سودانايل:
2025-05-01@23:20:35 GMT

ماذا تعني زيارة حمدوك إلى القاهرة؟

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

د. أماني الطويل

وسط غبار كثيف من التراشق المعهود والاستقطاب الحاد بين الفرقاء السياسيين السودانيين بشأن زيارة د. عبدلله حمدوك إلى القاهرة، يمكن النظر إلى هذه الخطوة كتطور إيجابي من عدة زوايا، منها أنها تتكامل فيما يبدو لنا مع تحركات إقليمية ودولية قد تكون فرصة أخيرة في سياق محاولات وقف إطلاق النار في السودان.



ومن الزوايا الإيجابية في زيارة حمدوك ولكن على مستوى ثنائي، هي أن هذه الزيارة تؤشر لتقارب بين القاهرة وأبو ظبي في الملف السوداني، كانت أولى تجلياته في اجتماع المنامة الذي جرى بين الفريق شمس الدين الكباشي وعبد الرحيم دقلو، وكانت العاصمتان حاضرتين في هذه الترتيبات إلى جانب كل من الرياض وواشنطن، كما كانتا مشتركتين في وقت لاحق، وفي مشهد لافت بإمداد جوي لأهالينا في غزة بمساعدات إنسانية.

أما على المستوى الإفريقي، فقد سبقت الزيارة تنسيقاً واجتماعات بين الآلية الأفريقية للإتحاد الأفريقي، وبين وفد الزيارة من تحالف تقدم إلى القاهرة الذي يترأسه حمدوك، بما يعني أن الطرفين هما على صفحة واحدة في النظر لهذا الملف، خصوصاً في ضوء مناهج القاهرة في التعامل معه، والتي برزت في مؤتمر دول جوار السودان الذي لم يستبعد طرفاً إقليمياً عربياً أو إفريقياً طبقاً لمحدد الجوار الجغرافي المباشر، إدراكاً من مصر لطبيعة دور وتأثير كل طرف في المعادلات السودانية وتأثره بها.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء السوداني السابق لم يحظ بمقابلة الرئيس السيسي كما قالت مصادر سودانية في وقت سابق على الزيارة، في محاولة لتضخيم أثرها السياسي، فإن رئيس الوزراء السوداني السابق، اجتمع بالأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط وهو مؤشر على تفاهمات وترتيبات عربية عابرة لعدد من عواصم العرب فيما يتعلق بمسألة وقف الحرب في السودان.

أما المكسب الرئيسي من زيارة حمدوك ووفده فهو تحقيق تقارب بين الإدارة المصرية ممثلة في الوزير عباس كامل، مع أطروحات المكون المدني السوداني الممثل جزئياً في تحالف تقدم فيما يتعلق بالمعادلات السياسية السودانية الداخلية، وهو التقارب الذي قد يكون أنهى مراحل من الالتباس الطويل في هذه العلاقة، وبدأ خطوة من خطوات بناء الثقة بين الطرفين، حيث كان من اللافت حديث حمدوك اللاحق لزيارته بشأن طلب تقدم للقاهرة بأن تقوم بدور في عقد لقاء بين قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، وهو طلب مؤسس على إدراكات جديدة لدى تحالف تقدم بشأن أنه لا حل في السودان بدون القاهرة التي أثبتت تفاعلات ما بعد الحرب محورية دورها في المعادلات السودانية، وذلك في ضوء فشل محاولات عزل مصر عن المجريات السودانية والتي قامت بها عواصم عالمية وإقليمية عجزت عن تغيير هذه الحقيقة.

وفي المقابل قد يكون نجاح مصر في بلورة دور لها في وقف الحرب والتفاعل الإيجابي مع المعادلة الداخلية، يتطلب منها بلورة منظور يأخذ بعين الإعتبار الدور والوزن المحوري للمدنيين السودانيين في مرحلة ما بعد الحرب، وأعني بذلك القوي والتيارات السياسية كافة، وهو الدور الذي تدعمه عواصم عالمية مؤثرة ولا سبيل لتجاهله لإزالة العقبات والتحديات أمام الفاعلية المصرية في حل هذا الملف.

في هذا السياق علينا أن نلحظ حجم الانتصارات التي حققها الجيش السوداني خلال ذات أسبوع الزيارة، خصوصاً في أمدرمان ذات الوزن المعنوي في الوجدان السوداني، وكذلك مناطق من الجزيرة، وهو أمر يعني عودة الموازين العسكرية نسبياً لصالح الجيش، ويعني أيضاً وزناً عسكرياً إضافياً للجيش في أي جولة تفاوض محتملة، مضافة إلى وزنه المعنوي باعتباره الجيش القومي رغم كل المآخذ عليه بسبب تحالفاته السياسية.

أما على الصعيد الدولي، فهناك تطوران مهمان أرى أنهما غير بعيدين عن توقيت زيارة حمدوك للقاهرة، أولهما المشروع البريطاني الذي تم إقراره ومر في مجلس الأمن الدولي بأغلبية ١٤ صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت، الداعي لضرورة وقف إطلاق النار في رمضان.

أما على المستوى الأميركي، هناك زيارة بدأت لمبعوث واشنطن للسودان توم بيرييلو، تمتد لحوالي عشرة أيام، حيث سيحاول عبر زيارته لعواصم إفريقية وعربية استكشاف ربما معادلة جديدة للتدخل الدولي والإقليمي المشترك لإنهاء الصراع السوداني.

إجمالاً، قد يكون هناك حالياً ترتيبات إقليمية وعالمية بهدف بلورة آلية إجرائية لوقف إطلاق النار، ومحاولة بلورة مصفوفة سياسية فيها فاعلين محددين على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تلعب القاهرة في هذه المعادلة دوراً كبيراً بشأن إنهاء الحرب في السودان.

وتقديري أن على القاهرة أن تبذل مجهودات مضاعفة لبلورة صيغة للتقارب بين طرفي الصراع السوداني، وهي عملية لا تتطلب فقط عقد اللقاء الذي طلبه حمدوك بين البرهان وحميدتي، ولكنه يتطلب هندسة بيئة سياسية صديقة لوقف الحرب، وهو الأمر الذي مارست فيه القاهرة عدة أنشطة، منها مؤتمراً للغوث الإنساني للسودان في نوفمبر ٢٠٢٣، وكذلك المؤتمر الأول للإدارة الأهلية والقبائل في مارس الحالي، والذي حضره ممثلون عن الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوربي، وهو المؤتمر الذي شدد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ككيان.

وفي تقديرنا فإن القاهرة تحتاج لآليات جديدة لتدشين آليات تفاعل مع الجمهور السياسي السوداني الواسع الموجود في القاهرة، خصوصاً الشبابي منه، وذلك عبر أجسام مدنية مصرية، بهدف تخفيف حالة الإحتقان والاستقطاب المشهود على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك دعم قدرات الشباب فيما يتعلق بالإدراكات المعرفية المطلوبة في مسائل إنهاء الصراعات ومهارات التفاوض، ومتطلبات بناء الدول بعد فترات السيولة السياسية والأمنية وغير ذلك من عمليات بناء السلم وتدشين ثقافات التعايش والسلام.

نقلا عن:

https://twitter.com/AltaweelAmani  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: زیارة حمدوک فی السودان

إقرأ أيضاً:

البرهان في القاهرة| زيارة مفصلية في ظل أزمة السودان.. فهل تكون بداية لنهايتها؟

تعد زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني لمصر، ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية،  وزيارة هامة جدا خاصة في هذا التوقيت،  حيث أنها تهدف إلي تعزيز سبل التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الشقيقين.

توقيت زيارة البرهان للقاهرة 

وتأتي دلالات وتوقيت زيارة البرهان لمصر التي  في إطار المساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، كما أن البرهان حريص علي إطلاع الرئيس المصري الداعم للاستقرار والأمن في السودان وإنهاء الحرب القائمة الأن، علي أخر تطورات الأوضاع والأحداث الجارية في دولته.

واللقاء تضمن التشاور بين الجانبين حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة القائمة حفاظا على سلامة وأمن السودان، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، ويصون مصالح الشعب السوداني الشقيق، والتطرق لجهود القاهرة إقليميا ودوليا وخاصة مع آلية دول الجوار، لوقف الصراع واستعادة الأمن والاستقرار،  فضلا عن بحث سبل التنسيق والتعاون لدعم الشعب الأشقاء، لاسيما عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثة، حتى يتجاوز السودان الأزمة الراهنة بسلام.

محاور زيارة البرهان لمصر 

وفي هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، إن الزيارة  تميزت بمحورين أساسيين: أولهما تعزيز العلاقات الثنائية، والتي شهدت تطورا ملحوظا في مختلف الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ركز الجانبان على دفع هذه العلاقات نحو آفاق أوسع، مع التشديد على أهمية استمرار نموها وتكاملها بما يخدم مصالح الشعبين.

وأضاف صلاح حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن أما المحور الثاني، فتمثل في الملف الإنساني وجهود إعادة الإعمار، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز الدعم الإنساني للسودان، خاصة في ظل الظروف الحالية، إلى جانب التركيز على مشروعات إعادة البناء، لاسيما ما يتعلق بالبنية التحتية الأساسية التي تمثل عصب التعافي والتنمية في البلاد.

أزمة المياه والحرب في غزة والسودان.. تفاصيل قمة الرئيس السيسي ونظيره الأنجولي بالقاهرةبرلماني: لقاء الرئيس السيسي والبرهان يعكس دور مصر المحوري في استقرار السودان

والجدير بالذكر، أن المباحثات الثنائية بين الزعيمين السيسي والبرهان شهدت توافق الرؤي حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي لكل من مصر والسودان، فضلا عن  مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين، والاستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.

وفي توقيت بالغ الحساسية، جاءت زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى جمهورية مصر العربية، لتعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتؤكد أهمية التشاور المشترك في مواجهة التحديات المتسارعة التي تمر بها الساحة السودانية ومنطقة البحر الأحمر.

البرهان يصل إلى القاهرة لدعم جهود استعادة الاستقرار والتنمية في السوداناستعادة استقرار وتنمية السودان.. الرئيس السيسي يستقبل البرهان اليوم طباعة شارك السودان الأزمة السودانية مصر السيسي البرهان

مقالات مشابهة

  • شريط الأشباح رقم 10 الذي خاضت به أميركا الحرب النفسية مع فيتنام
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • تكريم فريق تنظيم زيارة ماكرون لجامعة القاهرة - صور
  • الماضي أصبح وراءنا.. ماذا قال الرئيس اللبناني عون في أول زيارة للإمارات؟
  • ماذا وراء زيارة وزير خارجية العراق المفاجئة إلى واشنطن؟
  • معاوية البرير: هذه فرص تعافي الاقتصاد السوداني في حال توقفت الحرب
  • البرهان في القاهرة| زيارة مفصلية في ظل أزمة السودان.. فهل تكون بداية لنهايتها؟
  • زيارة البرهان إلى مصر: محاولة لالتقاط أنفاس السياسة وسط ركام الحرب
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها