من أول من جمع الناس لصلاة التراويح؟.. باحث في التراث الإسلامي يجيب
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
من أول من جمع الناس لصلاة التراويح؟.. سؤال يخطر على أذهان كثير من الناس مع حلول شهررمضان المبارك، الذي تحل معه صلاة التراويح، وهي سنة مؤكدة في ليالي شهر رمضان الكريم، وقد ورد أصل سنيتها عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولِهِ وفَعْلِهِ؛ زيادةً في الأجر وتعظيمًا للثواب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وقال ياسر سلمي، الباحث في التراث الإسلامي، لـ«الوطن»، إن هناك عددا من الأسئلة التي تشغل بال كثير من الناس وتدور في عقلهم خاصة في شهر رمضان المبارك، ومنها سؤال من أول من جمع الناس لصلاة التراويح، موضحا أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أول من جمع الناس لصلاة التراويح.
وتابع: وذلك لمورد عن عبدَ الرَّحمنِ بنَ عبدٍ القاريَّ - وَكانَ في عَهْدِ عمرَ بنِ الخطَّابِ معَ عبدِ اللَّهِ بنِ الأرقمَ علَى بيتِ المالِ - أنَّ عمرَ خرجَ ليلةً في رمضانَ فخرجَ معَهُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عبدٍ القاريُّ فطافَ بالمسجِدِ وأَهْلُ المسجدِ أوزاعٌ متفرِّقونَ، يصلِّي الرَّجلُ لنفسِهِ، ويصلِّي الرَّجلُ، فيصلِّي بصلاتِهِ الرَّهطُ، فقالَ عُمَرُ: واللَّهِ إنِّي أظنُّ لَو جمعنا هؤلاءِ علَى قارئٍ واحدٍ لَكانَ أمثلَ، ثمَّ عزمَ عمرُ علَى ذلِكَ، وأمرَ أُبيَّ بنَ كعبٍ أن يقومَ لَهُم في رَمضانَ فخرجَ عمرُ علَيهم والنَّاسُ يصلُّونَ بصلاةِ قارئِهِم، فقالَ عمر: نِعمَ البدعةُ هيَ، والَّتي تَنامونَ عنها أفضلُ منَ الَّتي تَقومونَ - يريدُ آخرَ اللَّيلِ - فَكانَ النَّاسُ يقومونَ أوَّلَهُ، وَكانوا يَلعنونَ الكفرةَ في النِّصفِ: اللَّهمَّ قاتِلِ الكفَرةَ الَّذينَ يصدُّونَ عن سبيلِكَ، ويُكَذِّبونَ رسُلَكَ، ولا يؤمِنونَ بوعدِكَ، وخالِف بينَ كلمتِهِم، وألقِ في قلوبِهِمُ الرُّعبَ، وألقِ عليهم رِجزَكَ وعذابَكَ، إلَهَ الحقِّ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ويَدعو للمسلمينَ بما استطاعَ من خَيرٍ ثمَّ يستغفرُ للمؤمنينَ، قال: وَكانَ يقولُ إذا فرغَ من لَعنةِ الكفرةِ وصلاتِهِ علَى النَّبيِّ، واستغفارِهِ للمؤمنينَ والمُؤْمِناتِ ومسألتِهِ: اللَّهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونحفِدُ، ونرجو رحمتَكَ ربَّنا، ونخافُ عذابَكَ الجِدَّ، إنَّ عذابَكَ لمن عاديتَ مُلحِقٌ ، ثمَّ يُكَبِّرُ ويَهْوي ساجدًا.
ولفت سلمي خلال إجابته عن من أول من جمع الناس لصلاة التراويح إلى أن الخَليفةُ عمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه حَريصًا على أنْ يُحْيِيَ السُّننَ ويُمِيتَ البِدَعَ، ويُحارِبُ كلَّ ما يَدْعو إلى تَفرُّقِ النَّاسِ وتَشتُّتِهم، وقدْ أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باتِّباعِ سُنةِ الخُلفاءِ الرَّاشدينَ مِن بعْدِه.
صلاة التراويحوأوضح الباحث في التراث الإسلامي أن صلاة التراويح هي سنة مؤكدة فورد عن أبي بكرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صلاة التراويح عمر بن الخطاب ى الله
إقرأ أيضاً:
مع كثرة الشيوخ والفتاوى.. من نتبع؟ ومن نسمع؟
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن أحد السائلين سأله قائلًا:من نتبع؟ ومن نسمع؟
فأجب جمعة: "اسمع العلماء، اسمع هذا الذي قضى ثلاثين عامًا أو أربعين عامًا في طلب العلم الشرعي الصحيح؛ لأنه صاحب منهج وسطي، كما قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [البقرة: 143]".
عندما يخرج أحدهم ويريد أن يتدين، ويظن أنه بتدينه قد تعلم، فهو مخطئ. العلم له أركانه، ولابد أن يكون العلم على يد أستاذ. فإذا فقدت الأستاذ والشيخ، فكيف تتعلم؟! هل تتعلم من الكتاب فقط؟ أين العلوم المساعدة؟ من الذي امتحنك؟ من الذي أجازك؟ وبأي درجة؟ وفي أي مستوى؟ وفي أي تخصص؟
لذلك لابد أن نتعلم من أهل العلم الموثوقين. مؤسسات التعليم مفتوحة، وليس من التعلم أن تقرأ الكتاب على سريرك. من أنت؟ لهذا السبب اهتم الأمريكيون جدًا عندما أرادوا أن يتحدثوا عن العلم بمنهج "Who is who" - أي: من هذا؟ - وصنعوا مجلدات ليترجموا لكل إنسان، ولا يقبلون إلا ممن لديه مرجع موثوق.
قال الله تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال أيضًا: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ، وقال : {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } وفسرها العلماء بأنها تشير إلى أهل العلم.
وتابع جمعة: إذًا، لابد أن تكون لنا مرجعية، وهذه المرجعية هي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، بقراءة العلماء المعتبرين، وليس باتباع الأهواء أو المتشددين. فقد قال رسول الله ﷺ : "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق"، وقال ﷺ : "من رغب عن سنتي فليس مني"، وقال ﷺ : "هلك المتنطعون"، وقال ﷺ : "إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه" .
وقال الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وقال أيضًا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. وقال رسول الله ﷺ : "إنما أنا رحمة مهداة"، وقال ﷺ : "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
لكننا نجد بعض المتشددين يخرجون بجفاء في وجههم وشعث في لحاهم، يدعون أنهم على سنة رسول الله، فينفرون الناس من هذا الدين العظيم. وحاشا رسول الله ﷺ أن يكون مثاله كذلك.
لقد كان رسول الله ﷺ أجمل الناس وأرحمهم وأرفقهم. كان يتبسم ويضحك حتى تظهر نواجذه - أضراس العقل -، وكان يحب كل شيء جميل. وقال ﷺ : "إن الله جميل يحب الجمال".
هذا التشدد المقيت لا يناسب الدين، ولا ينتمي إلى الإسلام، ولا إلى العصر. بل إنه حائل وحاجز بين الناس وخالقهم. هؤلاء يصدون عن سبيل الله بغير علم، لأنهم أحبوا الزعامة والتصدر، وأرادوا أن يتشبعوا بما ليس فيهم.
قال رسول الله ﷺ : "من غشنا فليس منا" ، وقال : "المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور".
إنهم يدّعون العلم، وهم ليسوا علماء. وهذا ما يسميه أهل العلم "الشغب". كثير من الناس الطيبين يصدقونهم لأنهم يرونهم بلحاهم وملابسهم التي يدّعون بها العلم. لكن أين القرآن؟ وأين السنة؟
هؤلاء إذا ذهبوا إلى القرآن والسنة، فإنهم يأخذون بظاهر النصوص، لا بحقيقتها، فيخطئون في الفهم. ثم يتصدرون قبل أن يتعلموا، ويتحدثون قبل أن يتفقهوا.
فإنا لله وإنا إليه راجعون