الحكومة البريطانية تقدم تعريفا جديدا للتطرف يثير موجة انتقادات
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
قدمت الحكومة البريطانية، تعريفا أكثر صرامة للتطرف يهدف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء ريشي سوناك بأنه "سم" للديموقراطية، وسط انتقادات لاذعة من عدة مجموعات مدنية وسياسية ودينية.
وقد أعلن مايكل غوف الوزير المكلف في هذا الملف المثير للجدل أن "الانتشار الشامل للأيديولوجيات المتطرفة يتوضح أكثر فأكثر بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ويشكل خطرا حقيقيا على أمن مواطنينا وديموقراطيتنا".
وأضاف أن التعريف الجديد سيضمن أن "ألا توفر الحكومة عن غير قصد منصة للذين يسعون إلى تقويض الديموقراطية وحرمان الآخرين من الحقوق الأساسية".
وأكد غوف أن بريطانيا أصبحت أقوى بسبب تنوعها "لكن ديمقراطيتنا وقيمنا المتمثلة في الشمولية والتسامح تواجه تحديا من المتطرفين"، مؤكدا أنه "من أجل حماية قيمنا الديموقراطية، من المهم تعزيز ما هو مشترك بيننا وأن نكون واضحين ودقيقين في تحديد المخاطر التي يشكلها التطرف".
وشدد مايكل غوف على أن هذا التعريف الجديد "لا يقيّد حرّية التعبير"، مؤكّدا أنه يسري "على شروط الالتزام مع الحكومة فحسب" لا سيما أن "مجموعات متطرفة سبق لها أن سعت إلى الاستفادة من رعاية الحكومة وأموالها ونفوذها".
وكانت لندن تعرّف التطرف بأنه "معارضة صريحة أو فعلية لقيمنا الأساسية" مثل "الاحترام المتبادل والتسامح"، وبحسب التعريف الجديد بات "الترويجَ لأيديولوجيا قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح أو نشرها".
ويمكن اعتبار مجموعات أو أفراد متطرفين إذا ما استخدموا هذه الايديولوجيا "لإبطال أو نسف الحقوق والحريات الأساسية للآخرين أو لتقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة في الديموقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديموقراطية".
وبحسب التعريف الجديد سيعتبر متطرفا أيضا من "يوجد عمدا بيئة متساهلة للآخرين لتحقيق" الهدفين الأولين.
وأثار التعريف الجديد موجة من الانتقادات اللاذعة، فيما حذر قاري عاصم، رئيس المجلس الاستشاري للمساجد والأئمة من أن التعريف الجديد قد يغذي التطرف ومن أنه قد يُفرض على نحو غير متناسق.
وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إنه "سيطبَّق على نحو غير موضوعي"، منبها من خطر إحداثه "شرخا كبيرا في مجتمعنا".
وأضاف "ما أخشاه هو احتمال أن يؤدي هذا التعريف إلى مزيد من التطرف والمجموعات التي تعمل بالسر ومن ثمّ إلى التلاعب بهؤلاء الأشخاص واستغلالهم من قبل المتطرّفين الفعليين".
وكان رئيس الكنيسة الأنغليكانية أسقف كانتربري جاستن ولبي حذر الأربعاء من أن التعريف قد يثير انقسامات.
وقال ويلبي ونائبه كبير أساقفة يورك ستيفن كوتريل، في بيان مشترك يوم الثلاثاء إن التعريف الجديد "يحمل خطر الاستهداف غير المتناسب للجاليات المسلمة التي تواجه بالفعل مستويات متزايدة من الكراهية والانتهاكات".
ويأتي التعريف الجديد بعد أن حذر سوناك من "زيادة مروعة في الاضطرابات ذات الصلة بالتطرف والإجرام" تهدد البلاد بالانتقال إلى "حكم الغوغاء".
وجاءت تصريحات سوناك في خطاب موجه إلى الأمة ألقاه في مقر الحكومة البريطانية بعد احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في لندن ومدن بريطانية أخرى متواصلة منذ أشهر.
وقد شهدت المسيرات الاحتجاجية على الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، توقيف عشرات المتظاهرين بسبب هتافات ولافتات معادية للسامية والترويج لمنظمة محظورة والاعتداء على عناصر في أجهزة الطوارئ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: بريطاني استهداف المملكة المتحدة الاحترام المتبادل انتهاك جدل الوزراء التعریف الجدید
إقرأ أيضاً:
الأزهر ودار الإفتاء.. حصن منيع في وجه التطرف ودعوة متجددة للتسامح
تشهد مصر في السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة من مؤسساتها الدينية، خاصة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، لمواجهة ظاهرة التطرف والتشدد، التي تمثل تحديًا للسلام المجتمعي والاستقرار الفكري.
شيخ الأزهر: ما يحدث في غزة من مجازر لا يمكن تخيلها ولا وصفها المفتي: دار الإفتاء تؤكد استعدادها لتقديم التدريب في مجال الإفتاء للمؤسسات الدينية بأذربيجان جهود الأزهر ودار الإفتاء المصرية في مكافحة التشدد وتجديد الخطاب الدينيوتأتي هذه الجهود استجابة لدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع متطلبات العصر ويسهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، ويحدّ من محاولات استغلال الدين لأغراض التطرف والإرهاب.
دور الأزهر في تجديد الخطاب الدينيالأزهر الشريف، كأكبر مؤسسة دينية في مصر والعالم الإسلامي، أخذ على عاتقه دورًا محوريًا في تجديد الخطاب الديني. حيث أطلق الأزهر العديد من المبادرات لإعادة صياغة المفاهيم الدينية وترسيخ الوسطية التي تميّز الإسلام. يعمل الأزهر من خلال مراكزه المتعددة على تطوير المناهج الدراسية في الجامعات والمدارس الأزهرية، مع التركيز على توضيح المفاهيم التي قد يساء فهمها، وتعزيز الحوار بين الأديان. كما يسعى لتأهيل الدعاة على استخدام لغة معاصرة تجذب الشباب وتبتعد عن الخطاب التقليدي الذي قد يبدو منفصلًا عن الواقع.
أشار الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى أن عملية تجديد الخطاب تتطلب مواجهة بعض الأفكار المتشددة التي تعيق التطور، ودعا إلى بناء وعي فكري مستند إلى تعاليم الإسلام السمحة. كما أكد أن الأزهر يعمل على إطلاق برامج توعية وحوارات تجمع بين مختلف الفئات العمرية والفكرية، مما يعزز من رسالته الرامية إلى نشر التسامح والسلام.
جهود دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرفأما دار الإفتاء المصرية، فقد لعبت دورًا مهمًا في مكافحة الفكر المتطرف، عبر رصد وتحليل الأفكار المتشددة وتفنيدها. فقد أسست دار الإفتاء "مركز سلام لدراسات التطرف"، الذي يهدف إلى دراسة وتحليل جذور التشدد وتقديم رؤى واضحة لكيفية مواجهته، إلى جانب تنظيم مؤتمرات وورش عمل بالتعاون مع جهات محلية ودولية لمناقشة تجارب مكافحة التشدد في عدة دول.
كما تبنت دار الإفتاء أسلوبًا حديثًا في إصدار الفتاوى، حيث أصبحت تُصدر عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، خاصة الشباب.
يسعى هذا النهج إلى تقديم الإسلام بصورة معتدلة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يستخدمها المتطرفون لتبرير العنف. من خلال هذه الجهود، تعمل دار الإفتاء على بناء وعي مجتمعي متكامل يرفض التشدد ويعزز من قيم التسامح والتعايش.
التحديات والنتائج المتوقعةرغم الجهود الكبيرة المبذولة، تواجه المؤسسات الدينية في مصر تحديات في تنفيذ رؤية تجديد الخطاب الديني، من بينها مواجهة بعض القيادات الدينية المتشددة والمعارضة للتغيير، بالإضافة إلى محاولات استغلال الدين في أهداف سياسية. لكن مع استمرار الدعم الحكومي والمجتمعي، يُتوقع أن تسهم هذه الجهود في تخفيف حدة التطرف وتعزيز صورة الإسلام كدين سلام وتسامح. في الختام، تعكس جهود الأزهر ودار الإفتاء المصرية سعيًا حثيثًا نحو ترسيخ خطاب ديني معاصر، يتوافق مع تطلعات المجتمع، ويحد من انتشار الفكر المتشدد، مما يسهم في تحقيق مجتمع أكثر استقرارًا وتسامحًا.