إيران بين مناورات الأصدقاء ومحادثات واشنطن حول البحر الأحمر
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
ستسمر واشنطن وطهران في انتهاج قواعد اللعبة ذاتها، المصالح الإيرانية في مقابل تهدئة التوترات الإقليمية، والتي لن تهدأ طالما كانت طهران لا تحقق مصالحها إلا على حساب الاستقرار والأمن الإقليمي، وحيث تنشأ الفوضى والدول الهشة.
بدأت إيران وروسيا والصين مناورات بحرية مشتركة في خليج عُمان وشمال المحيط الهندي يوم الثلاثاء الماضي، وهي التدريبات الخامسة من نوعها منذ عام 2019.
وعرفت التدريبات باسم "الحزام الأمني البحري 2024"، إذ يمثل الجانب الإيراني وحدات بحرية من جيشه النظامي و"الحرس الثوري".
أما الأهداف المعلنة للتدريبات فهي تعزيز الأمن الإقليمي وتعميق التعاون بين المشاركين، وإظهار حسن النية لحماية السلام العالمي وإقامة تحالف بحري من أجل مستقبل مشترك، كما سلطوا الضوء على أهداف أخرى مثل مكافحة القرصنة والإرهاب وتحسين الاستجابات الإنسانية وتبادل المعلومات الاستخباراتية لغرض عمليات الإنقاذ البحرية.
وقد كثفت إيران تعاونها العسكري مع بكين وموسكو رداً على التوترات الإقليمية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك تزويد روسيا بطائرات عسكرية من دون طيار قبل غزو أوكرانيا عام 2022، كما زادت زيارات ممثلي البحرية الروسية والصينية إلى إيران خلال الأعوام الأخيرة.
وبدأت تلك المناورات في الفترة من الـ 15 وحتر الـ 19 من مارس (آذار) 2023، حيث أجرت روسيا وإيران والصين مناورات بحرية تسمى "الحزام الأمني البحري - 2023" في خليج عُمان.
وتحاول إيران استعراض علاقتها بروسيا والصين وكأنهم متحدون في مواجهة الولايات المتحدة، فكل منهم يعتبر واشنطن عدواً له، وتريد طهران إعادة تموضع مكانتها ودورها بالبحث عن مكان في النظام الدولي الجديد الذي تسعى الصين إلى تأسيسه.
وكثيراً ما صرح المسؤولون الروس بأن القوات الروسية تقاتل الولايات المتحدة في أوكرانيا، أما بالنسبة إلى إيران فإن شعار "الموت لأميركا" كان جزءاً من أيديولوجيتها لعقود من الزمن، فضلاً عن تبرير سياستها الخارجية والتدخلية بأنها ضد الوجود الأميركي في الشرق الأوسط.
ويعتبر الشرق الأوسط المكان الأكثر وضوحاً لمحاولة روسيا والصين وإيران توجيه رسائل لواشنطن، ويتزامن ذلك مع الإعلان عن محادثات سرية غير مباشرة بين واشنطن وطهران على خلفية التوترات الجارية في البحر الأحمر بفعل هجمات الحوثيين، كما تتحدث واشنطن مع طهران انطلاقاً من حقيقة الدعم العسكري واللوجيستي الإيراني للمتمردين اليمنيين.
وتستهدف واشنطن وقف الهجمات على الشحن البحري من خلال تأثير إيران في الحوثيين، إذ ستعمل طهران على توظيف المناورات العسكرية المشتركة في خليج عُمان مع روسيا والصين، ومحادثات واشنطن غير المباشرة معها في شأن الشحن البحري على اعتبار أنها ذات سيادة وتأثير في الممرات البحرية المهمة مثل خليج عُمان والبحر الأحمر، وبذلك تكون طهران قد حققت جزءاً من أهدافها من وراء هجمات البحر الأحمر، وهو الترويج لنفوذها البحري والتأثير في المصالح الدولية.
وفي حين أن المحادثات الأميركية - الإيرانية غير المباشرة على خلفية هجمات الحوثيين تتناقض مع ما ادعته إيران من أنه ليس لها التأثير في وكلائها الإقليميين، لكن الحقيقة هو أن كل ما تبع المنطقة من توترات في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحر الأحمر هو جزء من الإستراتيجية الإيرانية التي هدفت إلى تفعيل ما يسمى مبدأ وحدة الساحات والتأثير في الشحن والتجارة الدولية، والتأثير في مصالح الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر مثل السعودية ومصر.
وتستهدف إيران دوماً التحدث إليها، سواء بمحادثات غربية أميركية معها أو من جانب دول الإقليم معها، والسؤال المطروح هنا هو المقابل الذي ستتفاوض إيران من أجله مع واشنطن وسيدفعها إلى التأثير في الحوثيين؟
إن الملفات التي تقايض من أجلها طهران تدور حول الملف النووي وتطوير قدراتها بما تجاوز اتفاق عام 2015، ولا سيما أنه في آخر اجتماع ربع سنوي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة، طلبت واشنطن من إيران التعاون مع مفتشي الوكالة حول توضيحات من طهران في شأن مصدر جزيئات اليورانيوم في مواقع غير معلنة، وهددت واشنطن بأنها ستقوم بإجراء مستقبلي ضد إيران إذا لم تتعاون، بينما يرتبط الملف الآخر بتخفيف بعض العقوبات الأميركية وربما الإفراج عن بعض الأموال المجمدة.
وستسمر واشنطن وطهران في انتهاج قواعد اللعبة ذاتها، المصالح الإيرانية في مقابل تهدئة التوترات الإقليمية والتي لن تهدأ طالما كانت طهران لا تحقق مصالحها إلا على حساب الاستقرار والأمن الإقليمي، وحيث تنشأ الفوضى والدول الهشة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن ايران امريكا الحوثي البحر الأحمر روسیا والصین
إقرأ أيضاً:
الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: رسائل متعددة وسيناريوهات مفتوحة
مارس 16, 2025آخر تحديث: مارس 16, 2025
المستقلة/- في تصعيد جديد يعكس التحولات المستمرة في المشهد الإقليمي، شنت الولايات المتحدة ضربات عسكرية “حاسمة وقوية” ضد مواقع تابعة لحركة “أنصار الله” الحوثية في اليمن.
العملية جاءت عقب اتهامات أمريكية للحوثيين بتنفيذ هجمات إرهابية وعمليات قرصنة في المنطقة، ما دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إصدار أوامر مباشرة للجيش الأمريكي بشن عمليات عسكرية واسعة النطاق.
التنسيق الأمريكي مع الحلفاء
وفقًا لما نقله موقع “Walla” العبري، فإن إسرائيل كانت من بين الدول القليلة التي تم إبلاغها مسبقًا بالضربات، وهو ما يعكس حجم التنسيق الوثيق بين واشنطن وتل أبيب في التعامل مع التهديدات الإقليمية. في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى اتصالًا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لإبلاغه بالعملية، في خطوة تعكس رغبة واشنطن في ضبط التوازنات مع القوى الدولية.
الخسائر والرد الحوثي
بحسب مصادر حوثية، فإن القصف الأمريكي الذي استهدف مواقع في صنعاء وصعدة أسفر عن سقوط 45 قتيلًا وجريحًا، مما أثار ردود فعل غاضبة من جانب الجماعة التي وصفت الضربات بأنها “عدوان سافر” على دولة مستقلة. وأكدت الحركة أن “تأديب المعتدين سيتم بصورة احترافية وموجعة”، معتبرة أن الهجمات لن تثنيها عن دعم غزة، بل ستؤدي إلى مزيد من التصعيد.
دلالات التوقيت والتبعات المحتملة
يأتي هذا التصعيد الأمريكي في وقت أعلن فيه الحوثيون عن نيتهم استئناف استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر اعتبارًا من الثلاثاء المقبل، بعد تعليق عملياتهم في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” في 19 يناير الماضي. هذا التطور يفتح الباب أمام احتمالات التصعيد في البحر الأحمر، مع إمكانية انجرار المنطقة إلى مواجهة أوسع، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية بين الولايات المتحدة وإيران، الداعمة الرئيسية للحوثيين.
الخاتمة
الضربات الأمريكية على الحوثيين تحمل رسائل متعددة، سواء لليمن أو لحلفاء واشنطن وخصومها في المنطقة. وبينما تتحدث الإدارة الأمريكية عن مواجهة “تهديد إرهابي”، يرى الحوثيون في الغارات الأمريكية محاولة لفرض الهيمنة وتأديب أي قوى تعارض السياسات الغربية في المنطقة. ومع تلويح الحوثيين برد “موجع”، يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام مواجهة جديدة في البحر الأحمر قد تعيد خلط الأوراق في الصراع الإقليمي؟