عبد الرحيم ريحان: التجليات الربانية بالوادى المقدس بسيناء واقع دينى مؤكد أثريًا
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن مناجاة المولى سبحانه وتعالى لنبيه موسى تمت ثلاث مرات، الأولى عند شجرة العليقة المقدسة " موقعها حاليًا داخل دير سانت كاترين " حين رحلته الأولى فى سيناء وحيدًا } إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى {طه آية 12، الثانية حين رحلته مع بنى إسرائيل فتركهم فى بداية وادى حبران بمدينة طور سيناء حاليًا عندما أمره ربه وعبر الوادى إلى الجبل وهو جبل موسى أو جبل المناجاة أو جبل الشريعة وناجى ربه حين تلقى ألواح الشريعة، الثالثة حين جاء إلى ربه للاعتذار عن عبادة قومه للعجل.
أمّا عن التجلى الأعظم فيشير الدكتور ريحان إلى أن المولى عز وجل تجلى للجبل حين طلب نبى الله موسى رؤية ربه حين ذهابه لتلقى ألواح الشريعة فى رحلته الثانية وهو واقف على جبل الشريعة فدك الجبل } فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا { الأعراف 143، ويقع جبل التجلى فى مواجهة جبل موسى وله طبيعة صخرية خاصة تؤكد دك الجبل فهو جبل ركامى عكس جبل موسى وهو جبل جلمودى.
وينوه الدكتور ريحان إلى محاولات عدة دوائر سلب هذه القيمة الكبرى عن مصر الذى شرّفها سبحانه وتعالى بجبل الشريعة بالوادى المقدس طوى ومن أمثلة ذلك ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية ونقلت عنه المواقع العربية أن نبى الله موسى قد كلم ربه فى الأردن وليس مصر عن طريق جبل نافو كما نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن العالم الإسرائيلى عمانويل أناتى ذكر أن الجبل الذى كلم الله عليه سيدنا موسى عليه السلام وأرسل إليه بالوصايا العشر هو جبل "كركوم" الموجود فى صحراء النقب، وأشار عالم أمريكى إلى وجوده فى مكان آخر والغرض هو إبعاد صفة القداسة عن مصر.
ويؤكد الدكتور ريحان من خلال تحقيقه الأثرى لرحلة خروج بنى إسرائيل بسيناء وتحديد محطات الخروج والذى نشره فى كتاب " التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" الصادر عن دار أوراق للنشر والتوزيع أن بداية الرحلة بسيناء هى عيون موسى حيث تفجرت الإثنى عشرة عينًا ثم منطقة سرابيط الخادم حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا ثم منطقة الطور المشرفة على خليج السويس (موقع طور سيناء حاليًا) الذى عبدوا بها العجل الذهبى بمنطقة قريبة من البحر حيث نسف العجل بها ثم جبل الشريعة حيث تلقى نبى الله موسى ألواح الشريعة وقد انتقل بنى إسرائيل إليه عبر وادى حبران من طور سيناء إلى الجبل المقدس بالوادى المقدس طوى (منطقة سانت كاترين حاليًا).
الجبل المقدسويتفق موقع الجبل المقدس مع خط سير الرحلة وهو المحطة الرابعة التى تشمل جبل الشريعة وشجرة العليقة المقدسة الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى تحوى عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م وجبل سانت كاترين 2642م فوق مستوى سطح البحر وغيرها ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة فحين طلب بنو إسرائيل من نبى الله موسى طعام آخر بعد أن رزقهم الله بأفضل الطعام وهو المن وطعمه كالعسل ويؤخذ من أشجار الطرفا القريبة من الوادى المقدس حاليًا وهناك منطقة كاملة بهذا الاسم، والسلوى وهو شبيه بطائر السمان المتوفر بسيناء كان النص القرآنى }اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ{ سورة البقرة آية 61 والهبوط يعنى النزول من مكان مرتفع ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة أيضًا فقد كانت شديدة البرودة لذلك ذهب نبى الله موسى طلبًا للنار ليستدفئ به أهله فى رحلته الأولى لسيناء } إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {القصص 29 كما أن بهذه المنطقة شجرة من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء وهو لا يزدهر ولا يعطى ثمار وفشلت محاولات إنباته فى أى مكان بالعالم مما يؤكد أنها الشجرة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى شجرة العليقة المقدسة، وعندما جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى إلى المنطقة بنت كنيسة صغيرة فى حضن الشجرة لتؤكد أنها شجرة العليقة الملتهبة والذى أدخلها الإمبراطور جستنيان ضمن أسوار الدير الذى أنشاه فى القرن السادس الميلادى وأطلق عليه دير طور سيناء ليؤكد مرة ثانية أن هذه المنطقة هى الوادى المقدس، ثم تغير اسم الدير إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى بعد العثور على رفاة القديسة كاترين على أحد جبال المنطقة الذى حمل اسمها وارتفاعه 2642م فوق مستوى سطح البحر، وجاء اليونسكو عام 2002 ليؤكد كل هذا ويضع الإطار الروحى للمنطقة ضمن معايير التسجيل تراث عالمى استثنائى.
وأردف الدكتور ريحان أن الصعود إلى جبل موسى يتم عبر ثلاثة طرق، الأول طريق سيدنا موسى والثانى طريق عباس باشا، والثالث وادى الأربعين، أمّا طريق سيدنا موسى فهى مختصرة ومهدها الرهبان منذ عهد بعيد وجعلوا لها سلمًا من الحجر الغشيم مكون من 3000 درجة وتم ترميمه عام 1911م، وارتفاع جبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر وعلى الجبل نبع ماء كان يعيش بجوارها أحد النسّاك وكنيسة الأقلوم.
وهناك قنطرتين من الحجر، قيل أنه كان يجلس عند كل قنطرة راهب أو أكثر يتقبل الاعتراف من الزوار ويكتب أسمائهم وبعد القنطرة الثانية نجد منخفض بين الجبال يسمى (فرش إيليا)، وهناك كنيسة موسى النبى وبجانبها كنيسة إيليا النبى وبهذه الكنيسة مغارة متسعة قيل أنها المغارة التى سكنها إيليا النبى عند مجيئه إلى الجبل ومن فرش إيليا طريق يتجه شمال غرب إلى قمة جبل الصفصافة ويمر بمغارة القديس إسطفان ثم كنيسة مار يوحنا.
ومن كنيسة النبى إيليا يتم الصعود إلى جبل موسى وهناك بقايا كنيسة صغيرة بناها جستنيان فى القرن السادس الميلادى وبقايا جامع صغير من العصر الفاطمى بنى فى عهد الخليفة الآمر بأحكام الله عام 500هـ 1106م ، وهناك كنيسة حديثة شيدت عام 1933م وتسمى كنيسة الروح القدس استخدم فيها أحجار من الكنيسة القديمة التى تعود إلى القرن السادس الميلادى.
ويوضح الدكتور ريحان أن الطريق الثانى للصعود إلى جبل موسى هو طريق عباس باشا الذى مهد هذا الطريق فسمى باسمه، ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات، وعلى قمة جبل سانت كاترين الذى يقع غرب الدير توجد كنيسة بنيت مكان العثور على بقايا القديسة كاترين وكان الرهبان يذهبون أعلى جبل سانت كاترين لإقامة قداس فى الكنيسة واستمر ذلك حتى تم نقل الرفات إلى كنيسة صغيرة داخل كنيسة الدير الرئيسية والرفات الآن بصندوق داخل الهيكل، والطريق الثالث هو طريق وادى الأربعين حيث يصعد إلى الجبل عبر وادى اللجاه المعروف بوادى الأربعين ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ريحان التجلي الأعظم أرض السلام سيناء سانت كاترين دير سانت كاترين
إقرأ أيضاً:
تضرر 226 موقعًا أثريًّا في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية
رام الله - "العُمانية": تضرر نحو 226 موقعًا أثريًّا في قطاع غزة جراء الاستهداف الإسرائيلي الذي طال كل المواقع خلال الحرب على القطاع الساحلي، وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.
وأفادت الوزارة في تقريرها الذي حمل اسم "حصر الأضرار والمخاطر لمواقع التراث الثقافي في غزة" جراء الحرب بأن 138 موقعًا لحقت بها أضرار كبيرة و61 متوسطة و27 بسيطة، بينما تم حصر 90 موقعًا دون أضرار.
وأوضح التقرير أنه جرى تقييم الميزانيات اللازمة لإعادة تعافي قطاع التراث الثقافي بـ 261,15 مليون يورو تم تقسيمها إلى 3 مراحل، تشمل المرحلة الأولى التدخلات العاجلة لإنقاذ المواقع المهددة بالخطر وتدعيمها، وقدرت الميزانية اللازمة لذلك بـ 31,2 مليون يورو.
وأشار التقرير إلى أن المرحلة الثانية ستشمل التدخلات اللازمة لترميم المواقع المهددة جزئيًّا وإعادة تأهيلها وتقدر الميزانية اللازمة لذلك بـ 96,72 مليون يورو، بينما ستشمل المرحلة الثالثة إعادة بناء المواقع المهددة وتقدر الميزانية اللازمة لذلك بـ 133,23 مليون يورو على أن تمتد فترة تنفيذ المراحل الثلاث إلى 8 سنوات.
واعتبر التقرير أن المواقع الأثرية التاريخية "جزء مهم من تاريخ وهوية شعب فلسطين على الأرض الفلسطينية"، متهمًا الجيش الإسرائيلي بتعمد مسح وتدمير هذا الجزء المهم والركن الأساسي من أركان الهوية الوطنية الفلسطينية.
يذكر أن سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد بدأ في 19 يناير الماضي، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يومًا، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.