تسببت حزمة الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل في إسرائيل، والتي أقر الكنيست بندا رئيسا فيها اليوم الاثنين، في واحدة من أكبر حركات التظاهر الاحتجاجية في تاريخ الدولة العبرية.

خلال الأشهر السبعة المنصرمة، استمر الجدل بين الحكومة اليمينية المتشددة بزعامة بنيامين نتنياهو والمتظاهرين الذين حذروا من الخطة على اعتبار أنها تقوض الديمقراطية.

الهروب من المساءلة

معارضو الخطة يصفون التدخلات الحكومية لتغيير تركيبة القضاء وصلاحياته بأنها مفيدة لنتنياهو وائتلافه وخطيرة على إسرائيل، بل إن هناك من اعتبرها "انقلابا سياسيا" يمهد إلى تغير جوهر نظام الحكم في إسرائيل.

وعبر هذه الإصلاحات التي يقودها وزير العدل ياريف ليفين، يعتزم نتنياهو -الذي يُحاكم منذ أعوام بتهم "فساد وخيانة الأمانة"- تقويض الجهاز القضائي والمحكمة العليا بغرض إلغاء محاكمته.

الحكومة ومشروع إصلاحات

وكان وزير العدل الإسرائيلي كشف مطلع يناير/كانون الثاني الماضي عن الإصلاحات المقترحة بهدف تقليص صلاحيات المحكمة العليا، إذ ترى الحكومة أنها يسارية التوجه ومنحازة سياسيا.

تفضي الخطة إلى تقويض المحكمة العليا والالتفاف على قراراتها والحد من صلاحيات السلطة القضائية، مقابل تعزيز مكانة وصلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والكنيست)، ومن ثم منح السلطة التنفيذية دورا أكبر في تعيين القضاة.

وحذر زعيم المعارضة الوسطي يائير لبيد -الذي شغل سابقا منصب رئيس الوزراء- من أن حزمة الإصلاحات "تعرض النظام القانوني بأكمله في إسرائيل للخطر".

أبرز قوانين الخطة تشريع ما يُسمى "قانون فقرة التغلب" الذي سيؤدي إلى تقويض صلاحيات المحكمة العليا وتقييدها في كل ما يتعلق بإلغاء قوانين للكنيست أو قرارات للحكومة أو قرارات وأوامر صادرة عن المؤسسة الأمنية والعسكرية، من خلال تصويت أغلبية عادية في الكنيست (61 عضوا) على قرارات المحكمة. سيمكّن اعتماد "فقرة التغلب" السلطتين التشريعية والتنفيذية من تشريع أي قانون يمس بالحقوق الأساسية للإنسان، ومنها الحق في الخصوصية والملكية والتنقل والتظاهر والتعبير عن الرأي وحقوق الأقليات. تمنع "فقرة التغلب" المحكمة العليا من استخدام أبرز صلاحياتها -التي تسمى "امتحان المعقولية"- على القرارات الحكومية والتشريعات البرلمانية والقرارات والأوامر الصادرة عن المؤسستين الأمنية والعسكرية. إذ يمكّن "امتحان المعقولية" المحكمة العليا من إلغاء قرارات حكومية وبرلمانية حتى وإن كانت منصوصة ومدعومة بقانون شرعه الكنيست. كما أن إحداث تغيير في قانون لجنة اختيار القضاة، ومنح الدور الأكبر للحكومة والأحزاب المشاركة فيها والتيارات السياسية القريبة منها، يعني تمكين الحكومة من السيطرة الكاملة على اللجنة واختيار القضاة. احتجاجات حاشدة

بدأت حركة الاحتجاجات على خطة الإصلاح بنزول معارضيها إلى الشوارع في السابع من يناير/كانون الثاني الماضي في تظاهرة حاشدة ما لبثت أن تحولت إلى تحرك أسبوعي.

يوم 22 من الشهر ذاته، شارك -وفقا لتقديرات وسائل الإعلام- نحو 100 ألف شخص ضد ما وصفه بعض المعارضين بأنه محاولة من نتنياهو لإحداث "انقلاب قضائي".

امتدت حركة الاحتجاج إلى كل من القدس وحيفا، وحاول الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ التوسط بين الحكومة والمعارضة.

المظاهرات ضد الإصلاحيات القضائية لم تتوقف على مدى 7 أشهر (الفرنسية)  تدخل الشرطة

في الأول من مارس/آذار الماضي، تدخلت الشرطة في فض الاحتجاجات مستخدمة القنابل الصوتية وخراطيم المياه وفرق الخيالة ومنعت المتظاهرين من إغلاق الطرق.

واتهم نتنياهو المتظاهرين بأنهم تجاوزوا "الخط الأحمر".

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن نتنياهو إلى التوصل إلى حل وسط.

ويوم 14 مارس/آذار الماضي، وافق الكنيست في قراءة أولى على بند في حزمة الإصلاح يحد من قدرة المحكمة العليا على إلغاء القوانين التي تعتبرها غير دستورية.

تعليق الإصلاحات

في الشهر ذاته، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن البند يمثل "تهديدا واضحا وداهما وملموسا لأمن إسرائيل" مع توسع الاحتجاجات التي وصلت إلى قوات الأمن.

وتعارض موقف غالانت مع موقف نتنياهو الذي عاقبه بأن أقاله من منصبه.

ومع التلويح بإضراب شامل يوم 27 مارس/آذار الماضي، قرر نتنياهو تعليق التشريع وإعطاء فرصة لإجراء مفاوضات بين الأحزاب.

ولم تحل هذه الخطوة دون استمرار الاحتجاجات، إذ إن معارضي الخطة الإصلاحية يريدون إلغاءها بالكامل.

إلغاء شرط "الاستثناء"

ويوم 14 يونيو/حزيران الماضي، انسحب زعيما المعارضة الرئيسيان في إسرائيل يائير لبيد وبيني غانتس من المحادثات مع الحكومة.

بعدها بأسبوعين، أعلن نتنياهو إلغاء بند "الاستثناء" المثير للجدل الذي كان من شأنه أن يسمح للبرلمان بإلغاء أحكام المحكمة العليا بغالبية بسيطة.

ويُنظر إلى هذا البند على أنه الأكثر إثارة للجدل في جملة الإصلاحات.


الحكومة تمرر بندا رئيسيا

وفي العاشر من يوليو/تموز الجاري، أقر الكنيست بقراءة أولى بند "المعقولية" الذي يلغي إمكانية نظر القضاء في "معقولية" قرارات الحكومة.

لاحقا، هدد أكثر من 1100 جندي احتياط بالقوات الجوية، من بينهم طيارون، بوقف الخدمة التطوعية في حال أقر البرلمان البند نهائيا.

وفي 23 من الشهر ذاته، حثّ بايدن الدولة العبرية مجددا على عدم التسرع في إقرار الخطة التي وصفها بأنها "انقسامية".

حاول الرئيس هرتسوغ، بعد عودته من زيارة إلى واشنطن، التباحث مع نتنياهو -الذي دخل المستشفى لتركيب جهاز منظم لضربات القلب- للتوصل إلى حل وسط.

واليوم 24 يوليو/تموز، في ظل تجدد الاحتجاجات، أقر البرلمان الإسرائيلي البند الرئيسي في خطة الإصلاح والذي سيصبح قانونا نافذا.

ماذا وراء خطة الإصلاحات؟

تقول المحامية طاليه ساسون، المديرة السابقة لقسم الوظائف الخاصة في النيابة العامة الإسرائيلية، للجزيرة نت إن تشريع "فقرة التغلب" وتمكين نواب الائتلاف الحكومي في الكنيست (يمثلون أغلبية 61 نائبا) من إسقاط قرارات المحكمة العليا من شأنه إلغاء مراجعة المحكمة العليا لممارسات وقرارات وعمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وتهدف "الإصلاحات" إلى تغيير قانون الحصانة البرلمانية لأعضاء الكنيست والوزراء ورئيس الوزراء، بحيث لا يواجهون التحقيق أو المحاكمة خلال توليهم منصبهم، أي تشريع "القانون الفرنسي" الذي سيحصن نتنياهو وينقذه من المحاكمة.

كما تهدف الإصلاحات إلى إلغاء بند "الاحتيال وخيانة الأمانة" في القانون الجنائي والعقوبات، بحيث يتحول السياسي والموظف الحكومي إلى رجل فوق القانون، وإلغاء هذا البند سيفضل المصلحة الشخصية للمسؤولين على الصالح العام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المحکمة العلیا فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

العامة للاستثمار: مصر وجهة استثمارية رائدة بفضل الإصلاحات الاقتصادية والتحول الرقمي

أكد الوزير المفوض الدكتور أحمد مرعي، نائب رئيس هيئة الاستثمار للترويج بالهيئة العامة للاستثمار، أن مصر شهدت تحولًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، مما جعلها وجهة استثمارية جاذبة على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية الواسعة، والتوسع في البنية التحتية، والاهتمام بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقال مرعي، خلال كلمته في مؤتمر الأثر الاقتصادى لوسائل النقل الذكى على الاقتصاد المصرى، إن حجم الاستثمارات في مصر ارتفع بشكل ملحوظ، حيث بلغ 153 مليار دولار مقارنة بـ 77 مليار دولار قبل 25 عامًا، وهو ما يعكس التطور المستمر في مناخ الاستثمار والسياسات الداعمة للمستثمرين.

وأوضح أن انتشار الإنترنت في مصر شهد قفزة كبيرة، حيث ارتفعت نسبة المستخدمين بين عامي 2016 و2022 بمقدار 31%، ليصل عدد المستخدمين إلى 82 مليون شخص، ما ساهم في تعزيز بيئة الأعمال الرقمية وجذب المزيد من الشركات العالمية للاستثمار في السوق المصرية. 

وأضاف أن هذا التطور لم يكن ليتحقق دون وجود سياسات حكومية واضحة دعمت التحول الرقمي من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وزيادة الوعي العام، ودعم الابتكار في قطاع التكنولوجيا.

وأكد نائب رئيس هيئة الاستثمار أن الموقع الاستراتيجي لمصر يمنحها ميزة تنافسية كبيرة، حيث يمكن الوصول إلى الأسواق الأمريكية خلال 20 يومًا، كما أن النقل البحري عبر موانئ الإسكندرية ودمياط إلى إيطاليا يستغرق ثلاثة أيام فقط، ما يعزز من مكانة مصر كمركز لوجستي حيوي. 

وذكر أن الحكومة المصرية قامت بتطوير شبكة طرق بطول 7,000 كيلومتر وفقًا للمعايير العالمية، مما انعكس على ترتيب مصر في مؤشر جودة الطرق، حيث أصبحت في المرتبة 18 عالميًا.

وشدد مرعي على أن الهيئة العامة للاستثمار تعمل على تقديم مجموعة من الحوافز للمستثمرين، أبرزها قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، الذي يتضمن إعفاءات ضريبية وتسهيلات إجرائية عبر نظام "الشباك الواحد"، حيث تم منح تراخيص لنحو 44 شركة في مختلف القطاعات. 

وأشار إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يحظى باهتمام خاص، كونه ركيزة أساسية لتحقيق رؤية مصر 2030 في التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد المعرفي.

في سياق متصل، لفت مرعي إلى أن مصر تستهدف زيادة عدد السياح من 15 مليونًا حاليًا إلى 30 مليون سائح سنويًا، مشيرًا إلى أن التطبيقات الذكية مثل أوبر تلعب دورًا مهمًا في دعم هذا القطاع، حيث توفر وسائل نقل آمنة وسهلة الاستخدام، ما يسهل حركة السياح داخل البلاد. كما أكد أن أوبر ساهمت في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز ريادة الأعمال، وزيادة الوعي الرقمي، مما يتماشى مع رؤية الحكومة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

وأكد الدكتور أحمد مرعي أن مصر مستمرة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والتكنولوجية التي تجعلها بيئة استثمارية جاذبة، مشيرًا إلى أن الهيئة العامة للاستثمار ستواصل جهودها في دعم المستثمرين وتوفير التسهيلات اللازمة لضمان نجاح استثماراتهم في السوق المصرية.

من جانبه، أكد يوسف أبو سيف، المدير التنفيذي لأوبر في مصر والسعودية والبحرين، أن وسائل النقل الذكى لعبت دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر على مدار أكثر من 10 سنوات، حيث أصبحت شريكًا رئيسيًا في تمكين آلاف المصريين من تحقيق الاستقلال المالي، وتعزيز وسائل النقل اليومية للأفراد، مع وضع السلامة في صميم كل ما تقدمه الشركة.

وذكر أبو سيف أن “التقرير الاقتصادى الذى صدر تأثير النقل الذكى فى الاقتصاد المصرى يعكس نجاحنا في تعزيز الترابط الاقتصادي والاجتماعي في مصر، حيث ساهمنا كوسيلة نقل ذكى  في ضخ 10.4 مليار جنيه في الاقتصاد المصري خلال عام واحد عبر منظومة النقل التشاركي”.

وأضاف أن هناك مساهمة فى دعم قطاع السياحة من خلال تقديم خدمات نقل آمنة وموثوقة، ما أدى إلى مساهمة إضافية بقيمة 3.1 مليار جنيه في الاقتصاد، فضلاً عن توفير حلول نقل مريحة وسلسة للمواطنين والزوار.

استقرار أسعار اللحوم البلدية والمستوردة في الأسواق المصرية اليوم الخميسبشاي: المبادرات تسهم في توفير السلع الأساسية بجودة عالية وأسعار مناسبة


وأوضح التقرير أنه تم توفير فرص عمل مرنة تناسب مختلف أنماط الحياة، حيث تمكن الشركاء السائقون من تحقيق دخل إضافي يساعدهم على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، كما أظهرت النتائج أن 73% من الشركاء السائقين تمكنوا من تحسين أوضاعهم المالية بفضل العمل مع أوبر، في حين اختار 46% منهم العمل عبر المنصة للاستفادة من الاستقلالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بأوقات عملهم.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن مستخدمي أوبر في مصر وفروا أكثر من 88 مليون ساعة سنويًا بفضل الاعتماد على التطبيق، حيث أكد 95.9% منهم أن الراحة والسهولة هما السببان الرئيسيان لاستخدامهم الخدمة.

وتابع أبو سيف قائلاً: "مصر تعد واحدة من قصص نجاحها، حيث أنشأنا مركز التميز في القاهرة عام 2017، والذي أصبح اليوم أكبر مركز يقدم الدعم على مدار الساعة طوال الأسبوع بأربع لغات مختلفة، لخدمة الشركاء السائقين في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وأفريقيا".

وتابع: “نضع السلامة على رأس أولوياتها، حيث تعمل باستمرار على إدخال إجراءات جديدة لتعزيز معايير الأمان في قطاع النقل التشاركي، بالتعاون مع الخبراء المتخصصين والجهات التنظيمية لوضع أفضل الممارسات والمعايير”.

مقالات مشابهة

  • أميركا تقدم للأمم المتحدة مشروع قرار بشأن أزمة أوكرانيا
  • مأزق سياسي في كردستان.. تعثر المفاوضات يعمّق أزمة تشكيل الحكومة
  • مأزق سياسي في كردستان.. تعثر المفاوضات يعمّق أزمة تشكيل الحكومة - عاجل
  • إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية
  • رويترز: المحكمة العليا ترفض تمكين ترامب من إقالة رئيس وكالة حماية المبلغين عن المخالفات
  • المحكمة العليا ترفض منح ترامب حق إقالة رئيس وكالة تحمي المبلغين عن المخالفات
  • جثة مجهولة تشعل أزمة بين حماس والاحتلال..نتنياهو يتوعد وحماس ترد
  • خبيران: توابيت الأسرى تضع إسرائيل أمام أخطر أزمة
  • تدشين البرنامج التدريبي الأول لمأموري الضبط القضائي بشركات توزيع الكهرباء
  • العامة للاستثمار: مصر وجهة استثمارية رائدة بفضل الإصلاحات الاقتصادية والتحول الرقمي