شغلت حكايات المتطفلين على موائد الطعام حيزًا مهمًا في الكتابات التراثية العربية، وهي نوع من الحكايات تجمع بين الطرافة والفكاهة، وتحقق لدى القارئ درجة عالية من المتعة المعرفية، فهي أيضا تشمل جانبا مهما يكشف عن الجوانب العقلية والفلسفية التي تمتع بها المتطفلون أو الطفيليون كما تسميهم كتب التراث.

قصة اليوم عن أحد الطفيليين الذي أعجب به الأديب الكبير توفيق الحكيم فألف في أخباره وحكاياته كتابا سماه "أشعب ملك التطفيل"، أي أنه يأتي في مقدمة رواد هذا التوجه.

من هذه القصص التي يسوقها الحكيم في كتابه، أنه مشى في طرف السوق فرأى رجلين يتهامسان ويتسارَّان، فوقف على مقربة منهما ينظر إليهما، وإذا تلميذه قد أقبل يقول له: لقد بحثت عنك في مجلسك في السوق. فقال له أشعب على عجل: أوليمة؟ فقال تلميذه: لا ولكنه الشوق إلى حديثك. فأشاح أشعب بوجهه عنه، وعاد إلى النظر في وجه الرجلين المتهامسين، حتى افترقا وذهبا. فقال له تلميذه: أتعرفهما؟ فقال أشعب وهو ينصرف خائبًا مع صاحبه: لا، ولكني ما رأيت اثنين يتساران إلا ظننتهما يأمران لي بشيء. وأطرق أشعب لحظة، ثم رفع رأسه وقال لصاحبه: كأني بك لا تريد أن أَزيدك في النصح؟ فنظر إليه تلميذه وسأله: لماذا؟ فقال أشعب متخابثًا: ذلك أني أرى أطباقك قد انقطعت. فقال التلميذ: ليس عندي الآن ما يُهدى. فقال أشعب: أوَليس عندك ما يؤكل؟ فأجاب الرجل: إذا شئتَ فإن داري دارك، فأنت ليس منك حشمة.

قاد الرجل أشعب إلى بيته وأنزله ضيفًا عليه، ودخل على امرأته فأوصاها أن تُعِد لأشعب عشاء طيبًا، وأكل أشعب. ثم نظر في الدار وقال: عجبًا! أرى أنك من استواء الحال على قدرٍ تَحمد الله عليه، فما شأنك وصناعة التطفيل؟ فقال الرجل: لقد عَلِقْتُها ولا طاقة لي بتركها. فقال أشعب: لو أضفتني عندك أيامًا أنصحك، لما تركتك إلا وقد حَذِقْتَها حِذقًا عظيمًا.

ومن المضحك أن تلميذ أشعب يبدو أنه كان يحب التطفيل أيضا مثل أستاذة، لكن وضعه أفضل كما عاينه أشعب، وكأنها هواية تعلق بها الرجل، لذا طلب منه أشعب أن يضيفه في منزله في مقابل أن يعلمه كيف يكون طفيليا ماهرا!

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: موائد الطعام توفيق الحكيم

إقرأ أيضاً:

هل الرجل ملزم بدفع نفقة تجهيز ودفن الزوجة المتوفاة من ماله؟.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال هل يجب على الرجل دفع نفقة تجهيز دفن الزوجة المتوفاة من ماله؟ مشيرة إلى أن لما كانت الصلة بين الزوجين من أعمق الصلات الإنسانية وأدومها وأكثرها أثرًا وتأثيرًا على الإنسان في حياته.

وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أنه يجب على الرجل شرعًا نفقةُ تجهيز زوجته من غسلٍ وتكفينٍ ودفنٍ وفق المتعارف عليه دون تبذير في ذلك ولا تقتير، ولا فرق في ذلك بين كونها تركت مالًا أو لم تترك.

لماذا صلاة الجنازة مختلفة عن باقي الصلوات؟.. دار الإفتاء توضح الحكمةهل تجوز صلاة الجنازة على الميت أكثر من مرة؟.. الإفتاء ترد

وأكدت الإفتاء أن الشرعُ ألزم الزوجَ بنفقة زوجته وكسوتها حال حياتها دون تفرقة في ذلك بين يسارها وإعسارها؛ كما قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7]؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية في الصحيح وعليه الفتوى في المذهب، والمالكية في أحد أقوالٍ ثلاثة، والشافعية في الأصح، والحنابلة في رواية: إلى أنه يلزمه أيضًا نفقة تجهيزها ودفنها حال وفاتها.

وذكرت أقوال عدد من الفقهاء حول إنفاق الزوج على تكفين زوجته ومنهم ما قاله بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (3/ 205، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام تكفين الميت: [إن لم يكن له مال: يجب على مَن تجب عليه نفقته في حياته من أقاربه، إلا الزوجة؛ فإنه يجب على زوجها عند أبي يوسف، وعليه الفتوى، وهكذا في "الملتقطات"، و"منية المفتي"، وعامة كتب الفقه. وفي "شرح الفرائض السراجية" لمصنفها: جعله قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو الأصح في قول الشافعي رضي الله عنه، وبه قال مالك].

وقال زين الدين ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 191، ط. دار الكتاب الإسلامي): [استثنى أبو يوسف الزوجة؛ فإن كفنها على زوجها، لكن اختلفت العبارات في تحرير مذهب أبي يوسف؛ ففي "فتاوى قاضي خان"، و"الخلاصة"، و"الظهيرية": وعلى قول أبي يوسف؛ يجب الكفن على الزوج وإن تركت مالًا، وعليه الفتوى اهـ.

وكذا في "المجتبى"، وزاد: ولا رواية فيها عن أبي حنيفة، وفي "المحيط"، و"التجنيس"، و"الواقعات"، و"شرح المجمع" للمصنف: إذا لم يكن لها مالٌ؛ فكفنها على الزوج عند أبي يوسف، وعليه الفتوى؛ لأنه لو لم يجب عليه لوجب على الأجانب وهو بيت المال، وهو قد كان أَوْلَى بإيجاب الكسوة عليه حال حياتها؛ فرجح على سائر الأجانب.. والظاهر: ترجيح ما في "الفتاوى الخانية"؛ لأنه ككسوتها، والكسوة واجبة عليه؛ غنيةً كانت أو فقيرةً، غنيًّا كان أو فقيرًا، وصححه الولوالجي في "فتاواه" من النفقات] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 206، ط. دار الفكر): [(قوله: واختلف في الزوج) أي: في وجوب كفن زوجته عليه، (قوله: عند الثاني) أي: أبي يوسف، وأما عند محمد: فلا يلزمه؛ لانقطاع الزوجية بالموت، وفي "البحر" عن "المجتبى": أنه لا رواية عن أبي حنيفة، لكن ذكر في "شرح المنية" عن "شرح السراجية" لمصنفها: أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف (قوله: وإن تركت مالًا إلخ) اعلم أنه اختلفت العبارات في تحرير قول أبي يوسف؛ ففي "الخانية"، و"الخلاصة"، و"الظهيرية": أنه يلزمه كفنها وإن تركت مالًا، وعليه الفتوى.. والذي اختاره في "البحر" لزومه عليه؛ موسرًا أو لا، لها مالٌ أو لا؛ لأنه ككسوتها، وهي واجبةٌ عليه مطلقًا. قال: وصححه في نفقات "الولوالجية" اهـ. قلتُ: وعبارتها: إذا ماتت المرأة ولا مال لها؛ قال أبو يوسف: يُجبَر الزوجُ على كفنها، والأصل فيه: أنَّ مَن يُجبَر على نفقته في حياته؛ يُجبَر عليها بعد موته، وقال محمد: لا يُجبَر الزوج، والصحيح: الأول اهـ. فليتأمل] اهـ.

وقال الإمام ابن رشد الجد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 252، ط. دار الغرب الإسلامي): [اختلف في وجوب كفن الزوجة على الزوج على ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه لا يجب على الزوج مليئة كانت أو معدمة، وهي رواية عيسى هذه. والثاني: أنه يجب عليه مليئة كانت أو معدمة، وهو قول ابن الماجشون. والثالث: أنه يجب إن كانت معدمة، ولا يجب عليه إن كانت مليئة، وهو قول مالكٍ في رواية ابن الماجشون عنه.. وجه القول الثاني: أن الكفن تابع للنفقة؛ لأن ذلك من توابع الحياة] اهـ.

وقال نور الدين أبو الحسن ابن خلف المنوفي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 136، ط. دار الفكر، مع "حاشية العدوي"): [(واختلف في كفن الزوجة.. (وقال) مالك في "الواضحة" و(عبد الملك) -قيل: هو ابن حبيب، وقيل: هو ابن الماجشون-: هو (في مال الزوج) وإن كانت غنية؛ لأن علاقة الزوجية باقية، بدليل أنه يغسلها ويطلع على عورتها، والموارثة قائمة بينهما] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 189، ط. دار الفكر): [إذا ماتت مزوجة؛ فهل يلزم الزوج كفنها؟ فيه وجهان؛ (أصحهما) عند جمهور الأصحاب: يجب على زوجها. ممَّن صححه المصنف هنا، وفي "التنبيه"، والمحاملي في كتابيه "المجموع" و"التجريد"، والرافعي، وقطع به المحاملي في "المقنع"] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 308، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وكذا) عليه تجهيز (زوجة نفسه ولو أيسرت) أو كانت رجعيةً أو بائنًا حاملًا؛ لوجوب نفقتها عليه في الحياة] اهـ.

طباعة شارك دار الإفتاء الإفتاء دفع نفقة تجهيز دفن الزوجة المتوفاة دفن الزوجة المتوفاة هل الرجل ملزم بدفع نفقة تجهيز ودفن الزوجة المتوفاة من ماله

مقالات مشابهة

  • هل الرجل أفضل من المرأة؟
  • مجان ودلمون.. حكايات متشابكة
  • الحكيم: الانتخابات القادمة ستوصل العراق إلى بر الأمان
  • هل الرجل ملزم بدفع نفقة تجهيز ودفن الزوجة المتوفاة من ماله؟.. الإفتاء تجيب
  • الحكيم: الانتخابات تنقل العراق إلى الاستقرار المستدام
  • مختصة في الطلاق: الرجل مسكين في مجتمعنا .. فيديو
  • علي الأزهري: الرجل مطالب بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت غنية
  • إنقاذ ترامب
  • هل يجوز للرجل أن يتزوج من مطلقة أخيه؟.. الإفتاء توضح
  • بيت الحكمة يسلط الضوء على حكايات «كليلة ودمنة»