السلاسل المتحركة.. منهجية سعودية جديدة لقياس الناتج المحلي الإجمالي
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
اعتمدت المملكة العربية السعودية منهجية جديدة لقياس الناتج المحلي الإجمالي تعرف بالسلاسل المتحركة بدلا من النهج التقليدي المبني على سنة أساس ثابتة.
وتهدف منهجية السلاسل المتحركة إلى تعزيز دقة وموثوقية المؤشرات الاقتصادية، حيث تتيح انتقالا سلسا بين الأعوام، وهذا يعكس الاتجاهات الاقتصادية بشكل أكثر دقة ووضوحا، ويسهل إجراء المقارنات بين الدول.ويتم حساب المؤشرات الاقتصادية في منهجية السلاسل المتحركة من خلال ربط فترات زمنية متجاورة معا، ويضمن هذا التداخل المستمر عكس التغيرات في الاقتصاد بشكل أكثر دقة، لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات في هياكل الإنتاج والاستهلاك وتأثيرات تغيرات الأسعار. توفر منهجية السلاسل المتحركة تمثيلا أكثر حداثة وواقعية للأنشطة الاقتصادية، إذ تستخدم سنة مرجعية هي (2018) لربط السنوات معا، وتوفر هذه الطريقة تمثيلًا أكثر حركة ودقة عبر حساب التغيرات النسبية بين الأسعار خلال السنوات المتجاورة وليس سنة واحدة فقط. نموذج غير جمعي
وتعد السلاسل المتحركة نموذجا غير جمعي، إذ لا يمكن الحصول على قيمة الناتج المحلي الإجمالي من خلال جمع مكوناته من الأنشطة الاقتصادية أو من بنود الإنفاق، وتصحح منهجية السلاسل المتحركة عيوب سنة الأساس الثابتة خصوصا عندما يتعرض الهيكل والسلوك الاقتصادي إلى تحولات كبيرة.
وتسمح منهجية السلاسل المتحركة بالانتقال بشكل أكثر سلاسة، وتتكيف مع ظروف الاقتصاد المتطورة، ولا ينظر نهج السلاسل المتحركة للتغير في الكميات فقط، بل يضبط كذلك الاختلافات في الأسعار، ويقدم صورة أكثر واقعية للنمو أو الانكماش الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن السلاسل المتحركة نموذج غير جمعي، فإن هذه المنهجية تحسن من دقة وتمثيل البيانات.
ومن المتعارف عليه اقتصاديا وجود مقياس للاقتصاد سواء كان القياس بالأسعار الجارية، أو القياس بالأسعار الثابتة بسنة الأساس (2010)، أو القياس بالسلاسل المتحركة (السنة المرجعية 2018).
الهيئة العامة للإحصاء تتبنى منهجية السلاسل المتحركة في حساب الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتعد المملكة الدولة الأولى خليجيًّا وعربيًّا التي تبنت منهجية السلاسل المتحركة.https://t.co/jlsZGUgorl#واس_اقتصادي pic.twitter.com/dJzPclGQvE
— واس الاقتصادي (@SPAeconomic) March 10, 2024
القياس بالأسعار الجاريةيعد القياس بالأسعار الجارية ركيزة من ركائز الحسابات القومية، حيث يعكس القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات التي تنتج داخل الاقتصاد خلال فترة محددة، دون أي تعديل للتغيرات في الأسعار أو التضخم، فهو يعطي تصورا عن القيمة المضافة الإجمالية من حيث الأسعار الفعلية السائدة في السوق وقت الإنتاج.
وبعبارة أخرى، يعكس القياس بالأسعار الجارية القيمة المضافة الإجمالية دون النظر في تأثير الضغوط التضخمية أو الانكماشية.
وفي سياق الحسابات القومية، يقدم هذا القياس نظرة عامة عن النشاط الاقتصادي، وإجمالي الدخل الناتج من مختلف القطاعات، وهو بمثابة نقطة الانطلاق لمزيد من التحليل، كما أنه يساعد صناع القرار والاقتصاديين وأصحاب المصلحة العامة في قياس حجم ونمو الاقتصاد.
#الإحصاء تتبنى منهجية السلاسل المتحركة في حساب الناتج المحلي الإجماليhttps://t.co/s4LgWmxZQh#صحيفة_المدينة pic.twitter.com/eDz9Wv96MO
— صحيفة المدينة (@Almadinanews) March 10, 2024
منهجية سنة الأساسوفي منهجية سنة الأساس الثابتة باعتبار 2010 سنة الأساس، تقارن بها كل السنوات الأخرى، وذلك لتوفير انعكاس أكثر دقة للنمو الحقيقي للاقتصاد عن طريق إزالة أثر تقلبات الأسعار.
ورغم أن هذه المنهجية قد استُخدمت لسنوات طويلة وبطريقة فعالة، فإنها لا تعكس التغييرات في الهياكل الاقتصادية والسلوكيات مع مرور الوقت بشكل جيد، فعندما يتم إنتاج السلع والخدمات يتم قياس القيمة الإجمالية بالقيمة النقدية (أي بالأسعار الجارية)، وخلال المقارنة بين السنوات سنلاحظ انخفاضا وارتفاعا ملحوظا في القيم الإجمالية والذي قد يكون انعكاسا لتغيرات الأسعار بدلا من التغير الحقيقي للكميات المنتجة من السلع والخدمات.
وتعد السعودية الدولة الأولى خليجيا وعربيا، وضمن غالبية دول مجموعة العشرين التي تبنت منهجية السلاسل المتحركة. وبيّن الإحصائيون الخبراء في مجال الحسابات القومية أن منهجية السلاسل المتحركة تراعي تأثير تغيرات الأسعار ومرونة التعامل مع الأنشطة الاقتصادية، كما تراعي هيكل الإنتاج وأنماط الاستهلاك، وتتيح المقارنات الدولية بشكل أوضح.
وكشفت الهيئة العامة للإحصاء السعودية مؤخرا أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 4.3% خلال الربع الرابع 2023 مقارنة بالربع المماثل من عام 2022، وبالمقارنة مع الربع الثالث من عام 2023 شهد الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسميا تراجعا بلغت نسبته 0.6%.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 891.38 مليار ريال (الدولار 3.75 ريالات) خلال الربع الرابع 2023، مقارنة بنحو 931.28 مليار ريال خلال الفترة نفسها من عام 2022.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الناتج المحلی الإجمالی
إقرأ أيضاً:
تقلبات النفط تحت ضغط التوترات التجارية وزيادة الإنتاج .. وتوقعات بتراجع الأسعار حتى 2026
خلال الربع الأول
- متوسط خام نفط عُمان يتجاوز 75 دولارًا .. والإنتاج 987 ألف برميل يوميًا
- تراجع النفط في أبريل لأدنى مستوياته منذ 2021 وانخفض 11% مقارنة مع بداية العام
بعد استقرار ملموس في أسعار النفط خلال الفترة من عام 2022 إلى نهاية الربع الأول من العام الجاري، سيطرت حالة عدم اليقين على سوق النفط العالمية خلال أبريل الجاري، تحت تأثير تصاعد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية الأمريكية ومخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتراجع حجم الطلب على النفط، كما تزامن تصاعد التوتر التجاري مع قرار مجموعة أوبك بلس ببدء تخفيف القيود على الإنتاج، الذي تضمن زيادة للإنتاج فاقت التوقعات.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط سعر خام نفط عُمان سجل 75.3 دولار للبرميل خلال الفترة من يناير إلى مارس من العام الجاري، مقارنة مع حوالي 80 دولارًا للبرميل خلال الفترة نفسها من عام 2024، وبلغ إجمالي الإنتاج 88.8 مليون برميل بمتوسط إنتاج يومي 987 ألف برميل، مع حجم صادرات يقترب من 75 مليون برميل خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأدت المتغيرات الدولية الأخيرة إلى تراجع أسعار النفط في بداية أبريل الجاري إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، قبل أن تعاود الأسعار التعافي نسبيًا خلال الأسبوع الجاري، لكنها تبقى منخفضة بنسبة نحو 11 بالمائة مقارنة مع مستوى الأسعار في بداية العام.
ونظرًا للمتغيرات الحالية، تم خفض توقعات أسعار النفط العالمية خلال العام الجاري والعام المقبل، حيث أشارت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة، وتسريع مجموعة أوبك بلس لزيادة الإنتاج، يرفع احتمالية ارتفاع مخزونات النفط العالمية، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط على أسعار النفط، ونتيجة لذلك، خفضت توقعاتها لسعر خام برنت الفوري بمقدار 6 دولارات للبرميل في عام 2025، و7 دولارات للبرميل في عام 2026، مقارنة بتوقعاتها الصادرة خلال شهر مارس الماضي، وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط سعر برنت 68 دولارًا للبرميل هذا العام، و61 دولارًا للبرميل العام المقبل، كما اعتبر صندوق النقد الدولي في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي الصادر خلال أبريل الجاري، أن تأثير النزاعات التجارية قد يقود لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وخفض الطلب على الطاقة، مرجحًا أن يصل متوسط سعر النفط إلى 66.9 دولار للبرميل في عام 2025، متراجعًا بنسبة 15.5 بالمائة عن العام السابق، وخفّض بنك جولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط لعام 2025 بنسبة 5.5 بالمائة لخام برنت، نظرًا لقرار أوبك بلس برفع الإنتاج في مايو، وفرض الرسوم الجمركية، متوقعًا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 69 دولارًا للبرميل بنهاية عام 2025، وأن يواصل التراجع إلى 62 دولارًا للبرميل في عام 2026، واعتبر البنك أن الخطر الأكبر على أسعار النفط يتمثل في مخاوف الركود، مع توقعه درجة أقل من التأثير نتيجة ارتفاع الإنتاج من قبل مجموعة دول أوبك بلس.
ومن جانبها، أوضحت وكالة الطاقة الدولية أنه على المدى القصير قد يشهد الطلب على النفط تراجعًا بسبب تباطؤ الاقتصاد في الصين وزيادة حجم الإمدادات، وبشكل عام سيواصل الطلب على النفط التباطؤ بشكل كبير في السنوات المقبلة مع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، ورجحت الوكالة أن المعروض العالمي من النفط قد يتجاوز الطلب بنحو 600 ألف برميل يوميًا هذا العام، وقد يزيد الفائض بمقدار 400 ألف برميل يوميًا مع تسريع مجموعة أوبك بلس الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج، وأشارت الوكالة في تقريرها لشهر أبريل إلى أنه بعد فترة من الهدوء النسبي، شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة جراء إعلان الرسوم الجمركية التجارية في بداية أبريل الجاري، حيث هبطت أسعار النفط الخام القياسية إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من 15 دولارًا للبرميل، لتصل إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل، لكنها عاودت الارتفاع بعد تأجيل تطبيق بعض الرسوم الجمركية وبدء مفاوضات حول الرسوم الجمركية.
وفي حين تم إعفاء واردات النفط والغاز والمنتجات النفطية المكررة من الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة، إلا أن المخاوف تظل من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى عودة التضخم للتفاقم وإبطاء النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي التأثير سلبًا على أسعار النفط، وستكون التطورات مرتبطة بالمسار الذي تتخذه المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة والعديد من الدول حول الرسوم الجمركية، كما أن زيادة الإمدادات أو توازنها يبقى مرتبطًا بقرارات مجموعة أوبك بلس ورؤيتها للمستويات الملائمة من الإنتاج. وبينما كان تسريع زيادة الإنتاج أحد العوامل التي أسهمت في تراجع أسعار النفط، إلا أنه يمكن النظر لتوقيت القرار في ضوء ظروف وعوامل متعددة قادت لتفضيل مجموعة أوبك بلس هذا التوقيت لبدء زيادة الإنتاج، فقد حققت سياسات أوبك بلس نجاحًا في الحفاظ على استقرار الأسعار والسوق النفطية خلال السنوات الثلاث الماضية، وجاء قرارها بزيادة الإنتاج بعد تأجيل بدء تخفيف القيود على الإنتاج عدة مرات خلال العام الماضي، ولذلك تضمّن قرار أوبك بلس المضي قدمًا في خطة رفع إنتاج النفط بزيادته بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في مايو، لكن المجموعة أكدت دائمًا التزامها بالحفاظ على مستويات سعرية للنفط مواتية للمنتجين والمستهلكين، وأنها ستواصل سياستها في تحديد مستويات الإنتاج وفق التطورات الاقتصادية العالمية والمتغيرات في السوق النفطية.
من جانب آخر، فإن زيادة الإنتاج من قبل أوبك بلس يمكن ألا تؤدي فعليًا لزيادة ملموسة في حجم الإمدادات في حال التزام المنتجين بالحصص المتفق عليها، وأيضًا في حال عدم ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ويُعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط مؤثرًا على إنتاج النفط الصخري، حيث ترى الشركات المنتجة أن تحقيق جدوى من الإنتاج يتطلب أن يكون متوسط سعر البرميل 65 دولارًا أمريكيًا.