فرنسا تحت ضغط مغربي بعد اعتراف إسرائيل بسيادة الرباط على الصحراء الغربية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
الرباط – (أ ف ب) – تتزايد ضغوط المغرب على فرنسا لكي تحذو حذو إسرائيل التي اعترفت مؤخرا بسيادة المملكة على الصحراء الغربية المتنازع عليها، في ظل أزمة مستمرة بين الرباط وباريس. تشهد علاقات الحليفين التاريخين منذ عدة أشهر جفاء يكرسه فراغ منصب سفير المغرب في باريس، رغم نفي مسؤولين فرنسيين وجود أزمة مع الرباط.
ولا تقدم الأخيرة أي تفسيرات رسمية حول الأزمة. يعود أصل التوتر الحاد إلى قرار السلطات الفرنسية عام 2021 خفض عدد تأشيرات الدخول للمغاربة على خلفية رفض المملكة إعادة مهاجرين غير مرغوب فيهم، وقد تراجعت باريس عن قرارها في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وسرعان ما تعمق الجفاء في كانون الثاني/يناير عندما تبنى النواب الأوروبيون قرارا ينتقد تدهور حرية الصحافة في المغرب، اعتبرته الرباط مؤامرة “دبرها” نواب حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في البرلمان الأوروبي. قبل ذلك، اتُهم المغرب في تحقيق نشرته وسائل إعلام دولية صيف 2021 باستعمال برمجية “بيغاسوس” الإسرائيلية للتجسس على هواتف سياسيين فرنسيين بينهم الرئيس ماكرون، وهو اتهام نفته الرباط. كما أن من أسباب التوتر محاولات باريس، غير المجدية حتى الآن، المصالحة مع الجزائر الخصم الرئيسي للمغرب. لكن الرباط تلوم فرنسا خصوصا على عدم حذوها حذو كل من الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين اعترفتا “بمغربية” الصحراء الغربية، والتي تعد “قضية وطنية” في المملكة. في هذا الصدد، يرى أستاذ العلوم السياسية عبد المغيث بنمسعود تريدانو أن “العلاقات مع القوى الدولية ينظر إليها في المغرب من زاوية الموقف من الصحراء”. والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة غنية بالفوسفات والموارد السمكية. يسيطر المغرب على 80% من الإقليم الصحراوي ويقترح منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته، فيما تدعو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو”، المدعومة من الجزائر، إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991 لكنه بقي حبرا على ورق. وقد أعاد قرار إسرائيل مؤخرا الاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم ترتيب الأوراق في المنطقة. جاء الاعتراف الإسرائيلي في إطار اتفاق ثلاثي رعته الولايات المتحدة أواخر العام 2020 تضمن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والدولة العبرية. وكتب محرر موقع “بانورابوست” المغربي عزيز بوستة مقالا تساءل فيه “على من الدور الآن؟” للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وأضاف “موقف فرنسا مهم لأن الموقف الأوروبي يرتهن به … يمكن إذن أن نتوقع ضغطا أشد من طرف الرباط على باريس”. بيد أن باريس تعتبر أن موقفها من هذا النزاع “واضح وثابت” ويقوم على إيجاد “حل سياسي عادل ودائم ويحظى بقبول متبادل، تماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي”. في الوقت نفسه، تعتبر باريس مقترح الحكم الذاتي المغربي “جادا وذا مصداقية”، منذ إعلانه عام 2007. وقد أكد السفير الفرنسي في المغرب كريستوف لوكوتوريي في حوار أجراه مؤخرا مع صحيفة “ليكونوميست” المحلية، أنه “منذ البداية كان موقفنا مؤيدا بوضوح للمغرب”. لكن المملكة تنتظر تأييدا أكثر وضوحا. – “مقاومة الضغوط؟” – وتساءلت مجلة “فينانس نيوز إيبدو” المحلية “هل ستستمر فرنسا في دفن رأسها في الرمال؟”، معتبرة أنها “في نوع من الازدواجية تستعمل ملف الصحراء للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في الجزائر”. بينما تدين وسائل إعلام مغربية أخرى “ميولا جزائرية” لدى إيمانويل ماكرون، في خضم الأزمة بين الجزائر والرباط، وفي ظل حملات إعلامية شبه دائمة مناهضة لفرنسا. ويوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط حسن أوريد أن “بعض الصحف في المغرب تنتقد برودة الموقف الفرنسي من قضية الصحراء، والذي تعتبر الرباط أنه بات متجاوزا”. في العام الماضي، أعلنت إسبانيا القوة المستعمرة سابقا للإقليم، تغيرا في موقفها من النزاع معتبرة المقترح المغربي للحكم الذاتي “القاعدة الأكثر جدية، واقعية ومصداقية لحل هذا النزاع”. وأضاف أوريد الذي سبق له تولي منصب ناطق باسم القصر الملكي، “السياق الدولي والإقليمي تغير، ويفترض أن تأخذ المقاربة الفرنسية هذه التغيرات بعين الاعتبار”. في فرنسا نفسها، تطالب المعارضة اليمينية بالاعتراف “بمغربية” الصحراء الغربية. في هذا السياق، تساءل الدبلوماسي الفرنسي السابق جيرار أرو على تويتر “فرنسا التي كانت دائما الداعم الأكثر ثباتا للمغرب بخصوص هذه المسألة تجد نفسها اليوم متجاوزة من على يمينها بسلسلة من الاعترافات بمغربية الصحراء الغربية. فما العمل؟ هل نتبع ونخرق قرارات مجلس الأمن؟ أم نقاوم الضغوط؟”. رغم الجدل، تبقى فرنسا شريكا لا محيد عنه للمغرب. وقد كانت العام الماضي أول مستثمر أجنبي فيه، كما قدم منها حوالى مليون سائح إلى المملكة خلال الفصل الأول من هذا العام، فيما يمثل الطلبة المغاربة، وعددهم نحو 45 ألفا، أكبر جالية طلابية في فرنسا. يشدد تريدانو على أن “القضايا الدبلوماسية يجب أن تحل بلطف، وبدل الاندفاع والأنانيات يجب أن تتخذ مصالح البلدين بعين الاعتبار”. من جهته، يدعو أوريد “إلى ترك المسألة للوقت… أحيانا يكون عدم التحرك أو عدم رد الفعل، فعلا في حد ذاته”، معربا عن أمله في “العودة إلى وضع طبيعي”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الحرس المدني الإسباني يعاود دخول نفق تهريب الحشيش في سبتة بحثا عن امتداداته مع بوادر تعاون مغربي
الوحدة المختصة بالاستكشاف الجوفي التابعة للحرس المدني الإسباني عادت إلى سبتة الاثنين، للدخول مجددًا إلى المستودع الذي يضم نفق التهريب المستخدم في إدخال الحشيش من المغرب.
هذه الوحدة، التي تُعتبر من نخبة القوات الأمنية، وصلت إلى المنطقة الصناعية بتراخال بعد الساعة السابعة مساءً. وقام عدد من عناصرها بالتوجه إلى المستودع الذي كان يستخدم سابقًا كورشة للرخام، لكنه في الحقيقة كان يخفي نفقًا لتهريب المخدرات.
ومنذ الساعة الخامسة مساءً، تواجد في الموقع عناصر من وحدة الشؤون الداخلية، وبعد فترة قصيرة، انضم إليهم عنصران من الشرطة المحلية كشهود على فتح المستودع، وذلك بسبب عدم العثور على مالكه.
وبحلول الساعة السادسة مساءً، قامت دوريات الحرس المدني في سبتة بإغلاق المنطقة تمامًا أمام أي مركبات أو أشخاص غير معنيين بالتحقيق، لضمان عدم تسريب أي معلومات أو تدخل أي أطراف غير مرغوبة.
كما تم رصد سيارة تحمل لوحة تسجيل مغربية وصلت إلى الموقع، وكانت تقل ضابطة ارتباط للحرس المدني في المغرب، التي تحدثت مع عناصر الحرس المدني الإسباني المكلفين بالمهمة.
استئناف التحقيقات والتعاون مع المغربتم تكليف وحدة الاستكشاف الجوفي بمهمة تحديد موقع النفق منذ 19 فبراير، وبعد استكمال الإجراءات على الجانب الإسباني، تم تقديم طلب تعاون رسمي إلى السلطات المغربية عبر اللجنة القضائية المختصة.
بقي المستودع مغلقًا حتى إعادة فتحه اليوم من قبل الشؤون الداخلية، لاستكمال البحث داخل النفق، وسط ترقب كبير لمدى استجابة المغرب في تقديم معلومات عن امتداد الممر داخل أراضيه.
ضخ المياه لمواصلة الاستكشاففي ظل غياب أي بيانات رسمية حول المرحلة الرابعة من العملية، تم خلال الليلة الماضية تركيب مضخات لسحب المياه التي تجمعت مجددًا داخل النفق، بهدف إفراغه بحلول صباح الثلاثاء حتى يتمكن المحققون من التقدم أكثر داخل الممر وكشف تفاصيله بدقة أكبر.
الحرس المدني يقدر طول النفق بـ 50 مترًا داخل سبتة، لكنه بحاجة إلى معلومات دقيقة من المغرب لمعرفة الامتداد الكامل له، وهو الأمر الذي ظل معلقًا طوال الأيام الماضية في انتظار التعاون المغربي.
التحقيق يأتي في إطار مكافحة تهريب المخدرات على نطاق واسع، حيث استُخدمت شاحنات ومقطورات لإدخال كميات ضخمة من الحشيش إلى إسبانيا. وخلال العملية، تم إيقاف شحنات من المخدرات، من بينها 3 أطنان من الحشيش كانت مخبأة بين جثث حيوانات، بهدف التمويه وتجنب التفتيش الدقيق.
حتى الآن، تم اعتقال 14 شخصًا على صلة بالقضية، من بينهم اثنان من الحرس المدني الإسباني والسياسي محمد علي دواس.
أهمية التعاون المغربي في كشف الحقيقةطلبت إسبانيا تعاون المغرب ليس فقط من خلال المحكمة الوطنية، بل أيضًا عبر تنسيق مباشر بين الوزارات المعنية، مما أدى إلى إعادة فتح المستودع لاستكمال التحقيقات.
الهدف الأساسي الآن هو معرفة المكان الذي ينتهي إليه النفق داخل المغرب، وذلك لفهم الأبعاد الكاملة لهذه الشبكة الإجرامية التي تعمل على أعلى المستويات.
تواصل إسبانيا جهودها في عملية « هاديس »، التي ينفذها الحرس المدني منذ سنوات، وذلك من أجل كشف الطريقة التي دخلت بها هذه الكميات الضخمة من المخدرات دون أن يتم رصدها في أي نقطة تفتيش.
في حال نجاح المضخات في سحب المياه المتراكمة، فمن المتوقع أن يتمكن المحققون يوم الثلاثاء من التقدم أكثر داخل النفق، ومعرفة المدى الذي يمتد إليه داخل الأراضي المغربية، وذلك بناءً على المعلومات التي قد تقدمها السلطات المغربية خلال الأيام المقبلة.
عن (إل فارو)
كلمات دلالية أمن إسبانيا المغرب تعاون حدود سبتة مخدرات