يرى الكاتب المصري، هشام النجار، أن وفاة خالد باطرفي زعيم فرع القاعدة في اليمن، تعني خسارة مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، لحليفهم السني.

ومع الإعلان عن وفاة خالد باطرفي المُكنى بأبي المقداد الكندي في العاشر من مارس الجاري سوف تصبح سياساته وتحالفاته قيد التصويب من جانب خلفه سعد بن عاطف العولقي الذي منعه ولاؤه التنظيمي وتقديسه للسمع والطاعة، عن قيادة تمرد مع أبناء الجنوب الذين باتوا على قناعة بأن التنظيم صار عبئاً عليهم.

وقال الكاتب، في تقرير نشره بجريدة العرب اللندنية، إن باطرفي كان قد قطع شوطا في ربط مصير فرع القاعدة باليمن بأجندة إيران وجماعة الحوثي وتمكين القيادات الأجنبية وتعظيم نفوذهم على حساب العناصر اليمنية، مشيراً إلى أن قيادة فرع القاعدة في اليمن السابقة رضخت لأجندة إيران والحرس الثوري وتحولت إلى أداة مساعدة لتوسيع نفوذ الحوثيين داخليًا وداعمة لموقفهم المعادي للغرب تحت ستار دعم المقاومة الفلسطينية في حربها ضد إسرائيل. 

وتطرق النجار إلى موقف معارضي باطرفي وقلقهم من جذب الاهتمام الدولي وعودة قنصهم بالطائرات المسيرة نتيجة ظهور بوادر تعاون غير معلن مع الحوثيين قبل هجوم عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، وقال "تحول القلق إلى ذعر حقيقي بعد هذا التاريخ خوفًا من أن تشمل التنظيم ردة فعل الولايات المتحدة، والتي يرجح ألا تتوقف عند حدود الضربات الجوية بعد مواصلة جماعة أنصار الله (جماعة الحوثي) مهاجمة السفن واستمرار فرع القاعدة في إظهار دعمه لها بالأقوال والأفعال. وتحت ضغط إملاءات قائد القاعدة المركزي محمد صلاح الدين زيدان (سيف العدل) المقيم في إيران وليظهر القاعدة في اليمن في الصورة رفقة الحوثيين في إطار مؤازرة الفلسطينيين في غزة، أعاد الفرع إصدار المجلة المصورة “إنسباير” الناطقة بالإنجليزية بعد توقفها ست سنوات".

وحرض فرع القاعدة باليمن في أعداد المجلة الأخيرة على شن هجمات وفقًا لتكتيك الذئاب المنفردة انتصارا لغزة، على غرار هجمات نفذها متعاطفون مع التنظيم في السابق داخل بعض الدول الغربية. واكتفى خالد باطرفي قبل وفاته الغامضة، وكان في أوائل الأربعينات من عمره، بشن عمليات ذئاب منفردة داخل العمق الأميركي والأوروبي ليظل قادرًا على ترك مسافة إعلامية بينه وبين الحوثيين ويخفف من غضب عناصر التنظيم والقبائل السنية، وكانت هذه العمليات سهلة التنفيذ وقليلة الكلفة وقابلة للتوظيف الدعائي الذي كان يجيده باطرفي.

وعلى الرغم من ذلك كان التحول باتجاه التقارب والتعاون مع الحوثيين ظاهرًا للجميع، فلم يكتف تنظيم القاعدة بوقف العمليات والتحريض الدعائي ضدهم بوصفهم (رافضة ومجوسا) كما كان الحال حتى عام 2014، بل صار أحد الأطراف المُستخدمَة في تصفية الحسابات الإقليمية ومع الولايات المتحدة لإظهار إيران كدولة قادرة على اللعب بمختلف الأوراق السنية والشيعية المتاحة في اليمن، وفق النجار.

ويشير الكاتب إلى أن باطرفي ضحى بتماسك القاعدة باليمن الذي كان يُعد أقوى فروع التنظيم عبر إقحامه في نشاطات إرهابية خارجية، رغم ما أثارته من خلافات وتصدعات داخلية وما سببته من انشقاقات لقادة مؤثرين رأوا في ذلك انحرافا عن المسار الأصلي، في سبيل الحفاظ على علاقاته المتينة بسيف العدل قائد القاعدة المركزي الذي أولى اليمن عناية خاصة بهدف جعل الحالة الميليشياوية السنية والشيعية متناغمة وقادرة على الإنجاز وفقًا للحسابات الإيرانية.

ولم تكن هرولة القاعدة في اليمن للتحالف مع ميليشيا الحوثي بداية من تمكينها من مناطق استراتيجية كان يسيطر عليها وصولًا إلى دعوته إلى شن هجمات ذئاب منفردة ضد المصالح الغربية سبب الخلافات الوحيد، حيث نشب خلال الفترة الماضية صراع متعدد الأوجه بين قادة أجانب ويمنيين من جهة، وبين متنفذين مُرفهين وفقراء معوزين من جهة أخرى.

ويضيف "شعرت الكثير من العناصر خاصة اليمنيين بالتمييز والظلم بسبب تمكين غير اليمنيين من الهيمنة على مقاليد التنظيم، مثل القيادي المصري إبراهيم البنا الذي تربطه علاقات وثيقة بسيف العدل، ويُعد الرجل القوي داخل التنظيم وأقصى الكثيرين من القادة والعناصر فور إبدائهم اعتراضا على بعض السياسات مستخدمًا تهمة الجاسوسية والعمالة، مقابل منح الموالين امتيازات مالية وحياة فارهة".

ويعتقد الكاتب أن القيادي اليمني بالقاعدة سعد العولقي الذي طرح اسمه كمناهض لتصورات باطرفي والمجموعة الأجنبية المقربة منه ويدعمها سيف العدل في إيران بات مطالبا بحكم الأمر الواقع بعد تسميته قائدًا للتنظيم بتدشين مسار مختلف وإجراء إصلاحات نادى بها بلا جدوى في حياة خالد باطرفي.

واستعرض الكاتب التحديات التي تواجه العولقي أبرزها النفوذ الكبير الذي اكتسبته المجموعة التي كانت مقربة من باطرفي والمسؤولة عن الشؤون المالية والمتهمة بالفساد والاستيلاء على مبالغ ضخمة من مخصصات التنظيم، علاوة على النفوذ المتعاظم للقيادي المصري إبراهيم البنا مسؤول الجهاز الأمني بالتنظيم، وقال "يصعب أن تقبل جماعة الحوثيين الموالية لإيران بسهولة عودة فرع القاعدة باليمن إلى سابق عهده ككيان مناهض لها، ناهيك عن فض التحالف بينهما". 

ويرى الكاتب أن سعد العولقي يمتلك نقاط قوة تمكنه من تثبيت أقدامه وتكريس نفوذه داخل تنظيم ممزق تعصف به صراعات عدة، منها فرضية عودة العناصر الموالية له ممن تركوا التنظيم سخطا على سياسات باطرفي والبنا، ومن المُرجح أن يحظى العولقي صاحب النفوذ القبائلي بالدعم من قبائل جنوب اليمن الساخطة على التحالف بين تنظيم القاعدة وميليشيا الحوثي على خلفية تمكين الأخيرة من التوسع على حسابه، علاوة على الدعم الذي سوف يحظى به من قبل العناصر الفقيرة واليمنيين داخل التنظيم.

وبحسب الكاتب، فإن قوة العولقي الفعلية تكمن في أنه أتى بعد تولي قيادات ضعيفة ارتكبت جرائم فساد وقتل داخلي باستخدام شماعة العمالة لكل من يرفض توجهاتها، ودأبت على تغطية عجزها الإداري بصناعة انتصارات وهمية واكتساب نفوذ خيالي عبر العمل ضمن أجندة إيرانية رفقة الحوثيين.

وفسر الكاتب السرعة التي تمت بها تسمية سعد العولقي كقائد للتنظيم خلفا لباطرفي بالرغبة الملحة في تصحيح المسار باتجاه تفكيك الروابط مع جماعة الحوثيين وتحجيم نفوذ القادة الأجانب وإعادة تمكين اليمنيين، تمهيدا لتدشين سياسة داخلية تنأى بالقاعدة في اليمن عن توجهات تنظيم القاعدة المركزي الذي يقيم قادته في إيران، والتي حرصت طوال الفترة الماضية على رهن الفرع اليمني لخدمة الاستراتيجية الإقليمية لطهران.

لكنه لم يستبعد عجز فرع القاعدة في اليمن بقيادته الجديدة عن تدشين سياسات مختلفة والمضي في مسار معاكس لما كان عليه طوال السنوات الأربع الماضية، إلا إذا حقق استقلالا ماليا وتسليحيا، واستغنى عن الخدمات التي تقدمها له مليشيا الحوثي في هذا السياق.

ويقتضي البدء في مسار التصحيح تحييد مراكز القوى داخل التنظيم خاصة القيادي إبرهيم البنا والقيادات غير اليمنية المرتبطة بقوة بسيف العدل، فضلا عن المجموعة النافذة التي اعتمد عليها باطرفي في إدارة الشؤون المالية خاصة عاشور عمر (أبويونس الحضرمي) وعبدالله بادرة (أبوأحمد الحضرمي) وعبدالله شاكر بن هامل (أبوياسين الحضرمي).

ومن دون اكتساب القوة والتماسك سريعا لن يقوى العولقي على اتخاذ مسار مستقل بعيدا عن التحالف الذي دشنه سلفه مع ميليشيا الحوثي، والتي زادت حاجتها إلى تنظيم القاعدة بعد تصاعد وتيرة الصراع في البحر الأحمر، ما يستدعي الإمعان في اللعب بورقة التنظيمات الإرهابية السنية بهدف خلط الأوراق وتوسيع حلقات المناورة، وتنفيذ أهداف طهران بأقل الخسائر الممكنة في صفوف وكلائها الشيعة، حسبما يرى الكاتب.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: القاعدة فی الیمن القاعدة بالیمن تنظیم القاعدة جماعة الحوثی خالد باطرفی

إقرأ أيضاً:

للمرة الأولى.. قصف إسرائيلي أمريكي بريطاني ” مُنسّق” على الحوثيين في اليمن

يمن مونيتور/ رصد خاص

شهد اليمن، اليوم الجمعة، عدداً من الغارات استهدفت مناطق متفرقة من شمال وغربي اليمن، حيث شاركت في هذا القصف الذي وصف بالمنسق والمشترك مقاتلات إسرائيلية وأمريكية وبريطانية، لأول مرة في اليمن منذ بدء هجمات الحوثيين.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكثر من 20 غارة استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء أخيرا في هجوم كبير ضد أهداف للحوثيين نُفّذ بالتنسيق بين “إسرائيل” والتحالف الأمريكي.

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن 20 طائرة شاركت بالهجوم على اليمن وألقت 50 قنبلة ونفّذت عملية تزوّد بالوقود في الجو، في حين، أكّد أفيخاي أدرعي الناطق العربي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “طائرات سلاح الجو الحربية الإسرائيلية من طراز F-16i أقلعت من قاعدة رامون الجوية لضرب أهداف نظام الحوثي في اليمن”.

قالت القناة “13” العبرية، إن الهجمات في اليمن استهدفت مواقع تحت الأرض بينها مستودعات للصواريخ الباليستية والمسيّرات، في حين كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن تنفيذ 3 موجات من الضربات في اليمن على يد الاحتلال الإسرائيلي والتحالف الدولي خلال الساعات الأخيرة.

المواقع المستهدفة

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإنه للمرة الأولى يتم تنفيذ هجوم مشترك في اليمن ضد أهداف تابعة لجماعة الحوثي بين الاحتلال والتحالف الدولي.

في المقابل، أفادت قناة “المسيرة” التابعة لجماعة الحوثي، بوقوع عدوان على محيط ميدان السبعين في العاصمة صنعاء بالتزامن مع التوافد للمشاركة في مظاهرة مناصرة لفلسطين”.

وأضافت القناة الحوثية أن “عاملا في محطة كهرباء حزيز المركزية أصيب بجروح، في حين تضرر عدد من المنازل نتيجة قصف العدوان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني لمحطة الكهرباء”.

من غارات اليوم على محطة حزيز في #صنعاء وميناء رأس عيسى بـ #الحديدة. pic.twitter.com/EQ8VwqJFQM

— يمن مونيتور (@YeMonitor) January 10, 2025

وأشارت إلى أن ميناء رأس عيسى تعرض لسلسلة من الغارات في محافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن، وذلك بالتزامن مع تعرض ميناء الحديدة لـ6 غارات جوية أخرى.

منشآت الحديدة خارج الخدمة

على صعيد متصل، قالت مصادر إخبارية، الجمعة، إن الغارات  المشتركة على مدينة الحديدة دمر ما تبقى من منشآت رأس عيسى وميناء الحديدة (غربي اليمن).

وأفادت المصادر أن الغارات الجوية التي استهدفت موانئ الحديدة دمرت ما تبقى من منشآت راس عيسى النفطية وميناء الحديدة، وسقط جراءها عدد من القتلى والجرحى.

“تنسيق تكتيكي”

من جانبها، ذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية أنه تم التخطيط للهجوم كجزء من النهج الإسرائيلي تجاه الحوثيين، مضيفة أنه بعد أن أتم التحالف الدولي تنفيذ ضرباته في اليمن بدأت “إسرائيل” بمهاجمة أهدافها الخاصة.

كما قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الهجوم تم بعد وقت قصير من الهجمات الأميركية البريطانية وبطريقة منسقة.

ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي كبير أن الهجمات “لم تكن عملية أميركية بريطانية إسرائيلية مشتركة، بل كان هناك تنسيق تكتيكي لتجنب الاشتباك، لكن كل طرف هاجم أهدافا مختلفة”.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن “القصف يأتي بسبب هجمات الحوثيين المتكررة ضد دولة إسرائيل ومواطنيها، وإنه سيواصل العمل بقوة وضرب كل من يشكل تهديدا على مواطني دولة إسرائيل مهما بلغت المسافة”.

غارات على عمران

وفي وقت سابق الجمعة، شن الطيران الأمريكي البريطاني الإسرائيلي شن عشرات الغارات الجوية على محافظة عمران شمالي صنعاء.

وأكدت المصادر أن المقاتلات شنت أكثر من 12 غارة جوية على مديرية حرف سفيان الواقعة بين عمران وصعدة والتي تعد مركزاً عسكرياً بالنسبة للحوثيين ولقيادات الجماعة.

تهديدات نتنياهو للحوثيين

من جهته، توعد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحوثيين بأنهم سيدفعون “ثمنا باهظا لعدوانهم” على إسرائيل.

وأكد نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي هاجم أهدافا تابعة للحوثيين في مناطق الساحل الغربي وفي عمق اليمن.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الهجوم “رسالة واضحة لزعيم الحوثيين وقادتهم بأنه لن تكون هناك حصانة لأحد، وسنقوم بمطاردة قادة الحوثيين وتدمير بنيتهم التحتية، وستلاحقهم يد “إسرائيل” الطويلة في كل مكان، فمن يمس “إسرائيل” سيتضرر بشكل مضاعف”.

تهديد آخر لزعيم الحوثيين 

في السياق، هدد وزير خارجية الإحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، بالوصل إلى زعيم جماعة الحوثي المسلحة في اليمن.

وقال جدعون في تعليقه على الغارات المشتركة، إن” الغارات اليوم على اليمن رسالة لزعيم الحوثيين بأنه “ذراع “إسرائيل” قادرة للوصول إليك”

وأضاف “الآلاف من المتظاهرين اليوم في صنعاء شاهدوا عن قرب عظمة طائرات سلاح الجو الإسرائيلي”.

وأشار إلى أن “ميناء الحديدة خارج الخدمة وميناء رأس عيسى يحترق والرسالة واضحة ” سنرد الصاع بصاعين”.

تعليق الحوثيين

وفي كلمة له تزامنا مع الهجوم المشترك، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع “استهداف مجموعة من الأهداف الإسرائيلية في منطقة يافا المحتلة بـ3 طائرات مسيرة”.

كما أعلن “تنفيذ عمليات عسكرية، بينها استهداف حاملة طائرات أميركية وقطع حربية تابعة لها في مياه البحر الأحمر”.

 

مقالات مشابهة

  • ما الذي تريده إيران من العراق؟
  • إيران تكشف قاعدة صواريخ تحت الأرض
  • فيديو.. إيران تزيح الستار عن قاعدة صاروخية تحت الأرض
  • للمرة الأولى.. قصف إسرائيلي أمريكي بريطاني ” مُنسّق” على الحوثيين في اليمن
  • 20 طائرة حربية | جيش الاحتلال يشن هجومًا كبيرًا على الحوثيين في اليمن .. شاهد
  • شاهد.. غارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن
  • يد العراق تخسر أمام إيران.. واللقاء يتجدد السبت المقبل
  • اليمن.. غارات أمريكية – بريطانية تستهدف منشآت الحوثيين العسكرية
  • "خالد شيخ محمد" يغير موقف البنتاجون من صفقة "الإقرار بالذنب" لمنفذى هجمات 11 سبتمبر
  • مصادر إسرائيلية: تل أبيب تستعد لشن هجوم خامس على الحوثيين في اليمن