غزة وأوكرانيا.. في خطاب «حالة الاتحاد»
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
واجه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تحدياً صعباً أثناء إلقائه خطاب «حالة الاتحاد» هذا العام أمام الكونجرس، إذ كان مضطراً للتعاطي مع بواعث قلق تتعلق بقلق الناخبين بشأن الاقتصاد، والبيئة المختلة التي خلقها التعصب الشديد داخل الحزب «الجمهوري»، والتهديد المستمر لعملياتنا الديمقراطية الذي يطرحه تكرار لسيناريو تمرد 6 يناير 2021.
وكما كان متوقعاً، كانت لدى المعلِّقين آراء مختلفة حول مدى نجاح بايدن في التعامل مع التحديات التي تواجه البلاد ورئاسته، حيث بدا أن «الديمقراطيين» المتحيزين للحزب يجترون نقاط حديث بايدن في الحملة الانتخابية، بينما سعى «الجمهوريون» إلى تمحيص كل كلمة من كلماته بحثاً عن أي عيوب أو ثغرات فيها، غير أن تقييماً صادقاً للخطاب يشير إلى أن بايدن منح «الديمقراطيين» ما يحتاجونه للقيام بحملة لإعادة انتخابه، ولكنه لم يفعل شيئاً لمعالجة الانقسام الحزبي، أو الدفع بأي تشريع عالق في الكونجرس حالياً.
وبالنظر إلى حجم التحديات الداخلية التي شكّلت الجزء الأكبر من خطاب الرئيس حول «حالة الاتحاد»، فقد كان من الغريب اختياره افتتاح خطابه واختتامه بقضيتين من قضايا السياسة الخارجية، وكلاهما تم التعامل معه على نحو غير مرضٍ تماماً.
ذلك أنه افتتح تصريحاته بتحذيرات شديدة بشأن حرب روسيا على أوكرانيا، مشبهاً التحديات التي تفرضها هذه الحرب على الديمقراطيات الغربية بالوضع الذي كان سائداً في أوروبا، خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. والحال أن هذه مبالغة كبيرة، في أحسن الأحوال. ذلك أن بوتين ليس هتلر، والأكيد أن الحرب في أوكرانيا لا تشكّل تهديداً للولايات المتحدة، ولا تطرح تحدياً خطيراً لأي من دول «الناتو» الأوروبية. فروسيا لديها تظلم تاريخي معين بخصوص أوكرانيا، ولئن كان من المهم الدفاع عن سلامة أراضي هذه الأخيرة، فإنه يمكن القيام بذلك من دون غلو أو عقد تشبيهات تاريخية مبالغ فيها وغير دقيقة، ثم إن استخدام خطاب مبالغ فيه حول مواجهة الأنظمة الديمقراطية للاستبداد يبعث على النفور ولا يخلو من خداع، وذلك على اعتبار أن «الديمقراطيات» الأوروبية المعنية كانت قوى استعمارية في الأربعينيات، وكانت من بين أسوأ البلدان المنتهكة لحقوق الإنسان في العالم.
عامان مرا منذ أن بدأ الرئيس في اتباع أسلوب خطاب تشرتشل أو ريجان في وصف إعادة خلقه لصراع الحرب الباردة مع روسيا والصين. وقد يُطرب ذلك بعض الأفراد داخل دائرته الداخلية، ولكنه لا يجد له صدى بين الناخبين، إذ تُعارض نسبة كبيرة من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» إرسال مزيد من المليارات لخوض حرب في أوكرانيا.
وإذا كان افتتاح الخطاب بموضوع أوكرانيا غير موفق، فإن تناول الرئيس الأميركي موضوع غزة في الختام كان من دون تأثير أو فعالية. ولئن كانت جهود إعادة انتخاب بايدن لن تتضرر بسبب دعمه أوكرانيا، فإن نتائج بعض الانتخابات التمهيدية المبكرة هذا العام تشير بوضوح إلى أن استمراره في تسليح إسرائيل، ورفضه التنديد بسياساتها في غزة قد يكلّفه أصواتاً في نوفمبر المقبل. ونتيجة لذلك، شعر بأنه مضطر لتناول هذه القضية، ولكن مقاربته كانت مربكة ومحيرة في أحسن الأحوال. أما مشكلته، فهي أنه حاول الجمع بين نقيضين. ذلك أنه من جهة، يواصل التعهد بدعم إسرائيل دعماً كاملاً، و«حقها المزعوم في الدفاع عن نفسها»، وفي الوقت نفسه، يحاول تلطيف هذا الدعم وخلق نوع من التوازن عبر دعوة إسرائيل أيضاً إلى إظهار اهتمام أكبر بالمدنيين الفلسطينيين – وهي دعوات اعترفت بها إسرائيل مرات كثيرة، ولكنها تجاهلتها لأشهر.
ورغم إشارة بايدن إلى مسؤولية إسرائيل عن الأزمة الإنسانية في غزة، إلا أنه بدلاً من أن يدعو إلى وقف إطلاق النار، ويطالب إسرائيل بسحب قواتها، تعهد عوضاً عن ذلك بإنشاء ميناء عائم لجلب الإمدادات اللازمة إلى غزة.
اقتراح أثار الازدراء في الغالب الأعم. واعتُبر غير ضروري، على اعتبار أن مشكلة إدخال الإمدادات إلى غزة يمكن حلّها بسهولة أكبر عبر الانضمام إلى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وعلاوة على ذلك، لفت بعض المراقبين إلى أنه خلال الشهرين اللذين سيستغرقهما إنشاء الميناء، سيكون آلاف الفلسطينيين قد ماتوا جوعاً.
التقييم الختامي: للأسف، أضمُّ صوتي إلى الأصوات التي ترغب في إنهاء هذا التقليد السنوي، لأن خطاب «حالة الاتحاد» لا يصف حالة أمتنا بصدق، ولا يعمل على توحيدنا لمواجهة التحديات التي نواجهها، بل أضحى مسألة حزبية لا تخطئها العين تتخلله هتافات الاستهجان والمعارضة، أو فعالية من فعاليات الحملة الانتخابية تتخللها تصفيقات متكررة ولا داعي لها. وبالتالي، فإنه يساهم في تعميق الانقسام الحزبي أكثر منه في توحيد البلاد خدمة للمصلحة العامة. وتأسيساً على ما تقدم، فإن خطاب الرئيس بايدن ربما أفاده بين بعض الأفراد في حزبه، لكنه لم يفعل شيئاً لتوحيد الأمة.
(الاتحاد الإماراتية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن غزة امريكا غزة بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حالة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
روسيا تدعي السيطرة على بلدة جديدة شرق أوكرانيا.. وقرار أوروبي بتمديد العقوبات على موسكو
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الأحد، سيطرتها على بلدة فيليكا نوفوسيلكا، وهي مركز دفاعي استراتيجي للقوات الأوكرانية في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. ويأتي هذا الإعلان في وقت وافق فيه الاتحاد الأوروبي على تمديد العقوبات المفروضة على موسكو لمدة ستة أشهر إضافية.
اعلانوتُعد فيليكا نوفوسيلكا نقطة محورية على الخطوط الأمامية، والسيطرة عليها تمثل مكسبًا عسكريًا كبيرًا لروسيا، إذا ما تأكدت صحة المزاعم. وفقًا للمحللين، كانت السيطرة على هذه البلدة مسألة وقت فقط، نظرًا لموقعها الاستراتيجي القريب من منطقة دنيبروبيتروفسك المجاورة.
وقد أعلن اللواء 110، الذي ينشط في المنطقة، عبر قناته على تطبيق تيليغرام أن القوات الأوكرانية انسحبت من أجزاء معينة من البلدة لتجنب الوقوع في حصار روسي. وأكد أن الانسحاب لم يكن شاملاً، حيث لا يزال القتال مستمرًا في البلدة.
جنود روس يستعدون لإطلاق طائرة مسيّرة في موقع غير معلن داخل أوكرانيا، في صورة مأخوذة من فيديو وزعته دائرة الإعلام التابعة لوزارة الدفاع الروسية يوم السبت، 25 يناير 2025.AP/Russian Defense Ministry Press Serviceوقال اللواء في بيانه: "انسحبنا بمهارة من المناطق التي شكلت تهديدًا بالتطويق، مستغلين الظروف الجوية. هذا لا يعني مغادرتنا المدينة بالكامل. هدفنا تقليل الخسائر وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بالقوات الروسية."
وأشار اللواء إلى أن النهر في المنطقة يشكل عقبة أمام تقدم القوات الروسية، ما يعقد أي محاولات للتوغل العميق في الأراضي الأوكرانية.
Relatedقصف روسي على كييف يسفر عن ثلاثة قتلى على الأقل وأوكرانيا تهاجم 13 موقعًا هل يستطيع دونالد ترامب إنهاء الحرب في أوكرانيا؟الجيش الروسي يواصل تقدمه في أوكرانيا: السيطرة على بلدة جديدة في خاركيفوأكد الجنود الأوكرانيون الأسبوع الماضي أن القتال العنيف في دونيتسك يضعهم في موقف "صعب للغاية"، مع حاجة ملحة للمزيد من الأسلحة لصد التقدم الروسي. وأضافوا أن الروس يتمتعون بتفوق في القوة البشرية، رغم التكافؤ في المدفعية والطائرات بدون طيار.
الاتحاد الأوروبي يجدد العقوبات على روسيافي السياق السياسي، وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين على تمديد العقوبات المفروضة على روسيا، التي تشمل حظر التجارة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتمويل والسلع الكمالية والنقل. كما تستهدف العقوبات أصول البنك المركزي الروسي.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عبر منشور على منصة X: "حرمان روسيا من الإيرادات لتمويل حربها هو التزامنا. يجب أن تدفع موسكو ثمن الأضرار التي تسببت بها."
ويتطلب تجديد العقوبات إجماع الدول الأعضاء الـ27، ورغم تهديدات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان باستخدام حق النقض، تم تمرير القرار بعد تراجع المجر عن معارضتها.
المصادر الإضافية • AP
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية المجر تتراجع عن استخدام الفيتو: اتفاق دبلوماسي يمهد لتمديد العقوبات الأوروبية ضد روسيا الجنود الأوكرانيون في دونيتسك يطالبون بأسلحة إضافية لمواجهة الهجمات الروسية المستمرة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: انتصار روسيا سيقوض مصداقية الناتو ويثقل كاهل التحالف بتكاليف ضخمة روسياأوكرانياالاتحاد الأوروبيعقوباتالحرب في أوكرانيا قوات عسكريةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. إسرائيل تسمح بعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع وتواجه ضغوطًا شعبية في جنوب لبنان للانسحاب يعرض الآنNext "بتنسيق مع نتنياهو".. لماذا اقترح ترامب تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن بشكل مفاجئ؟ يعرض الآنNext المجر تتراجع عن استخدام الفيتو: اتفاق دبلوماسي يمهد لتمديد العقوبات الأوروبية ضد روسيا يعرض الآنNext مشاهد جوية تُظهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين يعودون إلى شمال غزة يعرض الآنNext أمطار جنوب كاليفورنيا ترفع خطر الفيضانات وتساعد في مكافحة حرائق الغابات اعلانالاكثر قراءة خطة لـ"تطهير غزة"..ترامب يدعو لنقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن ترامب يهدد كولومبيا بعقوبات صارمة لرفضها استقبال المهاجرين.. والأخيرة تخصص الطائرة الرئاسية لعودتهم "كندا ليست للبيع".. قبعة تجتاح الأسواق وتتحول إلى رمز وطني ضد تهديدات ترامب 70 أسيرًا فلسطينيًا يصلون إلى مصر بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل قبل التوجه إلى دول أخرى نائب الرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة خاضت حروبًا على مدى 40 عامًا دون أن تنتصر اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلدونالد ترامبقطاع غزةحركة حماسغزةأزمة إنسانيةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أزمة المهاجرينواشنطنروسياالأمم المتحدةالاتحاد الأوروبيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025