تواجه معظم دول العالم تحدياتٍ كبيرة، ذات تأثير بالغ على مستوى معيشة المواطنين، وتأتي على قائمة هذه التحديات أزمة ارتفاع الأسعار، المتفاقمة لعدة أسباب منها: الحرب الروسية – الأوكرانية، والتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، والتداعيات السلبية لعدوى فيروس كورونا، التي امتدّت لثلاث سنوات، وأضرّت أبلغ الضرر بسلاسل الإمداد، وعمليات توريد المنتجات، ووجود عجز كبير في بعض القطاعات، مثل: تصدير القمح، والمنتجات الورقية، والرقائق الإلكترونية، مما نجم عنه ارتفاع كبير في أسعار الكثير من السلع والمنتجات الأساسية.
ويشكل كل ذلك تهديدًا كبيرًا على الاقتصاد في أنحاء العالم، كما أظهر تقرير المخاطر العالمية لعام 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، والذي يُعقد كل عام لمناقشة القضايا الطارئة في العالم. خلص تقرير المخاطر إلى أن الاقتصاد العالمي سوف يعاني بشدة في العامين المقبلين.
الأحلام الشابةتأثير الأزمة الاقتصادية سيكون بالغًا أكثر على الفئات الشابة، حيث تمنعهم من تحقيق أحلامهم، وتلقي بهم فريسة للإحباط والاكتئاب، مما يضعف كيان الأمم؛ لأن الطاقة الفاعلة، اليافعة هي القوة الضاربة لها. لذا فإن قضاياهم يجب أن نوليها اهتمامًا خاصًا.
إن ظاهرة ارتفاع الأسعار المتزايدة والمستمرة تضعف هذه الآمال؛ لأنها تجعل من الصعب الحصول حتى على أبسط الاحتياجات الأساسية؛ إذ لا يمرّ وقت نظن فيه أن الأزمات الاقتصادية، وغلاء الأسعار قد انقضت بلا رجعة، ويبدأ العالم يسترد أنفاسه الطبيعية حتى تأتي أزمات أخرى تعصف بهذا الظن، لتبدأ فترة أخرى من المعاناة، والتطلّع إلى أمل قريب.
وبغض النظر عن أسباب ارتفاع الأسعار، وخاصة ما يسمى بغلاء المعيشة، سواء كانت تعود لأسباب سياسية كما اعتدنا منذ وقت طويل، أو بسبب نقص في الموارد كانحسار الأمطار في دول يعتمد اقتصادها على الموارد الزراعية، كمعظم دولنا العربية، أو انخفاض أسعار النفط في الدول التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على إيرادات النفط، فإن ما يهمنا في ذلك هو غلاء الأسعار على أي حال، وما يكون له من آثار على المجتمعات من النواحي الاجتماعية، وعلاقات الأفراد، ومسيرة الحياة بشكل عام.
مع مرور الوقت، ترتفع تكاليف السكن والغذاء والنقل والتعليم والرعاية الصحية بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على الشباب تحمل هذه النفقات. ونتيجة لذلك، يجد الكثيرون من الشباب صعوبة في تحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية، الأمر الذي يمكن أن يكون له آثار نفسية واجتماعية سلبية.
ومع ذلك، فإن أزمة غلاء المعيشة ليست الوحيدة التي تلوح في الأفق حول العالم. فهناك أزمة تحمل عواقب ذات شأن على المدى البعيد، وهي أزمة تغيّر المناخ، التي تعد من أكبر التحديات التي تشكل تهديدًا حقيقيًا للبشرية والبيئة.
كارثة تلوح في الأفقالتغير المناخي يشير إلى زيادة في درجات الحرارة على سطح الأرض؛ بسبب الأنشطة البشرية المتمثلة في احتراق الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، وهو أحد أكبر مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزراعة الأراضي، وتعديلها لإنشاء المدن والمناطق الصناعية، والذي يؤدي إلى محو تدريجي للغطاء النباتي الطبيعي والأشجار، مما يقلل من قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. إضافة إلى تلوّث الهواء والمياه بسبب الانبعاثات الصناعية والمنزلية الملوثة، وهو أمر يؤثر على صحة النباتات والحيوانات، وبالتالي يؤدّي إلى تغير المناخ.
ويترتب على ذلك عواقب جوهرية ومتعددة، مثل: ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم، مما يؤثر على مساحات واسعة من الأرض ويزيد من احتمالات حدوث الجفاف وانخفاض كميات المياه المتاحة وارتفاع مستوى البحار، حيث يتسبب ذوبان الجليد في المناطق القطبية والمرتفعات الجبلية في ارتفاع مستوى البحار، مما يهدد المناطق الساحلية المكتظة بالسكان والبنية التحتية الحيوية، أيضًا زيادة تكرار الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، مما يتسبب في فقدان الأرواح والدمار الشامل للمجتمعات.
هذه الأحداث تهدد البيئة والموارد الطبيعية، وتؤثر بشكل كبير على الزراعة والأمن الغذائي والاقتصادات في المناطق المتأثرة، وتهدد العديد من الأنواع البحرية الحساسة لهذه التغيرات.
للحفاظ على البيئة، وضمان استدامة الحياة على كوكب الأرض، يجب على الدول والمجتمع الدولي العمل معًا واتخاذ إجراءات فعّالة وملموسة تحدّ من آثار التغير المناخي، وتعزز الاستدامة البيئية.
يمكن أن تشمل هذه الإجراءات تشجيع حماية الغابات والمساحات الخضراء؛ للحفاظ على التوازن البيئي للأرض، وتعزيز إعادة تدوير الموارد والحد من النُفايات البلاستيكية، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، بدلًا من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتبقى تلك المشكلات المزمنة والتي تعصف بالشباب، والتي تمثل عقبة في مشوار تحقيق أحلامهم، مرهونة بالضمير العالمي، وتكاتف جهود الجميع لحلها، فلا توجد دولة واحدة أو أمة واحدة تستطيع وحدها تقديم حل جذري لكل ما ينتظرنا من كوارثَ إن لم ننتبه، ونعِ، ونحذر قبل فوات الأوان.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
حقيقة مذهلة عن جبل إيفرست.. ما سر ارتفاع قمته كل عام؟
إذا نجحت في الوصول لقمة جبل إيفرست فقد تكن لم تتسلق أعلى قمة جبلية في العالم، وذلك لزيادة مقدار ارتفاعها بشكل سنوي، وبالتالي يتغير قياسها عما تم تسجيله مسبقًا، لذا دائمًا ما يتفاجأ العلماء بالقياسات الجديدة لهذه المنطقة الوعرة والأشهر في العالم.
ارتفاع جبل إيفرستيُطلق على جبل إيفرست العديد من المسميات مثل، «تشومولونجما» في التبت، و«ساجارماثا» في نيبال، حيث يعتبر جزءًا مميزًا من تضاريس الأرض، وتحدي تسلق مميت محتمل، وأعجوبة جيولوجية للعلماء والمستكشفين، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
مع وجود قمة جبلية على ارتفاع 29032 قدمًا فوق مستوى سطح البحر، فهذا يجعلها بسهولة هي الأطول في العالم بمقدار حوالي 800 قدم فوق قمم الهيمالايا الأخرى مثل كانغشينجونجا ولوتسي، ولكن ما سبب زيادة هذا الارتفاع سنويًا؟
تشير الأبحاث التي نشرت مجلة «Nature Geoscience» العلمية إلى أن الأنهار تعد من أهم عوامل التعرية، فقبل نحو 89 ألف عام، ضم نهرا قويا آخر مجاورًا له، وباندماج النهرين، أصبحا أكثر تآكلاً.
وأدى هذا التآكل إلى جرف مساحات أكبر من المناظر الطبيعية في منطقة جبال الهيمالايا، وتقول الدراسات إن هذه القشرة الخفيفة الوزن كانت قادرة على الطفو بسهولة أكبر فوق طبقة الوشاح الأساسية، وفي نهاية المطاف أضاف ذلك ما بين 50 إلى 165 قدماً إلى ارتفاع جبل إيفرست.
نمو ارتفاع جبل إيفرستوأوضح أحد علماء الجيولوجيا بجامعة الصين لعلوم الأرض في بكين، أن إيفرست قد تشكل منذ حوالي 45 مليون سنة، عندما اصطدمت الصفيحة التكتونية التي تقع عليها الهند بالصفيحة الأوراسية، ثم بدأت في النزول تحتها، وحينها انثنت القشرة الأرضية وتفتتت على نطاق هائل، مما أدى إلى تكوين جبال الهيمالايا.
ومع غوص هذه القشرة كل عام وكشط بعض المواد من الصفيحة الهندية وإضافتها إلى سلسلة الجبال، تزداد قمة إيفرست تباعًا، وهو ما يتسبب في ارتفاعها كل عام.