نحتفل في مثل هذه الأيام من كل عام بعيد الأم، والذي يوافق يوم 21 من شهر مارس سنويًا، كنوع من رد الجميل ورسم البسمة على وجه الأمهات اللاتي تعد نموذجا حسنًا لما بذلناه في حياتهن وقضين سنوات شبابهن في تربية وتعليم ابنائهن بعد وفاة عائلهم الوحيد وهو الأب،  و«الوفد» يستعرض أحد قصص الكفاح لسيدة فقدت عائل أسرتها الوحيد، وأجبرتها الأيام خوض 

 ظروف صعبة، نجحت بعدها بالوصول إلى بر الأمان من تربية وتعليم أبنائهم وتزويجهم؛ وذلك تقديرًا لقصة كفاحها ومجهودها مع أبنائها الثلاثة.

السيدة «انتصار أحمد وجيه شرف» امرأة خمسينية، مات عنها زوجها بعد حياة زوجية استمرت معه لأكثر من 16 عامًا، وكافحت بعد موته لأكثر من 14 عاما، ولازالت تناضل من أجل استكمال رحلتها الإنسانية مع أبنائها الثلاثة، تقول لـ «لوفد» وُلدت ونشأت في مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، سكن في منزلنا شاب من محافظة الشرقية يعمل في مهنة «حداد مسلح» يكبرني بـ 12 عام، وبعد فترة طلب هذا الشخص خطبتي من والدي، وظلت فترة الخطوبة بيننا لمدة 3 سنوات، حتى انتهيت من فترة الدراسة، ويوم حصولي على شهادة الدبلوم كان موعد فرحي وزفافي عليه.

 وتابعت: بعد فترة اصطحبني زوجي لمكان إقامة عائلته بقرية الحلوات بمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية «قرية الحلوات هي مسقط رأس للعندليب الفنان  عبد الحليم حافظ»، مشيرة إلى إنها عاشت مع زوجها في غرفة واحدة في منزل ريفي يتشارك سكانه هم أشقاء زوجها وزوجاتهم في دورة المياه والمطبخ، ثم من الله عليهما ورزقهما بـ 3 أبناء هم: «ريهام، ومحمد، وأحمد»، وخلال فترة زواجها الذي استمر لأكثر من 16 عام، عاشت ظروف معيشية صعبة نتيجة ضيق اليد وعدم استمرارية عمل زوجها كونه يعمل يوم ويوم بحسب وصفها، ما اضطرها إلى مساعدته في توفير مصاريف الحياه.

 وأشارت إلى إنها اضطرت إلى النزول إلى الشارع مثل الرجال، وعملت في بيع اسطوانات البوتاجاز، وكانت تمر على المنازل بعربة يجرها حمار في شوارع قريتها، وفي بعض الأحيان تدخل مضطرة بيوت الأهالي لتغير اسطوانة البوتاجاز بعد رفعها على رأسها رغم ثقلها، وذلك من أجل إعانة زوجها على مصاعب الحياه، ثم عملت في بيع الحلويات والشيكولاتة لأطفال القرية، وكذلك في بيع المنظفات.

وذكرت إنها التحقت بالعمل كرائدة ريفية بعد اجتيازها مسابقة جرت من بين المئات من بنات جيلها، وفي الأثناء التحق زوجها بعمل في التربية والتعليم لحصوله على دبلوم تجارة، لكن الراتب كان  ضعيفا جدا، ما اضطرها إلى الاستمرار في عمل بيع اسطوانات البوتاجاز، والمنظفات، وبدأت الدنيا تفتح ذراعها لها وزاد دخل الأسرة، إلا إنها كانت على موعد مع القدر بوفاة زوجها رب أسرتها.

 وأوضحت إنهم كانوا مدعوين على الإفطار في مثل هذه الأيام في شهر رمضان عام 2010 عند أسرتها في مدينة ميت غمر، وأثناء انتقالهم من محل إقامتهم من قرية الحلوات إلى ميت غمر مستقلين دراجة بخارية عبارة عن «توكتوك» تعرضوا لحادث سير جراء اصطدام سيارة طائشة بـ «التوكتوك» ما أدى إلى وفاة زوجوا في الحال، واصابتهم جميعا بإصابات مباشرة، تركت اثارًا في ابنتها الكبرى ريهام حتى الآن بكسور في القفص الصدري والعمود الفقري، تخوض بسبب هذا الحادث معاناة شديدة مع نجلتها حتى تتعافى من آثار هذا الحادث.

وبسبب القدر والحادث الأليم؛ ترك الزوج أسرته ضعيفة مهلله لا يعلمون أي شيء عن مستقبلهم وكيف تدار أمورهم، والابنة الكبرى في السادسة عشر من عمرها، والإبن الأوسط محمد في الحادية عشر، والإبن الأصغر أحمد في التاسعة من عمره، إلا أن عزيمة الزوجة المجتهدة الصبورة، استطاعت وبإيمان منها مواجهة هذه الظروف رغم ضعف المعاش الذي تتقاضاه عن زوجها، وأخبرت نفسها بأنها قادرة على تحمل التركة التي تركها زوجها الراحل، فواصلت أعمالها في بيع المنظفات عبر محل في بدروم منزلها الصغير الذي شيدته على مساحة 50 متر مربع من مساحة منزل أسرة زوجها، وذلك بعدما تركت العمل في مجال بيع أنابيب البوتاجاز كونها أصبحت أرملة وغير مقبول لها بحسب «العرف والتقاليد، ومنعا للشبهات» العمل واللف في الشوارع كما كان من قبل، ثم تاجرت في الملابس الجاهزة والأدوات المنزلية.

 وبهذه الأعمال، تمكنت السيدة  «إنتصار» من تربية أبنائها الثلاثة حتى حصلوا على دبلوم فني متوسط، واكتمل هذا النجاح بتزويجهم الثلاثة، مؤكدة إنها تفتخر بأبنائها وتربيتهم التي تؤكد إنها نجحت في رحلتها، متمنيًة لهم حياة كريمة ولانجالهم.

IMG-20240314-WA0030 IMG-20240314-WA0021 IMG-20240314-WA0036 IMG-20240314-WA0035 IMG-20240314-WA0034 IMG-20240314-WA0032

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رسم البسمة الفنان عبد الحليم حافظ محافظة الدقهلية محافظة الشرقية الفقر معيشية اسطوانات البوتاجاز توكتوك مصاريف مطبخ IMG 20240314 فی بیع

إقرأ أيضاً:

سلاحُ الموت وفلسفةُ الانتصار

الشّيخ علي حمادي العاملي

وصل حزبُ الله في ترسانته إلى أسلحة نوعية، صواريخ بالستية، مسيّرات، ولكنه رغم كُـلّ ذلك عاد في لحظة المواجهة الكبرى إلى سلاحه الاستراتيجي الأول الخارق للتوازن، والذي امتلكه يوم انطلاقته عندما كان المقاومون يملكون بضعة بنادق متواضعة.. سلاح الموت.

الموت سلاحٌ في عقيدة انتصار الدم على السيف. سلاحٌ لا يُضرب حين يكشف العدوّ مخازنه أَو منصاته، بل يُفعّل في تلك اللحظة بالتحديد. الروح لا تموت في جدلية الحياة والشهادة.. فـ”عندما نستشهد ننتصر“. بهذه الفلسفة سيخرج الملايين في تشييع سيد شهداء الأُمَّــة.

في مفصل تاريخي يحاول الأعداء طمس القضية الفلسطينية، وإنهاء الخصوصية الوحيدة لبلدٍ تصغر سيادته وتتوسّع السفارة الأمريكية بالتوازي.. سيكون تجديد البيعة والعهد. فكما احتملت المقاومة القتال بلحمها الحيّ عن جيوش عربية مدجّجة، كذلك فَــإنَّ شعبها الواعي والمدرك يملأ اليوم فراغ شعوبٍ نائمة. حضوره الهادر ليس فقط رسالةً سياسية وشعبيّة، هو دستورٌ تكتبه شعوبٌ وأقوامٌ عديدة قدِمت من أقطار الأرض، لتسير خلفَ نعشٍ ما زال صاحبه يؤثّر في توجيه الأحداث، ويخاطب بروحه “أشرف الناس“، وهو يثق أنهم يعرفون كيف وأين يوجهون عواطفهم الصادقة.

هؤلاء الذين كانت الحروب تحمل لهم مع صواريخها الحارقة فكرة وخيار الهزيمة أسوة بإخوانهم العرب.. اقبلوها ولو في قيدٍ من ذهب!. لكن هؤلاء ولدوا أحرارًا مطهّرين من رجس الأفكار الانهزامية، ثم تمرّدوا على هامشية الحياة، وسخروا من القائلين بعبثية الوجود، وأرادوا الغوص في عمق المعاني السامية فتفرّدوا في هُويّتهم “أشرف الناس”، وتبلوروا في قيادتهم “الأسمى”.

في كُـلّ موت يولد عندهم تصميمٌ وعزمٌ جديد.. تمامًا مثل حتمية الموت، لا بد أن يولد.. إنها فلسفة الانتصار. الثورة التي تكمن في نفوسهم هي التي ترهب العدوّ.

لا تستغربوا القلق الداخلي من التشييع.. هم يعلمون أنه ليس مُجَـرّد مواراة قائدٍ في الثرى.

إنها تشكيل لوحدة جديدة حيّة من ألوان الشهادة وزيتها.. لوحة تُبرز قيم الجمال والنضال والاستعداد للفداء في مجتمعٍ مبدعٍ سوف “يدهش العالم من جديد”.

إذًا، هي حرب البقاء المعنوي أَيْـضًا. وأمام الحشد الهائل والمهيب ستتقهقر خطوط العدوّ مجدّدًا إلى الوراء، في السياسة والإعلام والحرب النفسية.

التشييع اليوم استكمال للمعركة الحضارية الطويلة ضد الصهاينة والمتصهينين. المعركة لم تنتهِ بعد.. هذه رسالة أبناء السيد.. ولن تنتهي إلا بالنصر الحاسم والكبير.. هذا وعد السيد.

قبضاتُ الملايين في التشييع ستحمل هذه الرسالة.. يمشون خلف النعش وخطواتهم فعلٌ عباديٌّ يرقى إلى مستوى الاقتداء الفكري والقلبي، وفي نيّة المشيّعين أن كُـلّ خطوة من خطواتهم.. إنما هي.. على طريق القدس.

* كاتبٌ وباحثٌ لبناني

مقالات مشابهة

  • المشدد 10 سنوات للمتهم بالشروع فى قتل سيدة بالشرقية
  • سيدة تشكو هجر زوجها طوال عامين.. وتؤكد: قالى مش عايزك أنتى وولادك
  • ماشي راجلك / الزوجة تاع اليوم تغير بزاف على راجلها ????قاتلو يا أنا يا الموت????
  • تركيا تريد استئناف عمل خط أنابيب النفط مع العراق بالطاقة القصوى
  • بيج رامي: اشتغلت صياد وعامل تراحيل
  • تفسير حلم تغير لون الشعر إلى الأشقر في المنام
  • سلاحُ الموت وفلسفةُ الانتصار
  • وزير الخارجية الروسي يبحث مع نظيره المجري بشأن هجوم إرهابي على خط أنابيب ترك ستريم
  • موسكو: إسقاط 3 مسيرات أوكرانية هاجمت محطة ضخ غاز تزود خط أنابيب التيار التركي
  • لمنع الجوع أو تغير المزاج.. خيارات غذائية خلال فترة الصيام