلى انتفاضات.

أما من جهة أخرى، حين يقارن بما يحدث على مستوى عالمي من تظاهرات، ولا سيما، مثلاً، في أمريكا وأوروبا، وبعض الدول العالم ثالثية، فإن أسباب نزول الملايين إلى الشوارع، هناك، تعود إلى مواجهة حكامها، المشاركين في جريمة المجزرة، والقتل الجماعي من أمريكا وأوروبا. فضلاً عن أن النزول إلى الشوارع، له بُعد قانوني، يحمي المتظاهرين حتى لو كانوا بالعشرات أو المئات.

بكلمة، طرفان ووضعان وميزانا قوى مختلفان في تفسير الفارق بين الشارعين في الغرب، وفي البلاد العربية والإسلامية. لكنهما يلتقيان في نصرة غزة وفلسطين.

وبالمناسبة لعل ما ورد في بيتين رددهما أبو عبيدة:

يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا            لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ خدَّهُ بدموعِهِ    فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ

توجه بهما إلى بعض العلماء وبعض النخب بما يحملانه من مسؤولية، ومن ثم من الخطأ الفادح، اتهام الأمة بالغثائية والعجز أو الخذلان.

ولكن قبل مغادرة هذه النقطة، أوَليست المقاومة وقيادتها والشعب في قطاع غزة من الأمة. وكذلك من فتحوا جبهات قتال لحمل كتف مع غزة، كما من يمكن أن يُعدّوا من نخب وقوى وأحزاب ودول قليلة وقفوا، ويقفون، مناصرين. فالأمة تضم الكثيرين. أما الغثائية والعجز والخذلان، فشأن قلة. ولو كانت متنفذة وحسابها عسير.

لهذا فالتعميم ظالم للحقيقة، والإطلاقية مخلة غير منصفة. فحذار من التعميم والإطلاقية لافتقارهما للسياسة الصحيحة، وللقراءة الدقيقة لموقف الشعوب والأمة، ولا سيما في التعبئة للحرب. هذا والحذار من القول "هلك الناس".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة الحرب مواقف احتلال فلسطين غزة مواقف حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة إلى الشوارع فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الدويري: الاحتلال يستخدم بصمة الصوت والعين لتعقّب مقاتلي المقاومة بغزة

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم في هذه المرحلة بتفعيل الذكاء الاصطناعي بصورة غير مسبوقة من أجل تعقّب مقاتلي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وتحدث الدويري عن أنظمة يستخدمها جيش الاحتلال تتعلق بتسجيل وتتبع الأهداف، مشيرا إلى أنه قام في بداية الحرب بأخذ بصمة الصوت والعين لـ37 ألف شخص، وبالتالي فهو يتعقبهم ويستهدف المنطقة التي يوجدون فيها بالصواريخ.

وأضاف أن نظام الذكاء الاصطناعي مبني على نقطيتين أساسيتين، فإذا وجد أي مقاتل سُجلت له البصمة يُسمح لجندي جيش الاحتلال بأن يقتل 10 مدنيين من أجل الوصول إلى الهدف، وإذا كان قائدا في الصف الأول يُسمح للجندي بأن يقتل 100 مدني.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في وقت سابق أن استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعقّب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة.

وأوضح الدويري أن إدارة جيش الاحتلال الإسرائيلي للمعركة في قطاع غزة مختلفة كليا في المرحلة الحالية، إذ إن رئيس الأركان الجديد إيال زامير أجرى منذ مجيئه تعديلا جوهريا، مشيرا إلى أن هناك 3 فرق تعمل في غزة، 36 و162 و252، وهناك 80% قوات جوية، و10% مدفعية و10% من القوات البرية المقاتلة.

إعلان

وأشار الدويري -في تحليله للمشهد العسكري في غزة- إلى أن الخسائر التي تلحق بالفلسطينيين تقدر بـ90% بسبب القصف الجوي الإسرائيلي كما تؤكد تقارير.

كما أوضح أن طريقة تموضع قوات الاحتلال في مناطق غزة لا تعطي مقاتلي المقاومة فرصة للاحتكاك بها وقتالها.

من جهة أخرى، ربط الدويري زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المنطقة الشمالية من قطاع غزة بالاعتراضات الداخلية على الحرب، والتي تجاوزت 100 ألف معترض، معظمها من داخل المؤسستين العسكرية والأمنية.

وقال إن نتنياهو ورئيس الأركان يريدان أن يرسلا رسالة مفادها أن الجيش والحكومة متفقان على مقاربة معينة، مشيرا إلى أن الجيش ينفذ التوجيهات الشخصية والحزبية لرئيس الوزراء.

وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب إن نتنياهو أجرى اليوم زيارة ميدانية للجيش في شمالي قطاع غزة برفقة رئيس الدفاع يسرائيل كاتس.

من ناحيته، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن رئيس الأركان زامير زار حي الشجاعية شرق مدينة غزة وصدّق "على خطط عسكرية هجومية ودفاعية لاستمرار القتال".

مقالات مشابهة

  • الأنظمة العربية من اتفاقية الدفاع المشترك إلى نزع سلاح المقاومة.. ماذا حدث؟
  • السيد القائد: نزع سلاح المقاومة معناه أن يتحول الشعب الفلسطيني والشعوب العربية إلى مجرد خرفان يذبحها العدو في أعياده (
  • صحيفة: الأمور تتّجه نحو التوصّل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة
  • القانون الدولي: الشعوب الواقعة تحت الاحتلال لها الحق في مقاومة المحتل بشتى الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح
  • منظمات مدنية في حجة: جرائم الصهاينة بدعم أمريكي تستدعي موقفًا عربيًا ودوليًا حازمًا
  • العالم يقاوم | الفلسطينيون يرفضون وضع السلاح أسوة بشعوب تحررت بالقوة (تفاعلي)
  • القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الجيش المصري في مواجهة عدو الأمة
  • الدويري: الاحتلال يستخدم بصمة الصوت والعين لتعقّب مقاتلي المقاومة بغزة
  • مفتي عمان يهاجم مواقف بعض الدول العربية المتماهية مع إجرام الكيان الصهيوني
  • تقديم مقترح جديد لحماس يشترط "نزع سلاح المقاومة".. والحركة ترفض