الخرطوم- لم يكن بوسع بثينة آدم مغادرة مدينة بحري (شمالي العاصمة الخرطوم) عقب اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، لتعيش مواجهة شح المؤن الغذائية، وانقطاع الكهرباء والمياه للشهر الثالث على التوالي.

وفي الوقت الذي آثر فيه بعض سكان الخرطوم البقاء في منازلهم، حالت الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار العقارات في الولايات دون خروج آخرين.

وأدت المعارك المستمرة بين الجيش والدعم السريع -خاصة في المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة بينهما- إلى إغلاق المحلات التجارية وصعوبة الحركة مع الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مناطق تقع تحت سيطرتها.

وتعد بعض مناطق شمالي وجنوبي ووسط الخرطوم وأحياء في مدينة أم درمان من أكثر المناطق التي تشهد معارك بين الطرفين.

ويُقر وزير التنمية الاجتماعية أحمد آدم بخيت بصعوبة إحصاء أعداد العالقين في الخرطوم، لعدم ثبات حركة النازحين منها عند احتدام المعارك.


فجوة غذائية وعقبات أمام المساعدات

وفي حديث للجزيرة نت، دعا أحمد آدم المانحين إلى مضاعفة الجهود لسد الفجوة في المساعدات الإنسانية والصحية، حيث وصل من المساعدات نحو 20 ألف طن من المواد الغذائية والصحية، بينما هناك حاجة لـ300 ألف طن، خاصة مع استحضار المتغيرات في الأشهر الستة المقبلة.

وتعد ولاية الخرطوم -حسب وزير التنمية الاجتماعية- من أكثر المناطق تضررًا بالحرب.

وقال الوزير آدم إن التحدي الأمني ظل يحول دون وصول المساعدات لمستحقيها وأحيانا يتم اعتراضها بواسطة من سماهم متمردي الدعم السريع، بينما تمثل قلة المساعدات تحديا آخر قياسا بالأعداد التي غادرت للولايات، وأعداد المتواجدين في العاصمة.

وأضاف "استطعنا بالتنسيق مع برنامج الغذاء العالمي والهلال الأحمر السوداني إرسال شحنات لمدينة أم درمان عبر حدودها الشمالية مع ولاية نهر النيل".

وعبر التنسيق مع اليونيسيف ولجان الأحياء، تمكنت الوزارة من إرسال مساعدات لمناطق جنوبي الخرطوم عبر حدودها مع ولاية النيل الأبيض.

الموت جوعا

من جانبه، قال المتحدث باسم لجان مقاومة الخرطوم فضيل عمر إنهم رصدوا حالتي وفاة من الجوع لامرأتين في الخرطوم، مشيرًا إلى صعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب المخاطر الأمنية التي قد تتطور لاغتيالات، خاصة بعد ظهور العصابات المسلحة.

وأضاف للجزيرة أن الخرطوم تشهد انعداما تدريجيا في السلع الاستهلاكية مع تضرر شبكات الاتصالات والمياه والكهرباء، كما يؤدي انقطاع الإمدادات الغذائية وعدم وجود ممرات آمنة إلى تفاقم الأوضاع، "وقد نشهد وفاة كثيرين بالجوع إذا استمر الوضع على هذا النحو".

أما منسق الإعلام بالهلال الأحمر هيثم إبراهيم فيصف الوضع بالصعب، في ظل توقف أعمال المواطنين وعدم وجود ممرات إنسانية آمنة واستمرار المعارك.

وقال هيثم -للجزيرة نت- إن جملة المواد الغذائية الموزعة بالخرطوم بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي بلغت حتى الآن 1300 طن، متوقعًا أن تُغطي خطة التوزيع خلال الفترة القادمة أكثر من 40 ألف أسرة.


وضع كارثي 

وعن منطقة جنوب الحزام التي تقع تحت مرمى نيران الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع، قال المتحدث باسم غرفة طوارئ جنوب الحزام محمد كندشة إن الوضع الغذائي أشبه بالكارثي، حيث أغلقت معظم المتاجر أبوابها، ويعتمد بعض السكان على مواد تموينية متوفرة لديهم، وأخرى من السوق المركزي، ولا منفذ غذائيا آخر.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار كندشة إلى انعدام الحياة في الأحياء الشرقية والغربية في الأزهري، حيث احتلتها قوات الدعم السريع.

ويقول كندشة إن مناطق جنوب الحزام تشهد نقصًا حادا في المواد الغذائية، محذرًا من حدوث مجاعة في المنطقة إذا استمرت هذه الأوضاع شهرًا آخر.

وألقت الحرب بظلالها على القطاع الصحي؛ مما أدى إلى خروج المستشفيات في الخرطوم عن الخدمة، باستثناء 5 مستشفيات تقدم خدمات جراحية.

ويقول سكرتير نقابة أطباء السودان عطية عبد الله إن الإمداد الدوائي انقطع عن المستشفيات وتسرب للسوق السوداء.

وكشف عطية عن تكدس الجثث في المشارح مع انقطاع التيار الكهربائي أياما، وأخرى ما زالت على قارعة الطريق.

وحول إحصاءات أعداد القتلى والمصابين في الخرطوم منذُ بدء الحرب يقول عطية إنه من دون ممرات آمنة لا توجد إحصاءات حقيقية.

العودة للمنازل

ورغم الأوضاع الأمنية والإنسانية غير المستقرة التي تشهدها بعض مناطق العاصمة، يسود الاستقرار مناطق أخرى، وسط دعوات غير رسمية للمواطنين للعودة إلى أحيائهم.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله إن القوات المسلحة لم تطلق دعوات لعودة المواطنين للأحياء "بل هي نداءات في الوسائط من قِبل مجموعات شعبية، وهو أمر جيد لجهة أن التمرد سعى لتهجير المواطنين من أحيائهم وحولها لقواعد عسكرية، كما اتبع سياسة وضع اليد على الممتلكات الخاصة للمواطنين".

وفي حديث للجزيرة نت، يرى عبد الله أن عودة المواطنين تقطع الطريق أمام المتمردين للسيطرة على المنازل ومحاولة التهجير قسرًا.

وتابع "هناك مناطق خالية من المتمردين، في شمالي أم درمان ومحلية كرري، والخرطوم وبحري، وبالتالي ليس هناك مبرر لخروج أصحابها منها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت فی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

برنامج الغذاء: نصف العائلات في شمال اليمن لا تتناول ما يكفيها من طعام

كشف برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، أنّ "الحرمان الحاد من الغذاء" بلغ ذروته في عدد من مناطق الشمال في اليمن، من بينها الجوف والبادية ولحج وعمران والحديدة.

 

وقال البرنامج في تقرير حديث له أن أكثر من نصف عائلات اليمن لا تتناول ما يكفيها من طعام، بسبب سوء الظروف الاقتصادية، بالإضافة إلى توقّف الإمدادات الغذائية منذ أشهر عن ملايين المواطنين في الشمال.

 

وأفاد برنامج الأغذية العالمي، أنّ الجزء الجنوبي من اليمن، الخاضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، شهد كذلك "مستويات تاريخية" من استهلاك غير كاف للغذاء.

 

يُذكر أنّ البرنامج كان قد أعلن، في ديسمبر الماضي، أنّ "عمليات توزيع المساعدات الغذائية العامة في مناطق سيطرة الحكومة سوف تستمرّ، مع التركيز بشكل أكبر على العائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً، بما يتماشى مع التغيّرات في الموارد" المعلن عنها في وقت سابق.

 

وبيّن برنامج الأغذية العالمي، اليوم، أنّ المواد الغذائية الأساسية كانت متوفّرة في الأسواق بكلّ أنحاء اليمن في شهر مايو/ أيار الماضي، لكنّ المجتمعات الأكثر فقراً لم تكن قادرة على تحمّل تكاليفها.

 

ولفت إلى ارتفاع أسعار السكر والزيت النباتي ودقيق القمح والفاصولياء الحمراء. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأحوال في اليمن تدهورت وسط الحرب التي اجتاحته وقسّمته ابتداءً من عام 2014، والتي دفعت الاقتصاد إلى حافة الانهيار، الأمر الذي أثّر في الصادرات وقيمة العملة المحلية، وتسبّب في أزمة اقتصادية إنسانية كبيرة.

 

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أوقف مساعداته الغذائية في شمال اليمن "مؤقتاً" في أوائل ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسبب محدودية التمويل وعدم التوصّل إلى اتفاق مع سلطات صنعاء (الحوثيون) من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للعائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً.

 

وأضاف أنّ "القرار الصعب" الذي اتُّخذ بالتشاور مع الجهات المانحة أتى "بعد ما يقرب من عام من المفاوضات، التي لم يجر خلالها التوصّل إلى اتفاق لتخفيض عدد اليمنيين المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 ملايين شخص إلى 6.5 ملايين".

 

وأوضح البرنامج التابع للأمم المتحدة، في ذلك الحين، أنّ مخزون الغذاء بدأ بالنفاد في المناطق الخاضعة لسلطات صنعاء بصورة كاملة تقريباً، مشيراً إلى أنّ استئناف المساعدات الغذائية حتى في حال التوصّل إلى اتفاق فوري مع السلطات، وهو ما لم يحصل، قد يستغرق نحو أربعة أشهر بسبب انقطاع سلسلة إمداد المساعدات الغذائية الإنسانية.

 

 وأضاف أنّه سوف يواصل برامجه المتعلقة بتعزيز القدرة على الصمود، وسبل العيش والتغذية، والوجبات المدرسية، من أجل "الحدّ من تأثير التوقّف المؤقت لتوزيع الأغذية"، علماً أنّ ذلك "مرهون بتوفّر التمويل اللازم وكذلك بتعاون سلطات صنعاء".

 

وبحسب بيانات الأمم المتحدة لعام 2023، فإنّ اليمن يشهد "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، إذ يحتاج نحو 23.7 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية، بمن فيهم نحو 13 مليون طفل، إذ إنّ سنوات النزاع القائم في البلاد جعلت الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية على حافة الهاوية.


مقالات مشابهة

  • غزة.. بين الموت قصفاً والموت جوعاً..!
  • الجيش السوداني يعلن تحرير نساء من قبضة الدعم السريع
  • جوع وعطش وتكدس نفايات.. الوضع الإنساني يزداد مأساوية في جباليا
  • قتلى وجرحى بسبب هجوم «الدعم السريع » على قرى الكنابي بالجزيرة
  • البندقية التي تقتل السودانيين.. ماذا تريد من الأرض؟
  • برنامج الغذاء: نصف العائلات في شمال اليمن لا تتناول ما يكفيها من طعام
  • اتهامات متبادلة بين الجيش والدعم السريع بتفجير جسر في الخرطوم وقتلى بالفاشر
  • حرب السودان.. تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جزء من جسر رئيسي في الخرطوم   
  • الجيش يتهم «الدعم السريع» بتدمير الجزء الشرقي لجسر الحلفايا