بين مغترب ومعتقل وشهيد.. هكذا يقضي السوريون رمضان
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
شمال سوريا- تنهمك المسنة السورية سعاد المحمد في تحضير بضعة أطباق من سفرة إفطار رمضان قبيل ساعة من آذان المغرب داخل منزلها المتواضع في مدينة حلب شمال غربي سوريا، قبل أن تتلقى اتصالا جماعيا من أولادها الثلاثة المهاجرين إلى تركيا وأوروبا منذ عدة سنوات.
ويبث الاتصال بين أفراد الأسرة المتفرقة مشاعر الحنين والألفة التي يفتقدونها مع حلول شهر رمضان الذي طالما شكل طقسا روحانيا محببا يجمعهم على المائدة، وفترة ما بعد الإفطار، من مواظبة على تجاذب أطراف الحديث وأداء الشعائر الدينية.
وتخبر الأم أولادها، وهي تغالب البكاء، كيف يبدو المنزل موحشا في غيابهم، بعد أن اعتادت وجود حتى المتزوجين منهم إلى جانبها في أول أيام الشهر الكريم، قبل أن تذكر لهم كيف عمقت الأزمات الاقتصادية آلام السوريين المكلومين بفقدان الأحبة والأهل.
ومع تحول الحراك في سوريا إلى صراع مسلح، هاجر أفراد أسرة المحمد -مثل ملايين السوريين- في موجة هجرة كبرى شهدها عامي 2013 و2014 نحو تركيا وأوروبا، واستمرت هذه الموجات بوتيرة أخف لاحقا، لتصبح الأُسر السورية تعيش حالة من الشتات.
ويجد أكثر من 6.5 ملايين لاجئ سوري، يتوزعون في 130 دولة حول العالم، أنفسهم في مواجهة العزلة، بعد 13 عاما على الثورة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، في وقت يستحضرون فيه ذكريات رمضان عبر اتصالات الفيديو ورسائل التهنئة فيما بينهم.
أكثر من 6.5 ملايين لاجئ سوري يتوزعون في 130 دولة حول العالم (الجزيرة) فرحة منقوصةوأسهمت طقوس رمضان في تركيا في تخفيف الغربة على اللاجئ السوري زيد رحال، المقيم في مدينة غازي عنتاب جنوبي سوريا، ويشير إلى أن أجواء رمضان في المدينة التركية متقاربة -إلى حد كبير- في مدينته إدلب.
ويروي رحال للجزيرة نت كيف تنشط أسواق غازي عنتاب خلال الشهر الفضيل في بيع المشروبات الرمضانية مثل عرق السوس والتمر الهندي، فضلا عن الحلويات والمعجنات (المعروك) الذي يسميه الأتراك "كعكة حلب"، إشارة إلى مصدره الأساسي.
ورغم ذلك، فلا يخفي رحال مشاعر الشوق والحنين إلى إخوته الذين تفرقوا ما بين سوريا وتركيا وألمانيا، مؤكدا أنهم لم يتجمعوا على سفرة رمضان منذ أكثر من 10 سنوات، ويأمل أن يلتئم شمل أسرته المتفرقة يوما ما.
ويقول رحال إن شهر رمضان بات مناسبة فرح منقوص في ظل غياب الأحباب عن مائدة الإفطار، إذ لا تطفئ الاتصالات والمعايدات لهيب الشوق والحنين إلى الاجتماع في مكان واحد بمنزل الأسرة.
مخاوف وحنينوفي مدينة مالمو السويدية، يجتهد اللاجئ السوري عمر السيد في البحث عن فوانيس رمضان لإضفاء قليل من مظاهر رمضان على غرفة منزله، وسط حالة انعدام مظاهر الشهر في مكان سكنه، في محاولة منه لاستعادة الذكريات في بلده.
ويؤكد السيد للجزيرة نت أنه لم يلتق أمه المقيمة في مدينة حلب منذ 9 سنوات بسبب ظروف الحرب والهجرة، مشيرا إلى أنه حاول الاجتماع بها في تركيا عدة مرات، ولكنه لم يوفق في ذلك بسبب عدم حصول والدته على تأشيرة دخول.
ويعرب السيد عن مخاوفه بألا يلتقي أمه يوما بعد أن أصبح الأمر شبه مستحيل، ويشكل حلول شهر رمضان مناسبة تتخللها مشاعر مختلطة من الفرح والحزن له ولأسرته، كما يصفها.
وفي شمال سوريا، لا يخلو منزل من مغترب أو معتقل أو شهيد غيبته الحرب عن حضور سفرة رمضان وترك مكانه خاليا، إذ يستقبل السوريون المنتشرون حول العالم الشهر الكريم ولسان حالهم يقول: "رمضان عاد، فمن يعيد لنا الأحباب؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات فی مدینة
إقرأ أيضاً:
تحذير إسرائيلي من محور جديد في سوريا بقيادة أردوغان.. تركيا على حدودنا
حذر عقيد في جيش الاحتلال الإسرائيلي من تنامي النفوذ التركي في سوريا، معتبرا أن أنقرة تعمل على إنشاء محور جديد بالتعاون مع قطر ليحل محل ما وصفه بـ"المحور الإيراني" بالمنطقة، مشيرا إلى أن ذلك يشكل تهديدا مباشرا لدولة الاحتلال.
وقال العقيد احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، عميت ياجور، في مقال نشره بصحيفة "معاريف" العبرية، إن "الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع يزور تركيا ويلتقي مع أردوغان، وكان على جدول الأعمال إقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا وتدريب الجيش السوري وحماية الأجواء السورية، وهو ما قد يعني الحماية من إسرائيل".
وأضاف ياجور أن "إسرائيل منشغلة بقضايا مثل رهائن غزة والتطبيع مع السعودية، في حين يتشكل تهديد جديد على حدودها الشمالية، وهو أردوغانستان – أي سوريا كدولة تابعة لتركيا بالكامل"، حسب زعمه.
وأشار ياجور إلى أن النفوذ الإيراني في سوريا قد تراجع، لكن ذلك لم يترك فراغا، بل تم ملؤه بمحور جديد يقوده ما وصفه بمحور "الإخوان المسلمين المتطرف" عبر تركيا وقطر، معتبرا أن تركيا" تريد إعادة إحياء الحلم العثماني عبر إنشاء منطقة نفوذ إقليمية تمتد من سوريا وحتى البحر المتوسط".
وأضاف الكاتب الإسرائيلي أن "قطر ستكون الممول الرئيسي، بينما تركيا ستوفر الأيدي العاملة والمشاريع والمساعدات العسكرية، ما يجعل سوريا تابعة بالكامل لأنقرة"، موضحا أن ذلك "يحرم إسرائيل من حرية الحركة العسكرية في الشمال، ويضعها أمام احتكاك مباشر مع جيش عضو في الناتو".
ولفت إلى أن "أنقرة بدأت بالفعل في التفاوض مع سوريا حول ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، مما قد يمكن الدولتين من توسيع نفوذهما في البحث عن الطاقة"، محذرا من أن "تركيا قد تصبح جارة فعلية لإسرائيل، ما سيؤثر على توازن القوى الإقليمي".
وزعم ياجور أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يرى سوريا محافظة جديدة ضمن تركيا الكبرى"، مشيرا إلى أن "تركيا لن تكتفي بالجانب العسكري، بل ستستخدم الأدوات المدنية والاقتصادية لكسب الشرعية الدولية".
ودعا الكاتب الاحتلال الإسرائيلي إلى إثارة هذا الملف بقوة أمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موضحا أن "إعادة إعمار سوريا أمر محتوم، ومن الضروري أن تشمل خطة مارشال إقليمية بقيادة دول معتدلة مثل السعودية، لمنع تركيا من الاستحواذ على النفوذ هناك".
وختم ياجور بالتحذير من أن "عدم تحرك إسرائيل الآن قد يضطرها لمواجهة تحد عسكري تفرضه تركيا في البحر المتوسط، وربما على الحدود مع سوريا"، معتبرا أن "الأمر في أيدينا، ويجب أن نتحدث بقوة ووضوح مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية الجديدة وأوروبا".