البرلمان الأوكراني يعتزم إقرار قانون لتجنيد نصف مليون شخص
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
مع إنهاك معظم الجنود الأوكرانيين البالغ عددهم نحو 330 ألف جندي، يسعى البرلمان في العاصمة كييف، لإقرار قانون التعبئة الجديد، الذي يهدف إلى خفض سن الخدمة العسكرية، وفقا لما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
ويعتزم البرلمان التصويت على القانون الجديد في نهاية مارس الحالي، مما قد يسمح بتجنيد أكثر من 500 ألف شخص، وجر الكثير منهم إلى جبهات القتال.
وأوضحت وزارة الدفاع الأوكرانية في تصريحات للصحيفة اللندنية، أن جهود كييف تهدف إلى "استبدال الجنود الذين أنهكوا في القتال"، دون أن يحصل الكثير منهم على فترات راحة منذ الغزو الروسي الشامل في 24 فبراير من العام 2022.
وأضافت الوزارة أن تجنيد تلك الأعداد الجديدة "سيعزز موقف البلاد الدفاعي".
لكن مشروع القانون المرتقب أثار الكثير من الجدل، إذ جرى إدخال أكثر من 4 آلاف تعديل على المسودة الأولى.
وحتى الآن، لم يتم تجنيد سوى الرجال الذين تبلغ أعمارهم 27 عامًا أو أكثر، وكان متوسط عمر أولئك الذين يقاتلون في ساحات المعركة في الأربعينيات من العمر.
"انخفاض في المواليد"وتعاني أوكرانيا من انخفاض في عدد الرجال الذين ينتمون لجيل الألفية وجيل "زد" مقارنة بدول أخرى، وذلك نظراً لانخفاض معدلات الولادة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وبالتالي، فإن المقترح لخفض سن التجنيد إلى 25 عاماً لقي رد فعل عنيفاً من بعض النخب السياسية، التي ترى أن إرسال الشباب إلى جبهات القتال سيكون بمثابة "انتحار" بالنسبة للبلاد.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن خلال فراير الماضي، أن 31 ألف جندي من قوات بلاده قتلوا حتى الآن، بيد أن العدد الحقيقي قد يتجاوز ذلك، إذ قدَّر مسؤولون أميركيون أن الأعداد قد تصل إلى الضعف على الأقل.
وأظهرت بيانات عن سكان أوكرانيا الذكور، شاركتها لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، أن عدد المؤهلين للتعبئة يبلغ 3.7 مليون رجل، من أصل 11.1 مليون أوكراني تتراوح أعمارهم بين 25 و60 عاماً، وأن الرجال المتبقين إما يقاتلون، أو يعانون من إعاقة، أو خارج البلاد، أو يشغلون وظائف أساسية وحيوية.
وبحسب خبراء، فإن السلطات في كييف تدرك الحاجة إلى التحرك بحذر لتجنب دفع دافعي الضرائب للفرار إلى الخارج أو الاختباء، مما يحرم البلاد من إيرادات تشتد الحاجة إليها.
وكان استطلاع رأي قد أجرته "إنفو سابينز"، وهي مؤسسة أوكرانية للبحوث الاجتماعية، الشهر الماضي، وجد أن "48 في المئة من الرجال لم يكونوا مستعدين للقتال، مقابل 34 في المئة من الجاهزين للمشاركة في المعارك، فيما تحدث البقية عن صعوبة في تحديد مواقفهم".
ومنذ عام 2022، مُنع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و60 عاماً من مغادرة البلاد، مع منح استثناءات قليلة لأسباب طبية أو لأفراد الأسر من ذوي الإعاقة، والرجال الذين يتولون رعاية أطفال بمفردهم.
وحسب استطلاع "إنفو سيبينز"، فقد تجسدت المخاوف الرئيسية لمن يحاولون تجنب الخدمة، في عدم الحصول على قسط كاف من التدربيات العسكرية، وعدم وجود مدة محددة للخدمة العسكرية، بالإضافة إلى النقص في الأسلحة والذخيرة والخوف من الموت أو الإصابة بعجز دائم.
وعليه، فإن مشروع القانون الجديد، حسب مراقبين، يهدف إلى معالجة تلك المخاوف، إذ يقترح تحديد فترة التجنيد بثلاثة أعوام، مع تدريب على الأسلحة والمعدات العسكرية لمدة 3 أشهر على الأقل.
ويسعى مشروع القانون الجديد إلى خفض سن التعبئة سنتين ليكون 25 عاماً، وإلزام الرجال بالتسجيل عبر منصة إلكترونية، مع التهديد بفرض عقوبات على المخالفين.
ومن المرجح أن يتعرض المتهربون لزيارات منزلية مفاجئة يقوم بها ضباط التجنيد في الجيش، كما أنهم سيكونون عرضة لإيقاف رخص القيادة الخاصة بهم، وفقا لبرلمانيين شاركوا في صياغة المسودة النهائية.
من جانبه، قال أنطون هروشيتسكي، من معهد علم الاجتماع في كييف، إن "90 في المئة من المشاركين في استطلاع (إنفو سيبينز)، الذين قالوا إنهم يعتقدون أن أوكرانيا يمكن أن تنجح بدعم من الحلفاء الغربيين، يرون الآن أن الغرب أصابه الملل، وأنه سيضغط على كييف للتوصل إلى تسوية مع موسكو".
أما الأمر الأكثر إثارة للجدل في التغييرات المقترحة على القانون، فهو إدخال ما أطلق عليه بـ"نظام الاحتياطي الاقتصادي"، والذي بموجبه يتم إعفاء الرجال الذين يقومون بـ"تأدية مهمة للاقتصاد" من أداء الخدمة.
وكان من المقرر إدراج هذا النظام في القانون الجديد، لكنه سيُقدم بصورة منفصلة، إما عن طريق مرسوم حكومي أو تشريع جديد، بسبب الانتقادات التي أثارها.
ويوجد في أوكرانيا بالفعل ما بين 550 ألف إلى 700 ألف عامل أساسي معفيين من التعبئة، وبموجب النظام الجديد، سيتعين عليهم المساهمة في المجهود الحربي ماليا، إما عن طريق تحويل جزء من رواتبهم أو من خلال ضريبة شهرية.
ورفض رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، تقديم أي تفاصيل عن مشروع القانون الجديد، الأسبوع الماضي، لكنه قال إن "الشعب يجب أن ينقسم إلى فئتين: "أولئك الذين يحاربون في الجبهات وأولئك الذي يعملون على دعم الميزانية".
لكن رئيس لجنة الدفاع البرلمانية الذي يشرف على مشروع القانون، أولكسندر زافيتنفيتش، قال إن المسؤولين يجب أن "يتوخوا الحذر بشأن الطريقة التي نتحدث بها عن هذا الأمر".
وتشير التقديرات إلى أن نموذج الرسوم الذي طرحته لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان، سيولد ما بين 5.2 مليار دولار و13.1 مليار دولار سنويا، استنادا إلى حسابات تشير إلى أن ما يصل إلى مليوني رجل سيكونون قادرين على دفع الضريبة الشهرية المقترحة، البالغة 520 دولارا.
وقالت وزارة المالية والجيش الأوكرانيين، إن موجة التعبئة الجديدة ستكلف أوكرانيا حوالي 20.8 مليار دولار في عام 2024، مما يوسع الفجوة التي تركها الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي الذين يمنعون تقديم مساعدات جديدة لكييف.
ويأتي هذا الرقم بالإضافة إلى عجز ميزانية أوكرانيا المقدر بـ 41 مليار دولار لعام 2024.
وفي هذا المنحى، قال جليب بورياك، أستاذ الاقتصاد في جامعة كونكورديا الأوكرانية الأميركية في كييف، إن الشركات في البلاد تساءلت عن سبب تجنيد المدنيين "في حين أن أوكرانيا لديها الآلاف من أفراد أجهزة الأمن والشرطة الذين تلقوا بالفعل تدريبات أساسية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القانون الجدید مشروع القانون الرجال الذین ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
العيساوي يسلط الضوء على قانون العفو العام وتحديات العراق السياسية
مارس 16, 2025آخر تحديث: مارس 16, 2025
المستقلة/ – في تصريحاته الأخيرة، أكد النائب سالم العيساوي أن قانون العفو العام الذي تم تمريره في البرلمان العراقي قد شهد توسعًا غير مرغوب فيه، حيث شمل بعض الجرائم مثل المخدرات والفساد، وهو ما لم يكن جزءًا من الهدف الأساسي لهذا القانون.
كما تناول العيساوي في حديثه العديد من القضايا السياسية التي تشغل الرأي العام العراقي، بما في ذلك مواقف الكتل السياسية والاتهامات بشأن تعطيل البرلمان، إضافة إلى تعليقه على الوضع في محافظة الأنبار وتحدياتها.
قانون العفو العام: توسع غير مرغوب فيه
في تصريحات لبرنامج “من الأخير” الذي تبثه قناة السومرية تابعته المستقلة اليوم الاحد، قال العيساوي إن العفو العام قد شمل جرائم لم يكن يرغب في إضافتها، مشيرًا إلى أن ذلك قد يثير جدلاً حول أهداف هذا القانون. وأوضح أن بعض الجرائم التي تم تضمينها، مثل المخدرات والفساد، كانت خارج نطاق ما كان يتمناه المشرعون. واعتبر العيساوي أن العفو العام هو جزء من سياسة الدولة القوية، لكنه أكد أن مطالبته بالعفو جاءت في إطار معالجة مظلومية في مناطق معينة من البلاد، حيث كانت هناك أعداد كبيرة من المظلومين الذين تم سجنهم ظلماً.
حصر السلاح بيد الدولة وتداعيات مقتل الصحفي ليث
أشار العيساوي أيضًا إلى خطورة السلاح المنفلت في العراق، خاصة بعد مقتل الصحفي ليث في حادثة أثارت ضجة واسعة. وأكد أن هذا الحادث يسلط الضوء على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة فقط، مشددًا على أن هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
البرلمان العراقي: تعطيل المؤسسات وتحديات سياسية
تناول العيساوي أيضًا مشكلة تعطيل البرلمان، قائلاً إن البرلمان لم يتوقف عن العمل حتى في ذروة معركة قتال داعش، لكن حاليًا يعاني من حالة من الشلل بسبب الصراعات السياسية الداخلية. وألقى العيساوي اللوم بشكل رئيسي على النواب الذين يتحملون مسؤولية تعطيل العمل التشريعي، موضحًا أن تعطيل البرلمان يمثل انهيارًا للمؤسسات العراقية ويعكس الأزمة السياسية في البلاد.
الانتخابات واختيار القائد الوطني
وفيما يتعلق بتحديات الاختيار السياسي في العراق، أشار العيساوي إلى أن المجتمع العراقي لا يزال غير مهيأ لاختيار قائد وطني يتفق عليه الجميع. وأكد أن المزاج السياسي يعرقل الترشح في بعض المحافظات، مما يساهم في تعزيز انقسام الرأي العام. كما انتقد تسييس عملية اختيار القيادات، مشيرًا إلى أن العديد من الزعماء يتم فرضهم من قبل الكتل السياسية، مما يضعف إرادة الشعب في اختيار قياداته.
وضع محافظة الأنبار والتحديات التي تواجهها
تحدث العيساوي أيضًا عن الوضع في محافظة الأنبار، مشيرًا إلى أن التفرد بالقرار السياسي في المحافظة أضر بالعملية السياسية وساهم في تدهور سمعة بعض الدوائر الحكومية. وذكر أن “الزعيم” يجب أن يكون من يختاره الشعب، وليس من يتم تسويقه عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. واعتبر أن هذه الممارسات أدت إلى تدهور الوضع في الأنبار، حيث تم استغلال الكثير من المناصب الحكومية لأغراض سياسية.
الخاتمة
في ختام حديثه، أشار العيساوي إلى معاناة المواطنين في محافظة الأنبار من نقص الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والجامعات، وهو ما يعكس الحالة العامة للقطاع العام في العراق. كما تحدث عن وجود تهجير قسري في بعض المناطق، مؤكدًا أن ذلك يستنزف علاقات العراق بالمجتمع الدولي. هذه التصريحات تعكس الواقع السياسي والاقتصادي الصعب الذي يعيشه العراق في ظل الانقسامات السياسية والظروف الاقتصادية الصعبة، وتدعو إلى ضرورة الإصلاحات الحقيقية من أجل بناء دولة قوية ومستقرة.