فيلم المخلب الحديدي.. أحلام الأب التي تحولت إلى كوابيس الأبناء
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
"المخلب الحديدي" (The Iron Claw) ليس مجرد فيلم رياضي عن المصارعة في الثمانينيات في الولايات المتحدة الأميركية، أو تراجيديا تستعرض لعنة أقرب إلى المآسي الإغريقية العنيفة، لكنه في جوهره فيلم عن العائلة وديناميكيتها.
يظن الأب نفسه إلها، يدور في فلكه الأبناء وعليهم طاعته وإما خسروا محبته ورضاه، وهو ما يجعل أكثر المشاهد فجيعة ووجعا ليست تلك التي تجري داخل الحلبة وإنما حول منضدة الطعام.
The Iron Claw (2023) dir. Sean Durkin pic.twitter.com/SVg2IFGqUj
— cinesthetic. (@TheCinesthetic) March 11, 2024
يحكي العمل عن أسرة فون إريك، وقصة صعودها في عالم مصارعة المحترفين، وسط سنوات من السعي من كافة رجالها لتحقيق حلم الأب بالتربّع على عرش المصارعة والحصول على لقب بطل العالم، ذلك الحلم الطموح المَعيب الذي كُلل بالدم والموت والفقد والكثير من القمع والهزيمة.
تدور الحبكة حول أب امتهن المصارعة بشبابه، لكنه لم ينجح في الحصول على لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وهو ما دفعه لتوريث تطلعاته لأولاده، لم يكن حنونا عليهم ولم يرهم صغارا بحاجة إلى رعايته، وإنما مجرد أدوات للوصول إلى ما يصبو إليه وإنقاذه من الحلم الذي يطارده، مُعتقدا أن جعلهم الأقوى لن يلبث أن يجعلهم الأنجح ويحميهم من شرور الدنيا.
لعنة الانتماء لعائلة فون إريك"التصنيفات يمكن أن تتغير"؛ هكذا يقول الأب علنا لأبنائه خلال تناول الطعام مُعلنا عن تفضيله لابن دون آخر، إذ تعتمد محبته على ما يحققه الابن بعالم المصارعة، مَن فاز أو سار على الدرب هو المفضل، ومن خاب أو تراجع تراجعت أهميته بالتبعية.
ورغم كل القسوة والتعنيف ولعبة "فرّق تسد" التي يلعبها الأب مع أولاده طوال الوقت، لم يتمرد أحدهم عليه أو يخالفوه الرأي يوما؛ حتى مَن لم يحب المصارعة يوما منهم، بل اعتنقوا وجهة نظره واجتهدوا باذلين كل ما يقدرون عليه جسديا ونفسيا وعاطفيا لعلهم ينالون منه نظرة رضا أو إيماءة مُحبة.
وبسبب كل ما جرى لعائلة فون إريك، وهو ما كان قاسيا بالفعل ولا يمكن النجاة من آثاره على المدى القصير أو الطويل، أُشيع عن العائلة أنها محاطة بلعنة بدأت حين قرر الأب الذي عاش لسنوات باسم جاك أدكيسون تغيير لقبه إلى فون إريك، إذ سرعان ما توفي بعدها ابنه الأول في سن صغيرة.
وما لم يكن بالحسبان أن يموت في حياة الأب كافة أولاده تباعا -باستثناء الابن الثاني الذي يشهد القصة بعينيه- وبطرق شديدة الوحشية جمعت بين الانتحار والجرعات المضاعفة من المخدرات وأساليب أخرى من فعل الطبيعة.
بين الواقع والحبكة الدراميةرغم أن "المخلب الحديدي" ينتمي بالأساس لأفلام السير الذاتية، إلا أن مؤلفه ومخرجه شون دوركين كتب النص بدون جمع بيانات من العائلة أو الاتصال بأي من أفرادها إلا قبل وقت قصير من بدء التصوير، وحرص على كتابة القصة بطريقته الخاصة مع القليل من التصرُّف بحكمة وذكاء دون أن يخل ذلك بالسرد الدرامي.
على سبيل المثال لم يأت العمل على ذكر الابن الخامس كريس، واكتفى دوركين بتوزيع صفاته وتفاصيل مأساته الخاصة على إخوته، وهو ما برره بمحاولة الحَد من حجم المعاناة التي تظهر على الشاشة والتقليل من كَم الانزعاج وعدم الارتياح التي سيشعر بها الجمهور خلال المشاهدة.
الفيلم الذي كان يمكن أن يصبح عظيماعُرف عن دوركين بأعماله السابقة تقديم شخصياته عن بُعد وهو ما تكرر هنا أيضا وإن كان "المخلب الحديدي" هو الفيلم الأكثر عاطفية وإنسانية بين ما قدمه حتى الآن، ورغم كل الأحداث القوية التي تهز عالم الأبطال لكننا لا نقترب كثيرا من دواخلهم أو نتعمّق إلى الحقيقة وراء دوافعهم، فقط نرى بعض الشذرات هنا وهناك، في حضن أخوي دافئ أو نظرة عين زائعة أو قرار بإنهاء الحياة فجأة، الأمر الذي جعل المشاهدين يقفون في حيرة من أمرهم بين التعلّق بالعائلة والتعاطف معها وبين السطحية المستفزة التي قُدّمت بها الشخصيات.
وهو ما تسبب بأن يرقص الفيلم بالنهاية على الحبال بين التصنيف كعمل رياضي ملهم وبين الدراما الثقيلة، ومع ذلك فقد حصد الفيلم إيرادات بلغت 42 مليون دولار بينما تم اختياره من قِبل المجلس الوطني للمراجعة ضمن قائمة أفضل 10 أفلام لعام 2023.
كذلك أشاد به النقاد وأعربوا عن إعجابهم بأداء الممثلين وكيف صور دوكين أجواء عالم مصارعة المحترفين في الحلبة بالثمانينات، وحصل على تقييم بلغ 7.7 نقاط وفقا لموقع "آي إم دي بي" (IMDb) الفني.
الاستحسان الأكبر كان من نصيب الممثل زاك إيفرون الذي جسد شخصية ديفيد، إذ نجح إيفرون بتغيير هيئته تماما وظهر بما يليق ببطل مصارعة من الوزن الثقيل، حتى إنه كان من الصعب التعرّف عليه ببعض المشاهد. وبجانب المظهر الخارجي، اجتهد إيفرون للإمساك بتلابيب شخصيته وتجسيد حالة الخواء التي تملّكت منه وتضاعفت مع موت كل شقيق لديه.
This scene in the Iron Claw where he dies and goes to meet his brothers in the afterlife is hands down one of the best scenes I've ever watched in a movie. Emotional and heartwarming. @ZacEfron, Jeremy Allen White, and @HarrisDickinson all did a phenomenal job???????? pic.twitter.com/IdIOZUTL3H
— Kratos (@GoJoeJoeBlue) March 7, 2024
"المخلب الحديدي" فيلم يحمل ثقلا وجوديا حقيقيا ومزعجا على مدار أكثر من الساعتين، وبقدر ما هو مناسب لمحبي رياضة المصارعة، لكنه جدير بالمشاهدة أيضا من مُحبي الدراما.
وذلك لأنه يضرب على وتر حساس يتماس من جهة مع قنبلة الذكورية الموقوتة التي ينشأ عليها الرجال ومفهومهم المغلوط حول الرجولة الحقيقية وربطها بالقوة الجسدية وقدر الإنجازات الملموسة والخارجية، ومن جهة أخرى مع قسوة أن تنتمي لعائلة كبيرة ومع ذلك تظل تشعر بالوحدة والعزلة وأن لا أحد يراك.
الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية، إخراج وسيناريو وحوار شون دوركين، وبطولة هولت مكالاني، زاك إيفرون، جيريمي ألين وايت، ستانلي سيمونز، هاريس ديكنسون، مورا تيرني، وليلي جيمس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات وهو ما
إقرأ أيضاً:
التايمز: هل أدرك ترامب أخيرا محدودية شعاره الخوف هو المفتاح؟
قالت صحيفة التايمز البريطانية إن ترشيحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب للوزراء تبدو مصممة للاستفزاز كما يرى منتقدوه، ولكن ترشيح مات غيتس، الذي دام 8 أيام فقط، أظهر أن هناك -في نهاية المطاف- حدودا لسلطة ترامب.
وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم ديفيد تشارتر من واشنطن- إلى أن بوب وودوارد، الصحفي المخضرم الذي أجرى مقابلات مع ترامب عدة مرات وكتب 3 كتب عن رئاسته الأولى، يرى أن مفتاح فهم تفكير ترامب وراء اختياراته غير التقليدية للوزراء بسيط، وهو "الخوف هو المفتاح".
الخوف
وقال وودوارد الذي كان أحد اثنين فجرا فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون عام 1974: "عندما أجريت مقابلة مع ترامب قبل 8 سنوات، قال إن القوة الحقيقية هي الخوف. أطلقت على أول كتاب لي عنه الخوف وهذا هو نهجه. تخويف الناس. سينفذ إستراتيجية من الإجراءات العدوانية، وهذا يجعل الناس خائفين ويؤكد سلطته، هذا ما يفعله الآن".
ويرى وودوارد (81 عاما) أن ترامب يختبر حدود سلطته تماما مثل تجارب إطلاق وزيره الجديد للكفاءة الحكومية إيلون ماسك، التي سوف ينفجر بعضها، ولكنها تترك لدى المشاهدين الانطباع بالطموح الهائل والاستعراض والقوة المطلقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن فوز ترامب في الانتخابات أتى بأرباح في المعركة ضد ملاحقاته الجنائية، بإيقاف القضيتين الفدراليتين بشأن التدخل في الانتخابات والاحتفاظ بالوثائق، وبحكم يمنحه الإذن بالسعي لرفض إدانته الجنائية بتهمة دفع أموال مقابل الصمت.
يقدم أعضاء مجلس الشيوخ الذين يُعتقد أنهم عارضوا غيتس نظرة ثاقبة كاشفة عن أكبر عقبة تقف بين ترامب وأجندته، خاصة مع ظهور مشاكل قانونية لمرشحة أخرى لترامب، هي ليندا ماكماهون، المديرة التنفيذية السابقة لاتحاد المصارعة العالمي التي اختيرت لمنصب وزيرة التعليم.
فقد خدمت ماكماهون في ولاية ترامب الأولى على رأس إدارة الأعمال الصغيرة، ولكن دعوى قضائية جديدة رفعت ضدها هي وزوجها المنفصل عنها وزميلها قطب المصارعة فينس ماكماهون وشركاتهما، تزعم أنهم "سمحوا بإساءة معاملة الأولاد القصر الذين يعملون لدى عالم المصارعة الترفيهية".
ونقلت التايمز رأي المؤرخ البارز لرؤساء أميركا الصحفي بوب وودوارد الذي يقول إن نفس الإهمال والفوضى التي سادت فترة ولاية ترامب الأولى تعود إلى الظهور، مؤكدا أن المرشحين "غير مسؤولين وغير مدروسين، وغير مدركين للعواقب التي قد تترتب على ذلك على البلاد، وحتى على ترامب نفسه".