استوحى حلمى المانسترلى أغنية رمضان الأيقونية وحوى يا وحوى من التراث الفرعونى عقب انتصار الملكة إياح حتب وابنها الملك أحمس على الهكسوس، فقد خرج المصريون ليلًا حاملين المشاعل والمصابيح ينشدون مرحبًا يا قمر.
وفى بدايات الدولة الطولونية تبارى أهل مصر عتيقة فى تعليق الزينة وتفننوا فى تجميل الشوارع بالرايات الملونة وإضاءة الساحات بالفوانيس المزركشة، وهى المظاهر التى انتقلت للفاطميين الذين اطلقوا عليها ليالى الوقود، وقد ظهر فانوس رمضان لأول مرة لحظة دخول المعز لدين الله مدينة القاهرة ليلًا، واستمر طوال رمضان حتى أصبح إرثًا شعبيًا اما مهنة المسحراتى فقد استحدثت فى عهد الحاكم بأمر الله ولا تزال مستمرة كطقس فلكلورى، وبالرغم من أن الفقيه المصرى الليث بن سعد كان ثريًا إلا أنه ورع متقشف لا يأكل إلا الفول ومع ذلك كان يقيم موائد عامرة بأشهى أطياب الطعام، خاصة الهريسة حتى أطلق عليها المصريون «هريسة الليث» واتبع سنته المحمودة الحكام والعامة واستمرت إلى الآن باسم موائد الرحمن ومدفع الافطار اضرب بدعة مملوكية جاءت بمحض الصدفة عندما جرب السلطان خشقدم مدفعًا جديدًا وصل إليه وقت أذان المغرب بالضبط، فظن الناس أنه للاحتفال بالإفطار، وابتكر محمد على باشا الإمساكية وأمر بطباعتها فى دار الطباعة الباهرة ببولاق عليها مواعيد الصلاة وتبريكاته للشهر الفضيل.
يضيق المقام للإسهاب فى تأصيل عشرات الطقوس المميزة والتى تحوى تاريخا عظيما من البصمة الوراثية للمحروسة «رمضان المصرى» لا شبيه له فى سائر بلدان العالم، ومن لم يحضر شطرًا منه على ضفاف النيل فقد فاته الشىءُ الكثير، فهو يخرج عن كونه شهرًا دينيًا ليتحول إلى سيمفونية عبقرية حيث تلتقى نفحات السماء بنسيم الأرض فى انسجام بديع، فرح إنسانى قوامه ثلاثون ليلة تنيره أضواء راقصة بألوان ساحرة على ولائم فاخرة تعمها مودة وتزاور لصلة الرحم على وقع دورات كروية ساخنة فى سهرات صاخبة تنثر بهجة متواصلة، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. فهنا لن تستطيع تمييز المسلم من المسيحى لأن الكل ينتظره فالمسيحى يصوم قبل المسلم لأن الله محبة وهذا هو السر الخالد منذ آلاف السنين حتى قبل نزول الرسالات لا أدرى أهى تميمة فرعونية تصبغ الأشياء بلون الأصيل ربما هى الخلطة السحرية بين استلهام فنون الغرب وجاذبية روحانية الشرق، فهذا المزيج الفريد يضفى نكهة مميزة فنحن برغم ضيق الحال واشتداد الأزمات نطلب الرضا الإلهى من خلال بهجة النفوس، وهى ما يجعل الحالة المصرية استثنائية وعصية على الفهم أو حتى التقليد، فقد أثبت علماء الأنثروبولوجيا أن الشعوب تختلف فى أسس الثقافة القومية لكل شعب، وأبسط تعريف لها هو مجموع اتساق القيم التى ابتدعها شعب من الشعوب عبر تاريخه الممتد.
للأسف ولأسباب قدرية بحتة قد يستطيع المال فى غفلة من الزمن شراء نفوذ زائف عبر أشياء براقة خادعة تخطف أبصار المغيبين أو مكانة مؤقتة لدى الدهماء، لكنه فى نهاية المطاف يقف عاجزًا عن صناعة تفاصيل الحضارة العريقة، لأنها تحتاج قرونا متراكمة من الإبداع الإنسانى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رمضان المصرى الملك أحمس مدينة القاهرة محمد على باشا
إقرأ أيضاً:
الشيخ رمضان عبد المعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله.. فيديو
أكد الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، أن المؤمن يسعى ويأخذ بالأسباب ويبذل جهده في تحقيق أهدافه، ولكن النتائج بيد الله عز وجل، مشيرًا إلى أن الرزق والعطايا هي من تقسيم الله سبحانه وتعالى.
وقال الداعية الإسلامي خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الاثنين: "المؤمن عنده حالة من الرضا، وهو يعلم أن ما يكتبه الله له هو الأفضل، ويكفيه أن يكون راضيًا بما قسم الله له، ليكون أغنى الناس".
وأضاف الشيخ رمضان عبد المعز أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن القناعة هي سر السعادة، فكلما كان الإنسان قانعًا بما قسم الله له، كلما كان أشكر الناس لله، موضحا أن هناك فرقًا بين القناعة وبين الكسل، حيث أن القناعة ليست بمعنى الرضا بالضعف أو الفقر، بل هي الرضا بما قسّمه الله مع السعي والاجتهاد.
وقال: "المؤمن لا يجب أن يكون كسولًا، بل عليه أن يستعين بالله ويأخذ بالأسباب، ولكن في النهاية النتائج بيد الله، والرضا بالقضاء والقدر هو من أسمى صفات المؤمن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسمى مثال على ذلك، لقد كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس قناعة وزهدًا في الدنيا، فقد عرضت عليه الدنيا فأعرض عنها زاهدًا، وكان لو شاء لكان له من الدنيا ما يشاء، لكنه اختار الزهد في الدنيا وفضل الآخرة".
وشدد الشيخ رمضان عبد المعز على أن الرزق مقسوم وأن الدنيا دار ممر، بينما الآخرة هي دار المقام، مشيرًا إلى أن المؤمن يجب أن يحرص على العيش بحسن الظن بالله وبقناعة في رزقه.