اعتمدت المملكة العربية السعودية منهجية جديدة لقياس الناتج المحلي الإجمالي تعرف بالسلاسل المتحركة بدلا من النهج التقليدي المبني على سنة أساس ثابتة.

وتهدف منهجية السلاسل المتحركة إلى تعزيز دقة وموثوقية المؤشرات الاقتصادية، حيث تتيح انتقالا سلسا بين الأعوام، وهذا يعكس الاتجاهات الاقتصادية بشكل أكثر دقة ووضوحا، ويسهل إجراء المقارنات بين الدول.

ويتم حساب المؤشرات الاقتصادية في منهجية السلاسل المتحركة من خلال ربط فترات زمنية متجاورة معا، ويضمن هذا التداخل المستمر عكس التغيرات في الاقتصاد بشكل أكثر دقة، لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات في هياكل الإنتاج والاستهلاك وتأثيرات تغيرات الأسعار. توفر منهجية السلاسل المتحركة تمثيلا أكثر حداثة وواقعية للأنشطة الاقتصادية، إذ تستخدم سنة مرجعية هي (2018) لربط السنوات معا، وتوفر هذه الطريقة تمثيلًا أكثر حركة ودقة عبر حساب التغيرات النسبية بين الأسعار خلال السنوات المتجاورة وليس سنة واحدة فقط. نموذج غير جمعي

وتعد السلاسل المتحركة نموذجا غير جمعي، إذ لا يمكن الحصول على قيمة الناتج المحلي الإجمالي من خلال جمع مكوناته من الأنشطة الاقتصادية أو من بنود الإنفاق، وتصحح منهجية السلاسل المتحركة عيوب سنة الأساس الثابتة خصوصا عندما يتعرض الهيكل والسلوك الاقتصادي إلى تحولات كبيرة.

وتسمح منهجية السلاسل المتحركة بالانتقال بشكل أكثر سلاسة، وتتكيف مع ظروف الاقتصاد المتطورة، ولا ينظر نهج السلاسل المتحركة للتغير في الكميات فقط، بل يضبط كذلك الاختلافات في الأسعار، ويقدم صورة أكثر واقعية للنمو أو الانكماش الاقتصادي.

وعلى الرغم من أن السلاسل المتحركة نموذج غير جمعي، فإن هذه المنهجية تحسن من دقة وتمثيل البيانات.

ومن المتعارف عليه اقتصاديا وجود مقياس للاقتصاد سواء كان القياس بالأسعار الجارية، أو القياس بالأسعار الثابتة بسنة الأساس (2010)، أو القياس بالسلاسل المتحركة (السنة المرجعية 2018).

الهيئة العامة للإحصاء تتبنى منهجية السلاسل المتحركة في حساب الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتعد المملكة الدولة الأولى خليجيًّا وعربيًّا التي تبنت منهجية السلاسل المتحركة.https://t.co/jlsZGUgorl#واس_اقتصادي pic.twitter.com/dJzPclGQvE

— واس الاقتصادي (@SPAeconomic) March 10, 2024

القياس بالأسعار الجارية

يعد القياس بالأسعار الجارية ركيزة من ركائز الحسابات القومية، حيث يعكس القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات التي تنتج داخل الاقتصاد خلال فترة محددة، دون أي تعديل للتغيرات في الأسعار أو التضخم، فهو يعطي تصورا عن القيمة المضافة الإجمالية من حيث الأسعار الفعلية السائدة في السوق وقت الإنتاج.

وبعبارة أخرى، يعكس القياس بالأسعار الجارية القيمة المضافة الإجمالية دون النظر في تأثير الضغوط التضخمية أو الانكماشية.

وفي سياق الحسابات القومية، يقدم هذا القياس نظرة عامة عن النشاط الاقتصادي، وإجمالي الدخل الناتج من مختلف القطاعات، وهو بمثابة نقطة الانطلاق لمزيد من التحليل، كما أنه يساعد صناع القرار والاقتصاديين وأصحاب المصلحة العامة في قياس حجم ونمو الاقتصاد.

#الإحصاء تتبنى منهجية السلاسل المتحركة في حساب الناتج المحلي الإجماليhttps://t.co/s4LgWmxZQh#صحيفة_المدينة pic.twitter.com/eDz9Wv96MO

— صحيفة المدينة (@Almadinanews) March 10, 2024

منهجية سنة الأساس

وفي منهجية سنة الأساس الثابتة باعتبار 2010 سنة الأساس، تقارن بها كل السنوات الأخرى، وذلك لتوفير انعكاس أكثر دقة للنمو الحقيقي للاقتصاد عن طريق إزالة أثر تقلبات الأسعار.

ورغم أن هذه المنهجية قد استُخدمت لسنوات طويلة وبطريقة فعالة، فإنها لا تعكس التغييرات في الهياكل الاقتصادية والسلوكيات مع مرور الوقت بشكل جيد، فعندما يتم إنتاج السلع والخدمات يتم قياس القيمة الإجمالية بالقيمة النقدية (أي بالأسعار الجارية)، وخلال المقارنة بين السنوات سنلاحظ انخفاضا وارتفاعا ملحوظا في القيم الإجمالية والذي قد يكون انعكاسا لتغيرات الأسعار بدلا من التغير الحقيقي للكميات المنتجة من السلع والخدمات.

وتعد السعودية الدولة الأولى خليجيا وعربيا، وضمن غالبية دول مجموعة العشرين التي تبنت منهجية السلاسل المتحركة. وبيّن الإحصائيون الخبراء في مجال الحسابات القومية أن منهجية السلاسل المتحركة تراعي تأثير تغيرات الأسعار ومرونة التعامل مع الأنشطة الاقتصادية، كما تراعي هيكل الإنتاج وأنماط الاستهلاك، وتتيح المقارنات الدولية بشكل أوضح.

وكشفت الهيئة العامة للإحصاء السعودية مؤخرا أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 4.3% خلال الربع الرابع 2023 مقارنة بالربع المماثل من عام 2022، وبالمقارنة مع الربع الثالث من عام 2023 شهد الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسميا تراجعا بلغت نسبته 0.6%.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 891.38 مليار ريال (الدولار 3.75 ريالات) خلال الربع الرابع 2023، مقارنة بنحو 931.28 مليار ريال خلال الفترة نفسها من عام 2022.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الناتج المحلی الإجمالی

إقرأ أيضاً:

التعاون الدولي: تراجع معدّل النمو الحقيقي للناتج المحلي لـ 2.4%

أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي عن تراجع معدّل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى 2.4% خلال الربع الرابع من العام المالي 2023/2024، مقارنة بمعدّل نمو بلغ 3.8% في العام المالي السابق 2022/2023.

وأوضحت وزارة التخطيط أن هذه الأرقام تأثرت بشكل رئيسي بالصدمات الاقتصادية العالمية المتتالية، والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بجانب السياسات الانكماشية التي اتبعتها الحكومة المصرية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.

ورغم تباطؤ النمو، إلا أن بعض القطاعات الاقتصادية تمكنت من تسجيل معدلات نمو إيجابية، شملت قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، السياحة “المطاعم والفنادق”، والنقل والتخزين، وتجارة الجملة والتجزئة، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة.

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على قناة السويس

كانت قناة السويس من أكثر الأنشطة الاقتصادية تضررًا جراء التوترات الجيوسياسية في المنطقة، فقد شهدت القناة انكماشًا بنسبة 30% خلال العام المالي 2023/2024 مقارنة بالعام السابق، بينما بلغ الانكماش 68% خلال الربع الأخير من العام ذاته. 

هذه التراجعات جاءت نتيجة التهديدات التي واجهتها الحركة الملاحية في البحر الأحمر، مما دفع بعض شركات النقل البحري إلى تحويل مساراتها نحو طرق أخرى بديلة.

قطاع الاستخراجات بين التحديات والتعافي

تأثرت صناعة الاستخراجات بانكماش بلغ 4.7% خلال العام المالي، وهو قطاع يساهم بنسبة 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن تراخي الإنتاج في حقول الزيت الخام والغاز الطبيعي كان أحد العوامل الرئيسية وراء هذا التراجع، نتيجة لانخفاض الاستثمارات الأجنبية الموجهة لاكتشافات جديدة وتباطؤ عمليات تطوير وتنمية الآبار القائمة. 

لكن هذه المؤشرات السلبية بدأت تشهد تحسنًا بعد انتهاء العام المالي، خاصة مع سداد مصر لمستحقات الشركاء الأجانب، ما أسهم في تعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجية الدولة للانتقال إلى قطاع طاقة أكثر استدامة.

أداء الصناعات التحويلية والتحسن المرتقب

شهد قطاع الصناعة التحويلية غير البترولية، الذي يساهم بنسبة 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي، تراجعًا بنسبة 5.2% خلال العام المالي، وذلك نتيجة نقص المواد الخام اللازمة للصناعات، غير أن هذه الأزمة بدأت في التلاشي مع سياسات الإصلاح الاقتصادي المنفذة في مارس 2024، حيث سجل القطاع نموًا إيجابيًا بنسبة 4.7% في الربع الأخير من العام. من بين الصناعات التي ساهمت في هذا النمو كانت صناعة الملابس الجاهزة التي شهدت نموًا بنسبة 54.2%، والمنسوجات بنسبة 23.8%، والحاسبات والمنتجات الإلكترونية بنسبة 14.9%.

مرونة القطاعات الأخرى واستمرار النمو

بالرغم من هذه التحديات، تمكنت بعض الأنشطة الاقتصادية من إظهار مرونة قوية. قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سجل نموًا بنسبة 14.4%، بينما شهدت السياحة “المطاعم والفنادق” نموًا بنسبة 9.9%، وتجارة الجملة والتجزئة بنسبة 6.1%. 

كما حققت قطاعات التشييد والبناء، الخدمات الاجتماعية “الصحة والتعليم”، النقل والتخزين، والزراعة، نموًا إيجابيًا، وهو ما يتوافق مع رؤية مصر لتنويع هيكلي للاقتصاد وتعزيز معدلات التنمية في مختلف القطاعات.

المؤشرات المستقبلية والآفاق الاقتصادية

تشير المؤشرات الدورية إلى بوادر تحسن في النشاط الاقتصادي. ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 50.4 نقطة في أغسطس 2024، متجاوزًا مستوى الحياد لأول مرة منذ نوفمبر 2020، وذلك بفضل التوسع في أنشطة التصنيع. 

كما شهد مؤشر بارومتر الأعمال الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية انتعاشًا طفيفًا، مما يعكس اتجاهًا إيجابيًا في الأداء التجاري العام.

وتتوافق هذه المؤشرات مع توقعات المؤسسات الدولية التي تشير إلى إمكانية نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة 4% في العام المالي 2024/2025، هذا التحسن المتوقع يستند إلى جهود الدولة في تعزيز دور القطاع الخاص، وصقل السياسات النقدية والمالية لدعم التعافي الاقتصادي، كما أن سياسات الإصلاح الهيكلي ستلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاقتصاد الكلي، وتحسين القدرة التنافسية، ودفع عجلة التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

الاستثمارات المستقبلية والتحفيز الاقتصادي

تتوقع الحكومة أن تساهم حوكمة الاستثمارات العامة في إفساح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص، مع التركيز على تعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، كذلك استمرار ضبط الأوضاع المالية من شأنه خلق مساحة أكبر للاستثمار في رأس المال البشري والتنمية الصناعية، وهو عامل أساسي لدفع عجلة النمو في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • عاجل | أسعار النفط في مهب ضرب إسرائيل البنية التحتية لإيران.. مخاوف جديدة
  • لاصيفر: الأسعار ستواصل الارتفاع أكثر إذا لم تذهب ليبيا نحو حل الأزمة السياسية والأمنية
  • محمد صلاح على رادار ناد أوروبي وسط منافسة سعودية محتدمة
  • عام على الحرب.. خسائر الضفة الفلسطينية اقتصاديا
  • صندوق النقد: الناتج المحلي في غزة تراجع 86% خلال النصف الأول من 2024
  • 10.5 مليار ريال مساهمة المؤسسات الخاصة النشطة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية
  • التخطيط تصدر بيانا بشأن تطورات الناتج المحلي الإجمالي لمصر
  • «التخطيط» تعلن تطورات الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع والعام المالي 2023/2024
  • التعاون الدولي: تراجع معدّل النمو الحقيقي للناتج المحلي لـ 2.4%
  • استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر: آفاق جديدة لقطاع البناء في أكتوبر 2024