الدروس الحسنية الرمضانية..مفخرة المملكة المغربية
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
كما هو ملوم ومدون في كتب ومراجع مغربية ان تاريخ مجالس العلم والفقه والدين في المملكة المغربية لها تاريخ طويل وقديم جدا؛ وفي هذا السياق يقول مؤرخ المملكة المغربية، عبد الحق المريني إن “فكرة المجالس العلمية هي فكرة قديمة في تاريخ الدولة الإسلامية، وقد برزت في المغرب في العهد المرابطي والموحدي، وكان يطلق عليها مجالس الفقهاء، ولم يطلق عليها “المجالس العلمية” إلا في العهد المريني ثم السعدي”.
أما الدروس الحسنية الرمضانية اليوم وبطابها المعاصر وبشكلها الحالي التي يحضرها كوكبة من العلماء والمشايخ والدعاة والقراء وأصحاب الفكر والثقافة من المغرب وخارجه طيلة أيام شهر رمضان المبارك، فقد أنشأها المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، بتاريخ 1963م، وهي – في الحقيقة- سنة حميدة انفردت بها المملكة المغربية الشريفة في هذا الشهر الكريم، على باقي دول العالم العربي والإسلامي؛ بحيث أصبح القصر الملكي العامر بالرباط جامعة رمضانية اسلامية عظيمة، يحجها عشرات؛ بل المئات من العلماء والفقهاء من جميع أقطار الأرض، يتدارسون من خلالها قضايا وهموم الأمة الإسلامية ومشاكلها المتعددة ، وفق منهجية علمية دقيقة، مع الحكمة والوسطية في الطرح والمعالجة ، بدون تنطع ولاتشدد، فالملك الحسن الثاني رحمه الله أراد بإنشاء هذه الدروس تعزيز الهوية الإسلامية للشعوب العربية المسلمة، بالإضافة إلى تعزيز الثقافة المغربية وخصوصياته الدينية والتي تتجلى في العقيدة الأشعرية وفقه مالك وطريقة الإمام الجنيد ، من جهة، ومن جهة أخرى إعادة الاعتبار لمكانة العلماء والفقهاء ودورهم الفعال في حصانة الأمة والشباب من الانحرافات العقدية والدينية، ومن فتنة الفكر اليساري الشيوعي الذي كان قد زحف على الجامعات المغربية، بالإضافة إلى ظهور تيارات التبديع والتفسيق والتكفير ، التي كانت قد بدأت بذورها تزرع هنا وهناك من طرف الجماعات المتطرفة، ولهذا أصبحت صورة العربي المسلم قاتمة وملامحه الثقافية غير واضحة ، وبدلا من الانطلاق في صنع حركة التاريخ وركوب قطار العصر، واستغلال عقولنا وثرواتنا في التنمية والتجديد والإصلاح والإعمار، غرقت الشعوب العربية المسلمة في أتون من الصراعات المذهبية الضيقة والمحاكمات الجاهزة ، وفتاوى تيارات الهجرة والتكفير ، بالإضافة إلى تهم التفسيق والتبديع والقائمة تطول ..فذهبت أغلبية الثروات العربية من أدمغة ومال وخبرات إلى طاحونة الخلافات والصراعات والحروب المذهبية التي لاتسمن ولا تغني من جوع ، هذا الوضع المأساوي للعرب والمسلمين دفع بالحسن الثاني رحمه الله، بإحداث هذا المنبر العلمي الفريد ليساهم في لملمة الصف الإسلامي المترهل، بفعل عوامل الهدم الكثيرة التي أثخنت جسم الأمة بالجراح، وعملت على إذكاء روح الفتنة والشقاق ونصب الحواجز النفسية بين مكونات الجسد الواحد ، فكان منبر الدروس الحسنية الرمضانية لبنة خير وبركة في جسد الأمة الإسلامية عموما، والمغربية على وجه التحديد، علما أن هذه الدروس فتحت ذراعيها لجميع العلماء والأساتذة والشيوخ يلقون من خلالها ما أجاد الله عليهم من العلم والعرفان ، بغض النظر عن مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية؛
بل أعطت لجميع التوجهات الإسلامية الحق في التعبير عن أفكارها وأهدافها بشرط الابتعاد عن فكر الكراهية والتطرف والإرهاب ، ولقيمة الدروس الحسنية الرمضانية التي تلقى بحضرة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله اليوم، ولدورها الفعال في التوجيه والإرشاد وبناء شخصية المسلم المتوازن الإيجابي في محيطه ومؤسسته ووطنه ، يدعى إليها كبار شخصيات الدولة المغربية، من أمراء ومستشارين وضباط ووزراء ورؤساء الفرق البرلمانية وأعضاء الدواوين الوزارية ورؤساء المجالس العلمية وعمداء الجامعات ، ناهيك عن العديد من الشخصيات العلمية والثقافية وأصحاب الفكر والرأي ، كما يحضرها السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي المعتمد في الرباط، وكما جرت العادة في هذه الدروس وقبل أن يصعد المحاضر إلى مكان الدرس تتلى آيات بينات من الذكر الحكيم يلقيها أحد القراء المشهورين من المغرب أومن خارجه ، وعند حضور جلالة الملك وبعد أن يقدم تحيته على الضيوف ، يتقدم أحد العلماء لإلقاء الدرس أمامه في مدة لا تتراوح بين 50 و40 دقيقة ، وينقل هذا الدرس عبر أمواج الإذاعات الوطنية مباشرة، وقد اعتلا هذا المنبر وعبر تاريخ الدروس الحسنية المباركة ثلة من العلماء والفقهاء ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق، والعلامة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي السابق، والشيخ أبي الحسن الندوي والشيخ متولي الشعراوي ، والشيخ سعيد رمضان البوطي ، والشيخ محمد الحبيب بلخوجة، والعلامة اللبناني صبحي الصالح، والدكتور عبد الصبور شاهين ، والشيخ محمد سيد طنطاوي، والشيخ العلامة عبد الله بن بيه …إلى جانب علماء من المغرب من مثل المكي الناصري، والعلامة علال الفاسي، والشيخ عبد الله كنون، والفقيه الرحالي الفاروقي، والدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية ، والدكتور عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف السابق، والدكتور محمد يسف الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، والدكتور أحمد عبادي أمين عام الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، وغيرهم كثير من علماء وعالمات المملكة المغربية الشريفة حماها الله من كل سوء وشر .
الصادق العثماني،
باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المملکة المغربیة المجالس العلمیة
إقرأ أيضاً:
الشؤون الإسلامية تضع خارطة طريق لأئمة المساجد في رمضان
قال الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية السعودي، إن الوزارة رسمت خارطة طريق لخطباء وأئمة المساجد في السعودية، للعمل بها خلال شهر رمضان.
وقال آل الشيخ إن الوزارة أصدرت تعميماً يشتمل على «توجيهات وخارطة طريق توضح لهم بعض الأمور التي ينبغي ألا يغفلوا عنها في القيام بما يرضي الله، ويحقق الراحة والاطمئنان للمصلين في الأيام القادمة من شهر رمضان».
وشدّد في أعقاب تدشينه برامج خادم الحرمين الشريفين خلال شهر رمضان اليوم (الأربعاء) في الرياض على ضرورة أن يصحح علماء المسلمين ودعاتهم فهمهم لنصوص القرآن والسنة، داعياً إلى إعادة الفكر إلى المسار الصحيح في مواجهة المزايدات التي تشكل عبئاً على المسلمين، وخروجاً عن الفهم السويّ والمعتدل للنصوص الدينية.
أخبار قد تهمك الأطول عالميًا بلا سائق.. قطار الرياض يصل محطة “قصر الحكم” 27 فبراير 2025 - 1:58 صباحًا تدشين أول مصنع لتجميع وإنتاج أجهزة التوجيه بالتعاون مع الكلية التقنية للاتصالات والمعلومات بالرياض 27 فبراير 2025 - 12:42 صباحًاوقال آل الشيخ في رد على سؤال «الشرق الأوسط»: إن هناك تشتتاً وتفرقاً في الوقت الراهن بسبب الفهم الخاطئ لنصوص القرآن والسنة، وبدعاً تخرج عن مسار الإسلام الصحيح، ومزايدات وزيادات وتفريطاً، كلها تشكل عبئاً على المسلمين، وخروجاً عن القرآن والسنة، حاثاً عموم المسلمين ودعاتهم على العودة إلى الفهم الصحيح للنصوص.
وأضاف: «لا بد أن نعيد الفكر إلى المسار الصحيح الذي يدعو إلى الرحمة والمحبة والفضيلة، ويحثّ على الاعتدال والوسطية، وما ارتضاه الله لنا من وسطية، وعدم التطرف، لا إلى اليمين والغلو والاندفاع والتهور باسم الإسلام، ولا إلى اليسار والانحلال والخروج عن بوتقة الدين، وينبغي على علماء المسلمين أن يصححوا فهمهم لنصوص القرآن والسنة وفق ما أمر الله به وجاء به نبيه، صلى الله عليه وسلم».
وشدد وزير الشؤون الإسلامية السعودي على أن الإسلام دين واحد لا يتجزأ، وهو دين صالح لكل الأزمان والأماكن، وأضاف: «علينا كمسلين أن نمتثل لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأن ننشر الإسلام وفق ما أمر الله به، وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه السلف الصالح ممن تخرج علي يدي النبي الكريم في التحصيل والعبادة».
وواصل آل الشيخ حديثه بالقول إن «الدين يسر وليس عسراً، والله عندما أرسل نبيه عليه السلام، أرسله رحمة للعالمين، ولم يرسله ليفجر أو يقتل، أو يزهق الأرواح، أو يفرق الناس، بل أرسله رحمة، ولبناء مسلم سويّ، لا مبالغة لديه في أي شيء، والإسلام هو أرحم الأديان للبشر، وفيه أيسر العبادات، وجاء لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان إلى عبودية خالق الإنسان».
ودعا في ختام حديثه عموم المسلمين وعلماءهم إلى السير على مسار السلف، وأضاف: «لا غلو ولا تطرف ولا إرهاب، ولا قتل ولا تدمير، بل ننشأ على هذه الأرض بسلام ونغادر بسلام، ونبذل الجهد لعودة الناس إلى فهم صافٍ وسليم للقرآن والسنة بلا تطرف ولا بدع ولا ضلالة».