كيف جعل بوتين الشرق الأوسط ساحة لمدّ نفوذ روسيا العسكري بوجه أمريكا؟
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
كتبت آنا بورشفسكايا في تقرير على موقع معهد واشنطن، عن دور روسيا في المنطقة، وتحديدا كيفية استخدامها للعلاقات الدفاعية لتعزيز المنافسة الطويلة الأمد مع الغرب في هذه المنطقة.
وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر المنافسة معركة وجودية مع الولايات المتحدة، ويعتبر الشرق الأوسط الساحة التي يمكن لروسيا أن تشكل فيها هذه المنافسة.
وقبل الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثاني أهم سوق للأسلحة الروسية، وفق التقرير.
وأصبحت روسيا مرة أخرى أحد أكبر موردي الأسلحة في العالم، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
وتابع التقرير: "مع التركيز المستمر من جانب موسكو على الشؤون الأوكرانية، فإنه يجب على صانعي السياسات الخارجية مراقبة تأثير تجارة الأسلحة الروسية وكيفية استخدام روسيا علاقاتها الدفاعية في المنطقة لتعزيز نفوذها ومصالحها الاستراتيجية".
ولفتت الكاتبة إلى أن الوجود الدفاعي الروسي في الشرق الأوسط يعتمد على ثلاثة أركان رئيسية: المبيعات العسكرية، والوصول إلى القواعد العسكرية، واستخدام القوات شبه العسكرية، بما في ذلك "مجموعة فاغنر"، التي أُعيدت تسميتها مؤخرا بـ"أفريكا كوربس".
مصدّر أسلحة مهم للشرق الأوسط
وفقا للبيانات التي نُشرت من "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" ("سيبري")، فإن حصة روسيا من صادرات الأسلحة العالمية شهدت انخفاضًا قبل غزو أوكرانيا، ويعزى هذا الاتجاه بشكل رئيسي إلى تقليل الهند لوارداتها من الأسلحة الروسية، على الرغم من زيادة وارداتها من النفط الروسي، كما قال التقرير.
وعلى الرغم من ذلك، فإن روسيا استمرت في التركيز على مبيعات الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتنافس مع المبيعات التقليدية للغرب.
وأظهرت البيانات أن الصادرات العسكرية الروسية إلى الشرق الأوسط بلغت حوالي 6 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية، وتمثل ما بين 40 و50 في المائة من إجمالي الصادرات العسكرية.
ونوه التقرير إلى أن روسيا برزت كأكبر مورد للأسلحة إلى الجزائر بحلول عام 2021، حيث قدمت لها أنظمتها المتقدمة مثل الطائرات المقاتلة من طراز "سوخوي 57".
وبعد الحرب في أوكرانيا، ذكر التقرير أنه "قد تم ربط الإمدادات الروسية من الأسلحة بالعقوبات وضوابط التصدير، وتم حظر روسيا من استخدام نظام الدفع "سويفت"، ما دفع روسيا إلى التحول نحو دعم قواتها في أوكرانيا".
وقالت الكاتبة: "على الرغم من هذه التطورات، فإن الاهتمام بالأسلحة الروسية في المنطقة لم ينخفض بشكل كبير، ورغم الأداء العسكري الضعيف لروسيا في أوكرانيا، فإن الاهتمام بها لا يزال موجودا".
ورأت أن "من المحتمل أن يستمر هذا الاهتمام بسبب نوعية الأسلحة التي تصدرها روسيا، والتي تتمحور بشكل رئيسي حول الطائرات والصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، والتي أثبتت جدواها في المنطقة".
وفي الشهور الأخيرة، أشار بعض المسؤولين الإقليميين إلى أن العقوبات الغربية لم تمنع الدول من شراء المزيد من الأسلحة الروسية، وتشير التقارير إلى توقيع صفقات جديدة مع روسيا، ما يعكس استمرار الاهتمام بالأسلحة الروسية في المنطقة.
وزار الرئيس الروسي بوتين عدة دول في المنطقة وأبرم عدة اتفاقات تجارية، ما يؤكد استمرار الاهتمام بالعلاقات التجارية والعسكرية مع روسيا.
وبيّن التقرير أن الاهتمام بالأسلحة الروسية يظل جزءا مهما من السياسة الخارجية لروسيا في المنطقة. وعلى الرغم من بعض العقبات التي واجهتها روسيا، فإنها تظل مصدرا هاما للأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة.
حلف استراتيجي مع إيران
أدى غزو أوكرانيا إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين روسيا وإيران، خاصة في المجال العسكري، ويُعتقد أن هذا التوجه سيستمر في المستقبل، وفق "معهد واشنطن".
وأشارت تقارير متعددة إلى وجود شراكة أوسع نطاقا بين البلدين في مجالات التكنولوجيا الفائقة والدفاع، ما دفع المسؤولين الأمريكيين إلى التعبير عن قلقهم بشكل علني.
وفي نهاية عام 2022، أشار جون كيربي، المسؤول في "مجلس الأمن القومي الأمريكي"، إلى أن "روسيا تقدم لإيران مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والفني الذي يغيّر علاقتهما".
من بين الجوانب الملفتة للنظر كان تقديم إيران طائرات "شاهد" الهجومية بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا، وهو ما لفت انتباه العديد من الدول، حيث لم تكن هناك دول أخرى تقدم مثل هذا الدعم لروسيا في النزاع.
ولفت التقرير إلى أن ما تقدمه روسيا لإيران يجب أن يثير الاهتمام أيضا، ففي نهاية عام 2023، أعلن نائب وزير الدفاع الإيراني لوكالة "تسنيم" للأنباء أن إيران وضعت اللمسات الأخيرة على الترتيبات لتسلم طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر روسية الصنع من طراز "سوخوي سو-35".
ولو لم يؤكد الروس الصفقة بعد، فإن تصدير طائرات التدريب إلى إيران يمكن أن يمكّن الطيارين الإيرانيين من التحول إلى الطائرة الأكثر تقدما "سو-35"، ما يعزز قدراتها العسكرية بشكل كبير.
وترى الكاتبة أنه "إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإنها ستزيد من قدرة إيران على تنفيذ عمليات جوية هجومية، ما يغير التوازن العسكري في المنطقة لصالحها ويضطر دول الخليج إلى إعادة النظر في تخطيطها الأمني".
ومن المتوقع، وفق التقرير، أن يكون لهذا التعاون الأثر على التوازن الإقليمي والعالمي، خاصة مع انضمام إيران إلى "البريكس"، ومع اتساع رقعة التعاون الروسي الإيراني في مجالات الأمن والدفاع والسياسة.
امتداد النفوذ العسكري
وورد في التقرير أنه "ينطوي هدف استراتيجي غربي رئيسي على إبقاء روسيا خارج البحر الأبيض المتوسط. ويسمح هذا الموقف لروسيا بممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على الاتحاد الأوروبي وإبراز قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا بينما تتواجد على الجانب الجنوبي لحلف شمال الأطلسي".
وأشار إلى أنه رغم تعرض الأسطول الروسي في البحر الأسود لخسائر فادحة، فلا تزال البحرية الروسية سليمة إلى حد كبير، ويمكنها ضرب أهداف "الناتو" بصواريخ "كاليبر" للهجوم البري عبر البحر الأبيض المتوسط.
ورأى التقرير أنه إذا عززت روسيا مكانتها في البحر الأبيض المتوسط بشكل أكبر، فسيؤثر ذلك على قدرتها على شن حربها على أوكرانيا، ولكن بينما يتردد الغرب في مساعدة أوكرانيا، فقد يرى الروس فرصة أكبر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وهكذا، تدرك موسكو الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، وتستمر في التنافس على النفوذ فيها.
ولا تحتفظ روسيا بقواعدها الدائمة في سوريا فحسب، وخاصة في طرطوس وحميميم، ولكنها تواصل أيضا البحث عن الوصول إلى قاعدة بحرية في ليبيا، والتي كانت نقطة محورية أخرى لأنشطة روسيا في الشرق الأوسط على مدى السنوات الخمس الماضية تقريبا.
وفي أواخر عام 2023، أشارت التقارير إلى أن روسيا تمضي قدما في خططها للحصول على حقوق الرسو في قاعدة بحرية في شرق ليبيا، على الأرجح في طبرق، بعد اجتماع بوتين في 28 تشرين الأول/سبتمبر مع القائد العسكري في شرق البلاد خليفة حفتر.
ولا يبدو أنه قد تم الانتهاء من هذه الخطط، لكن من الواضح أن موسكو تعمل على توسيع نفوذها العسكري في ليبيا، وفق التقرير.
وطبرق هو ميناء على المياه العميقة من شأنه أن يضيف إلى القدرات اللوجستية لروسيا، خاصة أن ميناء طرطوس هو على مياه ضحلة.
وتواصل روسيا أيضا سعيها للوصول إلى قاعدة بحرية في السودان على البحر الأحمر، بهدف الوصول الدائم إلى قناة السويس والمحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية.
ونبه التقرير إلى أن "الكثير من الجهود التي بذلتها روسيا لتوسيع نفوذها العسكري قد تمت إما بقيادة الشركات العسكرية الخاصة، مثل مجموعة فاغنر، أو من خلال المحافظة عليها بمساعدة هذه الشركات. فقد كانت هذه المجموعة أداة مفيدة للكرملين".
وتم تغيير اسمها رسميا في أعقاب قيادة حليف بوتين، يفغيني بريغوجين، تمردا فاشلا ومقتله بعد ذلك في حادث تحطم طائرة في آب/ أغسطس.
وفي وقت لاحق، استولت وزارة الدفاع الروسية على الكثير من عقود الأمن والنفط وتعدين الذهب الخاصة بـ"مجموعة فاغنر" فضلاً عن علاقات المجموعة مع القادة الأفارقة.
وفي أفريقيا، أعيدت مؤخرا تسمية "مجموعة فاغنر" لتصبح "أفريكا كوربس".
وخلصت الكاتبة إلى أن الكرملين يحتاج إلى قوة شبه عسكرية لمواصلة تنفيذ أهداف السياسة الخارجية التي رسمها، سواء كـ"مجموعة فاغنر" أو أي اسم آخر.
الحذر واجب
قد ينظر البعض إلى تراجع تجارة الأسلحة الروسية والعقوبات المفروضة على المجمع الصناعي العسكري الروسي، والتي، إذا ظلت قائمة، فإنها تنذر بتراجع القدرات العسكرية الروسية وبخسائرها في أوكرانيا، ويستنتجون أنه لا داعي للقلق بشأن نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، لكن هذا الرأي مضلل ولا ينم عن بعد نظر، بحسب التقرير.
وأكد أن روسيا تواصل التنافس على النفوذ في المنطقة من خلال تعزيز وصولها إلى الموانئ الاستراتيجية واستخدام الجماعات شبه العسكرية والوكلاء، وبإمكان روسيا تحمّل كل ذلك في غياب الضغوط الغربية لوقف هذه الأنشطة.
ففي داخل روسيا، لا تمثل الحرب في أوكرانيا أولوية رئيسية على الصعيد العسكري والسياسة الخارجية فحسب، بل تشكل أيضاً المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، بحسب التقرير.
فقد أظهرت ميزانية روسيا لعام 2024 أنه للمرة الأولى منذ عقود، أن الإنفاق العسكري والدفاعي تخطى الإنفاق الاجتماعي.
وأدت الحرب إلى عسكرة المجتمع الروسي، وفق التقرير الذي أشارت إلى أنه في أعقاب النزاع مع أوكرانيا، إذا كانت روسيا بحاجة إلى تخفيف الضغوط الناجمة عن فائض في عدد المحاربين القدامى، فقد توظفهم في الخارج، لا سيما من خلال استخدام الجماعات شبه العسكرية مثل "مجموعة فاغنر".
ورأت الكاتبة أن تحقيق ذلك "سيكون أسهل بكثير الآن بعد أن سيطرت وزارة الدفاع بشكل كامل على المجموعة".
وعليه، فإنها وجدت أنه ينبغي على واضعي السياسات الغربيين التحلي ببعد نظر مع مراعاة كل من أهداف بوتين الاستراتيجية والتداعيات المترتبة على حرب أوكرانيا، بغض النظر عن نتائجها.
وخلصت إلى أن الأمر الأكثر أهمية هو أنه إذا استمر الكونغرس الأمريكي في التردد وتأخير المساعدات لأوكرانيا، فقد تقلب روسيا الموازين لصالحها قريباً. وإذا حدث ذلك فسوف تتضاءل مكانة الولايات المتحدة في العالم، وستزداد جرأة خصومها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية روسيا بوتين الشرق الأوسط الشرق الأوسط امريكا روسيا بوتين المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة الروسیة فی الشرق الأوسط مجموعة فاغنر على الرغم من وفق التقریر فی أوکرانیا التقریر أن فی المنطقة روسیا فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
مخططات تقسيم الشرق الأوسط: الخلافات «وقود خبيث».. وإسرائيل الرابح
تشهد المنطقة العربية والشرق الأوسط تحولات جيوسياسية كبرى فى العقود الأخيرة، كشفت العديد من المخططات التى تهدف إلى تقسيم الدول العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة، إذ لا تقتصر مخططات التقسيم على التحولات الداخلية التى تحدث فى بعض الدول، بل تشمل التدخلات الخارجية التى تهدف إلى إضعاف وحدة الشعوب، عبر تحفيز الصراعات الطائفية، ودعم الانفصال والتجزئة، وإضعاف الشأن العربى وتفتيت كياناته السياسية.
وتعود بداية مخططات التقسيم إلى سنوات طوال؛ ففى عام 1957، أعلن الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور ما عُرف بـ«مبدأ أيزنهاور»، الذى كان يقضى بأحقية الولايات المتحدة فى التدخل لصالح أى دولة فى الشرق الأوسط.
وفى العصر الحديث، هناك مخطط برنارد لويس، الذى يهدف إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات وأقاليم على خلفيات دينية وعرقية، وفى عام 2004، ظهر مشروع «الشرق الأوسط الكبير» من قبَل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، الذى استهدف تقسيم بعض الدول العربية إلى كيانات أصغر على أسس طائفية أو عرقية.
وتبعه مشروع «الفوضى الخلاقة» فى العام نفسه، إذ استُخدم هذا المصطلح فى 2005 من قبَل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، التي دعمت استراتيجيات تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط عبر تفكيك العديد من الدول العربية وإطلاق شرارة الحروب الأهلية، لتعم الفوضى العديد من الدول.
لم تكن المخططات تستهدف إعادة تقسيم المنطقة فحسب، بل تفتيت الدول العربية نفسها، وهو ما برز فى مشروع تقسيم العراق عام 2006، خصوصاً بعد الغزو الأمريكى، إذ روج بعض المسئولين والمفكرين الأمريكيين لفكرة تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة «دولة شيعية فى الجنوب، دولة كردية فى الشمال، ودولة سنية فى الوسط»، وعلى الرغم من أن المشروع لم يتم تنفيذه رسمياً، فإن العراق شهد تفككاً داخلياً بسبب الانقسامات الطائفية، ما ساعد على نمو الجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش الإرهابى.
وفى عام 2011، برز مخطط تقسيم ليبيا، بعد تدخل حلف الناتو على خط الأزمة، حيث بدأت بعض الأطراف الدولية فى الحديث عن تقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق مستقلة أو فيدرالية؛ المنطقة الغربية التى تسيطر عليها طرابلس، والشرقية وعاصمتها بنغازى، والجنوبية التى تسيطر عليها الجماعات المسلحة، وعلى الرغم من عدم تنفيذ المخطط رسمياً، لكن ليبيا شهدت تفككاً سياسياً وصراعات مستمرة بين مختلف الفصائل المسلحة.
وفى 2012، برز مخطط تقسيم سوريا، وبدأت الفكرة تنتشر بشكل أكبر بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، وكانت هناك دعوات من بعض الأطراف الدولية لتقسيم سوريا إلى مناطق ذات أغلبية عرقية أو طائفية، مثل دولة كردية فى الشمال، وعلوية فى الساحل، وكيانات سنية فى بقية المناطق، وهو ما لاقى معارضة من الحكومة السورية وحلفائها، لكنه أصبح محل نقاش خلال الحرب الأهلية التى أدت إلى تدخلات متعددة من القوى الأجنبية.
«إسماعيل»: الغرب سعى لتحويل الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقيةوقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية، إن مخططات تقسيم الشرق الأوسط بدأها بعض المفكرين الأمريكيين مثل صامويل هنتنجتون، وميشيل فوكوياما، وتوماس فريدمان، وتحدث هؤلاء المفكرون عن تقسيم الدول العربية إلى كيانات أصغر، تحت مسمى «الشرق الأوسط الجديد» وإعادة هيكلة المنطقة، ومن ضمن تلك التحركات ما يسمى بـ«الربيع العربى».
وأشار «إسماعيل»، لـ«الوطن»، إلى أن المخططات كانت تشمل تقسيم دول مثل السودان واليمن وسوريا وليبيا على أسس طائفية أو عرقية، مؤكداً أن المخططات كانت تتضمن تقسيم مصر، لكن القيادة السياسية المصرية حافظت على استقرارها بفضل تماسك شعبها ووجود مؤسساتها القوية كالقوات المسلحة.
«مهران»: مطلوب تعزيز دور الجامعة العربيةوأكد محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، أن مخططات تقسيم المنطقة العربية وتفتيت دولها تتعارض مع مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى وجود مخططات ممنهجة لتفتيت الدول العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالح قوى إقليمية ودولية.
وتابع «مهران»: «المنطقة العربية تواجه تحديات غير مسبوقة فى ظل تصاعد الصراعات الإقليمية وتزايد التدخلات الخارجية، ما يتطلب يقظة عربية مستمرة لحماية وحدة وسيادة الدول العربية».
وحذر «مهران» من نجاح مخططات التقسيم؛ لأنها تفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الخطيرة على المنطقة بأكملها، مشيراً إلى أن تفتيت الدول العربية سيؤدى إلى إضعاف قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، منوهاً بأن المخططات الحالية تستند إلى استراتيجيات قديمة لتفتيت المنطقة، مثل اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من محاولات لتقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية.
وشدد أستاذ القانون الدولى على ضرورة تعزيز دور جامعة الدول العربية وتفعيل آليات العمل العربى المشترك، إضافة إلى تقوية المؤسسات الوطنية وتعزيز التماسك المجتمعى فى الدول العربية، لافتاً إلى أهمية الوعى الشعبى بخطورة مخططات التقسيم، وأن تماسك المجتمعات العربية وتعزيز الهوية الوطنية يمثلان خط الدفاع الأول ضد محاولات التفتيت.
«العنانى»: التدخلات الخارجية مدفوعة بمصالح شخصية والمشكلات الداخلية تسهل المخططات الاستعماريةوقال أحمد العنانى، خبير العلاقات الدولية، إن الاضطرابات تعد فرصة لبعض الدول لتغذية الصراعات الداخلية، ما يسهل عليها تحقيق أهدافها، موضحاً أن التدخلات الخارجية، سواء من دول كبرى أو إقليمية، تكون مدفوعة بالمصالح الشخصية، فالمشكلات الداخلية والانقسامات بين الأطراف المختلفة تسهل المخططات الاستعمارية، حتى تصبح الدول أهدافاً سهلة للأطراف الخارجية التى تبحث عن موطئ قدم لها.
واستشهد «العنانى» بوجود القوات الروسية والتركية والإيرانية فى سوريا، التى تتفاوت أهدافها بين تأمين مصالحها الاستراتيجية أو محاربة الجماعات المتطرفة.
وأكد أن إسرائيل هى أكثر المستفيدين من الفوضى فى المنطقة، خصوصاً من خلال توغلها فى مناطق استراتيجية بالعديد من البلدان سواء فلسطين أو سوريا وحتى لبنان واليمن، سعياً إلى ضمان أمنها القومى وتعزيز نفوذها، لافتاً إلى أن التطورات الحالية تشير إلى أن تفتيت الدول العربية يعود جزئياً إلى التدخلات الخارجية وانعدام الاستقرار الداخلى، وفى ظل هذه الظروف، يصبح الشرق الأوسط منطقة ملتهبة، تتطلب جهوداً مشتركة لتحقيق التماسك والاستقرار.