لا يهدأ الحديث عن أهداف أميركية خفية وراء قرارها إنشاء ميناء بحري عائم على سواحل قطاع غزة، رغم ادعاء واشنطن أن الميناء سيكون مؤقتا ويهدف لإدخال المساعدات إلى القطاع الذي يعاني المجاعة نتيجة حرب إسرائيلية مدمرة غير مسبوقة. غير أن هناك من يشكك في المرامي الأميركية ليرى أنها تهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية أبرزها السيطرة على غاز شواطئ غزة وحماية الممر الاقتصادي الذي يربط أوروبا بمنطقة الشرق الأوسط والذي سيكون في مواجهة مشروع الحزام والطريق الصيني.

ومردّ ذلك يعود إلى وجود أكثر من 8 معابر مع قطاع غزة، واحد مع مصر وآخر مباشر للقطاع من البحر المتوسط (ميناء غزة)، والبقية مع إسرائيل، وبإمكانها مجتمعة إيصال المساعدات إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون نسمة.

وحتى اليوم لا يمكن استيعاب فكرة إيصال المساعدات عبر إسقاطها جوا من الطائرات العسكرية، مع وجود هذه المعابر البرية والبحرية، فإن الميناء العائم يذكي تساؤلات أكثر حول أهداف أخرى بعيدة عن إيصال المساعدات.

في السياق، قال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارتشتش إن الإسقاط الجوي للمساعدات على غزة أو تدشين ممر بحري لن يغني عن فتح المزيد من الطرق البرية لإيصال المساعدات للقطاع.

ميناء مؤقت

وفي خطاب "حالة الاتحاد" في 8 مارس/آذار الجاري، أعلن الرئيس جو بايدن، أنه أصدر تعليماته للجيش بإنشاء ميناء مؤقت قرب ساحل غزة، مبينا أن المزيد من المساعدات ستدخل إلى قطاع غزة بحرا عبر الميناء دون أن تطأ أقدام الجنود الأميركيين أرض القطاع.

وفي نفس اليوم، أعلن رئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اقتراب فتح ممر بحري لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة.

انتقادات

وأمس، أعلن الجيش الأميركي، توجّه عدد من سفنه إلى غزة لإنشاء ميناء "مؤقت" يسمح بتسلم مساعدات إنسانية للقطاع الذي تحاصره إسرائيل.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن دبلوماسيين ومسؤولي إغاثة حديثهم عن "تحديات هائلة" تواجه جهود نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة بحرا.

وقالت الصحيفة إن بناء الميناء العائم ونفقات الشحن يكلفان عشرات ملايين الدولارات على مدى أشهر عدة، مشيرة إلى أنه من غير الواضح من سيتولى الإدارة والتأمين.

وبعيدا عن الأهداف السياسية، توجد نقاط اقتصادية يُعتقد أنها قد تكون ضمن الأهداف التي دفعت واشنطن للانخراط في فكرة إنشاء هذا الممر البحري والرصيف البحري في غزة، أهمها موارد الغاز الطبيعي وطرق التجارة الدولية بالمنطقة.

إسقاط جوي لمساعدات على قطاع غزة (الفرنسية) هل هو الغاز؟

منذ عام 2012، زاد الاهتمام في منطقة شرق المتوسط، باكتشافات كبيرة للغاز الطبيعي من قبل إسرائيل، التي وصلت مرحلة اكتفاء بسبب حقول الغاز في البحر المتوسط.

ولدى إسرائيل على البحر المتوسط، 5 حقول للغاز، هي  حقل لفيتان وهو الأكبر، وحقل تمار، ودليت، وكاريش، ونميم.

بينما تملك مصر عدة حقول للغاز جعلتها تكتفي ذاتيا حتى منتصف 2023، أكبرها حقل ظهر الذي ينتج يوميا 2.4 مليار قدم مكعب يوميا وأكثر من 3700 برميل من المكثفات.

وبينما يملك الفلسطينيون حقل غزة مارين المكتشف نهاية تسعينيات القرن الماضي، ويقدر الاحتياطي في الحقل بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب.

وفي يونيو/حزيران 2023، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتنفيذ مشروع تطوير حقل غزة مارين "في إطار الخطوات الجارية بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، والخاصة بالتركيز على تنمية الاقتصاد الفلسطيني"، حسب بيان حينها لمكتب نتنياهو.

أمام كل هذه الثروات، قد يكون الوجود الأميركي من وجهة نظهرها مبررا في شرق المتوسط، خاصة مع دخول لبنان على الخط، بعد اتفاق ترسيم حدود مع إسرائيل.

وتتنافس الولايات المتحدة اليوم، مع قطر وأستراليا على لقب أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فبحسب بيانات شركة مجموعة بورصات لندن، بلغت صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال 88.9 مليون طن متري في 2023.

ويعد ملف الطاقة، والغاز الطبيعي تحديدا، أحد أبرز عناصر القوة للاقتصادات المتقدمة والنامية، وظهرت أهميته أكثر مع الحرب الروسية الأوكرانية ومعاناة دول الاتحاد الأوروبي من أزمة إمدادات للغاز.

حقل تمار للغاز  يقع على بعد حوالي 90 كيلومترا قبالة الساحل الإسرائيلي (الأوروبية)

ممر تجاري بمواجهة الصين

السيناريو الاقتصادي الآخر للوجود الأميركي في شرق المتوسط، يتمثل في تأمين أحد أبرز الممرات التجارية المرتقبة، والذي أعلن عنه في قمة مجموعة الـ20 بالهند العام الماضي.

وفي 10 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت السعودية، والولايات المتحدة، والهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

وسيكون الممر المرتقب والذي يعبر إسرائيل، منافسا لمشروع الحزام والطريق الصيني، وهو هدف أميركي لإضعافه عبر إيجاد طرق تجارية بين أسواق الشرق والغرب.

وستكون منطقة البحر المتوسط، نقطة النقل البحري للسلع من الشرق إلى الغرب، مما يعني أن الوجود الأميركي سيكون مبررا لها، ضمن صراعها مع الصين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات البحر المتوسط قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

السودان يوافق على إقامة قواعد إمداد للأمم المتحدة حول الفاشر

حكومة السودان التي يقودها الجيش شددت على سرعة إيصال المساعدات عبر الطرق التي يسهل بها عبور القوافل الإنسانية إلى مدينة الفاشر.

بورتسودان: التغيير

أعلن مجلس السيادة السوداني، أن حكومة السودان- التي يقودها الجيش- وافقت على طلب من الأمم المتحدة بإقامة قواعد إمداد لوجستية حول الفاشر بولاية شمال دارفور لتسهيل العمل الإنساني.

واشتدت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول الفاشر عاصمة شمال دارفور مؤخراً، مما أدى إلى انهيار الأوضاع الأمنية والبيئية والصحية، وزاد عمليات النزوح من معسكري زمزم وأبو شوك للنازحين إلى كورما وطويلة.

وأفاد إعلام المجلس السيادي في بيان يوم الاثنين، بأن رئيس المجلس، القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، تلقى اتصالاً هاتفياً من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة توم فليتشر، تم خلاله تناول القضايا الإنسانية وعمليات توصيل المساعدات الإنسانية لمدينة الفاشر.

وتطرق الاتصال إلى إمكانية إيصال المساعدات إلى الفاشر مع تجنب العوائق التي تعترض سير القوافل الإنسانية من قبل قوات الدعم السريع أو الجماعات الأخرى.

وذكر أنه تم التأكيد على سرعة إيصال المساعدات عبر الطرق التي يسهل بها عبور القوافل الإنسانية إلى مدينة الفاشر.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة كانت قد طالبت بإقامة قواعد إمداد لوجستية حول الفاشر لتسهيل العمل الإنساني وذلك في مناطق مليط وطويلة، وأن حكومة السودان وافقت على ذلك.

وكانت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين قالت يوم الأحد، إن ما يقارب 300 ألف نازح وصلوا إلى منطقة طويلة منذ بداية الشهر الحالي، فضلاً عن عمليات نزوح سابقة لم يتم حصرها، حيث يتجاوز العدد خمسمائة ألف نازح من المعسكرات حول الفاشر وحدها خلال الأسابيع الماضية.

وأشار المتحدث باسم المنسقية آدم رُجال، إلى أن هناك حالات نزوح أخرى من الفاشر ومعسكراتها نحو عدة مناطق من بينها فنقا وجبل مرة ونيرتتي.

الوسومالأمم المتحدة الجيش الدعم السريع السودان الفاشر توم فليتشر جبل مرة شمال دارفور طويلة كورما مليط

مقالات مشابهة

  • المغرب يطلق مناقصة لإنشاء أول محطة استقبال للغاز المسال
  • ميناء طنجة المتوسط يحجز كميات كبيرة من المفرقعات والشهب النارية
  • تراجع أسعار الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي لأدنى مستوياته في 7 أشهر
  • واشنطن تفرض عقوبات على قطب الغاز الطبيعي الإيراني إمام جمعة.. واليمن يرحب
  • لجان المقاومة الفلسطينية : المجازر بغزة ترتكب بقرار وسلاح أميركي
  • بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة 
  • واشنطن تفرض عقوبات على قطب الغاز الطبيعي الإيراني إمام جمعة.. وطهران تدين
  • رغم المحادثات.. واشنطن تفرض عقوبات على قطب الغاز الطبيعي الإيراني إمام جمعة
  • برغم المحادثات.. واشنطن تفرض عقوبات على قطب الغاز الطبيعي الإيراني إمام جمعة
  • السودان يوافق على إقامة قواعد إمداد للأمم المتحدة حول الفاشر