عربي21:
2025-02-02@21:19:55 GMT

براميلا باتن… عندما يتحول المسؤول الدولي إلى سلعة

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

مسؤولان دوليان هرعا لزيارة الكيان الصهيوني، بناء على دعوات تلقياها من الدولة أو المجتمع المدني المرتبط بمدار الدولة: كريم خان المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، وبراميلا باتن الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالانتهاكات الجنسية في الصراعات. وهي موضوع هذا المقال. الأول قضى ثلاثة أيام وقال في «حماس» ما لم يقله في النازية، وقام بزيارة قصيرة إلى رام الله للقاء بعض المسؤولين (لا أهالي الضحايا).

والثانية قضت أسبوعين ونصف الأسبوع في الكيان وزيارتين قصيرتين لرام الله لدرء الذرائع. كلاهما لم يزر غزة ليرى ما يجري على الأرض، وكلاهما لم يتكلم عن المجازر أو استهداف المستشفيات وتدمير الجامعات والمساجد والكنائس ودور الإيواء، إلا عبر كلمات عابرة حول ضرورة حماية المدنيين، ولا نعرف لم يوجه الكلام عند الحديث عن حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني.

إذن لبت باتن دعوة من الحكومة الإسرائيلية، ومعها فريق من الخبراء التقنيين لا نعرف كيف تم اختيارهم، وانحصر اهتمامها بما قامت به حركات المقاومة يوم 7 أكتوبر 2023.. وصلت هي والفريق يوم 29 يناير وغادرت يوم 14 فبراير، والهدف كما قالت نصا في تقريرها: «لجمع وتحليل والتحقق من ادعاءات بوقوع عنف جنسي مرتبط بالصراع، أثناء الهجمات الوحشية التي قادتها حماس في 7 أكتوبر، وما بعدها». ومع أنها ذكرت هنا كلمة التحقق، إلا أنها أصرت مرارا وتكرارا في مؤتمرها الصحافي يوم الإثنين 4 مارس وأمام مجلس الأمن في الجلسة التي خصصت لمناقشة تقريرها يوم 11 مارس، أن مهمة الفريق لم تكن للتحقيق في الادعاءات. فكيف ستتحقق دون تحقيق؟

قام الفريق بزيارة قصيرة مجاملة لرام الله، للتواصل مع السلطة الفلسطينية ولقاء بعض المحتجزين المُفرج عنهم والمجتمع المدني. لكن الإقامة والترتيبات والزيارات والأنشطة واللقاءات جميعها جرت داخل الكيان ومع المسؤولين. لم يطلب الفريق زيارة قطاع غزة الذي تعمل فيه جهات أممية أخرى، بما فيها تلك التي ترصد وتعالج العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. ولكن باتن لم تتردد في التوصل إلى القول «إنني توصلت إلى قناعة بأن العنف الجنسي ما زال يرتكب ضد الرهائن في قطاع غزة». وأكاد أجزم أن هذا القول كتب لها حرفيا أو أضيف إلى التقرير، أليس غريبا على سفير الكيان جلعاد إردان، في الخطاب الذي ألقاه في الجمعية العامة يوم الإثنين 4 مارس أن يتهم الأمم المتحدة بالتعاون مع الإرهاب في قطاع غزة، ويصنف الأونروا بأنها منظمة إرهابية، إلا أنه أطرى على تقرير باتن وطلب من الدول الأعضاء قراءة التقرير والتأكد من قيام عناصر حماس باغتصاب الرهائن». وقالت باتن في مؤتمرها الصحافي لدى معاينتها لأهداف مدنية وعسكرية بأنحاء غلاف غزة، «لقد وجد فريق البعثة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن عنفا جنسيا مرتبطا بالصراع وقع في عدة مواقع أثناء هجمات 7 أكتوبر، بما فيه اغتصاب واغتصاب جماعي في 3 مواقع على الأقل هي: موقع مهرجان نوفا الموسيقي والمنطقة المحيطة به، وطريق 232، وكيبوتز رئيم». والمجموع خمس حالات فقط على فرض أنها صحيحة. إذن ليس كما تدعي إسرائيل أن العنف الجنسي ارتكب بشكل واسع شمل الآلاف.

أكدت باتن أنها لم تلتق بأي من الضحايا، كما ورد في بيانها في مجلس الأمن: «رغم تواصلنا وجهودنا الاستباقية، إلا أننا لم نلتق بأي من الناجين من العنف الجنسي المرتكب أثناء هجمات 7 أكتوبر نفسها». والسؤال هل من المنطق ألا تستطيع أن تلتقي ولو بضحية واحدة من ضحايا العنف الجنسي بعد أربعة شهور من الحادث؟ وهل التبرير الذي طرح، العلاج النفسي، مقبول ويشمل جميع الضحايا بلا استثناء؟ وقالت إنها التقت بأطراف حكومية تحدثوا لها عن المئات، إن لم يكن الآلاف، من حالات «العنف الجنسي الوحشي المرتكب ضد الرجال والنساء والأطفال»، لكنها أضافت: «لم أجد شيئا من هذا القبيل»، أي لكثرة مبالغة المصادر الحكومية بتقديم معلومات حول آلاف حالات الاغتصاب لم تجد شيئا من هذا القبيل. ومن بين الذين التقت بهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الذي أطرى على التقرير في بيان صحافي، يوم 4 مارس، قائلا: «إن التقرير الذي أصدرته براميلا باتن، وفريقها ذو أهمية كبيرة. فهو يؤيد بوضوح أخلاقي ونزاهة القمع المنهجي والجرائم الجنسية المتعمدة والمستمرة التي يرتكبها إرهابيو حماس ضد النساء الإسرائيليات». كما التقت بوزير خارجية الكيان يسرائيل كاتس، الذي مدح التقرير وشارك في جلسة مجلس الأمن التي ناقشت التقرير مصحوبا بمن قال إنهم من عائلات المخطوفين. ووفقا للتقرير، فقد اعتمد الفريق أساسا على المعلومات التي زودتها لهم الحكومة الإسرائيلية وتشمل 5000 صورة وحوالي 50 ساعة من لقطات الفيديو والتسجيلات الصوتية للهجمات، بالإضافة إلى المعلومات الإضافية التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية، ومصادر مستقلة ومواد مفتوحة المصدر. ومع ذلك، أكدت باتن أن «المعلومات» ليست «أدلة» يمكن استخدامها، على سبيل المثال، في محكمة قانونية». هل من أحد يستطيع أن يحل التناقض هنا. ويضيف التقرير أن فريق باتن عقد أيضا 33 اجتماعا مع المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك الوزارات الحكومية، وقوات الدفاع الإسرائيلية، وجهاز الشاباك. وتتمادى باتن فتتوصل إلى نتائج، دون أي مصدر حول الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة. جاء في التقرير، أن الفريق جمع «معلومات واضحة ومقنعة» مفادها أنه أثناء وجودهم في الأسر، تعرض بعض الرهائن للتعذيب الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب». وأضاف التقرير أن هناك «أسبابا معقولة «للاعتقاد بأن مثل هذا العنف قد يكون مستمراً». فكيف لنا أن نقبل مثل هذا الاستنتاج غير الموثق، حيث لم يزر الفريق غزة ولم يلتق بأي مسؤول فلسطيني من غزة. ثم ما هي «الأسباب المعقولة»، وهل ما هو معقول بالنسبة لباتن معقول لغيرها؟ ولمزيد من التشويه وإصباغ الهمجية على الفلسطينيين، ادعت باتن أن معظم الذين تعرضن للاغتصاب قُتلن بعد ذلك، وأن حادثتين على الأقل تتعلقان باغتصاب جثث نساء». ثم تعود لتناقض نفسها وتقول: «يرى الفريق أن معرفة حقيقة انتشار العنف الجنسي أثناء هجمات 7 أكتوبر وما بعدها، قد تستغرق شهورا، أو سنوات، وقد لا تُعرف بشكل كامل». أي أنها تردد ما روي لها فتنشره ثم تعود وتقول، ولكن التحقيق الموضوعي والفني والمهني هو الذي سيثبت ذلك. إذن ما هدف الزيارة القصيرة والتقرير المقتضب إلا إعطاء مصداقية دولية للرواية الإسرائيلية؟

اللغة تتغير تماما عندما تتحدث عن الضفة الغربية ولقاءاتها: «في الضفة الغربية استمع الفريق إلى وجهات نظر ومخاوف مسؤولين فلسطينيين وممثلين عن المجتمع المدني بشأن ادعاءات ارتكاب عنف جنسي، مرتبط بالصراع في أعقاب 7 أكتوبر، يُزعم تورط قوات الأمن الإسرائيلية ومستوطنين فيه». نلاحظ هنا الحذر: فالهدف من الزيارة الاستماع إلى وجهات نظر ومخاوف وادعاءات بارتكاب عنف جنسي «يزعم» تورط قوات إسرائيلية ومستوطنين فيه. إذن هي ادعاءات ومزاعم. أما من الجانب الآخر فهي توصلت إلى حقائق وتحققت واستنتجت أن الانتهاكات والاغتصاب والقتل قد حصل. ورغم الطبيعة الاستقصائية لزيارتها مع فريقها من خبراء الأمم المتحدة، بمن في ذلك متخصصون في الطب الشرعي وحقوق الإنسان، قالت باتن: «لم نقم بإجراء تحقيق، لأننا لا نملك تفويضا للقيام بذلك. فهذا الدور يقع على عاتق مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ولجنة التحقيق التابعة لها بشأن إسرائيل وفلسطين». وعندما سئلت وهل تسمح إسرائيل لفريق التحقيق المستقل برئاسة نافي بيلاي بالدخول إلى البلاد للتحقيق، قالت إنها تتمنى على إسرائيل أن تسمح للفريق بالدخول بحرية والتحقيق.

رفضت باتن في مؤتمرها الصحافي أن تجيب عن الأسئلة المتعلقة بالنساء اللواتي قابلتهن، وما إذا التقت بالأسيرات اللواتي امتدحن حسن المعاملة من رجال المقاومة ووعدوا أن يحموهن بأجسادهم في حال الخطر. هل اجتمعت مع التي أطلق سراحها وخرجت وهي تحمل كلبها بين يديها، ومع تلك التي خرجت والمياه المعدنية في يديها وغيرهن الكثير. الكيان الصهيوني متمرس في خلق معارك جانبية للتغطية على الموضوع الرئيسي. وقد خلق معركتين متزامنتين مع مواصلة حرب الإبادة: اتهام 12 موظفا من الأونروا بالمشاركة في هجمات 7 أكتوبر، وحكاية الاعتداءات الجنسية. كلا الموضوعين أثار زوبعة كبيرة بدعم مريب من الدول ذاتها التي تمده بالسلاح والمال، ولكن الروايات المزورة بدأت تتهاوى ويتكشف زيفها. الشيء المؤسف والمثير للحنق أن يتحول مسؤول دولي إلى بوق للرواية الإسرائيلية دون تمحيص أو تحقيق.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هجمات 7 أکتوبر العنف الجنسی بما فی

إقرأ أيضاً:

دخلوها وصقيرا حام أو سيرة الولاء للأعنف

 

دخلوها وصقيرا حام أو سيرة الولاء للأعنف

خالد فضل

عندما حاول بعض مكوك الشايقية في شمال السودان مبارزة قوات إسماعيل ابن الباشا محمد علي ؛الحاكم التركي لمصر قبل مائتي عام تزيد قليلا من الآن، انهزموا أمام قوة العنف المتفوق الذي شكّلته الأسلحة النارية الحديثة وقتها . لم يعد في وسعهم (دخولها وصقيرا حام) فاستسلموا وانخرطوا في جيشه الغازي  جنودا شرسين، نظير بعض الإمتيازات المادية كالإعفاء من الضريبة، ومن هنا نشأت أول المليشيات المتحالفة مع الجيش ؛ بغية الحصول على خدماتها نظير أجر مقطوع مادي أو معنوي . وبالفعل سار في أوساط أهلي الشوايقة القول المتداول (إنْ نجح الولد للعسكرية وإنْ فشل للطورية) الولاء للأعنف هنا له الأسبقية ،  بينما ينحط قدر الفاشل وهو المزارع  !! فلا تستغربن يا صاح عن إستمرار برامج الإغاثات الغذائية المتواصلة للسودانيين منذ عقود وحتى الآن . وخلال تلك السنوات الطويلة  من عمل وكالات الأمم المتحدة،  والمعونة الأمريكية، وبرنامج الغذاء العالمي .. إلخ، ظلّت جمهرة من السودانيين الجوعى والمحتاجين يدينون بالولاء للأعنف، للدولة التي تستعمرهم بالجيوش والمليشيات، ويتشككون دوما في نوايا المغيثين بإعتبارهم أدوات إستعمارية وعملاء إستخبارات أجنبية, فوق أنّ إغاثاتهم مسمومة ومهجّنة جينيا لتسبب العقم تارة فيقل النسل حتى ينعدم أو مسرطنة فيموت الناس .نظرية المؤامرة تظل دوما مصاحبة لمن يدخل من باب السلم والمساعدة،  بينما الأعنف هو مظنة التحرير والتمجيد ولذلك نجد أنّ شخصا مثل كيكل حُظي بالولاء مرتين متقابلتين خلال عام واحد،  فهو من حرر الجزيرة من كتائب البرهان الإرهابية في ديسمبر 2023م _حسب رواية الدعم السريع_ ثم هو نفسه من يقود معركة تحريرها ثانية من مليشيات آل دقلو الإرهابية في 2025م_حسبما تقول روايات الجيش _ بجامع (الإرهاب في الحالتين) وفي كلا التحريرين وما بينهما يظل المدنيون بصفة خاصة هم (التخت) الذي يقع العنف على صفحته، في أبي قوتة و ود النورة أو في كمبو طيبة وودمدني  أو … إلخ  مطلوب منهم الخنوع  والذل والإنكسار وإظهار الولاء  أمام البندقية الأعنف، ولا يفرق كثير هوية تلك البنادق، تركية إنجليزية مصرية إثيوبية(تغراي) كولمبية أو سودانية إسلامية مية المية ؛ كلو تحرير .

الذين يدخلونها وصقيرا حام، في كل الأوقات وعلى تواصل سيرة المبارزات العنيفة إنما يخوضها جوعى ضد من هم أشد جوعا . الطبقات والجهات التي حصلت على بعض الإمتياز النسبي نتيجة تراكم خبراتها في موالاة الأعنف ؛منذ دخول الغزاة من الشمال ؛ وهي الدولة بقوامها المسلّح .تدخر أجيالها لثرث تلك الإمتيازات، المادية والمعنوية، وتمسك بخيوط مؤسسات العنف على مستوى القيادات، وفي القيادة فوائد ومخصصات تعين على مواصلة التعليم فوق الجامعي في أرقى جامعات الغرب (الكافر) ، أو إبتناء الفلل في الأحياء الراقية بالخرطوم،  أو شراء العقارات في كوالامبور واستانبول  . وفي الحرب الراهنة يبدو واضحا أنّ بعض الفئات المشاركة فيها إلى جانب هؤلاء  لم تحز على شهادة البراءة أبدا،  وفي كل حين يتم تسريب ما يشئ بإضمارها الخيانة رغم ضجيجها العالي بالولاء والبراء أو يشار إلى طمعها في إقتطاع حصة من كيكة السلطة، تلك السلطة المخصوصة وحولها سور مكتوب عليه ممنوع الإقتراب أو التصوير .

لقد كان لافتا في تصاعد وتيرة المظاهرات منذ ديسمبر2018م ضد السلطة  الإسلامية الأعنف في تاريخ البلاد، أنّ ممارسة السلمية أثناء تلك المواكب كانت  بدرجة حيّرت من تربوا على العنف . كانت عدوى السلمية تنتشر وسط الناس بسرعة، ويحاولون التخلص منها لأنّها جسم غريب على وجدان تشكّل على (فلترق كل الدماء) ,على مرّ العهود , وصار الولاء للعنف هو الرافعة في تولي المناصب ونيل الحظوة والمحاباة في جميع مجالات الحياة في ظل سطوة (المجاهدين) الأبرار .لقد كانت السلمية مدهشة بدرجة لم يتمكن العقل العنفي من استيعابها، فطفق ينسج المبررات لانتشار هذا الوباء الخطير، من ذلك أنّ السلميين هؤلاء شباب مهلوسين  تحت تأثير المخدرات،  أو شفاتة صعاليك (تُفْ) كما يردد ذلك الكومديان السمج من على منبر مسجده في الخرطوم .وأنّ البنيات السمحات ديل (مطلوقات) وعديمات وليان . هكذا كانت ردة فعل كثيرين، إمّا أصالة ؛ في حالة أعضاء تنظيم السلطة العنيفة  والمؤلفة جيوبهم من أتباع، أو نيابة عنهم لمن يسير ضمن القطيع دون رشد أو تفكير . مع الأسف كشفت الحرب الراهنة عن الأصل لدى كثر ، وهو الإتباع بغير بصيرة، فترى من يتقافزون طربا وفرحا وشماتة وتشفيا عند كل ممارسة  عنف  مروعة متوحشة مصوّرة  في المناطق التي يستعيد الجيش ومليشياته السيطرة عليها، إنّ بعض أؤلئك المهللين المكبرين وبعض المزغردات كانوا قبل أيام قليلة يظهرون ولاء  للأعنف في منطقتهم وهي عناصر الدعم السريع ، الآن يغيرون بوصلة الولاء للأعنف من كتائب العمل الخاص والبراء ، وغدا إذا قُدّر لقوة أعنف  الظهور سيتحول الولاء، وستظل مقولة القلب مع علي والسيف مع معاوية حاضرة، وهذه من طبائع النفاق  .إنّ إظهار السرور بالإنتقام ممن انتهكوا الحقوق بهذه الطريقة المتوحشة يساوي في الحقيقة بين الضحية والجلاد  . أم هو القصاص بمفهومه الإسلامي ؟ في هذه الحالة على من يتبنون هذا المفهوم أنْ يقبلوا برحابة صدر إذا تمّ وصف دينهم بالهمجية والتوحش . فالقصاص يعني تحقيق العدالة وأنْ ينال من أرتكب جرما عقوبته وفق إجراءات تقاضي معلومة  وهذا هو أصل الإسلام . فهل الذبح والسحل في الشوارع قصاص أم إنتقام ؟ أ هو تحقيق لعدالة السماء أم تأكيد على ظلم الأرض وقذارتها .إنّ الأمر المفهوم هو تبادل القتل أثناء الإشتباك في الحروب، فماذا عن توالي التصفيات بعد فض الإشتباك ؟ إنّها جرائم  وليست قصاص على كل حال ,ولغ فيها بعض المشاركين في القتال على الجانبين ,فاستحقا اللعنة والإدانة، هذا تقدير من أؤتي قلب سليم وعقل رشيد .

إنّ الحرب الراهنة ؛ أيا كانت نتائجها النهائية، يمكن أنْ تقود إلى مسارين : أولهما، النضج بما فيه الكفاية لإدراك أنّ بناء دولة تليق بالإنسان من حيث هو إنسان إنّما يحدث فقط بالتواطؤ على تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية السلمية ؛ فهي التي تحرر الناس من الولاء للأعنف فيضطرون تحت الخوف لتغيير ولاءاتهم للتماهي مع المنتصر ، إنّ العنف شبكة متداخلة يتخلص المرء من حلقة ليقع في براثن حلقة أخرى، وانتشار السلاح, عوضا عن إحتكاره بوساطة الدولة  المدنية  الديمقراطية المنضبطة بالقانون، مدعاة للتفكير المستقيم  في المستقبل . فأطفالنا وصبياننا الذين أستنفروا للقتال مع هذا الجانب أو ذاك في قائمة المليشيات العديدة  إنّما يتم تحطيم مستقبلهم تماما بوقوعهم بين قوسي (قاتل أو مقتول) إنّهم يترعرعون تحت تأثير الهلع المستمر، وتتشكل نفسيتهم على العنف القاتل، فيصبحون غدا مجرمين محترفين، تتلبسهم روح التحفز الدائم للعراك فينصرفون بغير إدراك عن آفاق الحياة وما تفيض به من ألوان الخير والجمال، مما ينشده دعاة السلام، أؤلئك الذين ينظر إليهم الآن كأعداء هم في الحقيقة أعداء للجهل والعنف والتشفي والإنتقام , هم أعداء بالفعل للقتل والنهب وكل إنتهاك من أي طرف جاء . الذين يسوقون الناس إلى مسار الولاء للأعنف يسوقونهم إلى ظلمات بدأت ملامحها تظهر للعيان مما لا يحتاج إلى برهان .وهنا يظهر المسار الثاني لنتائج الحرب، التربص على الهوية، القتل بالشبهات، الإستهداف على الجهة والعرق واللسان، عندما يتحول مجرد مزاح إلى معركة مكتملة السلاح، ساعتها لا بلد يحرر ولا حياة تعاش ولا أمل . سيدخلونها أفواجا ليحوم الصقير، أ ليس هذا مما تمجده الأهازيج في مجتمع يدين بالولاء للأعنف، ناجحه للعسكرية وفاشله للطورية عكس ناموس الحياة !!

 

الوسومالدولة العنف النهب خالد فضل مجرمين

مقالات مشابهة

  • دخلوها وصقيرا حام أو سيرة الولاء للأعنف
  • أمير الحدود الشمالية يتسلّم التقرير الختامي لمبادرات التطوع البيئي لعام 2024
  • بيرم: أهل الجنوب يصنعون المعادلة التي تحمي الوطن
  • «الشيوخ» يوصي بتعديل قانون سوق رأس المال ويحيل التقرير إلى رئيس الجمهورية
  • ????التقرير اليومي للموقف العملياتي.. السبت الأول من فبراير 2025
  • هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
  • التقرير الشهري لـ «آي صاغة» : 160 جنيهًا ارتفاعًا في أسعار الذهب خلال يناير 2025
  • 32 سلعة .. بدء صرف مقررات شهر فبراير اليوم السبت 1-2-2025
  • دراسة: 1 من كل 12 طفلاً يتعرضون للاستغلال الجنسي عبر الإنترنت
  • أسعار 20 سلعة غذائية في الأسواق اليوم الجمعة 31-1-2025