مائدة رمضان قوامها الشاي وعلف الحيوان في غزة
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
غزة – تعاني الأسر الفلسطينية في قطاع غزة من صعوبات كبيرة في تأمين احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية خلال شهر رمضان، جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 5 أشهر.
ويزداد الوضع المعيشي تعقيدا وصعوبة، حيث تضطر العائلات إلى الاكتفاء بمسحوق نبات الزعتر مع الزيتون وقليل من الخبز المصنوع من علف الحيوانات، نظرًا لشح الطعام والدقيق شمال القطاع.
أمنيتي وجبة طعام في رمضان
في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، يتمنى الفتى موسى نمر (15 عاما) أن يتمكن من تناول وجبة غذائية خلال شهر رمضان كما كان يفعل في السنوات السابقة.
ومع ذلك، فقد أجبرته الحرب الإسرائيلية على الاكتفاء بتناول الزعتر والشاي بسبب شح الطعام في المناطق الشمالية من قطاع غزة المحاصر.
وعلى موقد صغير في ظلام دامس، يقوم الفتى وأفراد عائلته بإعداد إبريق من الشاي استعدادًا لتناول وجبة السحور، تمهيدًا لصيام اليوم التالي.
في خيمتهم الصغيرة التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، يجلس أفراد العائلة الفلسطينية بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي منزلهم خلال الحرب.
وخلال شهر رمضان، تواجه العائلات صعوبات في الحصول على طعام غذائي مفيد على أمل أن يتناولوه على وجبة السحور أو الإفطار.
ويعاني أطفال العائلة الأربعة من سوء التغذية بسبب نقص الطعام في مدينة غزة، وهم يعتمدون حاليًا على الزعتر وحساء معلب.
ولا يملك رب الأسرة أي وسيلة لتخفيف جوع أطفاله في ظل الوضع المالي الصعب الذي يجعله عاجزًا عن تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرته، ما يزيد من معاناتهم في ظل الحرب.
وتعاني تلك العائلة النازحة من شح الملابس الكافية لتدفئة أجسادهم النحيلة، بعد نزوحهم المفاجئ من حي الشجاعية، وعندما عادوا وجدوا منزلهم مدمرا.
تأمل العائلة كسائر العائلات الأخرى أن تنتهي الحرب، وأن تعود لتعيش أجواء شهر رمضان كما كانت في الأعوام السابقة، حيث كان الطعام متوفرا.
وأثناء مساعدة الطفل لوالده في إعداد وجبة السحور، لم يتوقع الطفل الفلسطيني أن يقضي شهر رمضان في خيمة، ولا يتناول الطعام الذي يحبه في هذا الشهر المبارك، لكن الحرب غيرت مسار حياته وجعلتهم يعيشون في ظروف قاسية لا تليق بالإنسانية، حيث يواجهون مجاعة حقيقية.
وقال نمر للأناضول: “استيقظنا قبل الفجر لإعداد السحور المكون من الزعتر والشاي، لا يوجد شيء غيرهما لدينا”.
وأضاف: “نحن جوعى، نريد طعاما يروي أجسادنا النحيلة العاجزة عن الوقوف، ونريد أن نأكل ونشرب مثلما يفعل الآخرون في العالم”.
وتابع: “نريد سحورا وإفطارا جيدين، ونريد خبزا، فلا يوجد لدينا دقيق”.
وتمنى الطفل الفلسطيني أن تنتهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ويعود لمنزل يسكن به ويعيش حياته كسائر أطفال العالم بسلام وأمان.
ويتطلع ليوم يتمكن فيه من الاستمتاع بحياة جميلة ويتناول طعامًا مناسبًا يشبع جوعه ويغذي جسده، دون أن يعاني من التشرد أو الخوف من الحرب.
خبز من علف الحيوانات
حالة تلك الأسرة لا تختلف كثيرًا عن الأوضاع المأساوية التي تعيشها عائلة “أبو شدق” في مدرسة نزحت إليها من مخيم جباليا، بعد تدمير منزلهم شمال القطاع.
وعند موعد الإفطار، تُعِد العائلة قليلًا من الزعتر والزيتون، بالإضافة إلى قليل من الليمون، لتناولهم بعد يوم شاق من الصيام.
وتعد الفلسطينية أم غسان أبو شدق (55 عاما) الخبز المصنوع من الذرة الناشفة والشعير المخصص لإطعام الحيوانات.
وتقول للأناضول: “لا يوجد طعام مناسب نأكله في شهر رمضان، والأوضاع صعبة جدًا”.
وتضيف: “نعتمد على الزعتر والدقة والزيتون وطعام الحيوانات لتناوله في رمضان”.
وتتابع: “لم تمر علينا أيام مثل هذه خلال السنوات المضنية، كنا نحضر البيض والمربى والحلاوة والتمر لتناول السحور، لكن اليوم لا يوجد شيء، كل شيء اختفى”.
وإلى جانب السيدة، يعاونها ابنها الشاب غسان في إعداد الخبز المصنوع من طعام الحيوانات، استعدادًا لتناول طعام الإفطار داخل مدرسة النزوح التي لجأوا إليها.
ويستذكر غسان ووالدته شهر رمضان خلال الأعوام الماضية، وكيف كانوا يعدون أنواعًا طيبة من الطعام المتنوع، يفتقدونها الآن في ظل الحرب والحصار.
يقول غسان للأناضول: “الأكل والشرب نادران في شمال قطاع غزة، ونحن غير قادرين على تحمل الجوع بسبب نقص الطعام”.
ويضيف: “عندما تصل الطائرات لتسليم المساعدات، نضطر للجري مسافات طويلة ولا نحصل سوى على كميات ضئيلة لا تشبع جوعنا أو جوع أطفالنا”.
ويتابع: “نحن نعاني، وأطفالنا يعانون من سوء التغذية بسبب عدم توفر الطعام المناسب، ونخشى على حياتهم بسبب ذلك”.
ومع الحرب، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من السكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ويحل رمضان بينما تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: شهر رمضان قطاع غزة لا یوجد طعام ا
إقرأ أيضاً:
ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، هاجمت روسيا أوكرانيا مما أسفر عن تدمير أكبر مصدر للغاز فى أوروبا وصدم أسواق الطاقة العالمية، مما مهد الطريق لتحقيق أرباح أفضل من المتوقع للمنتجين الذين كانوا مستعدين للاستفادة من تقلبات السوق. الآن بدأت هذه الأرباح فى التراجع.
ومع تراجع الأسواق إلى حالة من الاستقرار، حذر كبار التنفيذيين فى قطاع النفط من أن الأرباح بدأت هى الأخرى فى التراجع. قد تعنى وفرة المشاريع الجديدة فى قطاع النفط والغاز، والتى تدعمها أجندة مؤيدة للطاقة الأحفورية من البيت الأبيض، أسواقًا أضعف فى المستقبل أيضًا.
من المتوقع على نطاق واسع أن تحقق شركة شل، أكبر شركة نفط فى أوروبا، أرباحًا أضعف هذا الأسبوع عند الإعلان عن نتائجها المالية السنوية.
كما حذرت أكبر متداول للغاز الطبيعى المسال فى العالم، التى أعلنت عن نتائج تداولها فى الربع الأخير من العام الماضي، من أن أرباحها من تجارة النفط والغاز من المحتمل أن تكون أقل بكثير من الأرباح التى حققتها فى الأشهر الثلاثة السابقة.
من المتوقع أن تنخفض الأرباح المعدلة السنوية لشركة شل إلى ما يزيد قليلًا على ٢٤ مليار دولار للعام الماضي، وفقًا لآراء المحللين فى مدينة لندن.
وهذا يمثل انخفاضًا مقارنة بعام ٢٠٢٣، عندما تراجعت أرباحها السنوية إلى ٢٨.٢٥ مليار دولار من مستوى قياسى بلغ ما يقارب ٤٠ مليار دولار فى العام الذى سبق، عندما بدأت الحرب الروسية.
أما أكبر شركة نفط أمريكية، إكسون موبيل، فمن المتوقع أن تعلن عن أرباح أضعف فى نتائجها السنوية هذا الأسبوع. وقد أخبرت الشركة، التى سجلت ربحًا قياسيًا قدره ٥٦ مليار دولار فى ٢٠٢٢، مستثمريها هذا الشهر أن الأرباح من تكرير النفط ستنخفض بشكل حاد، وأن جميع أعمالها ستواجه ضعفًا.
حتى مع سلسلة الإجراءات التى اتخذها ترامب لدعم قطاع الطاقة الأحفورية، فإن من غير الواضح ما إذا كان بإمكان شركات النفط توقع عودة الأرباح التى حققتها آلة الحرب الروسية.
ففى الأيام التى تلت تنصيبه، دعا الرئيس الـ٤٧ للولايات المتحدة تحالف أوبك لخفض أسعار النفط العالمية بشكل أكبر من خلال ضخ المزيد من النفط الخام. وأشار ترامب إلى أن ذلك قد ينهى الحرب فى أوكرانيا - على الأرجح عن طريق تقليص إيرادات شركة النفط الروسية- متهمًا المنتجين بإطالة الصراع من خلال إبقاء الأسعار مرتفعة.
دعوة ترامب للمزيد من إنتاج النفط من السعودية، ولشركات النفط الأمريكية بـ«الحفر، حفر، حفر»، قد تحقق وعده بخفض التكاليف للأسر، لكن من غير المرجح أن تساعد شركات النفط التى تبرعت بملايين الدولارات لحملته الانتخابية، وفقًا للمحللين.
وقد ظهرت تحذيرات الأرباح الأخيرة من إكسون وشل جزئيًا بسبب أسواق النفط والغاز الضعيفة، التى لا تظهر أى علامة على انتعاش هيكلى فى الأجل القصير.
فى ٢٠٢٣، بلغ السعر المرجعى للغاز فى الولايات المتحدة، المعروف باسم «هنرى هاب»، ٢.٥٧ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض حوالى ٦٢٪ عن متوسط ٢٠٢٢ عندما شهدت أسواق الغاز ارتفاعًا حادًا بعد الغزو الروسى الكامل لأوكرانيا. وفى ٢٠٢٤، انخفضت أسعار الغاز أكثر لتصل إلى ٢.٣٣ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
القصة مشابهة لأسواق النفط. فقد بلغ متوسط سعر برميل خام برنت الدولى أكثر من ١٠٠ دولار فى ٢٠٢٢ عندما اندلعت الحرب فى أوكرانيا، قبل أن ينخفض إلى ٨٢.٦٠ دولار فى ٢٠٢٣.
وفى العام الماضي، بلغ متوسط الأسعار ٨٠.٢٠ دولارًا للبرميل، رغم تصاعد الصراع فى غزة، حيث تراجعت الأسعار إلى متوسط ٧٤.٤٠ دولارًا فى الربع الأخير.
جزئيًا، يعكس الانخفاض المستمر فى أسعار الوقود الأحفورى «طبيعة جديدة للطاقة» فى أوروبا، حيث تكيفت الدول مع فقدان إمدادات الغاز والنفط من روسيا من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الواردات البحرية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
لكن تراجع أسعار النفط والغاز يثير تساؤلات أعمق حول رغبة العالم فى الوقود الأحفورى ومستقبل مشاريع الطاقة الجديدة التى تسعى لتلبية هذه الرغبة.
وقد أوضحت وكالة الطاقة الدولية أمرين: أولًا، لا تتوافق أى مشاريع جديدة للوقود الأحفورى مع أهداف المناخ العالمية؛ ثانيًا، إن الزيادة فى مشاريع النفط والغاز المسال ستتجاوز الطلب بدءًا من هذا العام، مما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السوق لبقية العقد.