ما حكم من أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم؟
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
ما حكم من أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم؟ وهل هناك فرق بين صوم الفرض والنفل؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ما حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم؟
وقالت الإفتاء: المفتى به أن من أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان أو في صيام التطوع لا يبطل صومه، ولا يجب عليه القضاء ولا الكفارة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» أخرجه مسلم في صحيحه، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أيضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ» أخرجه الدارقطني في سننه.
فهذه الأحاديث الشريفة أدلة على أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا فعليه أن يتمَّ صومه، ولا قضاء عليه، ويومه الذي أتم صيامه صحيح ويجزئه، ولا فرق في ذلك بين صيام النفل والفريضة، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
فتاوى الصائمين | هل تسقط فدية الصوم بالعجز؟ ولماذا نرتكب المعاصي رغم تصفيد الشياطين في رمضان؟ هل الإفطار في رمضان يكون بمدفع الإفطار أم بالأذان؟وقالت الإفتاء: أذان المغرب علامة وُضعت للدلالة على غروب الشمس، والفطر للصائم يكون بغروب الشمس، فإذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم، فلا يجوز الفطر قبل غروب الشمس حتى ولو أذن المؤذن خطأً للمغرب أو أطلق مدفع الإفطار خطأً قبل غروب الشمس، فقد قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيلِ} [البقرة: 187] فالعبرة بغروب الشمس لا بالأذان ولا بمدفع الإفطار، فعن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» أخرجه البخاري في صحيحه.
وإذا لوحظ في رفع الأذان أو إطلاق مدفع الإفطار أو أي وسيلة أخرى مزامنةُ ذلك لوقت الغروب -جاز اتخاذه علامة للإفطار، وإلا فلا يجوز الفطر عندئذ، ويجب التنويه على مراعاة فروق التوقيت بين المناطق المختلفة.
هل وضع قطرة العين تفسد الصيام؟وقالت الإفتاء: اتفق الفقهاء على عدم فساد الصوم بوضع القطرة في العين إذا لم تصل إلى الجوف بأن لم يوجد أثرها في الحلق، واختلفوا إذا وجد أثرها في الحلق: فذهب الحنفية والشافعية إلى عدم الفساد، وذهب المالكية والحنابلة إلى فساد الصوم.
والذي عليه الفتوى هو عدم فساد الصوم أخذًا بقول الحنفية والشافعية رفعًا للحرج. لقوله تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱليُسرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلعُسرَ} [البقرة: 581]. وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي ٱلدِّينِ مِن حَرَجٖ}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفتاء حكم من أكل أو شرب ناسيا هل الإفطار في رمضان يكون بمدفع الإفطار أم بالأذان صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
صحة مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا" الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية إنَّ مقولة "كذب المُنَجِّمون ولو صدقوا"، المشهورة والدارجة على ألسنة الناس ليست من الأحاديث النبوية الشريفة، وإن كان معناها صحيحًا، فالمنجِّم يدعي علم الغيب، وليس له تحقُّق من ذلك وإن وقع ما تَنَبَّأ به، فهو كاذبٌ في ادِّعاء علمه، والتنجيمُ أمرٌ مُحَرَّمٌ شرعًا، فهو نوعٌ من الكهانة ويؤول إلى ادِّعاءِ عِلمِ الغيبِ الذي استَأثَر الله به.
حكم الكهانة والتنجيم وتصديق ذلك في الإسلاموأضافت الإفتاء أن علم الفلك شئ مختلف فهو مبْنِيٌّ على الحسِّ والمشاهدة، وهو مطلوبٌ شرعًا على سبيل الكفاية في الأمة، إذ يتَوَقَّف عليه جملةٌ من مصالح الدين والدنيا التي لا تتم إلا بمعرفته ودراسته.
جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ المَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ: وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ» أخرجه البخاري في "صحيحه"، وعنها أيضًا رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّيْءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا، قَالَ: «تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
أكدت الإفتاء أنه من المقرر شرعًا حُرمة فعل الكَهَانةِ وامتناع إتيان هؤلاء والرجوعِ إلى قولِهم وتصديقِهم فيما يدَّعُونه، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ [النساء: 51].
قال الإمام السيوطي في "الإكليل" (ص: 93، ط. دار الكتب العلمية): [في الآية ذم السِّحر والساحر والكهانة والكاهن ومصدقهما وأنه ملعونٌ] اهـ.
وقالت الإفتاء إن المُنَجِّمُ أو المُتَنَجِّمُ هو الشخص الذي يَدَّعي علم الحوادث أو الوقائع الأرضية التي ستقع في المُستقبل، كإخبارِهِ بأوقات هبوب الرِّياح ومجيء المطرِ، وتَغيٌّرِ الأسعار، والسعادة والشَّقاء، والحياة والموت، وما في معانيها من الأمور التي يزعمون أنها تُدرك مَعرِفَتُها بِمَسِيرِ الكواكب في مجارِيها، واجتماعها وافتراقها.
والمُنَجِّم بهذا المفهوم مِن جُملة أنواع الكُهَّان، فالكهانة تشمل التنجيم والعرافة والرمل والخَطَّ وغيرها مما يؤول إلى ادِّعاءِ عِلمِ الغيبِ الذي استَأثَر الله به، وكلُّ هذا محرمٌ في الشريعة الإسلامية؛ لأنَّ ذلك من دعوى عِلمِ الغَيبِ، ولا يعلَمُه إلَّا اللهُ. يُنظر: "شرح المشكاة" للإمام الطِّيبي (9/ 2989، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز)، و"رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (4/ 242، ط. دار الفكر)، و"الفواكه الدواني" للعلامة النفراوي المالكيِّ (2/ 344، ط. دار الفكر).
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: 65]، وقال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ [الجن: 26-27].
قال الحافظ ابنُ حجر العسقلاني في "فتح الباري" (13/ 364-365، ط. دار المعرفة): [في الآية رَدٌّ على المُنَجِّمِين وعلى كلِّ من يَدَّعِي أنه يَطَّلِعُ على ما سيكون من حياة أو موت أو غير ذلك؛ لأنه مُكَذِّبٌ للقرآن وهم أبعدُ شيءٍ من الارْتِضا مع سَلْبِ صفة الرُّسلِية عنهم] اهـ.
وجاء عن صفية رضي الله عنها، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيلَةً» أخرجه مسلم في "صحيحه"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أنزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه رد على من أشار إليه بمراعاة النجوم في مسيره للحرب، فقال له: "ما كان لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم منجم ولا لنا من بعده"، ثم قال له: "من صدَّقك بهذا القول كذَّب بالقرآن"، ثم قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَتَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا تَهْتَدُونَ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَإِنَّمَا الْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ، وَالسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ فِي النَّارِ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْظُرُ فِي النُّجُومِ وَتَعْمَلُ بِهَا لَأُخَلِّدَنَّكَ فِي الْحَبْسِ مَا بَقِيتَ وَبَقِيتُ، وَلَأَحْرِمَنَّكَ الْعَطَاءَ مَا كَانَ لِي سُلْطَان". يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (19/ 29، ط. دار الكتب المصرية.