أزمة البحر الأحمر وخريطة سلام اليمن... مساران لا يلتقيان
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
عقب بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دخلت جماعة الحوثيين في المعركة عبر استهداف مدينة إيلات جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك استهداف السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي العمليات التي ألقت بظلالها على مسار الأزمة اليمنية التي كانت على وشك أن تشهد انفراجة بعد تسع سنوات من الحرب.
وجاءت عمليات الجماعة متزامنة مع هدنة داخلية معلنة برعاية الأمم المتحدة منذ إبريل/نيسان 2022، وفي ظل الحديث عن خريطة طريق أممية لحل الأزمة اليمنية كشف عنها نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عقب مشاورات مطولة بين الحوثيين والسعوديين الذين يقولون إنهم وسطاء وليسوا طرفاً في الاتفاق المزمع التوقيع عليه، بينما يصر الحوثيون على أن الرياض طرف وأن أي اتفاق يجب أن يوقّع معها.
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر واتفاق السلام
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أثّرت بشكل أو بآخر على خريطة الطريق للحل في اليمن التي تم تأجيل التوقيع عليها إلى أجل غير مسمى. فقد أدت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر إلى قيام الإدارة الأميركية بإعادة تصنيف جماعة الحوثيين جماعة إرهابية، وتشكيل تحالف بحري ضد الجماعة تحت اسم "حارس الازدهار"، شاركت فيه مجموعة من الدول، وكذلك شنّ ضربات أميركية وبريطانية ضد مواقع عسكرية تابعة للحوثيين. في المقابل، نأت السعودية بنفسها عن التحالف البحري، كما تسربت أخبار أخيراً تفيد برفضها استخدام الأراضي السعودية لشن هجمات ضد الحوثيين، وهو ما دفع الحوثيين للإشادة بالموقف السعودي.
وقال رئيس مركز المستقبل اليمني للدراسات فارس البيل، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين لا يمتلكون استراتيجية معينة لطبيعة المعركة التي يخوضونها، "باستثناء أنهم لاعب لدى إيران للتصعيد في المنطقة بحدود ما"، مضيفاً أن "الاستراتيجية هي استراتيجية إيران للنفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية، وللسيطرة على مضيق باب المندب، ولابتزاز الغرب والحصول على المزيد من النقاط، وتغيير معادلات الصراع".
حسابات إدامة حرب اليمن
ولفت البيل إلى أن جماعة الحوثي أحبطت اتفاق السلام، "لكن مع ذلك يبدو أن هناك رغبة في أن يذهب هذا الاتفاق إلى مراحل متقدمة، ويمكن أن يتم التوقيع على خريطة الطريق"، متابعاً أن "مليشيا الحوثي لديها الآن ميدانان، فهي تريد أن تحافظ على مسارها في إطار التصعيد في البحر الأحمر، كما تدفعها إيران إلى أن تنخرط في هذا الاتفاق على الأقل باعتباره تكتيكاً لا خياراً استراتيجياً للانتقال إلى مرحلة أخرى".
واعتبر أن "السعودية ترى أنها بذلت جهداً كبيراً في محاربة الحوثيين وكانت مواقف الغرب محبطة ومعرقلة لمواقف المملكة والتحالف العربي لهزيمة الجماعة، والآن الغرب يقف في ذات النقطة في مواجهة الحوثيين، لكنها ليست مواجهة كاملة، إنما مواجهة يمكن أن نقول تكتيكية أو مؤقتة أو في إطار معين".
ورأى البيل أن السعودية تريد أن تذهب إلى حالة من السلام، وتنتقل إلى مرحلة أخرى، وتغلق هذا الملف، كما أن جماعة الحوثيين راغبة في تحقيق مكاسب من هذا التقارب، معتبراً أن ما فرض هذا التقارب وهذه التطورات "حالة التقارب السعودي الإيراني بالوساطة الصينية، وهذه ربما من نتائج هذا الاتفاق".
مصالح الحوثيين من التصعيد
من جهته، رأى الكاتب الصحافي أحمد شوقي أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحوثيين يراهنون على عدم توفر مصلحة للولايات المتحدة والغرب من نشوب حرب واسعة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، لأن ذلك سيضر بالولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، لجهة تهديد منابع النفط، واحتمال تورط الولايات المتحدة في حرب طويلة الأمد، وما قد يترتب على ذلك من خسائر اقتصادية وبشرية ضخمة، فضلاً عن خسائر جيوسياسية واستراتيجية.
وأشار إلى أن "الهجمات الأميركية على مواقع الحوثيين في اليمن تساهم في إيجاد شرعية شعبية وجماهيرية للمليشيات الحوثية الفاقدة للشرعية، ناهيك عن أنها ساهمت في توطين قدم إيران بصورة أكبر في المنطقة، من خلال تقوية موقف الحوثي ضد دول التحالف العربي والحكومة الشرعية، بعد منع تقدم القوات الحكومية التي كانت على بعد أقل من عشرة كيلومترات من العاصمة صنعاء لسنوات، وكذلك، منع سيطرة الحكومة الشرعية على محافظة الحديدة ومينائها، والضغط على الحكومة الشرعية للتوقيع على اتفاق استوكهولم كرهاً".
ورأى أحمد أن "هناك دوراً وظيفياً للحوثيين لصالح الصراع الدرامي الإيراني الأميركي، والذي يُستخدم لابتزاز الحلفاء والخصوم على السواء، ولا يعدو كونه عملية تفاوضية على صفقة لم تنضج بعد بين الطرفين حول توزيع النفوذ، وبالتالي توزيع الأدوار في ظل احتمالات الصراع العالمي المُحتمل في السنوات المقبلة".
ولفت الكاتب إلى أن "جماعة الحوثي تهدف من خلال الصراع في البحر الأحمر إلى تحسين شروط التفاوض في ما يتعلق بالصفقة مع السعودية"، مضيفاً أنه "بعدما كان الاتفاق على وشك التوقيع، عاد الحوثيون لتأجيج الصراع بصورة أكبر، وفي الوقت نفسه، عمدوا إلى التحجج بأن السعودية قد خدعتهم، إذ ادعوا بأن عملية التفاوض تأسست على أن السعودية وسيط في الاتفاق، وهو ما رفضه الحوثيون قبل نحو شهر ونيف فقط، بعد مفاوضات دامت لأكثر من عامين، حيث طالب الحوثيون بأن تكون السعودية طرفاً في الاتفاق لا وسيطاً".
ونوه إلى أن "تحوّل السعودية من وسيط بين الشرعية والحوثيين إلى طرف في الاتفاق، سيجعلها دولة معتدية، وبالتالي ملزمة بدفع تعويضات الحرب، وإعادة الإعمار"، لافتاً إلى أن ذلك "يعطي أيضاً الحوثيين اعترافاً من قبل السعودية بكونهم طرفاً معترفاً به كممثل لليمن، أو على الأقل للأراضي التي يسيطرون عليها، وقد يشترط الحوثيون دفع أموال إعادة الإعمار والتعويضات إليهم، كما يسعون إلى أن يكونوا قوة إقليمية من خلال إظهار أنفسهم كلاعب مؤثر في البحر الأحمر".
من جهته، قال الصحافي اليمني أحمد الكمالي، لـ"العربي الجديد"، إن "العمليات في البحر الأحمر لسلطة صنعاء جعلتها تتجاوز أو تقفز فوق عزلتها الدولية، وتفرض نفسها لاعباً فاعلاً على خريطة الصراع في المنطقة، يتم التعاطي معها سلباً أو إيجاباً كصاحب قرار، حتى ولو لم يتم الاعتراف بها بشكل رسمي".
ورأى الكمالي أن "أسباب بقاء اتفاق السلام الخاص بالأزمة اليمنية قائماً تتعلق في جزء منها بوصول صانع القرار السياسي، أي السعودية، إلى قناعة بفشله في تحقيق الأهداف أو الأجندة التي يريد تحقيقها عن طريق الحرب، وتوجه تركيزه نحو ملفات داخلية، في جزء منها مشاريع اقتصادية يحتاج إنجازها إلى توفير بيئة آمنة في المملكة والمحيط".
وتابع أن "الجزء الآخر عدم رغبة الطرف الآخر الذي هو "أنصار الله" في دحرجة التوترات التي قد تحصل هنا أو هناك إلى حرب، في الوقت الذي يخوضون فيه حرباً أخرى مع أميركا وبريطانيا". لكنه استدرك أن "هذا لا يعني أن احتمالية عدم عودة الحرب مستبعدة نهائياً، فالمتابع قد يلحظ اهتمام الأوساط السياسية الأميركية بشكل كبير بالدفع نحو توريط السعودية ودول المنطقة في الصراع الحاصل، ودفع الأطراف اليمنية للعودة إلى مربع الحرب من جديد ضمن سياسة الاحتواء التي يبدو أن الأميركي يتبناها في تعاطيه مع سلطة الحوثيين، باعتبار تحييدهم وتقليص قدراتهم حتى إسقاطهم إذا أمكن هدفاً يمكن تحقيقه على مديات متفاوتة، وبأساليب ليس من الضرورة أن تكون مباشرة، لذا لا يُستبعد أن يدفع الأميركي بأطراف أبدت استعدادها للمساهمة في جهود عملياته إلى تفجير الصراع مجدداً".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الحوثي البحر الأحمر عملية السلام فی البحر الأحمر جماعة الحوثی الحوثیین فی فی المنطقة فی الاتفاق إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
نشرت قناة الغد الفضائية ، مساء اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024 ، التفاصيل الدقيقة للملفات التي تم الاتفاق عليها في مفاوضات غزة بين حركة حماس وإسرائيل.
وفيما يلي عرض للملفات التي تم الاتفاق عليها في مفاوضات غزة
معبر رفح :إعادة تشغيل معبر رفح جنوب قطاع غزة ، وفقًا لاتفاقية المعابر لعام 2005، التي وُقّعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وتنص على وجود مراقبين دوليين من الاتحاد الأوروبي في المعبر دون أي تواجد إسرائيلي، وذلك بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من غالبية محور فيلادلفيا إلى ما بعد شرق معبر رفح حتى كرم أبو سالم. سيدير المعبر من الجانب الفلسطيني موظفون فلسطينيون دون أي إشارة إلى أنهم يتبعون السلطة الفلسطينية.
محور نتساريم:ستنسحب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم حتى مفترق الشهداء (شارع صلاح الدين)، وسيُسمح بعودة النازحين دون قيود. سيتم فحص المركبات للتأكد من خلوها من أسلحة أو معدات قتالية، وسيكون الفحص من قِبل جهة عربية، سيتم الفحص باستخدام جهاز فحص X-ray للمركبات.
الأسرى:الصفقة الإنسانية التي يجري التفاوض حولها تقضي بإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين من المرضى وكبار السن والنساء، بما في ذلك المجندات الخمس، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية تنطبق عليهم المعايير ذاتها. لكن في هذه الجزئية، هناك خلاف بين الطرفين؛ إذ تريد إسرائيل إدراج 11 محتجزًا ليسوا ضمن هذه الفئات بحجة أنهم مرضى. حماس لا تعارض ذلك، لكنها تطلب ثمنًا يوازي قيمة كل مجندة من المجندات الخمس. من ناحية أخرى، تتحفظ إسرائيل على حوالي 60 أسيرًا فلسطينيًا ممن تنطبق عليهم المعايير، بحجة أنهم “أسرى خطيرون”. ومع ذلك، من المرجح أن يُحسم أمرهم في المرحلة الثانية.
خلال أيام الهدنة الـ45، وربما ستزيد عن ذلك، سيتم إدخال المساعدات الإنسانية والطبية.
المصدر : وكالة سوا