في وقت تستمرّ المفاوضات من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، يفترض أن ينعكس أيضًا على "جبهة الإسناد" في جنوب لبنان، بعد "ترنّحها" بعض الشيء، خصوصًا مع بداية شهر رمضان على وقع القصف، بعد تبدّد الآمال بتحقيق ما سُمّيت بـ"هدنة رمضان"، يبدو أنّ الجانب الإسرائيلي اختار "تكتيكًا مناقضًا"، يقوم على المزيد من التصعيد، سواء في الأراضي الفلسطينية من غزة إلى الضفة، أو في لبنان.


 
على مستوى "الجبهة اللبنانية"، تجلّى هذا التصعيد في الأيام القليلة الماضية، من خلال "توسيع" العدو لساحات الاشتباك، بعد كسره سابقًا لكلّ قواعده، حتى أضحى القصف الإسرائيلي لمناطق بعيدة عن الحدود الجنوبية أمرًا "روتينيًا"، كما حصل في محيط مدينة بعلبك والقرى المجاورة في البقاع، وصولاً إلى "تشريع" الاغتيالات مجدّدًا، مع استهداف أحد القياديين في كتائب القسام، بين مدينة صور وبلدة الناقورة جنوبًا.
 
وإذا كان التصعيد الأخير يأتي ضمن سلسلة انتهاكات إسرائيلية لا تتوقف، بل تتصاعد بالتوازي مع "تحريض صريح" من سياسيين إسرائيليين على الذهاب إلى "الحرب الموسّعة"، فإنّ تساؤلات تُطرَح عن دلالات المشهد المحتدم على أكثر من مستوى، فهل أصبحت الساحة اللبنانية "مستباحة" بالفعل، وبالتالي أصبحت "مشرّعة" أمام الانتهاكات بلا أيّ رادع؟ وهل يصبح التعاطي الإسرائيلي مع لبنان كغزة مثلاً، أقلّه ما قبل "طوفان الأقصى"؟
 
قواعد الاشتباك "كُسِرت"
 
قد لا يكون ثمّة إجابة حاسمة على هذه التساؤلات بعد، طالما أنّ الجبهة لا تزال "ملتهبة"، ما يحيل أيّ بحث فعليّ بما يصطلح على وصفه بـ"اليوم التالي" إلى ما بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أو بالحدّ الأدنى، الاتفاق على "هدنة طويلة الأمد"، لكنّ الثابت في الانتظار هو أنّ كلّ قواعد الاشتباك قد "كُسَرت"، سواء تلك التي كان معمولاً بها منذ حرب تموز 2006، أو حتى تلك التي كانت سائدة مع بداية "طوفان الأقصى".
 
يكفي للدلالة على ذلك التوقف عند "كمّ" الضربات الإسرائيلية، ولكن أيضًا "نوعها" في الآونة الأخيرة، حيث بات واضحًا أنها ما عادت تلتزم بأيّ قواعد اشتباك، وما عادت تتقيّد بأيّ "ضوابط" إن جاز التعبير، وكأنّ كلّ المناطق "مشرّعة" أمام القوات الإسرائيلية، إذا ما وجدت لنفسها "هدفًا" تعتبره "مشروعًا"، سواء كان لبنانيًا أو فلسطينيًا، من دون أن تضطر لتقديم التبريرات أو الشروحات، كما فعلت مثلاً مع ضربة الضاحية الجنوبية لبيروت.
 
ثمّة من يشبّه السلوك الإسرائيلي في هذا السياق بذلك الذي تعتمده تل أبيب أساسًا في سوريا، منذ سنوات، أي قبل اندلاع معركة "طوفان الأقصى"، ومن دون أن تكون هناك جبهة مفتوحة فيها أصلاً كما هو الحال في جنوب لبنان، حيث يرى كثيرون أنّ ما يحصل في لبنان اليوم مشابه لما كان ولا يزال يجري في سوريا، حيث تشرّع إسرائيل نفسها الضرب متى شاءت، وفي أيّ مكان تريد، من دون أن تتعرّض لأيّ مساءلة حقيقية وجدّية.
 
دور "حزب الله"
 
صحيح أنّ الظروف الحاليّة قد تسمح بهذا التشبيه، باعتبار أنّ الانتهاكات الإسرائيلية لا تتوقّف، وساحات الاشتباك تكاد تكون كامل التراب اللبناني، وليس المنطقة الحدودية في الجنوب فحسب، إلا أنّ العارفين يؤكدون أن مثل هذا التشبيه قد لا يكون في مكانه، للعديد من الأسباب، أولها أنّ ما قد يبدو في الظاهر "أمرًا روتينيًا"، إن جاز الوصف أصلاً، في أيام الحرب لا يمكن أن يكون كذلك في غيرها من الأيام، وخصوصًا في مرحلة ما بعد الحرب.
 
يلفت العارفون في هذا السياق إلى دور "حزب الله" في المواجهة، ولو كان "مضبوطًا" اليوم، باعتبارات الحزب الذي يتجنّب الذهاب إلى مواجهة مفتوحة، إلا أنّه يصرّ على إيصال رسالة واضحة بأنّ الانتهاكات الإسرائيلية لا يمكن أن تمرّ بلا ردّ، بما يعني أنّ ما كان يسري على مناطق أخرى في المنطقة في ظروف محدّدة، لا يسري بالضرورة على لبنان، الذي فتح أصلاً جبهة الجنوب تضامنًا مع الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة.
 
أكثر من ذلك، يقول العارفون إنّ "سيناريوهات" ما بعد جولة التصعيد الحالية تبقى مرهونة بالنهايات التي ستبلغها، ولا سيما في ظلّ قناعة راسخة لدى كثيرين بأنّ هذه الجولة لن تنتهي إلا بـ"حلّ جذري" حقيقي، علمًا أنّ وساطات دوليّة تعمل على هذا الخط، لعلّ أبرزها تلك التي يقودها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يسعى لتكرار إنجاز ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، على نحو يصحّ وصفه بـ"الشامل".
 
ثمّة من يقول إنّ "استباحة" إسرائيل للأراضي اللبنانية، بالشكل الحاصل حاليًا، تأتي لـ"اطمئنانها" إلى أنّ "حزب الله" لن ينجرّ إلى الحرب الشاملة، مهما بلغت شدّة الاستفزاز. وثمّة من يربط جولة التصعيد الحالية بسعي تل أبيب إلى "رفع السقف" قبل المفاوضات، وهناك من يضعها في خانة "الضغوط"، لا أكثر ولا أقلّ. في كلّ الأحوال، يبدو الثابت أنّ "المؤقت" لن يصبح "دائمًا"، وأنّ فكرة أن يكون لبنان "مستباحًا" غير واردة! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لماذا يتجاهل السيسي دعوات إخلاء سبيل المعتقلين؟.. تصاعد الانتهاكات في السجون

في الوقت الذي تتواصل فيه الدعوات للاصطفاف مع النظام المصري بمواجهة خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نحو المنطقة العربية، تتفاقم فيه معاناة المصريين مع سياسات البطش الأمني، التي زادت مؤخرا معدلات جرائمها بالمخالفة للقانون والدستور، متجاهلة دعوات حقوقية بإخلاء سبيل المعتقلين السياسيين لزيادة اللُحمة الوطنية.

آخر الأزمات الأمنية المثيرة لمخاوف المصريين، كان قيام نجل ضابط شرطة في مدينة "15 مايو" بحلوان جنوب العاصمة المصرية القاهرة، بإطلاق الرصاص من سلاح والده الميري على الشاب مصطفى على (21 عاما)، إثر خلاف بينهما، محدثا به إصابة بالغة يقبع على إثرها بالمشفى، بحسب "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان".



وفي فاجعة جديد انتحر المعتقل المصري السابق مصطفى محمد أبوالوفا، بتناول حبة الغلة السامة، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض النفسي وتبعات اعتقاله بتهمة الانضمام لـ"تنظيم الدولة"، حيث ظهر بمقطع مصور يقول: "لن أسامح من ظلمني".

هذا مصطفى بن محمد ‏محادثة بيني وبينه ( أبيض #من جوا )كما قال لي #الله يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه ينشر ما ننشره ليل... تم النشر بواسطة ‏أحمد السادات عيد‏ في الأربعاء، ١٩ فبراير ٢٠٢٥
وفي أزمة ثالثة، توفي المعتقل خالد أحمد مصطفى داخل محبسه بسجن العاشر، في وضع اعتبر "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" أنه يؤكد "استمرار تدهور أوضاع السجون وغياب الرعاية الصحية عن المعتقلين".

وبحسب رسالة استغاثة من زوجته فقد المعتقل منذ 6 سنوات السيد سليمان، بصره بسبب الإهمال الطبي داخل سجن بدر، وسط تجاهل السلطات مطالبات الإفراج عنه.



وكشف تقرير بعنوان: "الصمت القاتل تجاه الاضطرابات النفسية في السجون"، لـ"المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، عن تزايد حالات انتحار السجناء والسجينات، موجها اتهامه للنيابة العامة بالصمت وتجاهل المشكلة.



وبعد إنكار سجن "برج العرب" شمال غرب البلاد، لوجوده؛ تقدمت زوجة النقابي العمالي شادي محمد، ببلاغ للنائب العام حول اختفاء زوجها قسريا منذ اعتقاله إثر رفع لافتة دعم فلسطين، نيسان/ أبريل الماضي.



وكشف شاهد عيان عن حجم رداءة أوضاع المحبوسين بأماكن الاحتجاز، مع انعدام النظافة والازدحام الشديد وانتشار الحشرات، في حديثه للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، مؤكدا أن احتجازه أسبوعين بقسم شرطة قصر النيل بالقاهرة أصابه بأمراض جلدية مختلفة بينها "الجرب".

والثلاثاء الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا، حبس 25 شابا، كانوا مخفيّين قسريا، مع تجديد حبس المحامية الحقوقية فاطمة الزهراء غريب، المعتقلة على خلفية كتابة عبارات مناهضة للسيسي على جدران أبنية حكومية بمدينة أسوان (جنوب).

وأعلن المحامي الحقوقي خالد علي، الأحد الماضي، عن اعتقال 59 شابا الفترة الماضية وحبسهم احتياطيا بسبب أحاديث وفيديوهات على وسائل وجروبات التواصل الاجتماعي.

وفي تقرير "منظمات تحالف المادة 55"، حول الأوضاع داخل مراكز ومقار الاحتجاز عن كانون الثاني/ يناير الماضي، كشف عن الكثير من الانتهاكات الجسيمة، مؤكدة أنها "تعكس سياسات ممنهجة تتناقض مع نصوص الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".

"دعوات لإخلاء السبيل"

ووجهت "منظمة العفو الدولية"، الأربعاء، ندائها للسلطات المصرية بأن تُفرج فورا عن عشرات الذين اعتُقلوا تعسفا وجرت مقاضاتهم بتهم تتعلق بالإرهاب، لنشرهم محتوى على الإنترنت يدعو لإنهاء حكم رئيس النظام عبد الفتاح السيسي.

وقبل حلول شهر رمضان المحتمل مطلع آذار/ مارس المقبل، تتواتر الدعوات لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وبينما جاءت إحداها من نقيب الصحفيين خالد البلشي، انطلقت اثنتين منها على لسان المحامي الحقوقي وعضو لجنة العفو الرئاسي، طارق العوضي، والإعلامي عمرو أديب.


وناشد العوضي، السيسي، مع اقتراب رمضان، أن "يمد يده بالعفو والرحمة إلى الأسر المصرية التي تعيش على أمل اللقاء"، كما قال أديب: "سيحل رمضان، ولدي أمل بعودة الإفراج عن سجناء الرأي"، فيما طالب البلشي، بالإفراج عن 25 صحفيا قبل رمضان.

ما دفع البعض للتكهن باحتمال أن تكون تلك المطالبات تمهيد لقرار عفو رئاسي عن بعض المعتقلين، أو تهدئة للشارع المصري في ظل حالة الغضب من خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين إلى مصر.

"لا يعنيه فقدان الأعمار والحياة"
وهنا تقول الحقوقية المصرية هبة حسن، إن "دعوات الاصطفاف كان بالإمكان أن يكون لها معنى وقيمة لو أن الشعب المصري بتنوع أطيافه يشعر بأقل قدر من انتماء هذا النظام له أو اهتمامه بمصالحه أو حرصه على أقل قيم العدالة والكرامة بل والإنسانية تجاه هذا الشعب".

وفي حديثها لـ"عربي21"، تضيف مديرة "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات": "دعوات الاصطفاف للأسف تمثل دعوة للوقوف خلف نظام لم يترك للمصريين مساحة يشعرون فيها بأدنى درجات وضعهم في الاعتبار؛ فضلا عن تلبية طموحاتهم من كرامة وحرية، بل ولا حتى لقمة عيش تسد حاجتهم".

وعن استمرار الانتهاكات الحقوقية والجرائم الأمنية بحق المصريين وما تؤدي إليه هذه الانتهاكات من فقدان الأعمار وصولا لفقدان الحياة نفسها، فلا ترى حسن، أن "النظام يلتفت إليها فضلا أن يهتم ويحقق أو يوقف نزيف الأرواح التي تؤدي إليه".

وتختم بالقول: "وربما حتى يعتقد المصريون أن معارضته لخطط ترامب ليست بحثا عن مصالح وطن أو مواطنين، ولكن قلقا على قدرة النظام للحفاظ على قبضته الأمنية للبلد".

"سياسة عقابية ممنهجة"
من جانبه، يقول الحقوقي المصري أحمد العطار: "في الوقت الذي تحاول فيه السلطة المصرية حشد تأييد شعبي ورسمي لمواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها السياسات الأمريكية تجاه المنطقة، نجد أن الأوضاع الداخلية تتجه إلى مزيد من التأزم".

مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، يؤكد لـ"عربي21"، أن "الانتهاكات الحقوقية المتكررة تقوض أي دعوات للاصطفاف الوطني، لأن المواطنين الذين يُطلب منهم دعم النظام هم أنفسهم يعانون القمع، والاعتقالات التعسفية، والتضييق الأمني".

ويتساءل: "كيف يمكن بناء وحدة وطنية في ظل استمرار القتل خارج القانون، والانتحار بسبب القهر، والإخفاء القسري لمن يرفعون حتى شعارات إنسانية مثل دعم فلسطين؟، كما وثقنا ذلك في تقريرنا بالشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وغيرنا من المنظمات المصرية والدولية".

"قتل وانتحار وإهمال وإخفاء"
وفي حديث العطار، عن جرائم القتل خارج القانون، تساءل: هل أصبح السلاح في يد الجميع؟"، مشيرا إلى أن "حادث إطلاق نجل ضابط شرطة الرصاص على الشاب مصطفى علي (21 عاما) تسلط الضوء على خطورة تفشي السلاح في أيدي غير المختصين، خاصة أبناء رجال الأمن، وما يعكسه ذلك من استغلال نفوذ وعدم محاسبة حقيقية للجناة".


ويوضح أنه "عندما يُستخدم السلاح الميري (المخصص لرجال الأمن فقط) في خلاف شخصي، فهذا يشير إلى غياب الرقابة والانضباط داخل المؤسسات الأمنية وأسر العاملين فيها"، مؤكدا أن "هذا النوع من الجرائم ليس الأول من نوعه، وقد شهدت مصر حالات مماثلة، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية الدولة في فرض سيادة القانون على الجميع، أم أن هناك فئات فوق القانون؟".

كما تحدث الحقوقي المصري، عن انتحار المعتقلين السابقين، متسائلا: "هل هو نتيجة القهر أم الإهمال؟"، مبينا أن "انتحار مصطفى أبوالوفا بعد فترة من إطلاق سراحه، بسبب معاناته النفسية جراء اعتقاله، يكشف البعد النفسي العميق لمعاناة المعتقلين السياسيين في مصر".

ويشير إلى أن "تجربة الاعتقال وما يصاحبها من تعذيب وإهانة وغياب للعدالة، تترك آثارا نفسية مدمرة قد تدفع البعض إلى إنهاء حياته، خاصة مع غياب الدعم النفسي والاجتماعي بعد الإفراج عنه".

ويلمح إلى أن "الفيديو الذي تركه أبوالوفا، والذي قال فيه: (لن أسامح من ظلمني)، يلخص معاناة كثير من المعتقلين السابقين الذين يجدون أنفسهم خارج السجن لكنهم في واقع الأمر لم يغادروا دائرة القهر، حيث يواجهون التهميش والوصم الاجتماعي وغياب الفرص".

وعن الإهمال الطبي في السجون، يؤكد العطار أنه "إعدام بطيء"، ويلفت إلى أن "وفاة خالد أحمد مصطفى بسجن العاشر بسبب الإهمال الطبي ليس حادثا فرديا، بل جزء من نمط متكرر بالسجون، حيث يتم تجاهل الحالات الصحية الحرجة، ما يؤدي إلى موت بطيء للمعتقلين".

ويقول إن "تقارير المنظمات الحقوقية تشير إلى أن الإهمال الطبي أصبح وسيلة غير مباشرة للتخلص من المعارضين السياسيين، إذ يتم حرمانهم من العلاج والأدوية والرعاية الصحية اللازمة، مما يؤدي إلى وفاتهم تدريجيا، في نهج يعكس سياسة عقابية ممنهجة وليس مجرد حالات فردية".

ويقول العطار إن "الإخفاء القسري أصبح مصير كل معارض"، ويلمح إلى "قضية اختفاء النقابي العمالي شادي محمد، بعد رفعه لافتة دعم فلسطين، تكشف عن مدى توسع دائرة القمع، بحيث لم تعد مقتصرة على المعارضين السياسيين التقليديين، وتمتد إلى النقابيين، والناشطين في القضايا الإنسانية".

ويرى أن "إخفاء شخص لمجرد إبداء موقف تضامني مع قضية فلسطين يعكس حساسية النظام تجاه أي شكل من أشكال التعبير الحر، حتى لو كان متماشيا مع التوجه العام للدولة".

هل يمكن أن يحدث تغيير؟
يعتقد الحقوقي المصري، أنه "رغم كل هذه الوقائع، لا توجد حتى الآن مؤشرات واضحة على أن السلطة المصرية بصدد تغيير سياساتها القمعية"، مضيفا: "وحتى عندما تخرج أصوات من داخل النظام، مثل الإعلامي عمرو أديب، مطالبة بالإفراج عن بعض المعتقلين، فإن هذه الدعوات تبدو شكلية وغير مؤثرة، حيث لا تتبعها إجراءات حقيقية".

ويستدرك: "لكن السؤال الأهم: هل يمكن أن يستمر هذا النهج طويلا دون تداعيات؟، مجيبا بالقول: "داخليا، استمرار القمع بهذا الشكل قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي المتزامن مع القمع السياسي، ودوليا، تتزايد الضغوط على مصر من منظمات حقوقية ودول غربية، لكن النظام يعتمد على تحالفاته الإقليمية والدولية لتجنب أي مساءلة حقيقية".

يخلص للقول إن "ما يحدث حاليا يعكس أزمة متفاقمة بمجال حقوق الإنسان، حيث أصبحت الممارسات القمعية أكثر شراسة، سواء بالقتل خارج القانون، والإهمال الطبي، والإخفاء القسري، والتضييق على الحريات العامة".

ويختم مؤكدا أن "استمرار هذا النهج يجعل من الصعب تحقيق أي اصطفاف وطني حقيقي، لأن المواطنين لا يمكنهم دعم نظام يرون أنه ينتهك حقوقهم الأساسية يوميا؛ ما لم يكن هناك تغيير جذري بالسياسات الأمنية والقضائية، فإن هذه الانتهاكات ستظل مصدر توتر داخلي ودولي، وقد تؤدي لتداعيات لا يمكن التنبؤ بها على استقرار الدولة والمجتمع".

"وضع مفزع في توقيت صعب"
وفي رؤيته يقول السياسي المصري والبرلماني السابق، الدكتور عز الكومي، لـ"عربي21"، إن "دعوات الاصطفاف تلك فارغة وتقودها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لتبييض وجه النظام في ملف تهجير الفلسطينيين".

وكيل لجنة حقوق الإنسان ببرلمان 2012، يضيف: "ودليل أنها فارغة أن دعوات التظاهر عند معبر رفح والتي حشد لها الأمن المصري نهاية الشهر الماضي، في نهايتها نهب المتظاهرون شاحنة مساعدات إلى غزة، كما جرى اعتقال الذين تظاهروا من أنفسهم دعما للمقاومة ويتم تجديد حبسهم حتى الآن".

ويشير إلى أن "حديث عمرو أديب، بحكم أنه مقرب من النظام فقد يكون لديه إشارة بأن يوجه دعوته للإفراج عن المعتقلين السياسيين، وربما كان الهدف نوع من التهدئة للشارع وامتصاص الغضب والتنفيث كحالات التنفيث التي سبقت انتخابات البرلمان المصري عام 2010، والتي انتهت لاحقا بثورة 25 يناير 2011".


ويصف الكومي، الوضع الأمني والحقوقي في مصر بـ"المفزع"، ويستدرك: "ولكن هناك مقايضة عليه مع الغرب وأمريكا، بأن يغضوا الطرف عما يحدث مقابل حراسة الحدود الجنوبية للبحر المتوسط ومنع الهجرة غير الشرعية، وحراسة الكيان المحتل، وقمع الإسلام السياسي".

ويشير إلى "حادثة ساحل سليم في أسيوط الأحد الماضي، وقتل (خُط أسيوط" و8 آخرين، بعد أن خرج في بث مباشر سمى فيه بعض الضباط المتورطين في تجارة مخدرات وأسلحة وغيرها، وكذلك الشاب الذي يطلق الرصاص على آخر من سلاح والده الميري في مشهد معتاد، يأتي بعد تصريح السيسي في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، بأنه لن يحاكم ضابط بعد اليوم".

وينتقد الكومي، ما يحدث بالسجون ويؤكد أنه "مأساة"، ويلفت إلى أنه "تم الكشف عن كثير منها خلال المراجعة الأممية الدورية الرابعة لملف مصر الحقوقي الشهر الماضي في سويسرا".

ويقول إن "النظام لا يريد الإفراج عن الإسلاميين المعتقلين والذين لا بواكي لهم والعالم لن يتحرك لأجلهم، ولكن ماذا عن علاء عبدالفتاح الناشط السياسي الذي يناشده العالم كله لإخلاء سبيله، ووالدته المضربة عن الطعام لأكثر من 140 يوما".

ويختم بالقول: "المنطقة تموج بأحداث تزلزل المنطقة من حرب غزة إلى إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، وحرب السودان"، ويوضح أن "هناك أحداث كبيرة ستلقي بظلالها على المنطقة ولكن العقلية الأمنية لا تفهم إلا القمع والقهر وتشديد القبضة الأمنية واعتقال كل من تم الإفراج عنهم والاستدعاء الأمني للكثيرين، واستمرار الانتهاكات التي طالت حتى النساء".

مقالات مشابهة

  • تشيع الشهدين “نصر الله وصفي الدين” في العاصمة اللبنانية بيروت بمشاركة نحو 79 دولة
  • الطيران الإسرائيلي يشن غارة استهدفت بلدة على الحدود اللبنانية السورية وأنباء عن وقوع إصابات
  • غارات على الحدود اللبنانية السورية.. وبيان للجيش الإسرائيلي
  • مَن هو الأسير الإسرائيلي الذي قبَّل رأس جنود حماس؟.. «المظروف» لم يكن هدية
  • من الأسير الإسرائيلي هشام السيد الذي ستسلمه القسام دون مراسم؟
  • من الأسير الإسرائيلي أفيرا منغيستو الذي ظهر لأول مرة بعد 10 سنين؟
  • اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
  • ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟
  • برنامج الامم المتحده الانمائي : الاقتصاد السوري بحاجه الى 55عاما للعوده الى المستوى الذي كان عليه في 2010قبل الحرب
  • لماذا يتجاهل السيسي دعوات إخلاء سبيل المعتقلين؟.. تصاعد الانتهاكات في السجون