لماذا يفضل المغتربون العراقيون قضاء رمضان في بلدهم الأم؟
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
بغداد- "تعتقد والدتي أنه من الضروري اجتماع شمل الأسرة في بيت العائلة في شهر رمضان، حتى لو كنت أنا أحد المغتربين في الولايات المتحدة الأميركية، فلهذا الشهر خصوصية روحانية مميزة، ومثلما يحصل في عيد الشكر عند الغرب، نلتقي أنا وشقيقتي المغتربة في رومانيا لإكمال دراستها في العراق الأم".
بهذه العبارات بدأ الخمسيني نافع الفرطوسي حديثه للجزيرة نت عن سبب قضاء شهر رمضان في العراق.
يقول الفرطوسي "نلتقي هنا في بيتنا العتيق مع إخوتنا وباقي أفراد العائلة، نتحلق حول السفرة الرمضانية، لنكتشف أن والدتنا قد هيأت لنا الباميا منذ الصيف الماضي وجمدتها لتكون جاهزة في أطباق الشهر الفضيل، ولكوني محبا للسمك لم تنس جلب صنف الزبيدي، والذي أشترته مخصوصا من مدينة الفاو".
ويضيف "يكتمل لقاؤنا هنا في العراق، نتبادل الأحاديث والذكريات ونجترّ معاناتنا في الغربة، وما أسرع أن تنقضي أيام رمضان الثلاثون ليعود كل منا إلى انشغالاته وروتينه الحياتي المعتاد، دون نسيان تلك الليالي والأمسيات الجميلة في حضن الوطن والعائلة الأم".
وعلى خلاف من يرغبون بقضاء شهر رمضان المبارك في بلدان أخرى تكون فيها ساعات الصيام أقل والأجواء أفضل، يرغب الكثير من العراقيين المغتربين بقضاء الشهر الكريم في بلدهم، نظرا للعادات والتقاليد الجميلة، ولمة الحبايب وجمع الشمل، حيث يتم تجديد العلاقات الاجتماعية وتعزيز الروابط الأسرية.
أبو أحمد أبو كلل، المقيم في دبي، جاء إلى العراق قبل شهر رمضان، فهو يفضل أن يكون بين عائلته ووالدته وأولاده وأحفاده، طيلة شهر رمضان، وهو ما اعتاد عليه كل عام، ليبقى في بلده حتى نهاية عيد الفطر.
في الغربة وحدة، ولرمضان طعم خاص في بغداد وفي السماوة مدينة أبو أحمد جنوبي العراق. ويرى أبو كلل أن الطقوس في الشهر الفضيل تشجع على الصيام، وعند الإفطار تجتمع العائلة بكاملها حول المادة المتنوعة، وفي مقدمة الطعام التمر العراقي المتنوع وحساء الشوربة والحلويات المتنوعة.
وتتميز المائدة الرمضانية في العراق بتنوع وغنى المأكولات والتمور والحلويات والعصائر التي تقدم إلى جانب الأطباق الشهية المعروفة في رمضان، مثل الدولمة والشوربة وتشريب اللحم، والدجاج المشوي والكباب المصنوع في المنازل والسلطات العربية، والبقلاوة والزلابية والكنافة وعصائر الليمون والزبيب واللبن، وخبز التنور، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتناول الطعام سويا.
تقول الباحثة الاجتماعية ندى العابدي "إن شهر رمضان الكريم في العراق وبكل شعائره وعاداته يشجع على الصيام خاصة بالنسبة للمغتربين، طالما يحرص العراقيون على عيش الأجواء الجميلة في كل مدن العراق بعد الشتات لفترات طويلة، خاصة وأن تلك العادات عامل جذب للعراقيين كي يسترجعوا ذكرياتهم، وذلك ينسحب على جميع بلداننا العربية".
وتبين الباحثة في حديثها للجزيرة نت أن الصائمين العرب "يحرصون على ديمومة تلك العادات، رغم تطور التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي، لكن اللمة العائلية تبقى مسيطرة على أجواء الشهر الفضيل من الطعام وصولا إلى أجواء العبادة الراسخة".
وتعود تقاليد شهر الصوم في العراق إلى عصور قديمة، إذ يتمتع الشهر الفضيل بقيمة تاريخية كبيرة، وتحظى المدن العراقية الرئيسية بزينة رمضانية مميزة في الأسواق والشوارع، ويمكن للزوار الاستمتاع بجو رمضاني مميز، خاصة وأن العراق من الدول التي تكثر فيه الجوامع والحسينيات.
كما تتميز العراق بالطقوس الجميلة ما بعد ساعة الإفطار، ومنها صلاة التراويح، وتوافد المصلين إلى المساجد لأداء الصلوات والتراويح، وقراءة القرآن الكريم طوال الشهر، فيما تتميز المساجد في العراق بالزينة الرمضانية والإضاءات الجميلة التي تعطي جوا خاصا يدعو إلى التفاؤل والسكينة.
وتعتبر صلاة التراويح واحدة من أهم العادات الرمضانية بعد الإفطار، لدى السنة، ويشاركهم الشيعة في هذا الأمر في بعض الأحيان، حيث تقام في المساجد القريبة، وهي لا تحتاج إلى دعوة أو أذان، بل تبدأ بعد الإفطار من خلال التسبيح والاستغفار عبر مكبرات الصوت.
الأربعيني أبو تقى القيسي من أهالي بغداد، يرى أن في صلاة التراويح راحة، بعد يوم صيام وبعد الإفطار، حيث تكون الأجواء في المسجد إيمانية وروحانية يكثر فيها الدعاء، خاصة وقد سافر للكثير من البلدان لعلاج ابنته المريضة، وهو يتمنى لها الشفاء في هذا الشهر الفضيل، ويشير إلى أن دعاءه لا يقتصر على ابنته وإنما لكل أمة الإسلام، ولكل مريض وعائلة مريض.
وواحدة من أهم الأمور التي يعتبرها المسلمون في العراق واجبة هي مساعدة أو إطعام الفقراء والمحتاجين كما يعتبرون الشهر الكريم فرصة للعطاء، وتعزيز معاني الصدقة والتكافل الاجتماعي.
وتنظم بعض المساجد والحسينيات والأماكن العامة موائد إفطار جماعية، خاصة في مدينتي الأعظمية حيث مرقد الإمام أبو حنيفة النعمان، والكاظمية حيث مرقد الإمام موسى الكاظم، وكذلك مرقد الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد. وعلى طول الشهر الفضيل، يتم تقديم الطعام للصائمين والمحتاجين مجانا، كما يتم تنظيم حملات لتوزيع المساعدات والسلال الغذائية للأسر الفقيرة في العراق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات صلاة التراویح الشهر الفضیل شهر رمضان فی العراق
إقرأ أيضاً:
بث مباشر.. صلاة التراويح من الجامع الأزهر في ليلة النصف من رمضان
يقبل كل ليلة من ليالي شهر رمضان عدد كبير من المصلين لأداء صلاة العشاء و التراويح داخل الجامع الأزهر في أجواء إيمانية في ليلة النصف من رمضان.
وفي الليلة الخامسة عشرة من شهر رمضان، يقدم لكم موقع "صدى البلد" بثًا مباشرًا لأداء صلاة العشاء والتراويح من الجامع الأزهر.
حكم قضاء صلاة التراويح لمن فاتتهأكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته، مستدلة بما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا لم يُصلِّ من الليل؛ منعه عن ذلك النوم أو غلبته عيناه، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة» (رواه ابن حبان في صحيحه).
وأوضحت الدار أن صلاة التراويح من السنن المؤكدة التي يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، وبالتالي فإن من لم يتمكن من أدائها في وقتها خلال الليل يمكنه قضاؤها في النهار بعد شروق الشمس بمدة تقدر بثلث الساعة وحتى قبل صلاة الظهر.
وأشارت الإفتاء إلى أن هذا الحكم مستمد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقضي النوافل التي تفوته، مما يدل على جواز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته في وقتها.
هل يجوز أداء صلاة التراويح بأقل من 8 ركعات.. اعرف الموقف الشرعي
لماذا نصلي صلاة التراويح في رمضان؟.. لا تفوتها لـ10 أسباب
ورد فيها أن صلاة التراويح سبب لمغفرة الذنوب؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ».
وجاء أنها سبب لنيل أجر قيام ليلة لمَن صلّاها مع الإمام وبقي معه حتى ينصرف؛ لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الرجلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ).
وورد أنها سنَّةٌ مؤكدة للرجال والنساء، وقد سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله وفعله؛ فعَنْ أبِـي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.
وروي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِـينَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا: "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى ذَاتَ لَـيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَـمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»؛ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ . متفق عليه، وَعَنها أيضًا رَضِيَ اللهُ عَنْـهَا قالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأحْيَا لَيْلَهُ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ" متفق عليه.