وزير التنمية المحلية: 7126 معرضاً لتوفير السلع بتخفيضات تصل إلى 25٪.. وضخ كميات كبيرة من المنتجات لاستقبال شهر رمضان414.3 مليون جنيه مبيعات مبادرة «سند الخير» للسلع الغذائية فى 90 أسبوعاًضخ كميات كبيرة من السلع فى «منافذ الزراعة» بتخفيضات 20%خبير اقتصادى: مبادرات خفض الأسعار متنفس الغلابة فى ظل الأزمة الاقتصادية وتُحد من جشع التجارمواطنون: أسعار السلع بالمنافذ أقل بكثير عن الأسواق.

. ومطلوب زيادة المعروض وخفض أسعار اللحوم

 جهود كبيرة تبذلها الدولة بكافة مؤسساتها بمشاركة المجتمع المدنى، لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمصريين خاصة فى شهر رمضان الكريم، حيث يبدأ قبل الشهر الكريم بأيام وأسابيع ولعل أبرز ما تبذله الدولة يتمثل فى شقين الأول: مراقبة الأسواق وضبط التجار المتلاعبين بـ«أقوات الغلابة»، والشق الثانى: يتمثل فى مبادرات الخير وزيادة أعداد المنافذ الاستهلاكية التى تسعى لتوفير الغذاء والسلع الرئيسية لأكثر من 5 ملايين أسرة من محدودى الدخل لإدخال الفرحة عليهم فى رمضان.

«الوفد» خاضت جولة أمام المنافذ التى تقدم السلع بأسعار مخفضة، وأكد المواطنون أن الأسعار أقل بكثير من الأسواق، مشيدين بالمنتجات ومطالبين بزيادة المنافذ والكميات المعروضة بداخلها.

التقت «الوفد» عددا من المترددين على أحد معارض السلع، وقال أحمد السيد إن الظروف الاقتصادية أصبحت صعبة للغاية ويجب على الحكومة ضخ السلع بكميات كبيرة فى المنافذ بالإضافة إلى مراقبة الأسعار وفرض التسعيرة الإجبارية على المنتجات لكى لا يباع الصنف الواحد بأسعار تختلف من تاجر إلى تاجر، مشيرًا إلى أن المنافذ توفر السلع بجودة عالية وسعر أقل من السوق.

وأشادت سهير محمود -ربة منزل- بالمنافذ والسلع المتوافرة بداخلها، مؤكدة أن مبادرات الحكومة تساعد ربة المنزل على توفير احتياجات أسرتها بأسعار أقل من التجار، موجهة حديثها للرئيس السيسى وتطالبه بخفض أسعار اللحوم والدواجن والسلع الغذائية خاصة مع اقتراب شهر رمضان.

وأكدت «فوزية» أنها تشترى احتياجات البيت من المنافذ بأسعار مناسبة بالمقارنة بأسعار التجار، مطالبة بضخ كميات كبيرة من السكر لأن المنافذ والمجمعات الاستهلاكية تفرض شراء كيلو أو اثنين على الأكثر، موضحة أنه يتم بيعه فى المحلات والسلاسل التجارية بأسعار تجاوزت 50 جنيهًا وفى معظم الأوقات يكون غير متوفر.

وبدورها، أكدت أم مصطفى أن إطلاق مثل تلك المبادرات يؤكد انحياز الرئيس السيسى للمواطن البسيط، وحرصه على تخفيف الضغوط الاقتصادية عليه، خاصة فى ظل موجة الغلاء، موضحة أن المنافذ والمبادرات، توفر السلع بأسعار أقل من مثيلاتها بالأسواق. وأوضحت أنها تنتظر تخفيضات المعارض والمنافذ باستمرار، لأن هناك فارقا كبيرا بين الأسعار المخفضة فى المعرض، وأسعار المحال العادية.

وأكد أحد المواطنين أن إطلاق المبادرات الحكومية يدل على حرص الدولة على رفع المعاناة عن كاهل المواطن، فى وقت اعتاد التجار على رفع أسعار السلع بصورة مستفزة، خاصة بالتزامن مع اقتراب شهر رمضان.

أبواب الخير

بتعليمات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، أطلق صندوق تحيا مصر قوافل «أبواب الخير» لتوفير المواد الغذائية الجافة لنحو 5 ملايين مواطن من الأسر الأولى بالرعاية استعدادا لاستقبال شهر رمضان المعظم، ومن جانبه، قال تامر عبدالفتاح، المدير التنفيذى للصندوق، إن مبادرة أبواب الخير انطلقت فى محافظات القاهرة والجيزة وقنا والأقصر وأسوان كمرحلة أولى وستعمم فى بقية المحافظات تباعًا.

وأضاف «عبدالفتاح» أن مبادرة «أبواب الخير» تستهدف توفير نحو مليون كرتونة بما يعادل اثنى عشر ألفا وثلاثمائة طن تقريبا من المواد الغذائية الجافة، لتحصل كل أسرة على كرتونة قوامها 12 كيلو وتضم: 5 كيلو أرز، و3 كيلو مكرونة، و2 كيلو سكر، وعبوة زيت، وعبوة شاى، ونصف كيلو فول تدميس، وكيلو بلح، بالإضافة إلى البروتين من الدواجن واللحوم، لتصل إلى الأسر الأولى بالرعاية اعتمادا على قواعد بيانات الأسر المستهدفة لدى الصندوق، كما أن الصندوق بصدد تنفيذ حزمة برامج إضافية للحماية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية حيث من المستهدف إطلاق حملة لإفطار 3 ملايين صائم خلال شهر رمضان، فضلاً عن تجهيز 1000 فتاة من اليتيمات بكافة مستلزمات الزواج خلال شهر رمضان الكريم، كما يستهدف أيضاً توزيع مليون قطعة ملابس على طلاب الجامعات وأيضاً الأسر الأولى بالرعاية استعداداً لعيد الفطر المبارك.

وأشار عبدالفتاح إلى أن الصندوق شهد نقلة نوعية فى إنجازاته خلال العشر سنوات الماضية، من خلال خبرات متراكمة اكتسبها من تنفيذ العديد من المبادرات فى مختلف المجالات، ليصبح مصدر إلهام للعديد من المهتمين بشأن الإنسانية والعمل الخيرى.

تخفيضات 25٪

 اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، أكد أن الحكومة تعتبر منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية إلى جانب القطاع الخاص ليس فقط شركاء فى عملية التنمية واتخاذ القرار ولكنهم أيضاً فاعلون رئيسيون فى معادلة حل التحديات على المستوى المحلى.

وأضاف «آمنة»: خلال إطلاق مبادرة «أبواب الخير» أن الدولة تقوم بجهود عديدة لتقديم المساعدات ودعم الأسر الأولى بالرعاية وتحقيق الرضا بين المواطنين وعلى رأس هذه الجهود مبادرة الرئيس السيسى «حياة كريمة»، مشيراً إلى أن هذا البرنامج التنموى العملاق أسهم فى مرحلتيه التمهيدية والأولى فى تبديل التهميش والإهمال إلى مزيد من الاهتمام لتطوير وتحديث البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

وأشار إلى أن الوزارة تعمل على رفع درجات الاستعداد القصوى لاستقبال شهر رمضان، حيث تم توجيه المحافظين للتأكد من توافر كافة السلع الغذائية للمواطنين فى كافة المدن والقرى والأحياء بجودة وأسعار وكميات مناسبة فضلا عن متابعة التوسع فى منافذ الثابتة والمتحركة والاستعداد لمعارض «أهلا رمضان».

وأوضح الوزير أن إجمالى عدد المنافذ الثابتة والمتحركة والشوادر والمعارض بالمحافظات وصل إلى 7126 معرضا ومنفذا لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة بنسبة تتراوح بين 10% إلى 25٪ للمواطنين، مشيرا إلى أن الوزارة تنفذ عدداً من المبادرات فى هذا الصدد من ضمنها مبادرة «سند الخير» بالتنسيق مع المحافظات لتوفير السلع الغذائية فى الأحياء الشعبية والقرى الأكثر احتياجا فى 16 محافظة كمرحلة أولى.

وقال «آمنة» إن حجم مبيعات مبادرة «سند الخير» منذ انطلاقها وعلى مدار تسعين أسبوعاً بلغ أكثر من 414.3 ملايين جنيه، مشيرًا إلى أن المبادرة شهدت إقبالا كبيراً من المواطنين على شراء السلع خلال الأسبوع الـ90، حيث تقدر حجم المبيعات به بحوالى 4 ملايين جنيه.

وأوضح أن الوزارة تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الغلاء وتوجيه المحافظين بتكثيف الحملات التموينية لمواجهة جرائم الغش التجارى، وضبط السلع غير الصالحة للاستهلاك الآدمى التى تضر بصحة المواطنين، مؤكدًا أن غرفة العمليات المركزية بالوزارة تتابع مع غرفة إدارة الأزمات بمركز معلومات مجلس الوزراء، وغرف العمليات بالمحافظات، لتعويض أى نقص للسلع الأساسية على مستوى المراكز والمدن فى كل محافظة وذلك لسرعة توفيرها وضخ كميات إضافية منها بالتنسيق مع الجهات المعنية واتحادات الغرف التجارية.

منافذ الزراعة.. ملاذ الفقير

الدكتور سعيد صالح مستشار وزير الزراعة ومنسق عام مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» قال إن المبادرة تغطى مناطق عديدة على مستوى الجمهورية من خلال 274 منفذًا ثابتًا فضلًا عن المنافذ المُتحركة والمعارض الشعبية، مضيفًا أن المبادرة تعرض أكثر من 200 سلعة بجودة عالية من إنتاج خير مزارع وزارة الزراعة وخير الأراضى المصرية وأن اللحوم بلدى تربية الإنتاج الحيوانى وأقل من سعر السوق.

ومن جهته، أكد الدكتور محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن السلع بمختلف أنواعها التى تكون مطلوبة فى شهر رمضان ستكون متوفرة فى هذه المنافذ.

وأضاف «القرش»: «وزارة الزراعة تضخ كميات كبيرة من السلع استعدادًا لشهر رمضان، فضلا عن العمل بشكل مستمر على زيادة المخزون لديها ومن ثم تلبية احتياجات المواطنين»، مشددًا على أن المنافذ تستهدف مواجهة أى استغلال يمارسه بعض التجار، وتعتبر بديلًا مناسبًا أمام المستهلك، الذى يمكنه التوجه إليها إذا ما وجد مغالاة فى أسعار السلع من قِبل التاجر. كما أكد أن نسبة الانخفاض فى أسعار السلع الأساسية المتوفرة فى هذه المنافذ تقل عن السوق بنسبة تزيد على 20٪.

طمأنة المصريين

من جهته، قال د. عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، إن مبادرات الخير لخفض الأسعار التى أطلقتها الحكومة بتوجه الرئيس السيسى، تأتى فى إطار ضبط الأسواق، وخفض الأسعار، وتقديم السلع بأسعار مناسبة خاصة مع اقتراب شهر رمضان.

وأضاف «يوسف» أنه يجب التوسع فى إنشاء المنافذ وإتاحة السلع بكميات كبيرة لطمأنة المواطنين، مؤكدًا أن المواطن يشعر بفارق الأسعار فى المنافذ والمعارض التابعة للدولة مقارنة بالمحلات والأسواق الخارجية التى تقع تحت سيطرة التجار. موضحًا أن الدولة تهدف إلى توافر السلع بأسعار مناسبة وتصل إلى المستهلك فى أى مكان.

وأشار الخير الاقتصادى إلى أنه فى ظل سعى الدولة الدؤوب لضبط الأسعار ومراقبة المتلاعبين بها، تأتى مبادرات الدولة نحو وضع جداول يدرج فيها مجموعة من السلع الضرورية وتقليل أسعارها فضلا عن التوزيع المتنقل من خلال سيارات تابعة للجمعيات أو منافذ الدولة الرسمية.

جهود الحكومة

الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أكد أن الحكومة تعمل على قدم وساق؛ لتوفير السلع للمواطنين بأسعار مخفضة خلال شهر رمضان المعظم، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات الرقابية لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار.

هذا ما أكده المستشار محمد الحمصانى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن «مدبولى» أكد أن الدولة تتخذ إجراءات عديدة من شأنها أن تسهم فى ضخ سيولة نقدية كبيرة فى سوق النقد الأجنبى، وهو ما سيسهم فى حل كثير من المشكلات التى ظهرت كنتيجة لهذا التحدى، وأهمها نقص وارتفاع أسعار بعض السلع والمنتجات.

وأضاف أن اجتماع الحكومة تطرق لمتابعة ما يتم اتخاذه من إجراءات وخطوات من مختلف الجهات المعنية، والتى من شأنها أن تسهم فى توافر السلع فى الأسواق بالكميات والأسعار المناسبة، فضلا عن استعراض جهود توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الخاصة بعدد من السلع والمنتجات، سعياً لإتاحة رصيد احتياطى منها، مع اقتراب شهر رمضان، مشيرًا إلى الاستعدادات الجارية لاستقبال شهر رمضان، وجهود تفعيل مبادرة «كلنا واحد»، و«أهلا رمضان»، وغيرهما من المبادرات، وذلك بالتعاون والتنسيق مع عدد كبير من السلاسل التجارية، والمنتجين، لضخ كميات كبيرة من السلع والمنتجات، هذا إلى جانب جهود التوسع فى إقامة المزيد من المنافذ الثابتة والمتحركة على مستوى الجمهورية لبيع السلع والمنتجات المختلفة تلبية لاحتياجات المواطنين.

وأوضح متحدث مجلس الوزراء أن هناك انعكاسات إيجابية من خلال جذب الحكومة للاستثمارات الأجنبية، قائلًا إن: الأخبار الإيجابية للتعاون مع صندوق النقد الدولى أثرت بشكل إيجابى على الأسواق.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مبادرات الخير الغلاء توفير السلع بأسعار مخفضة المنافذ الاستهلاكية وزير التنمية المحلية الأسر الأولى بالرعایة مع اقتراب شهر رمضان لاستقبال شهر رمضان السلع والمنتجات السلع الغذائیة کمیات کبیرة من بأسعار مخفضة لتوفیر السلع مجلس الوزراء السلع بأسعار أسعار السلع أبواب الخیر مشیر ا إلى من السلع ا إلى أن السلع ا من خلال فضلا عن أکد أن

إقرأ أيضاً:

عيد الفطر في مصر.. بين طقوس الاحتفال ومعادلات السياسة والمجتمع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يُعدّ العيد ظاهرة اجتماعية متجذرة في الوجدان المصري، حيث يمثل مساحة زمنية خاصة تحتفي فيها المجتمعات بالتواصل والتكافل وإعادة إحياء الروابط العائلية. في مصر، يأخذ عيد الفطر طابعًا احتفاليًا مشتركًا بين جميع الطبقات الاجتماعية، لكنه يعكس أيضًا الفوارق الطبقية من خلال أنماط الاحتفال المختلفة. فعلى الرغم من أن جميع المصريين يشاركون في الطقوس الأساسية مثل صلاة العيد، وتوزيع العيديات، وتحضير الكعك، إلا أن قدرة الأفراد على الإنفاق والاستمتاع بالعطلة تختلف باختلاف أوضاعهم الاقتصادية. وكما يوضح عالم الاجتماع بيير بورديو في تحليله للتمييز الاجتماعي، فإن الطقوس والعادات التي تبدو موحدة غالبًا ما تحمل في طياتها انعكاسًا للبنية الطبقية، حيث يعبر كل فرد عن هويته الاقتصادية والاجتماعية من خلال أسلوب الاحتفال بالعيد.

العيد ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو مساحة زمنية لتعزيز التلاحم الاجتماعي. فمنذ العصور الإسلامية المبكرة، وحتى يومنا هذا، يشكل العيد فرصة استثنائية للتواصل العائلي، حيث تكثر الزيارات بين الأقارب، وتجتمع العائلات حول موائد الطعام في أجواء ودية. ووفقًا لما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته، فإن المناسبات الاجتماعية الكبرى، مثل الأعياد، تسهم في تجديد روابط العصبية والتضامن بين الجماعات، حيث تخلق لحظات من التوافق والاحتفال الجماعي تُعيد إنتاج قيم المجتمع التقليدية (ابن خلدون، المقدمة، 1377م). وفي السياق المصري، يظل العيد وسيلة لإحياء الصلات العائلية حتى في ظل التفكك الذي تشهده بعض المجتمعات الحضرية الحديثة، حيث تصبح هذه المناسبات فرصة ضرورية لتعويض البعد الاجتماعي الناتج عن ضغوط الحياة المعاصرة.

شهدت الاحتفالات بالعيد في مصر تحولات اجتماعية كبيرة بين الماضي والحاضر، متأثرة بعوامل عدة، أبرزها التحضر والتغيرات الاقتصادية والتكنولوجيا. ففي الماضي، كانت الاحتفالات بالعيد تأخذ طابعًا أكثر تقليدية، حيث يخرج الجميع إلى المساجد والساحات الكبيرة لأداء الصلاة، ثم يتجمعون في البيوت لتناول الإفطار الجماعي وتوزيع العيديات. أما اليوم، فقد أصبحت المظاهر الاستهلاكية تهيمن على الاحتفال، حيث تحولت العيديات إلى تحويلات رقمية عبر التطبيقات البنكية، وبدأت العائلات في استبدال اللقاءات التقليدية بالخروج إلى المولات التجارية والمطاعم الفاخرة. ويرى عالم الاجتماع زيجمونت باومان أن هذه التغيرات تعكس ظاهرة "الحداثة السائلة"، حيث تتغير القيم والأنماط الاجتماعية بسرعة، مما يجعل العيد يتحول من مناسبة اجتماعية للتلاحم إلى موسم استهلاكي تُهيمن عليه الدعاية التجارية.

ورغم هذه التحولات، فإن بعض الطقوس العيدية التقليدية لا تزال صامدة، مما يعكس قدرة المجتمع المصري على الاحتفاظ بجذوره الثقافية مع التكيف مع المستجدات. فعلى سبيل المثال، لا يزال إعداد كعك العيد في المنازل طقسًا أساسيًا في كثير من العائلات، حتى مع انتشار المخابز التي توفره جاهزًا. كما أن ظاهرة توزيع العيديات للأطفال لا تزال مستمرة رغم تغير شكلها، مما يدل على أن العيد ليس مجرد مناسبة زمنية تتغير مع الزمن، بل هو جزء من "الذاكرة الجمعية"، وفقًا لما يصفه موريس هالبواكس، حيث يستمر المجتمع في إعادة إنتاج الطقوس والتقاليد بصيغ مختلفة ولكن بروحها الأصلية نفسها.

البعد التاريخي لاحتفالات العيد في مصر

احتفلت مصر بعيد الفطر عبر العصور المختلفة بطقوس احتفالية مميزة، تتأثر بالسياقات السياسية والاجتماعية لكل عصر. في العصر الفاطمي (909-1171م)، اكتسب العيد طابعًا رسميًا وشعبيًا واسعًا، حيث كان الخليفة الفاطمي يخرج في موكب مهيب من قصره بالقاهرة إلى الجامع الأزهر أو جامع الحاكم بأمر الله، برفقة القضاة وكبار رجال الدولة، بينما تُوزَّع الهدايا والصلات على العامة. كما اهتم الفاطميون بإعداد موائد ضخمة وإضاءة الشوارع بالمشاعل والفوانيس، وهي طقوس تعكس سعي الدولة لتعزيز شعبيتها وسط الجماهير (المقريزي، "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين"). أما في العصر المملوكي (1250-1517م)، فقد استمر الاحتفال بعيد الفطر بأسلوب مشابه، حيث أقيمت الاحتفالات الكبرى في القلعة، وشهدت الميادين العامة سباقات الخيل والعروض العسكرية، ما يعكس التداخل بين الطابع الاحتفالي وإظهار القوة السياسية (ابن إياس، "بدائع الزهور في وقائع الدهور").
لعبت السلطات الحاكمة في مصر دورًا رئيسيًا في صناعة الطقوس الاحتفالية للعيد وتوظيفها سياسيًا، حيث استخدم الحكام هذه المناسبات لتقوية شرعيتهم والتقرب من الشعب. خلال العصر العثماني (1517-1798م)، حرص الولاة العثمانيون على تنظيم احتفالات رسمية تتخللها مواكب ضخمة تجوب شوارع القاهرة، حيث كان العيد فرصة لاستعراض قوة السلطة والتأكيد على استقرار الحكم. كما استُخدمت الأعياد لإصدار قرارات العفو عن بعض المساجين وتوزيع الرواتب الإضافية على الجنود، وهو نهج استمر حتى العصر الحديث، حيث درجت الأنظمة الحاكمة على استغلال العيد لتعزيز شعبيتها عبر تقديم الإعفاءات والعطايا الرمزية (الجبرتي، "عجائب الآثار في التراجم والأخبار").
برزت خلال هذه العصور بعض العادات التي صارت أيقونية في الاحتفال بعيد الفطر، مثل إعداد "كعك العيد"، وهو تقليد يعود إلى العصر الفاطمي، حيث كانت الدولة تشرف على توزيعه على العامة، وكانت تُنقش عليه عبارات مثل "كل واشكر". كما أن الخروج إلى الصلاة في الساحات العامة ظل سمة أساسية للعيد منذ العصر الإسلامي المبكر، لكنه اكتسب أبعادًا سياسية في بعض الفترات، إذ كانت ساحات العيد مكانًا لإظهار الولاء للحاكم عبر الخطابات الرسمية والمواكب الاحتفالية (المقريزي، "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"). أما إعطاء العيدية، فيعود أصلها إلى العصر المملوكي، حيث كان السلاطين يوزعون النقود والهدايا على الجنود وكبار المسؤولين، قبل أن تتحول العيدية إلى عادة اجتماعية متوارثة بين الأسر، تعبيرًا عن الفرح والتواصل بين الأجيال (ابن تغري بردي، "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة").
ومع دخول مصر العصر الحديث، شهدت احتفالات العيد تحولات كبيرة متأثرة بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. في عهد محمد علي باشا (1805-1848م)، أصبحت الاحتفالات أكثر تنظيمًا، مع إصدار قرارات خاصة بالعطلات الرسمية والمواكب السلطانية. ومع انتشار وسائل الإعلام في القرن العشرين، أصبح العيد مناسبة لترويج الخطابات السياسية، حيث استُخدمت الإذاعة والتلفزيون في بث خطب القادة وتحياتهم للمواطنين، كما ازدادت المظاهر التجارية المرتبطة بالعيد، مثل بيع الملابس الجديدة والحلويات، مما جعل العيد يتحول تدريجيًا من مناسبة دينية ذات طابع اجتماعي إلى موسم اقتصادي وثقافي واسع التأثير (رشيد، "التغيرات الاجتماعية في مصر الحديثة").

الدولة والاحتفال بالعيد: 

لطالما استغلت الأنظمة السياسية في مصر عيد الفطر لتعزيز شرعيتها أمام الشعب، حيث تحولت هذه المناسبة الدينية إلى فرصة لإظهار قرب السلطة من المواطنين وترسيخ مفهوم "الحاكم الأبوي". فمنذ العصر المملوكي، كان السلاطين يستغلون العيد لإقامة الاحتفالات الضخمة، والتي تضمنت توزيع الأموال والهدايا على العامة، في محاولة لضمان ولاء الشعب وإظهار سخاء الدولة (ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور). ومع دخول العصر الحديث، استخدمت الدولة العيد كأداة لخلق حالة من التوافق الوطني، فعلى سبيل المثال، كان الملك فؤاد والملك فاروق يحرصان على حضور صلاة العيد وسط الجماهير، والتقاط الصور أثناء توزيع العيديات على الأيتام، وهو نهج استمر لاحقًا مع الرؤساء المصريين في فترات الجمهورية (الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار).
من أبرز ممارسات الدولة في توظيف العيد سياسيًا تنظيم مواكب العيد الرسمية، والتي بدأت منذ العصور الفاطمية واستمرت بأشكال مختلفة حتى اليوم. في العصر العثماني، كان والي مصر يخرج في موكب رسمي بعد صلاة العيد، ترافقه شخصيات الدولة وأمراء الجيش، كإشارة إلى استقرار السلطة وإظهار قوتها أمام العامة (المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار). أما في العصر الحديث، فقد تحولت هذه المواكب إلى زيارات رسمية للمؤسسات الاجتماعية ودور الأيتام والمستشفيات، حيث يسعى القادة إلى تقديم أنفسهم على أنهم قريبون من الشعب، وهي ممارسة واضحة في احتفالات العيد التي تواكبها التغطية الإعلامية المكثفة.
كما يُعدّ الإفراج عن المساجين في العيد أحد أهم الإشارات الرمزية التي تستخدمها السلطة السياسية لإظهار التسامح والقوة في آنٍ واحد. هذه العادة ترجع جذورها إلى العصر الإسلامي المبكر، لكنها أصبحت ممارسة ثابتة في التاريخ المصري الحديث، حيث يصدر رئيس الجمهورية قرارات بالعفو عن بعض المسجونين بمناسبة العيد، خاصة في القضايا ذات الطابع غير السياسي. هذه الخطوة تُستخدم لتعزيز صورة النظام كجهة رحيمة، في محاولة لكسب تأييد فئات اجتماعية مختلفة (رشيد، السياسة والمجتمع في مصر الحديثة). إضافة إلى ذلك، فإن هذه القرارات غالبًا ما تُوظف سياسيًا، حيث تُستخدم لتهدئة الأوضاع الداخلية في فترات التوتر السياسي.
أما الإعلام الرسمي، فقد لعب دورًا محوريًا في إبراز صورة الحاكم القريب من الناس خلال العيد. فمنذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، أصبحت التهاني الرئاسية وبث خطب العيد عبر الإذاعة والتلفزيون تقليدًا ثابتًا، حيث ظهر عبد الناصر أكثر من مرة وهو يؤدي صلاة العيد وسط المواطنين، في رسالة رمزية إلى بساطة الحاكم وانتمائه للشعب. استمر هذا النهج في عهد السادات ومبارك، حيث ركزت وسائل الإعلام على تصوير زيارات المسؤولين لدور الأيتام والمستشفيات، في محاولة لإظهار تلاحم الدولة مع الفئات الأكثر احتياجًا (حسين أمين، الإعلام والسلطة في مصر). وفي العصر الرقمي، باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في إعادة إنتاج هذه الصورة، من خلال نشر صور القادة وهم يؤدون صلاة العيد، أو يهنئون الشعب عبر المنصات الإلكترونية، مما يعكس استمرار استخدام العيد كأداة للترويج السياسي.

التحولات الحديثة في احتفال المصريين بالعيد

تختلف مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في مصر بين الريف والحضر، حيث لا تزال القرى تحتفظ بالكثير من العادات التقليدية التي تراجعت في المدن الكبرى. في الريف، يستمر التركيز على التجمعات العائلية الممتدة، وصلاة العيد في الساحات المفتوحة، وتحضير الأطعمة المنزلية مثل الفطير والمخبوزات التقليدية، بينما في المدن أصبح العيد أكثر فردية واستهلاكية، حيث يفضل الكثيرون قضاء العطلة في المولات التجارية أو السفر إلى المنتجعات الساحلية (غالي، التغيرات الاجتماعية في مصر المعاصرة). كما أن الأعياد في الريف لا تزال تحمل بعدًا مجتمعيًا قويًا، حيث تكثر الزيارات بين الجيران، ويتمسك الأهالي بتقاليد مثل زيارة المقابر صباح العيد، وهي طقوس تراجعت في المدن مع تسارع نمط الحياة الحديثة.
أثرت العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ على شكل الاحتفال بالعيد في مصر، حيث تحولت بعض العادات التقليدية إلى ممارسات رقمية. على سبيل المثال، حلت التهاني الإلكترونية ورسائل "واتساب" و"فيسبوك" محل الزيارات العائلية التقليدية، وأصبح تقديم العيديات يتم أحيانًا عبر التحويلات البنكية أو التطبيقات المالية بدلًا من تبادل العملات الورقية، وهو ما يعكس تحول العيد إلى تجربة أكثر رقمية (Castells، The Rise of the Network Society، 1996). كما لعبت وسائل الإعلام الحديثة دورًا في تصدير أنماط احتفالية جديدة، مثل السفر للخارج خلال العيد، أو إقامة حفلات ضخمة للفنانين، مما أوجد فجوة بين الاحتفال التقليدي والممارسات العصرية التي باتت أكثر انتشارًا بين الطبقات الشابة والميسورة.
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، تأثر الاحتفال بالعيد في مصر بشكل واضح، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى تقليص الإنفاق على الملابس الجديدة، والحلوى، والخروجات العائلية، وهو ما انعكس على طقوس العيد التقليدية. تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يشير إلى أن متوسط إنفاق الأسرة المصرية على الكعك وحلويات العيد انخفض بنسبة 30% في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام (التعبئة والإحصاء، تقرير 2024). كما أن ارتفاع أسعار وسائل الترفيه مثل السينما والملاهي جعل الكثير من الأسر تعتمد على الأنشطة الأقل تكلفة، مثل زيارة الحدائق العامة أو مشاهدة الأفلام في المنزل، مما غيّر شكل العيد خاصة لدى الطبقات المتوسطة والفقيرة.
في السياق السياسي، أصبح العيد ساحة للجدل حول دور الدولة في دعم المواطن في ظل الأزمة الاقتصادية. فبينما تُعلن الحكومة عن إجراءات مثل زيادة المرتبات أو تقديم معونات محدودة في هذه الفترة، يرى البعض أنها محاولات رمزية لا تعالج المشكلات الهيكلية في الاقتصاد (المصري اليوم، تقرير اقتصادي 2024). كما أن هناك انتقادات متزايدة لغياب الفعاليات العامة التي كانت تُنظم سابقًا خلال العيد، مثل الحفلات المجانية أو العروض في الميادين الكبرى، حيث يُنظر إلى ذلك على أنه تراجع في دور الدولة في خلق مناخ احتفالي مشترك (الشروق، مقال رأي 2023). وبينما تستمر بعض الأسر في الاحتفال رغم الضغوط، فإن الطابع الاقتصادي والسياسي للعيد بات أكثر حضورًا في النقاشات العامة، مما يعكس كيف أن هذه المناسبة لم تعد مجرد تقليد ديني واجتماعي، بل صارت مرآة للتحولات العميقة التي تمر بها مصر.

رمزية العيد في الحراك الشعبي والمقاومة

على مدار التاريخ، لم يكن العيد مجرد مناسبة دينية واجتماعية، بل تحوّل في بعض الفترات إلى ساحة لإظهار الاحتجاجات والتعبير عن التحولات السياسية، خاصة بعد الثورات أو التغيرات الكبرى في الحكم. في مصر، شهد عيد الفطر بعد ثورة 1919 احتفالات ممزوجة بروح الثورة، حيث خرجت المسيرات الاحتفالية حاملة صور سعد زغلول والهتافات ضد الاحتلال البريطاني، ما جعل العيد يتجاوز كونه مناسبة دينية ليصبح لحظة وطنية جامعة (طه، الحركات الوطنية في مصر الحديثة). بعد ثورة 25 يناير 2011، أخذ العيد بعدًا سياسيًا جديدًا، حيث تحوّلت صلاة العيد في بعض الساحات إلى تجمعات سياسية، رُفعت فيها لافتات تطالب باستكمال الثورة، كما استخدمت بعض القوى السياسية العيد كفرصة لإعادة الحشد الجماهيري (السيد، الثورات العربية: ديناميات التغيير).
لطالما كان العيد موسمًا لعودة الخطابات الوطنية والدينية، حيث تستغل الأنظمة الحاكمة ورجال الدين هذه المناسبة لتوجيه رسائل ذات طابع سياسي أو اجتماعي. في العصور الإسلامية المبكرة، كانت خطب العيد تحمل مضامين تعبوية تدعو للجهاد أو الطاعة للحاكم (المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار). ومع تطور الدولة الحديثة، أصبح العيد فرصة لبث خطاب الوحدة الوطنية، ففي عهد الرئيس جمال عبد الناصر، كانت خطب العيد تركز على القومية العربية والصراع مع إسرائيل، بينما استخدم الرئيس السادات خطب العيد للترويج لسياساته، خاصة بعد انتصار أكتوبر 1973 (هيكل، سنوات الغليان). حتى اليوم، تستمر هذه الممارسة، حيث يُستخدم العيد لتوجيه رسائل سياسية، سواء عبر الخطب الرسمية أو البرامج الإعلامية، لتعزيز صورة السلطة وتعميق الشعور بالانتماء الوطني.
من جهة أخرى، أدركت القوى السياسية أهمية العيد كوسيلة لتجييش الشارع سياسيًا، خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي استغلّت هذه المناسبة لحشد أنصارها وإظهار قوتها. ففي فترة حكم الجماعة لمصر (2012-2013)، نظّمت صلاة العيد في ميادين رئيسية مثل "رابعة العدوية"، حيث رُفعت شعارات دعم الرئيس محمد مرسي، ما أعطى العيد بُعدًا سياسيًا غير مسبوق (عز الدين، الإسلاميون والسلطة في مصر). كما استخدمت الأحزاب السياسية العيد لعقد لقاءات جماهيرية، أو تقديم مساعدات للأسر الفقيرة لتعزيز شعبيتها، وهي ممارسة استمرت حتى بعد سقوط حكم الإخوان، حيث لجأت الجماعة إلى استخدام العيد كفرصة لتنظيم تظاهرات صغيرة في بعض المناطق احتجاجًا على النظام الحاكم.
أما الأنظمة السياسية، فقد تعاملت مع هذه الظاهرة إما بالقمع أو الاحتواء، حيث شهدت بعض أعياد ما بعد الثورات تواجدًا أمنيًا مكثفًا لمنع أي تحركات احتجاجية. في عيد الفطر 2013، وبعد فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، حاول أنصار الإخوان استغلال صلاة العيد لإعادة التظاهر، ما أدى إلى مواجهات أمنية في بعض المحافظات (الأهرام، تقرير عيد الفطر 2013). على الجانب الآخر، استخدمت الدولة العيد لإعادة توجيه المشهد السياسي، عبر بثّ مشاهد الاحتفالات الرسمية، وتنظيم فعاليات وطنية تهدف إلى تعزيز سردية الاستقرار، وهو ما يعكس كيف أن العيد لم يعد مجرد طقس ديني، بل أداة ضمن توازنات القوى في المجال العام المصري.

المستقبل: هل يفقد العيد معناه التقليدي؟

مع تصاعد الأزمات الاقتصادية، باتت قدرة المصريين على الاحتفال بالعيد كما كان سابقًا تتعرض لتحديات متزايدة. فالارتفاع المستمر في الأسعار أدى إلى تراجع مظاهر البذخ التي كانت تميز العيد، مثل شراء الملابس الجديدة، وصناعة كعك العيد في المنازل، والتنزه العائلي في الأماكن العامة. وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2024)، فإن نسبة الإنفاق الأسري على مستلزمات العيد تراجعت بنسبة 25% مقارنة بالسنوات الماضية، ما يعكس ضغوطًا اقتصادية متزايدة تدفع الأسر إلى تقليص احتفالاتها (التعبئة والإحصاء، تقرير 2024). هذا التحول الاقتصادي لا يؤثر فقط على العادات، بل أيضًا على الشعور العام ببهجة العيد، حيث بات يُنظر إليه لدى بعض الفئات كعبء مالي أكثر من كونه مناسبة احتفالية.
ورغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، فإن بعض العادات الأصيلة لا تزال صامدة في مواجهة التحولات الحديثة، مما يطرح التساؤل حول ما إذا كان العيد يفقد معناه التقليدي أم يتطور بشكل مختلف. العيدية، صلاة العيد، وزيارات الأقارب لا تزال قائمة، حتى لو تغيرت أشكال ممارستها. على سبيل المثال، في ظل الغلاء، لجأت بعض الأسر إلى استبدال الكعك الفاخر بالحلويات البسيطة، أو تقليل قيمة العيديات للأطفال، لكن المبدأ ذاته لم يختفِ (الشافعي، التحولات الثقافية في المجتمع المصري). ورغم انخفاض عدد الزيارات العائلية بسبب تسارع نمط الحياة، فإن المصريين لا يزالون يحرصون على لمّ الشمل خلال العيد، وإن كان ذلك عبر مكالمات الفيديو أو الرسائل النصية، مما يعكس قدرة التقاليد على التكيف مع التغيرات.
لكن في المقابل، هناك مؤشرات على أن العيد أصبح يتحول تدريجيًا إلى "موسم اقتصادي" أكثر من كونه ظاهرة اجتماعية. فمع توسع ثقافة الاستهلاك، باتت الشركات تستغل العيد كفرصة لزيادة المبيعات، من خلال حملات إعلانية مكثفة، وعروض خاصة على الملابس والحلويات والترفيه. وأصبح التركيز على الجانب الاستهلاكي للعيد، مثل التسوق والسفر، أكثر وضوحًا في المدن الكبرى، حيث تنتعش الأسواق والمولات التجارية خلال الأيام السابقة للعيد، مما يجعل الاحتفال بالمناسبة مرتبطًا بالقدرة الشرائية أكثر من ارتباطه بالروح الاجتماعية والتقليدية للعيد (Castells، The Rise of the Network Society، 1996).
في هذا السياق، لعب الإعلام الجديد دورًا رئيسيًا في إعادة صياغة صورة العيد، وتحويله من مناسبة روحية واجتماعية إلى منتج استهلاكي. وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت طريقة تفاعل الناس مع العيد، حيث أصبح التركيز على نشر صور الاحتفال أكثر من معايشته فعليًا. فبدلًا من التجمعات العائلية الكبيرة، بات البعض يهتم بإظهار تجربته الشخصية في العيد عبر "إنستغرام" و"فيسبوك"، مما يعزز النزعة الفردية في الاحتفال (المصري اليوم، تقرير 2023). كما أن انتشار الإعلانات الرقمية والمحتوى الترويجي جعل العيد يُختزل أحيانًا في صورة عروض تسوق وسفر، بدلًا من كونه فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية، مما يثير التساؤل حول مستقبل العيد في ظل هذه التغيرات.
 

مقالات مشابهة

  • 7ملايين مستحق بجميع المحافظات.. مصر الخير تنجح في إفطار صائم للعام الـ13 على التوالي
  • الدفاع المدنى بغزة: العثور على جثمان 15 شهيدا فقدوا منذ أيام
  • الحكومة تستعد لعيد الفطر بجميع المحافظات| استمرار إنتاج الخبز وفتح منافذ السلع ..تفاصيل
  • في آخر أيام شهر رمضان الكريم.. «الداخلية» تواصل توزيع وجبات إفطار على الصائمين
  • الداخلية تواصل فعاليات مبادرة «كلنا واحد» بأسعار مخفضة
  • من الأحد للثلاثاء.. مبادرات طبية للكشف المجاني خلال أيام عيد الفطر بسيوة |تفاصيل
  • نار الغلاء تشتعل في بيت الحكومة المغربية.. فهل تؤثر على انسجامها؟
  • المنافذ الجمركية تسجل 1320 حالة ضبط خلال أسبوع
  • جمعية عين: فتح المجمعات الاستهلاكية أيام العيد يعزز استقرار السوق والأسعار
  • عيد الفطر في مصر.. بين طقوس الاحتفال ومعادلات السياسة والمجتمع