ما سر تكثيف ظهور “كتائب الإخوان” بعد استرداد إذاعة أم درمان؟
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
سكاي نيوز عربية - أبوظبي
أثار تكثيف ظهور قيادات وكتائب الإخوان العسكرية والسياسية، خلال الساعات التي أعقبت استرداد الجيش السوداني لمقر الإذاعة والتلفزيون في وسط مدينة أم درمان يوم الثلاثاء، تساؤلات عديدة حول الدلالات والتوقيت.
وظهر قائد "كتيبة البراء" المصباح أبوزيد، وهو يعلن "النصر" بعد لحظات من دخول الجيش للمقر الذي كان خاضعا لسيطرة قوات الدعم السريع منذ الأسابيع الأولى من اندلاع القتال في منتصف أبريل.
وفي الجانب الآخر، نشطت منصات إعلامية تابعة للإخوان في تمجيد دور من أسمتهم بـ"المجاهدين وكوادر الحركة الإسلامية" في القتال، وذهبت بعض المنصات إلى أبعد من ذلك، واعتبرت أن الخطوة شكلت بداية الطريق لعودة التنظيم للحكم ونهاية لأي دور للأحزاب السياسية التي قادت التغيير، الذي أطاح في أبريل 2019 بحكم الإخوان، الذي استمر ثلاثة عقود.
وتمثل الوجه الثالث للظهور العلني في التصريحات، التي نقلت على لسان الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، والتي قطع فيها بعدم الرضوخ لأي هدنة أو حلول تفاوضية.
وربط البعض بين ذلك الظهور وطبيعة التركيبة الحالية للجيش في ظل اتساع رقعة الحرب التي شملت أكثر من 70 في المئة من مساحة البلاد حتى الآن، وانضمام حركات مسلحة للقتال إلى جانب الجيش.
ورأت الكاتبة صباح محمد الحسن أن الظهور الإعلامي المكثف لقائد كتيبة البراء قصد به تقديم نفسه و"تحقيق مكاسب وهو يعلن استرداد موقع له قيمته الوجدانية عند الشعب السوداني، وقيمته النفسية لعناصر الإخوان كمنبر لإذاعة كل البيانات الانقلابية التي تشعرهم بالقوة".
استراتيجية العودة
منذ سقوط نظامهم في أبريل 2019، استخدم الإخوان 3 أدوات لتهيئة المسرح لعودة حكمهم مجددا، مستندين على شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي والعسكري، التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
وظل التنظيم ومنذ ظهوره في شكل شبكات صغيرة ومحدودة، في أواخر أربعينيات القرن الماضي، يعمل على توسيع قاعدته داخل الجيش والأجهزة الأمنية، من أجل تحقيق طموحاته في الوصول إلى الحكم. وبالفعل، استخدم تلك الشبكات في تنفيذ أول محاولة انقلابية في العام 1959، أي بعد ثلاث سنوات من استقلال البلاد من الحكم الإنجليزي في 1956. واستمرت تلك المحاولات حتى العام 1989 عندما نفذ التنظيم بنجاح انقلاب عمر البشير، الذي حكم البلاد 30 عاما.
لكن ومنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، توسع نفوذ الإخوان في الجيش بشكل كبير، عندما بدؤوا في استخدام شعارات دينية ومتطرفة لدغدغة مشاعر الشباب وإشراكهم في الحرب الأهلية في جبال النوبة والنيل الأزرق والجنوب ذي الغالبية المسيحية والذي انفصل عام 2011 وكوّن دولته المستقلة.
وسعى التنظيم لصنع مراكز قوة داخل الجيش، لكن وليد التوم، الضابط السابق في الجيش السوداني، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إن التنظيم نجح في اختراق الجيش، لكنه لم يستطع تغيير عقيدة كافة منسوبيه.
أما في الجانب الإعلامي، فيستخدم التنظيم في حملته الحالية شبكات إعلامية ضخمة تشمل عددا من المواقع والقنوات التلفزيونية إضافة إلى ضخ مبالغ ضخمة في شركات ومجموعات تتخصص في بث الشائعات والأخبار المفبركة على وسائط التواصل الاجتماعي من أجل تشويه صورة المدنيين والتأثير على الرأي العام.
التمسك بالحرب
وتضغط كتائب الإخوان التي تقاتل إلى جانب الجيش بقوة في اتجاه استمرار الحرب وعدم الرضوخ لأي حلول سلمية، وسط تقارير تحدثت عن خلية تابعة لها تقف وراء المواقف المتشددة الرافضة لوقف الحرب. وتربط مجموعات الإخوان بشكل علني بين دعمها للجيش واستمرار الحرب.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي محمد لطيف: "الجيش مجرد أداة لتنفيذ برامجهم متى ما حاد عن ذلك يقومون بمحاربته والبحث عن جيش بديل".
وأعلنت "كتيبة البراء" رفضها بشدة الجهود المحلية والإقليمية والدولية الساعية لوقف الحرب. ويرى مراقبون أن ذلك الرفض يرتبط بمبدأ العنف الذي قامت عليه الكتيبة وغيرها من المجموعات الجهادية الأخرى، مشيرين إلى علاقتها الواضحة مع تنظيم داعش، الأمر الذي تسبب في إحراج موقف الجيش.
ووفقا لضابط كبير، فإن عددا من ضباط الجيش ظلوا طوال الفترة الماضية يحذرون من خطورة ربط اسم الجيش بأي مليشيات قد تكون لها ارتباطات مع تنظيمات إرهابية منبوذة عالميا، لكن الضابط الذي فضل حجب اسمه أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "إشراك هذه العناصر في القتال إلى جانب الجيش يتم بتنسيق عالي المستوى مع قيادات سياسية ذات نفوذ كبير داخل الجيش والأجهزة الأمنية مثل علي كرتي وأحمد هارون وغيرهم".
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الجيش يتقدم وسط الخرطوم و10 قتلى بقصف الدعم السريع أم درمان
أعلن الجيش السوداني أن قواته تمكنت من السيطرة على مواقع إستراتيجية جديدة وسط العاصمة الخرطوم، في حين أفادت وزارة الصحة السودانية اليوم الثلاثاء بمقتل 10 مدنيين في قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على أم درمان.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العميد ركن نبيل عبد الله علي في بيان إن "قوات سلاح المدرعات تقدمت من جسر الحرية الذي يربط بين أحياء جنوب الخرطوم ووسط المدينة، ونجحت في السيطرة على مواقع إستراتيجية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع".
وأضاف أن "قوات سلاح المدرعات التحمت مع أبطال الجيش الصامدين في مبنى القيادة العامة بعد تنفيذ عملية ناجحة لتطهير مستشفى الشعب التعليمي من عناصر مليشيا آل دقلو".
وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن بات الجيش يسيطر بالكامل على مدينة بحري (شمال) ومعظم أنحاء مدينة أم درمان (غرب) و75% من عمق مدينة الخرطوم التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي، في حين لا تزال قوات الدعم السريع في أحياء شرق المدينة وجنوبها.
في الأثناء، قالت غرف طوارئ محلية محافظة الخرطوم في بيان اليوم الثلاثاء إن "قوات الدعم السريع ارتكبت خلال الأيام الماضية انتهاكات واسعة النطاق في أحياء الخرطوم راح ضحيتها نحو 50 قتيلا، بينهم 10 من المتطوعين".
إعلانوأشارت غرف الطوارئ إلى اختطاف الدعم السريع ما لا يقل عن 70 مواطنا -بينهم نساء- إضافة إلى 12 متطوعا ومتطوعة، فضلا عن الإبلاغ عن حالات اغتصاب لم يتم حصرها بشكل دقيق حتى الآن.
وأفاد البيان بأن التضييق الذي تمارسه قوات الدعم السريع على أحياء الخرطوم أدى إلى تزايد خطير في حالات سوء التغذية بين الأطفال وكبار السن والحوامل، مما أسفر عن وفاة 7 أطفال خلال مارس/آذار الحالي.
قصف مدفعيوفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة السودانية اليوم الثلاثاء مقتل 10 مدنيين وإصابة آخرين جراء قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على أم درمان غربي العاصمة الخرطوم.
وقالت الوزارة في بيان إن "المليشيا المتمردة (الدعم السريع) تواصل القصف العنيف والممنهج على الأحياء السكنية بأم درمان لليوم الثاني على التوالي".
وأضافت أن القصف يتركز خلال ساعات الليل، ويستهدف المدنيين في الحارتين الثامنة والعاشرة بحي الثورة، دون ذكر أسباب استهداف هاتين المنطقتين.
وأمس الاثنين، أعلنت السلطات السودانية أيضا مقتل 4 مدنيين وإصابة 30 آخرين إثر قصف مدفعي مكثف نفذته قوات الدعم السريع على مدينة أم درمان.
ويتزامن هذا القصف مع توسع رقعة سيطرة الجيش في العاصمة، وتطويقه قوات الدعم السريع وسط الخرطوم حيث يوجد القصر الرئاسي والمؤسسات الحكومية.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.
ومنذ أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش والدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.