الطاقم المنسي.. ماذا نعرف عن رهائن البحر الأحمر بعد 117 يوما بقبضة الحوثي؟
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
قال تقرير لشبكة "سي إن إن" الأميركية، إن "الأمل يتضاءل" في عودة طاقم السفينة التي اختطفها الحوثيون في نوفمبر الماضي، حيث صرح مسؤول فلبيني بأن الحركة المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية، "لا تعتزم الإفراج عنهم قبل انتهاء الحرب" في قطاع غزة.
واختطف الحوثيون سفينة الشحن "غالكسي ليدر" في 19 نوفمبر الماضي، خلال رحلتها في البحر الأحمر، واحتجزوا طاقمها المكون من 17 فلبينيا واثنين من بلغاريا و3 من أوكرانيا واثنين من المكسيك وشخص واحد من رومانيا.
وبعد مرور 117 يوما على الواقعة، قال مسؤول فلبيني كبير، وفق التقرير، إنه "لا إشارات على انفتاح الحوثيين على إطلاق سراح المحتجزين حتى انتهاء الحرب".
وأوضح المسؤول بالخارجية الفلبينية، إدوارد دي فيغا، أنه "لا يوجد الكثير للضغط عليهم، لأن ما يصلنا من الحوثيين هو أنهم سيواصلون احتجاز السفينة وأفراد الطاقم حتى نهاية الأعمال العدائية في غزة".
"مصيرهم في يد حماس"بدأ الحوثيون منذ نوفمبر الماضي، استهداف سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون في أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، قائلين إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة الذي يتعرض لهجوم إسرائيلي منذ السابع من أكتوبر، ردا على هجوم لحماس. لكن العديد من الهجمات التي شنوها حاولت استهداف سفن لا علاقة لها بإسرائيل.
وأنشأت الولايات المتحدة، في ديسمبر، تحالفا بحريا متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر، في مواجهة هجمات الحوثيين التي أجبرت السفن التجارية على تحويل مسارها وتجنب الممر البحري الذي تعبره 12 بالمئة من التجارة العالمية.
وفي محاولة لردعهم و"حماية" الملاحة البحرية، تشن القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة للمتمردين منذ 12 يناير.
وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر، ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيّرات معدة للإطلاق.
ونقلت "سي إن إن" عن متحدث باسم المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، نصر الدين عامر، الخميس، قوله إن "قرار إطلاق سراح طاقم السفينة المحتجزة لديهم، بيد حركة حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية)".
وتابع: "السفينة وطاقمها بيد حماس.. ليس لدينا أي مطالب خاصة بنا فيما يتعلق بالسفينة".
"متاهة وقنصل فخري"لا تزال الاستهدافات الحوثية متواصلة في البحر الأحمر. وقالت القيادة المركزية الأميركية، إن الجماعة المتحالفة مع إيران أطلقت، الثلاثاء، صاروخا باليستيا من منطقة تسيطر عليها في اليمن، باتجاه المدمرة "لابون" في البحر الأحمر، لكنه لم يصبها ولم تقع خسائر مادية أو بشرية.
وأضافت القيادة في بيان في وقت مبكر من الأربعاء: "نجحت القيادة المركزية للولايات المتحدة وسفينة تابعة للتحالف، في الاشتباك مع طائرتين مسيرتين أُطلقتا من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن وتدميرهما".
وكانت القوات الأميركية قد أعلنت، الإثنين، أنها دمرت مسيّرة تحت الماء وصواريخ بالستية مضادة للسفن، في سلسلة من الضربات ضد مواقع للمتمردين الحوثيين اليمنيين، الذين توعدوا بـ"تصعيد" عملياتهم في البحر الأحمر خلال شهر رمضان "دعما لسكان غزة".
وواصل دي فيغا، حديثه لسي إن إن، قائلا إن الحوثيين "ربما يريدون أيضًا الاعتراف الرسمي بهم كحكومة في اليمن، مقابل إطلاق سراح المحتجزين"، مستبعدا حدوث ذلك.
وأوضح: "سيكون من الصعب على أية حكومة الاعتراف بحكومة تهاجم السفن في البحر"، مضيفًا أنه "لا فائدة من التفاوض" إلا لضمان الظروف الإنسانية للمحتجزين.
كما أشار إلى أن الفلبين "ليس لديها أي تواصل دبلوماسي رسمي مباشر مع الحوثيين"، لكنها تعمل مع "قنصل فخري" وهو مواطن يمني يتمتع بوضع خاص لتمثيل الفلبين، تمكّن من زيارة المحتجزين في يناير.
وأكد المسؤول الفلبيني البارز أن "القنصل الفخري" موجود في مدينة عدن جنوبي اليمن، حيث مقر الحكومة المعترف بها دوليا، وبالتالي فإن مسألة التواصل عبارة عن "متاهة معقدة".
وعاد 11 بحارا فلبينيا إلى بلدهم، الثلاثاء، بعد نحو أسبوع من نجاتهم من هجوم صاروخي شنته جماعة الحوثي قبالة اليمن.
وكان البحارة ضمن طاقم السفينة التجارية "ترو كونفيدنس"، التي ترفع علم بربادوس وتديرها اليونان، والتي هاجمها الحوثيون الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل 3 بحارة، من بينهم فلبينيان، وفق وكالة رويترز.
ونقلت الوكالة عن وزارة العمال المهاجرين في الفلبين، أن الناجين "تلقوا مساعدة حكومية لدى وصولهم إلى العاصمة مانيلا".
وقال أحد أفراد طاقم السفينة التجارية، مارك أنتوني داجوي، إن "من الصعب تذكر ما تعرضوا له"، لكنه عبر عن "امتنانه" للعسكريين الذين أنقذوهم.
وأضاف في مؤتمر صحفي "نريد فقط أن نكون بجانب عائلاتنا".
وأفاد مسؤولون بأن فلبينيين آخرين أصيبا بجروح خطيرة ويتماثلان للشفاء بمستشفى في جيبوتي. وبمجرد استقرار حالتهم الصحية، ستتم إعادتهم جوا إلى مانيلا، وفق "سي إن إن".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر طاقم السفینة
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير