قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن في قوله تعالى "ولله الأسماء الحسنى" تقديم للخبر على المبتدأ بما يفيد القصر، قصر شيء على شيء، فإذا قدمت الخبر على المبتدأ، فلا بد أن يكون ذلك لسبب بلاغي، وهو هنا إفادة قصر الخبر على المبتدأ، فعندما تقدم الخبر "لله" على المبتدأ "الأسماء الحسنى" دل ذلك على انحصار الخبر في المبتدأ، بمعنى أن الأسماء الحسنى لله وحده، فإنه لو قال "الأسماء الحسنى لله"، من الممكن أن يفهم منها أنها لله ولغيره، لكن حين قال "لله الأسماء الحسنى" فلا يمكن أبدا أن يفهم منها أن الأسماء الحسنى تتعدى لفظ الجلالة، لذلك تم تقديم الخبر على لإفادة القصر والحصر.

وأوضح فضيلته، في الحلقة الثالثة من برنامج "الإمام الطيب"، أن الأسماء الحسنى منها أسماء مختصة لا يصح أن يتسمى بها غير الذات الإلهية، ومنها أسماء يجوز إطلاقها على الغير ولكن بإطلاق مختلف عن إطلاقها بالنسبة لله سبحانه وتعالى، ومن أول الأسماء التي اختص بها الله جل وعلا ولا يمكن أن يتسمى بها أحد هو لفظ "الله"، ولم يحدث أن سمعنا أن شخصا ما سماه قومه "الله" وأصبح ينادى بهذا الاسم، في دلالة على أن الله سبحانه وتعالى قد حفظ هذا الاسم من أن يطلق على غيره، وكذلك اسم "الرحمن" واسم "الحكم" أيضا، لا يصح أن يتسمى بها أحد غيره، مضيفا أن هناك أسماء يجوز أن يوصف أو يتسمى بها البشر، مع ملاحظة أنه حين يطلق على شخص يكون مغايرا تماما لإطلاقه على الذات الإلهية، فالفرق بين الوصفين هو الفرق ما بين الذاتين، فهذا خالق منزه عن النقائص وهذا مخلوق مملوء نقائص، هذا علمه أزلي وحاضر وأبدي وهو يعلم الأشياء قبل حدوثها، وهذا علمه قاصر على ما يراه أو ما يصل إليه.

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن القرآن الكريم فيه بعض الآيات نسبت فيها أوصاف الأسماء الحسنى لبعض البشر والأنبياء، ومن ذلك قوله تعالى "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم"، وقوله "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا"، فالقرآن سمى بعض الناس والأنبياء بأسماء الله الحسنى، منها سميع وبصير، وأيضا قوي مثلا مع سيدنا موسى، "إن خير من استأجرت القوي الأمين"، فالقرآن فيه أسماء من أسماء الله الحسنى سمي بها غيره من الناس والأنبياء، إلا أن الفرق بين الإسمين هو الفرق ما بين المسميين، فالمسمى الإلهي منزه عن النقائص والبشري محوطة بنقائص لا نهاية لها.

وحول قوله تعالى "فذروا الذين يلحدون في أسماءه"، بين فضيلة الإمام الأكبر أن الإلحاد هو الانحراف من الحق إلى الباطل، وعن الصواب إلى الخطأ، وهذا هو الانحراف، ومن هذا المنطلق، هناك من ألحد في اسماء الله الحسنى، فأخرجها عن المعاني التي وضعت له هذه الأسماء، والمراد هنا المشركون، فهم الذين ألحدو في أسماء الله الحسنى، فكانوا مثلا يأخذون حروف هذه الأسماء ويدخلوها في أسماء آلهتهم، ومن ذلك تسمية أوثانهم "اللات والعزى" من "الله العزيز"، و"مناة الثالثة الأخرى" من "المنان"، فهم أخذوا أسماء الله الحسنى وانحرفوا بها عن طريقها المستقيم وأطلقوا حروفها على الأوثان، مضيفا أن من الإلحاد أيضا تفسير الأسماء الحسنى بما يوهم أن الله مشابه للخلق، على غرار من يفسرون قوله "فاصبر انك بأعيننا"، أن الله له عين، فهناك من يفسر اسمه تعالى "سميع"، أن الله له أذن، واسمه تعالى "بصير" أن الله له عين، فهم بذلك ألحدوا فيها، لأنهم انحرفوا بها عن معناها وقربوا بها بين الله والبشر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: برنامج الإمام الطيب شيخ الأزهر الأسماء الحسنى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أسماء الله الحسنى الأسماء الحسنى أن الله

إقرأ أيضاً:

علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}. أُمرنا حتى نفتح الباب أن نبدأ بالاستغفار، ولكن الغريب أن يقول: {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} فما الفرق بين الاستغفار وبين التوبة؟.

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الاستغفار هو نوعٌ من أنواع الدعاء، لكن التوبة فهي نوعٌ من أنواع الانقلاع عن الذنب؛ فالاستغفار استعانة بالله، وهو أيضًا عبادة من العبادات. وقد قال تعالى : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالاستغفار كأنه استئذانٌ: يا رب اغفر لي، فإنني لا أهتدي ولا أقدر على نفسي إلا إذا غفرتَ لي.

دعاء الصباح مكتوب.. يجلب الرزق وييسر الأمورحكم ترديد أدعية من القرآن في السجود.. الإفتاء توضح

واللهُ سبحانه وتعالى يستجيب لدعاء الناس فيغفر لهم، ومع ذلك قد يبقى الإنسان مستمرًا على ذنبه؛ لذلك كانت من شروط التوبة: "الإقلاع عن الذنب". فلو ارتكبتُ الذنب بالأمس وما زلتُ مستمرًا عليه اليوم، فالاستغفار حينئذٍ يكون فتحًا للأبواب، لكنني الآن وقد فُتِحَ لي الباب رفضتُ أن أدخل، فاللهُ سبحانه وتعالى غفر لي ما قد مضى، ولكنَّ شرطَ ذلك: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} ، إلا أنني أصررتُ على ما فعلت.

فالاستغفار حينئذٍ تراه الملائكة وكأنه نوعٌ من أنواع الاستهزاء بالله -والعياذ بالله تعالى- ، كيف تطلب منه فتح الباب، ثم ترفض الدخول عندما يفتحه لك ؟!

إذن فالاستغفار يكون لفتح الباب، والتوبة لا بد أن تتلوه بترك المعاصي والإقلاع عنها. 

ومن شروط التوبة: الندم على ما فات، والعزم على أَلَّا يعود الإنسان إلى ما كان عليه من الذنوب.

وقيل أيضًا أن الفرق بين الاستغفار والتوبة هو أنه الاستغفار يتعلَّق بالذنوب العقدية، والتوبة تتعلَّق بالذنوب العملية السلوكية. وقيل غير ذلك.

لكن الحال الذي أرشدنا إليه اللهُ سبحانه وتعالى هو أنه يجب علينا أن نكثر الاستغفار باللسان والقلب معًا، وأن نبتعد عن المعاصي بالجوارح مع الندم القلبي على الذنوب.

التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام‏
كما قال علي جمعة : إذا ما تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى‏,‏ نجد أن التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام‏,‏ ففي العبادة عموما يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، وبشيء من التفصيل يقول سبحانه عن فريضة الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]، وفي شعيرة الحج يقول جل وعلا: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وفي المعاملات بين الله تعالى حكمته في الأمر بالقصاص فقال: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179]، ولماذا أمر عباده باتباع الصراط المستقيم والبعد عن الطرق الأخرى قال عز وجل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]، وجاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال فقال‏: (اتق الله حيثما كنت‏,‏ وأتبع السيئة الحسنة تمحها‏,‏ وخالق الناس بخلق حسن‏) [‏أخرجه الترمذي] ‏فإذا تحقق المرء بالتقوى في شئونه كلها نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة‏, ‏ومن هذه الثمرات المباركة‏:
‏‏1- حصول محبة الله تعالى‏,‏ قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [التوبة:4].
2- نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة‏, ‏قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [الأعراف:156]، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام:155].
‏‏3- الدخول في معية الله ونصره‏,‏ قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل:128]، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ) [التوبة:36].
4- حصول الأمن من الخوف والحزن‏,‏ قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف:35]، وقال: (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزُّمر:61].

مقالات مشابهة

  • هل يجوز الصلاة بعد الاستحمام بدون وضوء ؟ جائز بشرط
  • هل يجوز دفع أموال الزكاة للأخت المحتاجة؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز تقديم صيام الست من شوال على قضاء رمضان؟.. الأزهر للفتوى يوضح
  • كنز عظيم لمن واظب على هذه الصلاة.. حاول أن تصليها
  • هل يجوز جمع المغرب والعشاء بدون عذر؟.. أمين الفتوى يوضح
  • علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة
  • يجوز في حالات.. خالد الجندي يكشف حكم العمل وقت صلاة الجمعة
  • أمين الفتوى: لا يجوز التحايل لأداء فريضة الحج بشكل غير شرعي
  • هل يجوز الاعتماد على الإنترنت كمرجع ديني؟.. علي جمعة يجيب
  • هل يجوز قراءة الفاتحة في السجود أو الركوع؟.. الإفتاء توضح