يقول الدكتور رمضان خميس -أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة جامعة قطر- إن آيات النصر تكررت أكثر من 100 مرة في القرآن، مشيرا إلى أن معركة غزة الحالية تؤكد أن النصر يكون بالتوكل على الله -بعد الأخذ بالأسباب- وليس بالتواكل عليه.

وتحدث خميس في حلقة (14-03-2024) من برنامج "الشريعة والحياة" التي تناولت مفهوم النصر في القرآن الكريم عن أن النصر إما أن يكون بمعنى المعونة أو المساعدة أو التأييد والمظاهرة أو بمعنى الانتصار العسكري كما ورد في قوله تعالى "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل".

وفيما يتعلق بالنصر العام -الذي هو انتصار الأمة- فقد تكفل الله -عز وجل- به في قوله "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"، بحسب خميس الذي أكد أن المتتبع لآيات النصر في القرآن الكريم كله سيجده مقرونا بالله تعالى، كما في قوله تعالى "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"، وقوله "وما النصر إلا من عند الله"، وآيات أخرى كثيرة.

أما التمكين -الذي هو غاية النصر كما يقول أستاذ الشريعة وعلوم القرآن- فقد ورد في كتاب الله 18 مرة لم يسند في أي منها للعباد، وفي هذا إشارة إلى أن العبد ما عليه إلا العمل وترك الأسباب على الله عز وجل.

كما أن كل الألفاظ التي وردت في القرآن الكريم بشأن النصر جاءت مسندة إلى الله سبحانه، وفي هذا تأكيد منه (عز وجل) على مسألة الأخذ بالأسباب وترك النتيجة على الله، وفق خميس.

الأخذ بالأسباب ضرورة للنصر

واستدل خميس على هذه النصوص بما يجري حاليا في قطاع غزة الذي قال عنه إن فيه أمة تجاهد بدمائها لتحقيق النصر، ويعطون البشرية كلها درسا في الأخذ بالأسباب، والتأكيد على أن تحرير فلسطين لن يكون إلا بالجهاد.

وقال إن من أبرز مميزات الإسلام أنه حض على التوازن في كل شيء، ومن ذلك أن يأخذ العبد بأسباب النصر واقعا عمليا لا أن يسنده إلى الله -عز وجل- بصورة اتكالية أو وعظية، ثم ينتظر نزول النصر عليه.

وفي هذا المعنى تحديدا، يقول خميس إن الأمر ينصرف على كل مناحي حياة المسلم الذي يجب عليه أن يربط ما بين الحراك الإدراك، أي أن يتحرك أخذا بالأسباب في كل أمر مع إدراكه الكامل بأن التوفيق أو النصر إنما هو من الله عز وجل.

ويقوم النصر على سنن ثابتة لا تتبدل ولا تتغير حتى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يقول خميس مؤكدا أن الله -سبحانه وتعالى- لا يحابي ولا يجامل أحدا حتى لو كان رسول الله ما لم يأخذ بكل ما يمكنه الأخذ به من أسباب.

وأكد أن قوله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، تضمنت "ما" المُنَكَّرة، التي تعني أن أسباب القوة مختلفة في كل عصر عن غيره، وأن على كل جيل أن يأخذ بأسباب قوته.

وعن أثر العقيدة في تحقيق النصر، قال خميس إن حسن إعداد الإنسان المسلم يجعله صالحا لسياسة أمر العباد وتحقيق شرع الله في أرضه، مشيرا إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ ببناء أصحابه عقائديا، ولم يدعهم إلى قتال المشركين في أول البعثة.

وخلص خميس إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطانا درسا في أهمية بناء العقيدة عندنا ظل 13 عاما يربي أصحابه عليها قبل أن ينادي فيهم بالجهاد، مؤكدا أن معاني النصر لا يمكن أن تسري على ألسنة ولا في نفوس أجيال لم تربَّ تربية دينية حقيقية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الأخذ بالأسباب فی القرآن أن النصر إلى أن عز وجل

إقرأ أيضاً:

كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»

كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟  الشتاء ربيع المؤمن ، وجعل الله تعالى في الشتاء فرص للعبادة، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «الشتاء غنيمة العابدين»، وكان الصحابة يفرحون بقدوم فصل الشتاء لما يتميز به من طول الليل فيعين ذلك على قيام الليل، ومن قصر النهار فيعين ذلك على صيام النافلة،

 الشتاء ربيع المؤمن

وأوصت دار الإفتاء المصرية، بالإكثار من الصيام في الشتاء، منوهة بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شبه الصيام في الشتاء بالغنيمة الباردة، وذلك خلال منشور لها عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.

واستشهدت الإفتاء في فتوى لها، بما رواه الترمذي في سننه عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: «ألا أدلكم على الغنيمة الباردة، قالوا: بلى، فيقول: الصيام في الشتاء».

وأوضحت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شبه الصيام في الشتاء بالغنيمة الباردة، لأن فيه ثوابًا بلا مشقة، ومعنى الغنيمة الباردة: أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه.

حكم شرب الماء بدون قصد أثناء السباحة في رمضان.. الإفتاء تحذرحكم توزيع شنط رمضان من أموال الزكاة بدلًا من النقودفضل الصيام في الشتاء


خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:

أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي»

ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».

رابعًا:إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»

سادسًا:إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».

سابعًا:إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».


 

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة القرآن والذكر بين ركعات صلاة التراويح
  • احميد: البنك الدولي يجب أن يكون داعمًا للإصلاح وليس بديلاً عن السلطات الليبية
  • سرّ جديد عن اغتيال نصرالله.. من الذي خطط لذلك؟
  • مفتي الديار اليمنية: الشهيد القائد حسن نصر الله لقي ربه في أشرف معركة
  • مأرب.. احتشاد قبلي لقبائل مذحج وحمير تؤكد جهوزيتها لخوض معركة التحرير
  • كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»
  • النخالة: معركة إسناد غزة تؤكد وحدة المقاومة في المنطقة
  • برنامج الامم المتحده الانمائي : الاقتصاد السوري بحاجه الى 55عاما للعوده الى المستوى الذي كان عليه في 2010قبل الحرب
  • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة
  • تأملات قرآنية