سلاح ليزر ضربته بـ13 دولارا فقط.. ثورة يمكن إحداثها بعالم الدفاع الجوي
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
(CNN)-- قامت بريطانيا هذا الأسبوع بعرض سلاح ليزر جديد يقول جيشها إنه قادر على التصدي لصواريخ فتاكة أو للطائرات مقابل نحو 13 دولارا للطلقة الواحدة (الضربة الشعاعية الواحدة)، مما قد يوفر عشرات الملايين من الدولارات لتغطية تكلفة الصواريخ الاعتراضية التي تقوم بهذه المهمة الآن.
أظهر مقطع فيديو تم إصداره حديثًا لاختبار ما تسميه وزارة الدفاع في المملكة المتحدة نظام "دراغون فاير" DragonFire، وهو نظام لسلاح الطاقة الموجهة بالليزر (LDEW)، ما تقول الوزارة إنه كان الاستخدام الناجح لليزر ضد هدف جوي في شهر يناير في اسكتلندا.
يقول الفيديو بينما يخترق شعاع ليزر ساطع سماء الليل فوق نطاق إطلاق نار في أرخبيل هبريدس النائي، مما يخلق كرة من الضوء عندما تصل إلى هدفها: "إنه تغيير محتمل لقواعد اللعبة في مجال الدفاع الجوي."
وتقول وزارة الدفاع إن نظام DragonFire يمكن أن يصيب بدقة هدفًا صغيرًا يصل لحجم العملة المعدنية على مدى طويل، لكنها لم تقدم تفاصيل. وأضافت أن المدى الدقيق للسلاح سري.
وقال بيان لوزارة الدفاع البريطانية إن شعاع الليزر يمكن أن يخترق المعدن "مما يؤدي إلى فشل هيكلي أو نتائج أكثر تأثيرًا إذا تم استهداف الرأس الحربي".
ويُزعم أنها تدمر أهدافها أيضًا مقابل جزء صغير جدا من تكلفة صواريخ الدفاع الجوي الحالية.
وقدرت وزارة الدفاع سعر إطلاق دفقة ليزر مدتها 10 ثوانٍ بحوالي 13 دولارًا. وفي المقابل، فإن الصاروخ القياسي 2 الذي تستخدمه البحرية الأمريكية للدفاع الجوي يكلف أكثر من 2 مليون دولار لكل طلقة.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع البريطانية في يناير: "من الممكن أن يكون بديلاً طويل المدى ومنخفض التكلفة لمهام معينة تقوم بها الصواريخ حاليًا."
أصبحت تكلفة صواريخ الدفاع الجوي موضوعًا ساخنًا في دوائر الدفاع في السنوات الأخيرة حيث أظهرت الطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة فعاليتها في ساحات القتال في أوكرانيا وفي هجمات المتمردين الحوثيين ضد السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وتساءل المحللون إلى متى يمكن للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وشركائهم الاستمرار في استخدام صواريخ بملايين الدولارات ضد طائرات الحوثيين بدون طيار والتي يمكن الحصول عليها في بعض الحالات مقابل أقل من 100 ألف دولار.
وفي الوقت نفسه، كانت أنظمة الدفاع الجوي باهظة الثمن من الحلفاء الغربيين حاسمة لقدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها من هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية.
وقال جيمس بلاك، مساعد مدير الدفاع والأمن في مؤسسة RAND Europe في منشور على مدونة في يناير: "لقد غيرت الطائرات بدون طيار والصواريخ منخفضة التكلفة الحسابات الاقتصادية للهجوم والدفاع لصالح أولئك الذين يستخدمون كميات كبيرة من الذخائر والأنظمة غير المأهولة الرخيصة للتغلب على الدفاعات الجوية والصاروخية الأكثر تطوراً."
وقال بلاك إن نظام DragonFire يمكن أن يساعد في إعادة هذه الحسابات لصالح المملكة المتحدة.
قال وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس في يناير بعد اختبار DragonFire: "هذا النوع من الأسلحة المتطورة لديه القدرة على إحداث ثورة في ساحة المعركة من خلال تقليل الاعتماد على الذخيرة باهظة الثمن."
غير مثبتة ولها قيود
لكن بلاك وآخرين لاحظوا أن أشعة الليزر مثل DragonFire لا تزال غير مثبتة في ساحة المعركة وستكون لها حدود.
في كتابته لموقع The Conversation الشهر الماضي، أشار إيان بويد، مدير مركز مبادرات الأمن القومي بجامعة كولورادو، إلى بعض المشكلات المتعلقة بالليزر.
يؤدي المطر والضباب والدخان إلى تشتيت أشعة الضوء وتقليل فعاليتها. تطلق أسلحة الليزر الكثير من الحرارة، لذا فهي تتطلب أنظمة تبريد كبيرة. سوف تحتاج أجهزة الليزر المحمولة، المثبتة على السفن أو الطائرات، إلى إعادة شحن البطاريات. إن أشعة الليزر يجب أن تظل على الأهداف المتحركة لمدة تصل إلى 10 ثوانٍ لإحداث ثقوب فيها كما قال بويد.
البريطانيون ليسوا أول من طور ليزرًا يمكنه إسقاط هدف جوي.
ففي عام 2014، نجحت البحرية الأمريكية في اختبار ونشر نظام أسلحة ليزر على متن السفينة USS Ponce في الخليج.
كان النظام قادرًا على التعامل مع الطائرات بدون طيار والطائرات الصغيرة والقوارب الصغيرة. وفي عامي 2020 و2021، اختبرت البحرية نظام ليزر أكثر تقدمًا على متن السفينة USS Portland.
وفي العام 2022، تم تركيب نظام ليزر على مدمرة الصواريخ الموجهة USS Preble.
نجحت البحرية الأمريكية أيضًا في العام 2022 في اختبار نظام ليزر عالي الطاقة ضد هدف يمثل صاروخ كروز.
أشار تقرير صدر عام 2023 من مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية (GAO) إلى نجاح البنتاغون في اختبار أسلحة الليزر، لكنه قال إن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد لإيصالها إلى القوات، بما في ذلك تحديد مهامها الدقيقة واستراتيجيات الاستحواذ.
لكن قادة الدفاع البريطانيين يقولون إن هناك ضرورة جديدة لإيصال أشعة الليزر إلى ساحة المعركة الحديثة وليس هناك وقت لإضاعته في القيام بذلك.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: بريطانيا أسلحة تقنية وتكنولوجيا الطائرات بدون طیار الدفاع الجوی وزارة الدفاع
إقرأ أيضاً:
أين حراك الجامعات العربية؟
ظلت الجامعات لوقت طويل تمثّل صمّام الأمان للمجتمعات التي شهدت تقلّبات فكرية وسياسية، إذ جعل الشباب المتطلع نحو المجد، الجامح نحو الحرية، الباحث عن مستقبل أفضل، من تلك المؤسسات التعليمية رافداً نحو الحرية وصناعة التغيير؛ فدور تلك المؤسسات لم يكن يقتصر على التعليم فقط، بل ينحو في اتجاه صناعة الوعي لكل أفراد المجتمع وتعزيز الانتماء إلى القضايا المحلية والقومية وربما العالمية، فالجامعات تشكّل الحاضنة الفكرية والثقافية التي تصقل مهارات الشبان اليافعين وقدراتهم، وتؤسس لوجودهم في المشهد السياسي.
ولعلّ الشواهد كثيرة مما يمكن الإشارة إليه، ففي فرنسا كان حراك جامعة السوربون عام 1968 أحد أهم الحراكات في أوروبا احتجاجاً على القيود الأكاديمية والممارسات السلطوية في التعليم، سرعان ما توسع ليشمل احتجاجات عالمية أدت إلى تغيير كبير في السياسات الداخلية وهيكلة النظام الفرنسي، وكذلك حراك الطلبة في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ضد حرب فيتنام، وكيف أُجبرت الحكومة على إعادة النظر في سياستها العسكرية تجاه فيتنام، فانسحب الجيش الأمريكي من هناك عام 1975.
والشواهد كثيرة كربيع براغ عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا وانتفاضة سويتو في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري الأبرتايد، وحراك ميدان تيانانمن في الصين عام 1989 الذي قاده طلبة الجامعات مطالبين بالحرية وبعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وقد انتهى ذلك الحراك بقمع عسكري دموي، لكنه ترك أثراً كبيراً على السياسة الصينية والعلاقات الدولية، امتداداً نحو الثورة الطلابية في تشيلي عام 2013 وصولاً إلى احتجاجات هونغ كونغ وغيرها من الحراكات المتواصلة التي غيّرت المعادلات الدولية.
وأمام هذا كله، يتبادر إلى ذهن المواطن الفلسطيني، الذي يتعرض للإبادة كل لحظة، في بث مباشر أمام وسائل الإعلام الجديد والتقليدي: أين دور الجامعات العربية تجاه ما يجري؟ أين طلبة مصر والأردن وسوريا وتونس والجزائر؟ أين مجالس الطلبة؟ في الوقت الذي خرجت فيه الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي من دون توقف، بل وخرج الطلبة ليتظاهروا في الميادين العامة وأمام محطات الباصات والقطارات وغيرها، رغم تعرض كثير منهم للمضايقات وربما الاعتقال أو الطرد من تلك البلدان، أين الشباب الذين يمكن لهم أن يقودوا الأمة نحو التطور وصناعة التغيير؟ ألهذه الدرجة تمّ كيّ الوعي أو تدجينه بما تريده السلطات الشمولية الحاكمة؟ ألا يوجد من يهبّ ليشعل الفتيل الذي سيغيّر معادلة المنطقة برمّتها؟
لقد كانت الجامعات العربية سابقاً أدوات تغيير حقيقي، يحسب لها الجميع ألف حساب، فقد كان الطلبة دوماً في الطليعة لمجابهة الاستعمار أو الاحتلال، فقد شاركوا في ثورة عام 1919 لرفض الوصايا البريطانية بقيادة سعد زغلول، وما زالت الدراما والسينما المصرية تسلطان الضوء على تلك المظاهرات التي تحمل الشعارات وتهتف ضد الاستعمار، ثم إن تلك الثورات لم تتوقف، فهي التي خرجت لتحارب في فلسطين، ثم حملت السلاح إبان العدوان الثلاثي عام 1956، وهي التي خرجت من جامعات طهران إبان ثورة الإمام الخميني ضد الشاه وقطيع المتحالفين مع أمريكا، وما زالت مستعدة أن تحمل السلاح اليوم لتحارب الاحتلال الإسرائيلي الذي يتمدد يميناً ويساراً تحت عين الأنظمة الحاكمة، لكن الشرارة ما زالت منطفئة.
إن واقع المنطقة يدعو إلى الرثاء، لأن الكيانات الصغيرة باتت المتحكم الأول بالدول العميقة، نظراً لما تملكه من المال والنفط، إذ بدأت تلك الكيانات بتعزيز نفوذها من خلال استقطاب المبدعين والفنانين ثم رصد الجوائز وإصدار المجلات والجرائد التي تدفع بسخاء للنخب ثم مطالبتهم بالعمل والكتابة وفق سياسة الرتابة والالتزام بعدم الخوض في القضايا السياسية كي لا يقدح بالاستعمار الرأسمالي أو الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة حثيثة لكيّ الوعيّ العربي المنشغل بتفاصيل الحياة اليومية واللهو بقضايا عادية جداً، تأخذ حيّزاً كبيراً من وقته وتفكيره، كي لا يلتفت إلى عمق كل المشكلات العربية وأساسها، المتمثلة بـ”إسرائيل”.
وأمام مشهد الدم النازف في قطاع غزة، وأمام محاولات التهجير المستمرة، ما تزال النخب نائمة والجامعات تفكر بعقلية الطالب العادي، الباحث عن التخرج ثم الحصول على وظيفة أو زواج أو سفر، ما تزال الأحلام بسيطة تنمّ عن ضيق أفق جاء كنتيجة طبيعية لقمع غير مسبوق في وعي الشباب، فأين ثورة الشباب؟ أين الحماس والقوة التي يجب أن تحسب لها الأنظمة ألف حساب؟ أين الخروج من قاعات الدراسة والهتاف بصوت واحد ضد أمريكا و”إسرائيل”، مع الأسف، يبدو أن النظم الحاكمة قد نجحت في توظيف طواقم أكاديمية تنتمي إلى سلطة القمع، ووضعت مناهج دراسية خارج إطار التاريخ العربي وقدرته على الانتصار لدم الأخ والقبيلة.
لذلك، فإن الأمة بحاجة إلى ثورة جديدة، ثورة يقودها الطلاب على المناهج الدراسية، وعلى الطواقم الأكاديمية، ثورة على الأنظمة المتخاذلة، وعلى العالم الذي يبرر الإبادة بحق شعب فلسطين، وحتى ذلك الحين، سيظل العربي مجرد أداة ضعيفة لا يحسب لها العالم أي حساب.
كاتب فلسطيني .