يرى خبراء ومحللون سياسيون أن إعلان زعيم جماعة أنصار الله اليمنية، عبد الملك الحوثي، توسيع عملياته بمنع السفن المرتبطة بإسرائيل من المرور عبر المحيط الهندي من شأنه أن يزيد من الضغط على الاحتلال، وينقل المنطقة إلى مزيد من التصعيد وتوسيع دائرة الحرب.

وكان زعيم الحوثيين قد أكد في خطاب له مساء الخميس، استمرار عملياته العسكرية لاستهداف السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، و"توسيعها إلى مدى لا يتوقعه العدو"، مضيفا في هذا السياق "سنمنع عبور السفن المرتبطة بالعدو من المحيط الهندي إلى رأس الرجاء الصالح".

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، يرى الدكتور حسن منيمنة، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن حجم التصعيد المرتقب من الجانب الأميركي مرتبط بقدرة الحوثيين على تنفيذ تهديدهم التصعيدي.

لكن على كل الأحوال، فإن المنطقة تتجه إلى هذا التصعيد، حسب منيمنة، وهو الأمر الذي يخالف المبدأ الأميركي بالحرص على عدم اتساع دائرة الحرب، الذي سعت لتحقيقه بالطلب من إيران الضغط على الحوثيين لإيقاف عملياتهم، وهو ما لم يتحقق حسب المعطيات على الأرض.

ويعتبر الباحث في معهد الشرق الأوسط أن الضربات التي نفذتها واشنطن كانت متناسبة مع حجم ما قام به الحوثيون، والذي كان بمثابة "تهديد" لم ينتج عنه حتى الآن الخطر المتوقع، ومن ثم فالتصعيد سيحدده حجم الخطورة الواقعة بسبب توسيع الحوثيين عملياتهم.

حسابات القوة لدى واشنطن

ويوضح منيمنة أن الحسابات الأميركية عند استعمال القوة أن تكون كافية لردع المهاجم دون المبالغة كي لا تتسبب هذه القوة بتصعيد مقابل، وحتى لا يبدو الرد كأنه انتقام، وما دام الرد السابق لم يؤد الغرض، فإن ذلك ما يدفع إلى توقع تصعيد أميركي جديد في العمليات.

ويربط منيمنة الموقف الأميركي تجاه هذا التصعيد بهدفين، أولهما إنهاء حالة المقاومة الفلسطينية، والثاني تحقيق دمج إسرائيل في المنطقة وخاصة مع السعودية، وهو الأمر الذي قد ترى فيه فرصة للشروع في تطبيع قسري بالمطالبة بتعويض إسرائيل بإتاحة المجال أمام خطوط برية تعوض الخطوط البحرية المتضررة.

بدوره، يرى الدكتور مهند مصطفى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل تنظر إلى الخطوات التصعيدية من قبل الحوثيين باعتبارها تهديدا يدخل في الجانب الإستراتيجي، لكنه لفت إلى وجود اتفاق غير معلن بين إسرائيل وأميركا بأن الأخيرة هي المعنية بمعالجة هذا الملف وليس إسرائيل.

ويرى أن ذلك يأتي على خلاف رغبة إسرائيل التي اعتادت الرد على أي تهديد بشكل مباشر، خاصة أن هناك حالة من عدم الرضا في الداخل الإسرائيلي على الرد الأميركي على هجمات الحوثيين، حيث كانوا يتوقعون ردا أكثر قوة، وهو ما أدى إلى خيبة أمل كبيرة لديهم من السياسة الأميركية.

ويتجاوز الأمر لدى قطاع منهم إلى اتهام واشنطن بأن ردها هو ما شجع الحوثيين على الاستمرار في مهاجمة إسرائيل وفرض الحصار البحري عليهم، حسب مصطفى، الذي يرى أن الاحتلال قد يعتبر هذه الجبهة مؤجلة إلى حين انتهاء الحرب على قطاع غزة.

تهديد إستراتيجي

ويرى مصطفى أن حربا ستندلع في مرحلة لاحقة بين إسرائيل واليمن، سواء كانت سرية أو علنية، لأن إسرائيل ترى فيما يقوم به الحوثيون تهديدا إستراتيجيا لمكانتها في المنطقة وقوة ردعها، وهو الأمر الذي ستحرص على عدم تجاوزه.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن التصعيد الحوثي من شأنه كذلك أن يزيد من الضغط الدولي على إسرائيل لتدهور الأوضاع في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، إلا أن ذلك لن يؤثر في قرار إسرائيل تجاه حربها في غزة طالما لم تحدث هذه الهجمات تأثيرا واضحا وعميقا في المنطقة.

في حين سلط عماد زقوت، الكاتب الصحفي بغزة، الضوء على احتفاء الشارع الغزي بعمليات الحوثيين، التي تحظى بشعبية كبيرة داخل القطاع، لافتا إلى أن المبرر الأساسي لإطالة أمد الحرب -حسب تقديره- هو عجز الاحتلال عن إيجاد بديل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتدير القطاع بعد وقف الحرب.

ويرى زقوت أن تعدد الجبهات وتصعيد مشاركاتها من شأنه أن ينهك جبهة الاحتلال بشكل أكبر مما هي عليه، خاصة في ظل تصاعد الخلافات الداخلية وتزايد القناعة بأن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ينطلق في مواقفه من مصالحه الشخصية والسياسية دون أي اعتبارات أخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يواجه شبح الانهيار الإقتصادي والاستثمارات الغربية من تل أبيب

الجديد برس/ تقرير

لا تزال آثار عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في الـ7 من اكتوبر الماضي، تعصف بالكيان الصهيوني عسكريًا واقتصاديًا، وأثرت بشكل كبير على معيشة المستوطنين وحياتهم اليومية، جراء هروب وعزوف شركات الاستثمار العالمية من (تل أبيب).

غياب البيئة الاستثمارية الآمنة، دفعت رجال الأعمال والأثرياء، والمستثمرين إلى المغادرة أو التوقف عن الاستثمار في الاراضي المحتلة، بعد فقدان الثقة بمستقبل الاحتلال، إثر المعركة الوحشية في غزة.

أظهر تقرير هجرة الثروات للعام 2024م، الصادر عن شركة “هنلي أند بارتنرز” للمرة الأولى” أن المهاجرين الأثرياء المغادرين من “إسرائيل” أكثر من أولئك المصرين على البقاء.

خروج من قائمة الـ 20

ونقلت منصة غلوبس الإسرائيلية عن التقرير خروج “إسرائيل” من القائمة للدول العشرين المستقطبة للثروات الخاصة، وهو خروج كبير وفقًا للمنصة، عن المركز الـ12 الذي حققته العام الماضي، عندما شهدت “إسرائيل” تدفقًا صافيًا لـ600 فرد ثري.

بحسب صحيفة “كالكاليست” العبرية، تشير البيانات بالفعل إلى فقدان ثقة المستثمرين بـ “إسرائيل”، حيث انخفضت حصة المستثمرين الأجانب في إصدارات السندات لـ”إسرائيل” انخفضت من 15% عشية الحرب، إلى 9% اليوم، ويبلغ عجز الموازنة 7.2%، ولا توجد حاليًا خطة تحتوي على هذا الرقم وتحاول أن تنقل إلى مستثمري العالم.

الرئيس التنفيذي لجمعية “هاديو” قال في تصريح لصحيفة ” يديعوت أحرونوت” العبرية: إن العمل الخيري لم يعد كما كان من قبل؛ منذ أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية، ظهر جيل جديد من فاعلي الخير الذين يقدمون المساعدة كاستثمار اجتماعي لمشروع أو آخر، لكنهم يطلبون استرداد الأموال في وقت ما.

التدهور الاقتصادي وهروب المستثمرين بحسب صحيفة “غلوبس” العبرية، يطال 80% من مجال التكنولوجيا الفائقة، حيث يوفر هذا القطاع وحده نصف صادرات الكيان، الذي يقدم نفسه على أنه الأفضل في هذا المجال.

لتنشر الصحيفة خبرًا مفاده أن شركة Intel Corp Nasda) INTC) المتخصصة في في البنية التحتية أبلغت الكيان بوقف العمل في استثمار وتوسعة مصنع للرقائق الالكترونية في كريات جات بمبلغ  15 مليار دولار.

أما الرئيس التنفيذي لمجلس الألبان إيتسيك شنايدر فقد عبر عن معاناة الشركة بالقول إن 40% من الأبقار خارج الإنتاج ولم تتعافَ من الصدمة، وبعضها لا تحمل، وهناك حالات إجهاض، وبعضها انخفض وزنها وتراجع إنتاج الحليب واضطر مزارعو الألبان إلى إزالتها من القطيع، مرجعًا ذلك إلى تأثر الوضع الاقتصادي بأحداث طوفان الأقصى، وتداعيات العدوان على غزة.

انهيار كارثي

الانهيار الواسع لعمل الشركات في “تل أبيب” جرف في طريقه العديد من الشركات ومنها شركة Mitronics الإسرائيلية المصنعة للروبوتات؛ التي بلغ انهيار السهم فيها بنحو 80% من الرقم القياسي وشطب مليارات الشواكل من القيمة، وتراجعت الأرباح بنسبة 55%.

ومع أن العدوان الصهيوني سبب ضررًا كبيرًا على غزة وسكانها وطال التخريب كل شيء في القطاع؛ إلا أن انعكاساته على الاقتصاد الإسرائيلي زاد لدرجة أن وزارة صحة الاحتلال تضررت هي الأخرى، حيث نشرت تقريرا بخصوص التجارب السريرية التي تجريها الشركات العالمية في “إسرائيل”، وخلص الفارق الرقمي إلى أنه في العام 2022 تم تسجيل إيرادات للمستشفيات الإسرائيلية من التجارب السريرية بقيمة 818 مليون شيكل(219 مليون دولار)،تراجع هذا الرقم في عام 2023 – إلى 518 مليون شيكل (139 مليون دولار ).

انخفاض الاستثمارات الأجنبية

بشكل عام، انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في “إسرائيل” إلى 1.1 مليار دولار في الربع الأول من 2024 بتراجع 55.8% مقارنة بالربع الأخير من 2023، وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي، ويعد أدنى مستوى مسجّل منذ الربع الأخير من 2021.

صحيفة ” كالكاليست” العبرية تطرقت إلى ذلك، وأوضحت أن أرقام الاستثمار الأجنبي في “إسرائيل” مثيرة للقلق، إذ تراجعت من متوسط ربع سنوي نسبته 4.8 مليارات دولار في السنوات الأربع الماضية.

الصحيفة أشارت بشكل صريح إلى أن هذا التراجع، سببه العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة، داعية إلى الأخذ في الاعتبار التبعات الاقتصادية والاستراتيجية عند اتخاذ قرارات استمرار الحرب.

وتضيف الصحيفة أن انخفاض الاستثمارات الأجنبية بنحو 56% لا يعكس الخوف من استمرار الحرب فقط، بل يشير -بشكل أساسي- إلى أن قيادة البلاد غير مهتمة بالاقتصاد.

وإذا كان ما يعانيه الكيان الصهيوني، قد دفع  الشركات والمستثمرين إلى الهروب من “تل ابيب”؛ فإن الوضع بحسب الصحيفة الاقتصادية سيستمر لسنوات قادمة، حيث نقلت الصحيفة تصريحًا لمدير قسم الأبحاث في بنك “إسرائيل”، عدي براندر، قال فيه: “القرارات التي تنتظرنا في مجال موازنة الدفاع لن تؤثر فقط على ميزانية 2025، بل يمكن أن تؤثر على نمونا ومستوى معيشتنا لسنوات قادمة”.

وقفزت استثمارات الإسرائيليين في الخارج بنحو 30% في الربع الأول من السنة الحالية حيث ارتفعت من 2.2 مليار دولار إلى 2.9 مليار دولار، مما يعني أن الإسرائيليين يهربون باستثماراتهم إلى الخارج.

تداعيات مؤثرة

لقد سجل قطاع رأس المال الاستثماري في “إسرائيل” تباطؤا حادا في إبرام الصفقات منذ اندلاع الحرب مع حماس والمقاومة الفلسطينية، وباتت التداعيات مؤثرة جدا على الكيان الصهيوني، الذي يحتار بين قراري إيقاف الحرب أو مواصلتها، وسط تعنت من قبل رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يرغب بمواصلة العدوان رغم كل تلك الخسائر السابقة وما سيليها من خسائر اقتصادية لاحقة.

مقالات مشابهة

  • الأسد يبحث هاتفيا مع السيسي تطورات الأوضاع في قطاع غزة
  • الأردن يحذر من التصعيد في المنطقة حال استمرار حرب غزة
  • خبير عسكري: قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي يدركون مخاطر التصعيد مع لبنان
  • تصعيد متجدّد على الجبهة.. إسرائيل تستدرج لبنان إلى الحرب؟!
  • مساع اميركية ــ فرنسية لضبط التصعيد هوكشتين في باريس: الكل في انتظار غزة
  • باحث سياسي: إسرائيل في حالة فوضى تزداد بمرور الوقت
  • الفريق أول شنقريحة..الدعم المستمر الذي يقدمه الرئيس للمؤسسة العسكرية سيزيد ومستخدميها عزما
  • أمير قطر: نسعى لإنهاء الحرب في غزة من خلال التفاوض
  • الاحتلال يواجه شبح الانهيار الإقتصادي والاستثمارات الغربية من تل أبيب
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة