طاحونة ترمب طحنت جميع منافسيه الجمهوريين وآخرهم السياسية المتمرسة نيكي هايلي، ذات الأصول الهندية من طائفة السيخ، لقد كانت هذه المرأة المنافقة أفضل خيار لتوحيد الأمريكان من إنقسامهم العميق، فهي جمهورية محافظة، وهي ملونة وهذا يرضي السود والمهاجرين، وهي امرأة وهذا يرضي عصابات الجندر، ولديها “بعض المواقف” متماهية معهم، وقد نالت دعما سخيا من البزنس الديموقراطي والجمهوري على حد سواء مما يؤكد رضا الدولة العميقة عنها، ألم أقل لكم أنها منافقة؟!
ولكن إتضح أن بحر الإنقسام الإمريكي أعمق من أن تغطيه “الجسور العائمة” وأن المواجهة الفاصلة قادمة على يد صاحب الأخدود الأمريكي العظيم، “دونالد جي ترمب”، كأنه قدر أمريكا المكتوب على جبينها.
ربما يخفف من حدة المواجهة أن يختار ترمب “تيم سكوت” السيناتور الأسود نائبا له، ولكن الأمر لم يحسم بعد. وقد يميل إلى أمرأة بيضاء محافظة مثل النائبة إليس ستيفانيك، أو يخالف التوقعات ويصالح نيكي هايلي ليضمن تحييد الدولة العميقة.
تيم خطيب بارع، مريح للأعصاب، ولديه صوت فيه درجة من التطريب أقرب للفنان السوداني أحمد الجابري أو السعودي أبوبكر سالم، وهو رجل أعمال ناجح، ومع هذا لديه شعبية محدودة بين السود وتزداد بين المثقفين الواقعيين منهم بالذات في الجنوب الأمريكي، وهو يجتهد ليعيد بناء شعبيته ببعض التحركات، آخرها تبني قرار الكونغرس ضد الجنجويد بسبب “مذبحة المساليت” في السودان، وهو قرار لصالح الضحايا ظاهريا لكن فيه بعض “الفخاخ” ضد الاستقرار في السودان فالتربص بالجيش والقائد العام، يجعل القرار كرباجا سياسيا أكثر من كونه “ميزان عدل” للمواطن السوداني، لينتهي به الأمر -كالعادة- ترسا في ماكينة العقوبات الأمريكية التي تضر بالشعوب لا الحكومات، وتساهم في التمدد الروسي.
نعم، بعد أن يصفق له كثير من السذج والناشطين!
المهم، عودة لما سيحدث في نوفمبر 2024؟!
أولا: هو بداية معركة وليس نهايتها، إذ لو فاز ترمب، هنالك سؤال، هل سيبدأ يومه الأول بالدكتاتورية كما قال؟! أو بالقصاص من أعداء المحافظين كما قال رجل “اليمين الأمريكي” القوي، ستيف بانون؟! أم سيخسر وتتفجر أحداث مشابهة لإقتحام الكونغرس 6 يناير 2021؟!
هل سيلجأ الديموقراطيون للدكتاتورية ويخالفوا مبادئهم ويوجهوا ضربات إحترازية استباقية قبل اندلاع العنف الجمهوري؟! هذه توقعات يفصل بيننا وبينها ثمانية أشهر.
ثانيا: تأثيرات الأخدود الأمريكي ستكون عالمية هذه المرة، وكلما تأملت بقعة في العالم أجدها ستتأثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
خذوا هذا المثال، تركيا دولة فيها “مزيج علماني إسلامي” مزدهر وناجح، لكن في حالة فوز ترمب سيقوى التيار الشعبوي المعادي للإسلام في أوربا، وهو أصلا متمدد حاليا يحرق المصاحف ويحظر العباءات النسائية حتى ولو مع شعر مرسل مع الريح وبغير حجاب.
لأسباب يطول شرحها، تركيا -يمينا ويسارا- تتأثر بذلك سلبا مما يجعلها أكثر إسلامية. أصلا، تنامي المد الاسلامي التركي سببه الفيتو المسيحي على دخول تركيا الاتحاد الأوربي بعد أن تجردت العلمانية التركية للقارة العجوز من آخر قطعة ثياب تسترها!
في حالة نهاية المعركة لصالح بايدين والليبراليين ربما يستقر المزيج التركي أو من الوارد أن تبدأ رحلة العودة نحو العلمانية القومية!
ثالثا: أختلف مع الذين يرون فوز ترمب سيكون لصالح اسرائيل تلقائيا. ترمب 2016 ليس هو ترمب 2024، فقد انتقد دور اليهود في أمريكا الانتخابات النصفية لأنهم أسقطوا مرشحيه، وقال إنهم يقفون مع خصومه وخصومهم، وسيدمرون أمريكا واسرائيل معا، بينما هو يخاصم المسلمين من أجلهم، علما بأن التيار الأمريكي المحافظ، على نوعين ديني أو قومي، وترمب أقرب للقوميين، أما التحالف الصهيوني فهو يسيطر على العقل اليميني المسيحي الانجيلي.
ما يطلبه ترمب من حسم يهود أمريكا موقفهم لصالحه وإعلان الطلاق البائن مع الليبراليين غير وارد البتة، فاليهود أخذوا دروسا من تاريخهم المؤلم الفظيع، منذ السبي البابلي إلى الهولوكوست، مرورا بمحاكم التفتيش الصليبية الاسبانية، أن الأغلبية القومية إذا تمكنت في أي بلد ستبيدهم في النهاية، ولذلك لا بد من هشاشة أي دولة يقيمون فيها، وذلك يتم بتعظيم دور الأقليات وزيادة حجمها، وهم من يقفون بشدة خلف برنامج اللوتري، وذلك ليضمنوا حزاما من التنوع لحمايتهم، وهم في ذلك نقيض أنصار ترمب من القوميين الأمريكان الذين يعادون الهجرة والمهاجرين.
الخلاصة: انتخابات 2024 ليست انتخابات أمريكية، هي انتخابات كونية عجزت أمريكا تماما من تفادي المواجهة الحتمية بمرشحين وفاقيين. شعار هذه الانتخابات هو “لا توجد منطقة وسطى بين النار والنار”، إذ لا توجد جنة مع مرشح لديه خياران لا ثالث لهما، السجن أو البيت الأبيض، وهو ليس شخص .. هو تيار عارم وجارف .. وقد اختاره حزبه في معارك نزيهة ومفتوحة، وقد أساء خصومه استخدام القانون والعدالة ضده وضد الديموقراطية التي يدعونها!
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تنسيقية شباب الأحزاب: الشعب المصري العظيم سطر ملحمة وطنية كبيرة اليوم أمام معبر رفح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تابعت غرفة عمليات تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين منذ الساعات الأولي لأمس الجمعة، تجمع وتحرك وانطلاق الوفود الشعبية والسياسية إلى معبر رفح بمحافظة شمال سيناء للتعبير عن رفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ودعم موقف الدولة المصرية الرافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية والاصطفاف خلف القيادة السياسية ودعم اتخاذ أي قرارات لحماية الأمن القومي المصري.
واستمرت التنسيقية على مدار اليوم في متابعة جميع التحركات والفعاليات من خلال التنسيق بين غرفة العمليات والمركز الإعلامي، حيث تم متابعة انطلاق وتحرك الوفود من مختلف المحافظات في أكثر من 12 محافظة حتى وصولهم إلى معبر رفح، ورصدت زيادة عدد المواطنين والمشاركين في الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني ورفض التهجير أمام المعبر، حيث احتشد الآلاف من المواطنين والقوى السياسية والحزبية وأعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والمجتمع المدني وممثلي النقابات المهنية والعمالية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ والفنانين وغيرهم من جميع أطياف الشعب المصري الذين احتشدوا ليقولوا "لا التهجير".
وعبر المشاركون عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني الشقيق ودعم حقوقه المشروعة والتنديد بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وأعربوا عن رفض مخطط تهجير الفلسطينيين، كما أكدوا دعمهم القيادة السياسية وتأييد موقف الدولة المصرية الرافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ونظموا مسيرات أمام معبر رفح ورددوا هتافات عديدة منها: "قولها ياريس واحنا معاك.. لا للتهجير ولو هنموت"، "فوضناك أيدناك"، "عاش الشعب المصري عاش.. للتهجير مسلمناش"، "قالها الريس كلمة حق.. هنقول للتهجير لأ"، "بنرددها جيل ورا جيل.. بنعاديكي يا اسرائيل"، "الريس قال وقف النار.. يجي بعده إعادة إعمار"، "أول مطلب للجماهير يسقط.. مشروع التهجير "، "شعب مصر قالها قويه.. التهجير جريمة دولية".
ورصدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الاهتمام الكبير من وسائل الإعلام المختلفة بالتغطية المكثفة لتحرك الوفود ووصولها إلى معبر رفح وكذلك الوقفة الحاشدة للمصريين لعدة ساعات أمام المعبر لرفض التهجير، كما اهتمت مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا بمتابعة الحدث ونشر العديد من الصور والفيديوهات والأخبار المتعلقة باحتشاد الآلاف من المصريين أمام معبر رفح، حيث لاقت تأييد واسع من المواطنين الذي عبروا عن دعم موقف الدولة المصرية الداعم للقضية الفلسطينية والرافض لمخطط تهجير الفلسطينيين.
وتؤكد تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، في ختام اليوم، أن الشعب المصري العظيم سطر ملحمة وطنية كبيرة اليوم أمام معبر رفح ووجه رسالة للعالم أجمع بأن التهجير خط أحمر وأن الدولة المصرية قيادة وشعبًا لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وتتصدى بقوة لمخطط التهجير للفلسطينيين بكل أشكاله قسري أو طوعي مؤقت أو دائم، وأن الشعب المصري بجميع أطيافه يقف خلف القيادة السياسية مؤيدًا موقف الدولة المصرية وداعمًا لأي إجراءات وتدابير تتخذها الدولة للحفاظ على الأمن القومي المصري.