حين تتحوّل مربية الطفل إلى وحش... عن صحة نفسية مدمّرة نتحدث
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
من أكثر الأمور إيلاماً بالنسبة لأي والد ووالدة، هو مشاهدة طفلهم يتعرّض لأذى ما، فكيف إذا كان ذلك على يد أشخاص مؤتمنين على رعايتهم وحمايتهم؟ الحديث هنا عن المربّيات المعنّفات، والحضانات غير المسؤولة التي توّظف وحوشاً وليس بشراً، وتوكل إليهم مهمّة رعاية أطفال صغار، لا حول لهم ولا قوّة. ولكن هل فكّرت تلك المربّية التي ضربت وشتمت وأرغمت طفلاً على تناول الطعام، في تداعيات أفعالها هذه على صحته النفسية؟ بالطبع لا.
لا بد من أنكم تتذكرون قضية فيديو تعنيف الأطفال الرضّع في حضانة Garderêve الذي استفزّ الجميع، وسلّط الضوء على واقع مخيف موجود بالفعل في المجتمع اللبناني، جعل من الكثيرين يفكّرون مرّتين قبل تسجيل أبنائهم الصغار في حضانات. تجربة مروعة
وبالفعل، هذا ما حصل مع لارا، وهي أمّ لطفلة تبلغ من العمر 3 سنوات، ولصبي في عمر الـ6 سنوات، والتي روت لـ"لبنان 24" تجربتها المخيفة.
لارا امرأة عاملة ولكن عن بعد، أي تعمل من منزلها لصالح إحدى الشركات، أرادت التركيز على عملها في هذه المرحلة فقررت توظيف مربية لدوام نهاري كي تعتني بابنتها الصغيرة.
وقالت: "وظفتها لاعتقادي بأن سيدة في عمرها، أي في أواخر الأربعينيات، لديها ما يكفي من الخبرة للتعامل مع طفة صغيرة، إلا أن الحقيقة صدمتني".
وكشفت أنها في يوم من الأيام، كانت توصل ابنها إلى المدرسة التي لا تبعد عن المنزل سوى دقائق قليلة، بينما كانت ابنتها في البيت مع المربية، مشيرة إلى أن الكاميرا في غرفة الصغيرة كانت تسجّل الأحداث، لحسن الحظ. وروت لارا لنا أنها قلّما تشاهد المقاطع التي تسجلها الكاميرا بحكم أنها في البيت دوماً، إلا أن "غريزة الأمومة" دفعتها هذه المرة لمشاهدة التسجيلات، وحسناً فعلت.
وقالت: "صعقت بما رأيته. شاهدت المربية وهي تغيّر الحفاض لابنتي بطريقة وحشية، إذ ضربتها على وجهها لأنها كانت تبكي كثيراً، وأمسكت بالحفاض المتّسخ ووضعته على وجه الطفلة، ثم رمته أرضاً وأمسكتها من يدها بطريقة عشوائية ومؤلمة جعلت الصغيرة تنفجر بكاءً بينما كانت المربية ترفعها لتضع الحفاض النظيف".
وتابعت لارا: "لم أصدّق عيني في بداية الأمر، ولمت نفسي مراراً خلال دقائق قليلة لأنني من وظفت هذه المرأة وأدخلتها منزلي كي تعتني بابنتي، إلا أنها كانت تؤذيها بدلاً من ذلك"، لافتة إلى أنّ ما حصل في حضانة Garderêve قبل أشهر جعلها تخاف الحضانات، فظّنت أن المربية المنزلية أفضل.
كما شددت على أن ما جعلها تشعر بشيء من التحسن هو أنها تمكنت من إنقاذ صغيرتها في الوقت المناسب بفضل "حدس الأمّ" الذي تملكه. هذه التجربة دفعت بلارا إلى توجيه رسالة إلى الأمّهات، وهي أن يثقن بحدسهنّ مهما كلّف الأمر، مشددة على ضرورة التقصي جيداً عن المربية التي يفكرن بتوظيفها، فضلاً عن ضرورة تركيب كاميرات مراقبة في المنزل، وخاصة في غرفة الرضيع.
ما تعّرضت له إبنة لارا مخيف، لا بل مرعب، خاصة وأنه من الممكن أن يكون قد تكرر أكثر من مرة. إلا أن المرعب أكثر، هو الحالة النفسية التي من الممكن أن تكون قد تشكّلت لديها، على رغم صغر سنّها.
هل يتذكر الرضع ما يتعرضون له؟
فهل يتذكّر الرضع والأطفال الصغار ما يتعرّضون له من تجارب صعبة في عمرهم الصغير؟ وما أثرها على صحتهم النفسية؟
أسئلة حملناها إلى الإختصاصية في علم النفس العيادي، الأستاذة الجامعية وأمين عام الجمعية اللبنانية لعلم النفس د. كارول سعادة، التي كشفت أن الأطفال بعد عمر الـ5 سنوات يتذّكرون بشكل واعٍ تعرّضهم للعنف أو أي سوء تعرّضوا له، كما أن الأطفال الأصغر سناً في حال تعرضهم للعنف، تبقى الذكريات المؤلمة في ذاكرتهم العاطفية أي في اللاوعي.
وقالت لـ"لبنان 24" إن الأعراض تظهر بشكل سريع على الأطفال الذين يتعرضون للتعنيف ومنها القلق، الخوف، التبول اللاإرادي، التراجع في التحصيل المدرسي، عدم القدرة على التركيز والحركة الزائدة.
وشددت على أن العنف الذي يتعرض له الأطفال في عمر صغير جداً، يؤثر عليهم بشكل كبير حتى ولو لم يتذكرون بشكل واعٍ، لأنه يؤثر على الدماغ وعلى جهازهم العصبي، ما يؤدي إلى عدم القدرة على التعامل بشكل صحي مع العواطف والمشاعر، بالتالي التأثير هو بالشكل الأكبر على هيكل وظيفة الدماغ وخاصة في المناطق المسؤولة عن معالجة التنظيم العاطفي ومعالجة الخوف والقلق.
هذه العوامل تؤدي على المدى الأبعد بحسب سعادة، إلى شعور الطفل على حبّه لذاته وثقته بنفسه، كما على احساسه بالذنب الدائم، علاوة على أنه من الممكن أن يكره نفسه فيعنّفها بذاته سواء جسدياً أو فكرياً عن كريق التفكير الدائم بالإنتحار. وفي هذا السياق، شددت سعادة على أنه ليس من الضروري أن يصبح الطفل المعنّف معنّفاً بدوره حين يكبر، علما أن المعنفين عادة يكونون قد تعرضوا لحالات عنف في صغرهم، إلا في حال جرى احتضانه نفسياً ومرّ لاحقاً بتجارب إيجابية وشعر من خلال بالأمان.
من هنا، أكّدت ضرورة تقديم الدعم النفسي وتوفير الجوّ التعليمي الصحي، والحصول على ما تيسّر من الأمان من الأهل والمحيطين بالطفل.
ودعت سعادة للانتباه إلى اضطراب ما بعد الصدمة PTSD التي من الممكن أن يصيب الأولاد بعد تعرضهم للعنف، ويتمثّل برؤيتهم لكوابيس أثناء النوم حتى ولو بعد أشهر عدّة من الحادث، فضلاً عن التبول اللاإرادي، عدم الرغبة بتناول الطعام، البكاء، العنف، قلّة التركيز ومشاكل الذاكرة.
إلى ذلك، شددت على ضرورة توفير الدعم العاطفي للولد من خلال المحيطين به، والذي يجب أن يستمر إلى فترة المراهقة بحيث يدفع به الأهل لاختيار هواية أو مهنة معيّنة يشغل نفسه بها ويستردّ ثقته بنفسه، وتشجيعه على الحركة الجسدية التي تساعد بالترويح عن الخوف والغضب الذي يشعر به.
وختمت بأن العلاج النفسي مهمّ جداً بالنسبة للأطفال، الذي يساهم بإعادة هيكلة الجهاز العصبي كي يتمكن من التحكم بالعواطف السلبية.
وفي المحصّلة، لمن لا رحمة لديهنّ ولا ذرّة محبة، هناك وظائف عدّة بإمكانكن اللجوء إليها. ولكن الأطفال؟ ابتعدن عنهم فيكبروا آمنين وسالمين، كي يتشكل المجتمع على أيامهم بالشكل والهيكلية الصحيحين. أمّا أنتن أيتها هالوحوش، فدعوات الأمهات وغضب الآباء لن تسلموا منهما أبداً! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من الممکن أن على أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
في يوم الطفل الفلسطيني:استشهاد وإصابة 100 طفل في غزة كل يوم وأكثر من 350 طفلاً في سجون الاحتلال
الثورة / متابعات
قالت مؤسسات الأسرى الفلسطينية إن أكثر من 350 طفلًا فلسطينيًا يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقالهم في سجونه ومعسكراته، من بينهم أكثر من 100 طفل معتقل إداريًا، ويواجه الأطفال الأسرى جرائم منظمة تستهدف مصيرهم، أبرزها جرائم التعذيب، جريمة التجويع، والجرائم الطبية، إلى جانب عمليات السلب والحرمان الممنهجة التي يتعرضون لها بشكل يومي، وهذه الانتهاكات أسفرت مؤخرًا عن استشهاد أول طفل في سجون الاحتلال منذ بدء الإبادة، وهو الطفل وليد أحمد (17 عامًا) من بلدة سلواد في رام الله، الذي استشهد في سجن (مجدو).
وأضافت المؤسسات (هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، في تقرير صحفي، امس، تلقته “قدس برس”، بمناسبة “يوم الطفل الفلسطيني”، الذي يصادف الخامس من نيسان من كل عام، أن حملات الاعتقال الممنهجة بحق الأطفال في تصاعد كبير، تهدف إلى اقتلاعهم من بين عائلاتهم وسلبهم طفولتهم في مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم في تاريخ قضيتنا، وذلك في ظل استمرار الإبادة الجماعية وعمليات المحو الممنهجة، التي أدت إلى استشهاد الآلاف من الأطفال، إلى جانب الآلاف من الجرحى وآلاف ممن فقدوا أفرادًا من عائلاتهم أو عائلاتهم بالكامل. تشكل هذه المرحلة امتدادًا لسياسة استهداف الأطفال التي لم تتوقف يومًا، لكن ما نشهده اليوم من مستوى التوحش غير مسبوق.
وشهدت قضية الأطفال الأسرى تحولات هائلة منذ بدء الإبادة، وذلك في ضوء تصاعد حملات الاعتقال بحقهم، سواء في الضفة الغربية بما فيها القدس التي سُجل فيها ما لا يقل عن 1200 حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من قطاع غزة الذين لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم بسبب استمرار جريمة الإخفاء القسري، والتحديات التي تواجه المؤسسات في متابعة قضية معتقلي غزة، ومنهم الأطفال المعتقلين.
إلى ذلك قالت منظمة عالمية، إن القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأطفال، أصبحت حبرا على ورق، في ظل استمرار الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد الأطفال الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
وبين مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش، في بيان، أمس، أن “يوم الطفل الفلسطيني يمر هذا العام في ظل جرائم وانتهاكات غير مسبوقة ضد الأطفال الفلسطينيين، حيث قتل العدو في الضفة الغربية نحو 200 طفل، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023م، عدا عن الجرائم الممارسة بحق الأطفال المعتقلين في المعتقلات الصهيونية “.
وقال أبو قطيش، إنه “لم يبق أي حق للأطفال في غزة إلا تم اجتثاثه من الأساس، سواء الحق في الحياة أو التعليم والصحة وغيرها”.
واعتبر أن “القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأطفال، أصبحت حبرا على ورق، في ظل استمرار الجرائم الصهيونية ضد الأطفال الفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة”.
ولفت الحقوقي أبو قطيش إلى أن “تلك الجرائم تبرز حجم الصمت والتواطؤ الدولي مع العدو”.
من جهتها قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أمس السبت، أن51% من سكان قطاع غزة من الأطفال يشكّلون النسبة الأكبر من ضحايا القصف الصهيوني على القطاع.
وأفادت “أونروا”، باستشهاد وإصابة 100 طفل يومياً في غزة منذ استئناف الحرب في 18 من مارس الماضي.
وتتزامن اليوم حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها “إسرائيل” على قطاع غزة مع يوم الطفل الفلسطيني، وهو اليوم المقرر له أن يكون احتفال للأطفال الفلسطينيون داخل أراضيهم، ويوافق الخامس من أبريل من كل عام، ولم يكن يوم الطفل الفلسطيني هذا العامة كسابقه، حيث الآلاف من الضحايا والأبرياء والأيتام والشهداء والمصابين الذين يزداد أعدادهم يومًا بعد يوم بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 18 شهراً.