مقال بفورين أفيرز: نفاق الولايات المتحدة علامة قوة والصين ستواجه التهمة نفسها قريبا
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
نشرت مجلة "فورين أفيرز" (Foreign Affairs) مقالا عما سماه كاتبه "نفاق الغرب" تجاه الدول الواقعة في جنوب الكرة الأرضية، وما قد ينطوي عليه من فوائد في بعض الأحيان للبلدان.
ويجادل ماتياس سبكتور -أستاذ العلاقات الدولية والباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للسلام الدولي- في المقال المذكور بأن النفاق الذي تمارسه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في تعاملاتها مع دول العالم الثالث قد تكون له منافع أحيانا، ذلك أنه يتيح للحكومات مخرجا عمليا في المواقف التي تتعارض فيها المبادئ والقيم.
ويستهل مقاله بتأكيد أن زعماء دول الجنوب لطالما اتهموا الغرب بالنفاق، ويشعرون بالجرأة لتحدي الهيمنة الغربية إذ يرون أن العالم يمضي باطراد ليصبح متعدد الأقطاب.
ويزعم الكاتب أن كلا من الصين وروسيا لم تفوّتا هذه الفرصة، حيث تبذلان جهودا كبيرة لإذكاء مشاعر الاستياء من النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ومع إقراره بأن اتهام الغرب بالنفاق غالبا ما يكون صحيحا وعادلا، فإنه يجادل بأن النفاق يمارس عندما يدير الزعماء السياسيون السياسة الخارجية لدولهم بطرق تتنافى مع ما يدعونه من الدفاع عن الفضائل والأخلاق "لتمرير سياسات بديلة تتماشى مع معتقداتهم المعلنة".
خلل في الشخصية؟
ويضرب سبكتور مثالا على ذلك بغزو الولايات المتحدة للعراق قبل عقدين من الزمان، والذي روّجت له على أنه عمل حميد باعتباره وسيلة لتعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والنظام الدولي القائم على القواعد.
ويضيف أنه كان بإمكان أميركا التعامل حينها مع الرئيس العراقي صدام حسين وفقا لمبادئ النظام الدولي الليبرالي -على سبيل المثال- من خلال الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي.
ولو اتبعت واشنطن خيارات أخرى لما تسببت في الكثير من المجازر بالعراق وزعزعت استقراره، ولتجنبت تهمة النفاق التي وصمت السياسة الخارجية الأميركية منذ ذلك الحين.
ولكن لو نظرنا إلى الجانب الآخر -كما يزعم الكاتب – فسنجد أن مثل هذه التهم بالنفاق دليل على تفرد القوة الأميركية. ويتابع المقال أن اتهام النقاد للولايات المتحدة بأنها تمارس النفاق أكثر من أي دولة غربية أخرى، ليس نتاج خلل في شخصيتها بل بسبب طبيعة قوتها.
ويعدد سبكتور "مناقب" النفاق الأميركي، إذ يقول إن الولايات المتحدة كرَّست نفوذها بتوفيرها منافع عامة للعالم عبر المؤسسات الدولية، "فهي تساعد في إرساء السلام والأمن من خلال الأمم المتحدة، والتجارة الحرة عن طريق منظمة التجارة العالمية، والمساعدات المالية من خلال صندوق النقد الدولي".
سياسة الإكراهويمضي كاتب المقال في تبرير لجوء الغرب -لا سيما الولايات المتحدة- للنفاق في تعاملها مع دول الجنوب زاعما أنها تصب في مصلحة الجميع، "فعندما يُنظر إلى السياسة الخارجية الغربية على نطاق واسع بأنها تتسم بالرياء، عندئذ تصبح المحافظة على النظام (الدولي) أكثر كلفة".
إن السياسة التي يُنظر إليها على أنها مخادعة تقوض شرعية القوانين والمؤسسات التي تقوم عليها، فإذا كان النظام يفتقر إلى الشرعية فإن الولايات المتحدة تكون مضطرة إلى (انتهاج سياسة) الإكراه بديلا عن الرضا والقبول، حيث لم يعد بإمكانها أن تتوقع إذعان الآخرين لسياساتها، حسب تعبير مقال فورين أفيرز.
ويعترف سبكتور أن سياسة واشنطن الخارجية أضحت أكثر عنفا وغير متساهلة مع منتقديها، مما أدى إلى تآكل ملامحها الليبرالية التي طالما كانت سمة بارزة في ممارسة قوتها.
"إيجابيات"
ويردف بأن النفاق الغربي لعب دورا حاسما في القضاء على تجارة الرقيق، والحد من استخدام أسلحة الدمار الشامل، وترسيخ معايير احترام السيادة وتجنب التدخل.
إن البديل للنظام القائم على القواعد والمؤسسات، عالم لا تهتم فيه القوى العظمى حتى بتبرير أفعالها على أساس القيم الأخلاقية، وعالم كهذا سيكون أكثر ضررا بالدول الضعيفة، على حد زعم المقال.
وانتقد الباحث الأميركي دول الجنوب لأنها قلما اتهمت الصين بالنفاق، ويعود أحد أسباب ذلك -في نظره- إلى أن بكين نأت بنفسها عن صياغة رؤية متماسكة للنظام الدولي.
ولكن بمجرد تعاظم نفوذ بكين -كما يقول سبكتور في ختام مقاله- في السياسة الدولية، فإنها ستتعرض هي الأخرى لاتهامات بالنفاق، وعندما يأتي ذلك اليوم فإن الشعوب في جميع أنحاء العالم قد تجد أن السلوك المنافق تحت شعار القيم الليبرالية لم يكن بذلك السوء على الإطلاق!
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
فيديو| محتجون في بنما يحرقون صور ترامب وعلم الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أحرقت مجموعة من المحتجين في بنما علم الولايات المتحدة وصورا للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بعد تصريحاته بشأن استعادة الإدارة الأمريكية لقناة بنما.
ونظمت المظاهرة من قبل النقابات البنمية، يوم الاثنين، احتجاجا على السياسات الاجتماعية للحكومة، لكن بعض المشاركين في المظاهرة اغتنموا الفرصة للتعبير عن احتجاجهم على تصريحات دونالد ترامب.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو إحراق علم الولايات المتحدة وصور الرئيس الأمريكي المنتخب.
وأعلن منظمو الفعاليات عبر مواقع التواصل الاجتماعي رفضهم لتصريحات ترامب بشأن قناة بنما، وطالبوا الحكومة باتخاذ "خطوات حازمة".
يذكر أن الولايات المتحدة كانت تدير قناة بنما وتسيطر على المنطقة المتاخمة لها منذ أوائل القرن العشرين. وفي عام 1977 تم توقيع اتفاقية بين حكومتي الولايات المتحدة وبنما حول تسليم القناة لسلطات بنما. وأنجزت جميع الإجراءات المتعلقة بالتسليم في عام 1999.
وكان دونالد ترامب قد أعلن يوم الأحد أنه سيطالب بعودة سيطرة الولايات المتحدة على القناة بسبب التعريفة المرتفعة للنقل، مشيرا إلى أهمية القناة بالنسبة للتجارة الأمريكية وانتشار القوات البحرية الأمريكية في المحيطين الأطلسي والهادئ.
وردا على ذلك، شدد رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو على سيادة بلاده على القناة. وأعرب عدد من رؤساء الدول في أمريكا اللاتينية تضامنهم مع بنما، وخصوصا ممثلو معسكر اليسار، بمن فيهم رؤساء فنزويلا وكولومبيا والمكسيك.
???????????????? | En Panamá، queman la bandera de Estados Unidos luego de que Donald Trump diga que quiere recuperar la posesión del Canal de Panamá. pic.twitter.com/9OE2MLl3Nk
— La Derecha Diario (@laderechadiario) December 23، 2024????????Trabajadores panameños quemaron una bandera de EE.UU. en protesta por las declaraciones de Donald Trump sobre la posibilidad de quitarle a Panamá la soberanía del Canal Interoceánico. Saúl Méndez، líder sindical، destacó que defenderán la soberanía y el territorio de Panamá. pic.twitter.com/OObwiZm3kd
— JP+ Centroamérica (@jpmas_ca) December 23، 2024