كتبت آنا بورشفسكايا في تقرير على موقع معهد واشنطن، عن دور روسيا في المنطقة، وتحديدا كيفية استخدامها للعلاقات الدفاعية لتعزيز المنافسة الطويلة الأمد مع الغرب في هذه المنطقة.

وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر المنافسة معركة وجودية مع الولايات المتحدة، ويعتبر الشرق الأوسط الساحة التي يمكن لروسيا أن تشكل فيها هذه المنافسة.



وقبل الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثاني أهم سوق للأسلحة الروسية، وفق التقرير.


وأصبحت روسيا مرة أخرى أحد أكبر موردي الأسلحة في العالم، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

وتابع التقرير: "مع التركيز المستمر من جانب موسكو على الشؤون الأوكرانية، فإنه يجب على صانعي السياسات الخارجية مراقبة تأثير تجارة الأسلحة الروسية وكيفية استخدام روسيا علاقاتها الدفاعية في المنطقة لتعزيز نفوذها ومصالحها الاستراتيجية".

ولفتت الكاتبة إلى أن الوجود الدفاعي الروسي في الشرق الأوسط يعتمد على ثلاثة أركان رئيسية: المبيعات العسكرية، والوصول إلى القواعد العسكرية، واستخدام القوات شبه العسكرية، بما في ذلك "مجموعة فاغنر"، التي أُعيدت تسميتها مؤخرا بـ"أفريكا كوربس".

مصدّر أسلحة مهم للشرق الأوسط


وفقا للبيانات التي نُشرت من "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" ("سيبري")، فإن حصة روسيا من صادرات الأسلحة العالمية شهدت انخفاضًا قبل غزو أوكرانيا، ويعزى هذا الاتجاه بشكل رئيسي إلى تقليل الهند لوارداتها من الأسلحة الروسية، على الرغم من زيادة وارداتها من النفط الروسي، كما قال التقرير.

وعلى الرغم من ذلك، فإن روسيا استمرت في التركيز على مبيعات الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتنافس مع المبيعات التقليدية للغرب.

وأظهرت البيانات أن الصادرات العسكرية الروسية إلى الشرق الأوسط بلغت حوالي 6 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية، وتمثل ما بين 40 و50 في المائة من إجمالي الصادرات العسكرية.


ونوه التقرير إلى أن روسيا برزت كأكبر مورد للأسلحة إلى الجزائر بحلول عام 2021، حيث قدمت لها أنظمتها المتقدمة مثل الطائرات المقاتلة من طراز "سوخوي 57".

وبعد الحرب في أوكرانيا، ذكر التقرير أنه "قد تم ربط الإمدادات الروسية من الأسلحة بالعقوبات وضوابط التصدير، وتم حظر روسيا من استخدام نظام الدفع "سويفت"، ما دفع روسيا إلى التحول نحو دعم قواتها في أوكرانيا".

وقالت الكاتبة: "على الرغم من هذه التطورات، فإن الاهتمام بالأسلحة الروسية في المنطقة لم ينخفض بشكل كبير، ورغم الأداء العسكري الضعيف لروسيا في أوكرانيا، فإن الاهتمام بها لا يزال موجودا".


ورأت أن "من المحتمل أن يستمر هذا الاهتمام بسبب نوعية الأسلحة التي تصدرها روسيا، والتي تتمحور بشكل رئيسي حول الطائرات والصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، والتي أثبتت جدواها في المنطقة".


وفي الشهور الأخيرة، أشار بعض المسؤولين الإقليميين إلى أن العقوبات الغربية لم تمنع الدول من شراء المزيد من الأسلحة الروسية، وتشير التقارير إلى توقيع صفقات جديدة مع روسيا، ما يعكس استمرار الاهتمام بالأسلحة الروسية في المنطقة.

 وزار الرئيس الروسي بوتين عدة دول في المنطقة وأبرم عدة اتفاقات تجارية، ما يؤكد استمرار الاهتمام بالعلاقات التجارية والعسكرية مع روسيا.

وبيّن التقرير أن الاهتمام بالأسلحة الروسية يظل جزءا مهما من السياسة الخارجية لروسيا في المنطقة. وعلى الرغم من بعض العقبات التي واجهتها روسيا، فإنها تظل مصدرا هاما للأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة.

حلف استراتيجي مع إيران


أدى غزو أوكرانيا إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين روسيا وإيران، خاصة في المجال العسكري، ويُعتقد أن هذا التوجه سيستمر في المستقبل، وفق "معهد واشنطن".

وأشارت تقارير متعددة إلى وجود شراكة أوسع نطاقا بين البلدين في مجالات التكنولوجيا الفائقة والدفاع، ما دفع المسؤولين الأمريكيين إلى التعبير عن قلقهم بشكل علني.

وفي نهاية عام 2022، أشار جون كيربي، المسؤول في "مجلس الأمن القومي الأمريكي"، إلى أن "روسيا تقدم لإيران مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والفني الذي يغيّر علاقتهما".

 
من بين الجوانب الملفتة للنظر كان تقديم إيران طائرات "شاهد" الهجومية بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا، وهو ما لفت انتباه العديد من الدول، حيث لم تكن هناك دول أخرى تقدم مثل هذا الدعم لروسيا في النزاع.

ولفت التقرير إلى أن ما تقدمه روسيا لإيران يجب أن يثير الاهتمام أيضا، ففي نهاية عام 2023، أعلن نائب وزير الدفاع الإيراني لوكالة "تسنيم" للأنباء أن إيران وضعت اللمسات الأخيرة على الترتيبات لتسلم طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر روسية الصنع من طراز "سوخوي سو-35".

ولو لم يؤكد الروس الصفقة بعد، فإن تصدير طائرات التدريب إلى إيران يمكن أن يمكّن الطيارين الإيرانيين من التحول إلى الطائرة الأكثر تقدما "سو-35"، ما يعزز قدراتها العسكرية بشكل كبير.

وترى الكاتبة أنه "إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإنها ستزيد من قدرة إيران على تنفيذ عمليات جوية هجومية، ما يغير التوازن العسكري في المنطقة لصالحها ويضطر دول الخليج إلى إعادة النظر في تخطيطها الأمني".

ومن المتوقع، وفق التقرير، أن يكون لهذا التعاون الأثر على التوازن الإقليمي والعالمي، خاصة مع انضمام إيران إلى "البريكس"، ومع اتساع رقعة التعاون الروسي الإيراني في مجالات الأمن والدفاع والسياسة.

امتداد النفوذ العسكري 


وورد في التقرير أنه "ينطوي هدف استراتيجي غربي رئيسي على إبقاء روسيا خارج البحر الأبيض المتوسط. ويسمح هذا الموقف لروسيا بممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على الاتحاد الأوروبي وإبراز قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا بينما تتواجد على الجانب الجنوبي لحلف شمال الأطلسي".

وأشار إلى أنه رغم تعرض الأسطول الروسي في البحر الأسود لخسائر فادحة، فلا تزال البحرية الروسية سليمة إلى حد كبير، ويمكنها ضرب أهداف "الناتو" بصواريخ "كاليبر" للهجوم البري عبر البحر الأبيض المتوسط.

ورأى التقرير أنه إذا عززت روسيا مكانتها في البحر الأبيض المتوسط بشكل أكبر، فسيؤثر ذلك على قدرتها على شن حربها على أوكرانيا، ولكن بينما يتردد الغرب في مساعدة أوكرانيا، فقد يرى الروس فرصة أكبر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وهكذا، تدرك موسكو الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، وتستمر في التنافس على النفوذ فيها.

ولا تحتفظ روسيا بقواعدها الدائمة في سوريا فحسب، وخاصة في طرطوس وحميميم، ولكنها تواصل أيضا البحث عن الوصول إلى قاعدة بحرية في ليبيا، والتي كانت نقطة محورية أخرى لأنشطة روسيا في الشرق الأوسط على مدى السنوات الخمس الماضية تقريبا.


وفي أواخر عام 2023، أشارت التقارير إلى أن روسيا تمضي قدما في خططها للحصول على حقوق الرسو في قاعدة بحرية في شرق ليبيا، على الأرجح في طبرق، بعد اجتماع بوتين في 28 تشرين الأول/سبتمبر مع القائد العسكري في شرق البلاد خليفة حفتر.

ولا يبدو أنه قد تم الانتهاء من هذه الخطط، لكن من الواضح أن موسكو تعمل على توسيع نفوذها العسكري في ليبيا، وفق التقرير.

وطبرق هو ميناء على المياه العميقة من شأنه أن يضيف إلى القدرات اللوجستية لروسيا، خاصة أن ميناء طرطوس هو على مياه ضحلة.

وتواصل روسيا أيضا سعيها للوصول إلى قاعدة بحرية في السودان على البحر الأحمر، بهدف الوصول الدائم إلى قناة السويس والمحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية.

ونبه التقرير إلى أن "الكثير من الجهود التي بذلتها روسيا لتوسيع نفوذها العسكري قد تمت إما بقيادة الشركات العسكرية الخاصة، مثل مجموعة فاغنر، أو من خلال المحافظة عليها بمساعدة هذه الشركات. فقد كانت هذه المجموعة أداة مفيدة للكرملين".

وتم تغيير اسمها رسميا في أعقاب قيادة حليف بوتين، يفغيني بريغوجين، تمردا فاشلا ومقتله بعد ذلك في حادث تحطم طائرة في آب/ أغسطس.

وفي وقت لاحق، استولت وزارة الدفاع الروسية على الكثير من عقود الأمن والنفط وتعدين الذهب الخاصة بـ"مجموعة فاغنر" فضلاً عن علاقات المجموعة مع القادة الأفارقة.

وفي أفريقيا، أعيدت مؤخرا تسمية "مجموعة فاغنر" لتصبح "أفريكا كوربس".

وخلصت الكاتبة إلى أن الكرملين يحتاج إلى قوة شبه عسكرية لمواصلة تنفيذ أهداف السياسة الخارجية التي رسمها، سواء كـ"مجموعة فاغنر" أو أي اسم آخر.

الحذر واجب 


قد ينظر البعض إلى تراجع تجارة الأسلحة الروسية والعقوبات المفروضة على المجمع الصناعي العسكري الروسي، والتي، إذا ظلت قائمة، فإنها تنذر بتراجع القدرات العسكرية الروسية وبخسائرها في أوكرانيا، ويستنتجون أنه لا داعي للقلق بشأن نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، لكن هذا الرأي مضلل ولا ينم عن بعد نظر، بحسب التقرير.

وأكد أن روسيا تواصل التنافس على النفوذ في المنطقة من خلال تعزيز وصولها إلى الموانئ الاستراتيجية واستخدام الجماعات شبه العسكرية والوكلاء، وبإمكان روسيا تحمّل كل ذلك في غياب الضغوط الغربية لوقف هذه الأنشطة.

ففي داخل روسيا، لا تمثل الحرب في أوكرانيا أولوية رئيسية على الصعيد العسكري والسياسة الخارجية فحسب، بل تشكل أيضاً المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، بحسب التقرير.

فقد أظهرت ميزانية روسيا لعام 2024 أنه للمرة الأولى منذ عقود، أن الإنفاق العسكري والدفاعي تخطى الإنفاق الاجتماعي.

وأدت الحرب إلى عسكرة المجتمع الروسي، وفق التقرير الذي أشارت إلى أنه في أعقاب النزاع مع أوكرانيا، إذا كانت روسيا بحاجة إلى تخفيف الضغوط الناجمة عن فائض في عدد المحاربين القدامى، فقد توظفهم في الخارج، لا سيما من خلال استخدام الجماعات شبه العسكرية مثل "مجموعة فاغنر".

ورأت الكاتبة أن تحقيق ذلك "سيكون أسهل بكثير الآن بعد أن سيطرت وزارة الدفاع بشكل كامل على المجموعة".

وعليه، فإنها وجدت أنه ينبغي على واضعي السياسات الغربيين التحلي ببعد نظر مع مراعاة كل من أهداف بوتين الاستراتيجية والتداعيات المترتبة على حرب أوكرانيا، بغض النظر عن نتائجها.

وخلصت إلى أن الأمر الأكثر أهمية هو أنه إذا استمر الكونغرس الأمريكي في التردد وتأخير المساعدات لأوكرانيا، فقد تقلب روسيا الموازين لصالحها قريباً. وإذا حدث ذلك فسوف تتضاءل مكانة الولايات المتحدة في العالم، وستزداد جرأة خصومها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية روسيا بوتين الشرق الأوسط الشرق الأوسط امريكا روسيا بوتين المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة الروسیة فی الشرق الأوسط مجموعة فاغنر على الرغم من وفق التقریر فی أوکرانیا التقریر أن فی المنطقة روسیا فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تكشف خططها بـ«الشرق الأوسط».. من أعداءها الجدد؟

قال يائير رافيد رافيتز، القائد السابق للمنطقة الشمالية في “الوحدة 504” ورئيس الفرع العملياتي للموساد الإسرائيلي في بيروت، “إن على إسرائيل الاستعداد لمواجهة الجيش التركي”.

وأكد رافيتز، بمقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أن “العدو الثاني “بعد الرئيس السوري أحمد الشرع”، هو تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان التي تحاول تثبيت نفسها وأخذ مكانه في سوريا”.

وتابع: “لدى أردوغان أهداف عديدة، وإسرائيل واحدة منها، لكنها ليست على رأس قائمة أولوياته”.

وأوضح أن أردوغان “في المستقبل سيضيف إسرائيل إلى خطط عمله، ومن ثم سيقوم بإعداد قواته في جنوب سوريا بشكل يهدد إسرائيل، في هذه المرحلة يجب أن يكون الاستعداد الإسرائيلي مبنيا على الاستخبارات، ولكن يجب على العناصر المناسبة أن تكون قد بنت القوة بالفعل، وعندما يحين الوقت، يجب أن تستعد أيضا لمواجهة الجيش التركي، الذي يعتبر من أكبر الجيوش في العالم”.

في السياق، ذكرت وكالة أسوشيتد برس، “أن تفاقم العلاقات المتوترة بين تركيا وإسرائيل ومصالحهما المتضاربة في سوريا تدفعهما نحو مسار تصادمي محتمل”.

وأضافت الوكالة أن “إسرائيل حذرة تجاه نفوذ تركيا في سوريا، ويبدو أنها تريد أن ترى سوريا مجزأة”.

وقال أصلي أيدينتاسباس، من معهد بروكينغز بواشنطن: “أصبحت سوريا مسرحًا لحرب بالوكالة بين تركيا وإسرائيل، اللتين تعتبر إحداهما الأخرى بوضوح مثابة منافسين إقليميين، هذه ديناميكية خطيرة للغاية، إذ تشهد جميع جوانب العملية الانتقالية في سوريا تضاربا في المواقف التركية والإسرائيلية”.

وكانت تركيا وإسرائيل حليفتين وثيقتين في السابق، لكن العلاقة اتسمت بتوترات عميقة في ظل حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعتبر منتقدا صريحا لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين”.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تكشف خططها بـ«الشرق الأوسط».. من أعداءها الجدد؟
  • عاجل. أوكرانيا تخسر سودزها أكبر مدينة كانت تحتلها في منطقة كورسك الروسية
  • قيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن أمريكا
  • الجامعة العربية: روسيا داعمة لحل الأزمة الليبية
  • الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان
  • المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط: أمريكا قدمت اقتراحا يضيق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار في غزة
  • لغز بلا أدلة.. رصاصة فى الظلام تنهى حياة صحفى بريطانى فى القاهرة 1977
  • «مجموعة السبع» تصدر بياناً بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط
  • “الكتاب الأبيض”.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أوروبا لدعم أوكرانيا و”ردع” روسيا
  • ابن سلمان يهاتف بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا.. مبعوث أمريكا غير مرغوب به