الجزيرة:
2025-03-10@11:48:51 GMT

بين مغترب ومعتقل وشهيد.. هكذا يقضي السوريون رمضان

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

بين مغترب ومعتقل وشهيد.. هكذا يقضي السوريون رمضان

شمال سوريا- تنهمك المسنة السورية سعاد المحمد في تحضير بضعة أطباق من سفرة إفطار رمضان قبيل ساعة من آذان المغرب داخل منزلها المتواضع في مدينة حلب شمال غربي سوريا، قبل أن تتلقى اتصالا جماعيا من أولادها الثلاثة المهاجرين إلى تركيا وأوروبا منذ عدة سنوات.

ويبث الاتصال بين أفراد الأسرة المتفرقة مشاعر الحنين والألفة التي يفتقدونها مع حلول شهر رمضان الذي طالما شكل طقسا روحانيا محببا يجمعهم على المائدة، وفترة ما بعد الإفطار، من مواظبة على تجاذب أطراف الحديث وأداء الشعائر الدينية.

أسواق إدلب السورية تنشط خلال رمضان في بيع المشروبات مثل عرق السوس والتمر الهندي (الجزيرة) غياب موحش

وتخبر الأم أولادها، وهي تغالب البكاء، كيف يبدو المنزل موحشا في غيابهم، بعد أن اعتادت وجود حتى المتزوجين منهم إلى جانبها في أول أيام الشهر الكريم، قبل أن تذكر لهم كيف عمقت الأزمات الاقتصادية آلام السوريين المكلومين بفقدان الأحبة والأهل.

ومع تحول الحراك في سوريا إلى صراع مسلح، هاجر أفراد أسرة المحمد -مثل ملايين السوريين- في موجة هجرة كبرى شهدها عامي 2013 و2014 نحو تركيا وأوروبا، واستمرت هذه الموجات بوتيرة أخف لاحقا، لتصبح الأُسر السورية تعيش حالة من الشتات.

ويجد أكثر من 6.5 ملايين لاجئ سوري، يتوزعون في 130 دولة حول العالم، أنفسهم في مواجهة العزلة، بعد 13 عاما على الثورة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، في وقت يستحضرون فيه ذكريات رمضان عبر اتصالات الفيديو ورسائل التهنئة فيما بينهم.

أكثر من 6.5 ملايين لاجئ سوري يتوزعون في 130 دولة حول العالم (الجزيرة) فرحة منقوصة

وأسهمت طقوس رمضان في تركيا في تخفيف الغربة على اللاجئ السوري زيد رحال، المقيم في مدينة غازي عنتاب جنوبي سوريا، ويشير إلى أن أجواء رمضان في المدينة التركية متقاربة -إلى حد كبير- في مدينته إدلب.

ويروي رحال للجزيرة نت كيف تنشط أسواق غازي عنتاب خلال الشهر الفضيل في بيع المشروبات الرمضانية مثل عرق السوس والتمر الهندي، فضلا عن الحلويات والمعجنات (المعروك) الذي يسميه الأتراك "كعكة حلب"، إشارة إلى مصدره الأساسي.

ورغم ذلك، فلا يخفي رحال مشاعر الشوق والحنين إلى إخوته الذين تفرقوا ما بين سوريا وتركيا وألمانيا، مؤكدا أنهم لم يتجمعوا على سفرة رمضان منذ أكثر من 10 سنوات، ويأمل أن يلتئم شمل أسرته المتفرقة يوما ما.

ويقول رحال إن شهر رمضان بات مناسبة فرح منقوص في ظل غياب الأحباب عن مائدة الإفطار، إذ لا تطفئ الاتصالات والمعايدات لهيب الشوق والحنين إلى الاجتماع في مكان واحد بمنزل الأسرة.

مخاوف وحنين

وفي مدينة مالمو السويدية، يجتهد اللاجئ السوري عمر السيد في البحث عن فوانيس رمضان لإضفاء قليل من مظاهر رمضان على غرفة منزله، وسط حالة انعدام مظاهر الشهر في مكان سكنه، في محاولة منه لاستعادة الذكريات في بلده.

ويؤكد السيد للجزيرة نت أنه لم يلتق أمه المقيمة في مدينة حلب منذ 9 سنوات بسبب ظروف الحرب والهجرة، مشيرا إلى أنه حاول الاجتماع بها في تركيا عدة مرات، ولكنه لم يوفق في ذلك بسبب عدم حصول والدته على تأشيرة دخول.

ويعرب السيد عن مخاوفه بألا يلتقي أمه يوما بعد أن أصبح الأمر شبه مستحيل، ويشكل حلول شهر رمضان مناسبة تتخللها مشاعر مختلطة من الفرح والحزن له ولأسرته، كما يصفها.

وفي شمال سوريا، لا يخلو منزل من مغترب أو معتقل أو شهيد غيبته الحرب عن حضور سفرة رمضان وترك مكانه خاليا، إذ يستقبل السوريون المنتشرون حول العالم الشهر الكريم ولسان حالهم يقول: "رمضان عاد، فمن يعيد لنا الأحباب؟".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات فی مدینة

إقرأ أيضاً:

البيت الرمضاني

عندما يطل علينا هلال رمضان، كنجمة تضيء سماء الروح، مؤذنًا بتحول مبارك في دروب حياتنا، ودخول شهر تتصفد فيه الشياطين، وتهفو فيه القلوب إلى خالقها بصفاء ونقاء ،عندما يحل شهر الغفران والعتق من النيران، تطمئن النفوس، وتستبشر القلوب، لعلمها أنها سترتوي من لذة العبادة، وتغترف من معين الطاعة.

إن الأجواء الرمضانية هي أبهى مواسم العام، لما يجده العبد من أنس في رحاب الله، وقربًا يغسل أدران الروح من الذنوب ،يبدأ يومه بصيام يزكي النفس، ثم قراءة قرآن تنير البصيرة، ثم إفطار يجمع الأحبة، ويختم يومه بصلاة تراويح ترفع الروح إلى عنان السماء، فهو طيلة اليوم يسبح في فلك العبادة، ويغدو قلبه معلقًا بخالقه، عندما يظمأ البطن، تنشط الروح للذكر والعبادة وعمل الخير، ولذلك يزداد الخير وأهله في هذا الشهر الفضيل، وكأنهم جنود مجندة لنصرة الحق والفضيلة.

إن البيت الرمضاني تتغير معالمه وبرامجه اليومية، ففي كل زاوية منه تجد قارئًا لكتاب الله، يتلو آياته بتدبر وخشوع، فتسمع دوي القرآن يتردد في جنبات البيت، حتى غير المسلمين يشعرون بتغير في نمط الحياة في هذا الشهر الفضيل، ببركة معاشرتهم للمسلمين، ويظلهم الخير والبركة ينطبق عليهم هم القوم لايشقى بهم جليسهم ، فتنالهم النفحات والأرزاق ،إن البيوت الرمضانية في هذا الشهر تتجسد فيها أسمى معاني الإيمان والاستسلام لله الواحد القهار، وتفوح منها رائحة الإخاء والتكافل.

إن من رحمة الله بعباده أن أوجد مواسم للخير، ومناسبات للطاعة، نقترب فيها منه سبحانه، ونعيش لذة العبودية الخالصة ،فإذا كانت هذه هي حلاوة الدنيا، فكيف ستكون عيشة الآخرة في جنات الخلد والنعيم المقيم؟ ولذلك وردت الأحاديث النبوية التي تلوم من دخل عليه رمضان ولم يغفر له، وذلك لأن هذا الشهر تُعتق فيه الرقاب من النيران، ويتقرب فيه البشر من الله، يدعونه خوفًا وطمعًا، ورجاءً وإنابة، ورد في حديث لأبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة، ورغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي” (سنن الترمذي).

إن مقاصد شهر رمضان هي أسمى وأجل من مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، فجوهره تقوى الله، كما ورد في قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. ولذلك أجزل الله للصائمين الأجر، وجعل حسابه عنده من العطايا والأجور العظيمة، فالعبادات الأصل فيها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم، فإنه لله، وهو يجزي به، وكل بما قدمت يداه من عمل صالح، روى أبوهريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي” (صحيح مسلم)، قال الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفا.

إذًا، رمضان فرصة عظيمة للتغيير والتقرب إلى الله، فلنجعل من هذا الشهر بداية جديدة لحياة تفيض بالإيمان والعمل الصالح، ولنسع جاهدين لاستغلال كل لحظة فيه، بالتوبة والاستغفار، وبالدعاء والقيام، وبالإحسان إلى الناس ،عسى أن نكون من الفائزين برضا الله وعفوه، وأن نبلغ رحمته ومغفرته وعتقًا من النيران.

مقالات مشابهة

  • تقرير: تركيا وإسرائيل تقتربان من التصادم في سوريا
  • فيدان يحذر طهران.. معركة تركيا وإيران في سوريا
  • لاجئون سوريون في تركيا بين أعباء رمضان وتأمين تكاليف العودة
  • عمران.. الحوثيون يختطفون أقارب مغترب متوفٍ في السعودية
  • البيت الرمضاني
  • مندوب تركيا بالأمم المتحدة يطالب مجلس الامن بإجراءات حاسمة ضد تصرفات إسرائيل التوسعية في سوريا
  • هكذا يتحايل السوريون على الغلاء لإعداد موائد رمضان
  • دعاء الليلة الثامنة من رمضان .. ردده يقضي حوائجك ويفك الكرب
  • تركيا والسعودية تحذران من تصاعد العنف في سوريا وتؤكدان دعمهما للحكومة الانتقالية
  • تركيا والسعودية تحذران من تصاعد التوترات بغرب سوريا